وبالعودة للفقرة 2 من المادة 6 في قانون الجنسية، نرى أن الاستثناء الذي أعطي للحكم بتجنيس الأشخاص دون إكمالهم للمدة القانونية، بأنه كان محصوراً في العرب فقط دون غيرهم، ومن هنا تكمن مشكلة أخرى في الآسيويين الذين تم تجنيسهم دون استيفاء المدة القانونية، حيث لا ينطبق عليهم الاستثناء الملكي بأي حال من الأحوال

كانت أرقام التجنيس تشهد صعوداً ونزولاً في كشوفات الديوان الملكي، صحيح أننا لا يمكن وضع جميع من تجنسوا في خانة التجنيس السياسي، لكن إذا أحسنا الظن وقلنا أن 10٪ ممن عمليات التجنيس هذه كانت قانونية، فسيبقى لدينا ما يزيد عن 60 ألف شخص تجنسوا بدوافع وأسباب سياسية خارج إطار القانون

من الملاحظ بالنسبة للقوائم التي قمنا بنشرها مؤخراً (2000 - 2011) أن أعداد المتجنسين كانت تزيد بصورة واضحة، مع كل منعطف سياسي شهد تجاذباً بين الحكم والمعارضة، حتى أصبح الأمر أشبه ببورصة ترتفع فيها الأعداد وتنخفض في كل محطة من المحطات السياسية المفصلية في البلاد

واصل الديوان الملكي عمليات التجنيس السياسي بصورة واسعة ومكثّفة لعام جديد، وهذا العام عاد مجدداً لتجنيس عدد هائل من قبيلة الدواسر الذين شكّلوا 52٪ من إجمالي المتجنسين لهذا العام، بالإضافة إلى العوائل والقبائل السعودية الأخرى أبرزها عائلة السادة.

شهد هذا العام تجنيس ما تبقى من أسرة الوزير القصيبي (7 أشخاص)، إلى جانب منح الجنسية لخمسة من أبناء الأسرة الحاكمة ممن يحملون "الجنسية البريطانية"، بالإضافة إلى تجنيس زوجتي اثنين من الأسرة الحاكمة أيضاً، والذين يتم منحهم جوازات سفر خاصة.

مرآة البحرين (خاص): على الرغم من أن العام 2009 كان أحد أكثر أعوام التجنيس من ناحية العدد، فقد حل في المرتبة الثانية بعد تجنيس العام 2006، لكن مميزاته الحقيقية كانت أمور أخرى بخلاف العدد الكبير والضخم.

وفق الكشوفات فإن العرب مثلوا أكثر من 52٪ من إجمالي ملفات الجنسية التي بلغت 707 ملف جنسية، وكان معظم العرب يحملون الجنسيات العراقية، السورية، الأردنية واليمنية، وبتفحص الأسماء نرى عدداً من العوائل المعروفة بانتمائها لحزب البعث العراقي إبان حكم صدام حسين، مثل عائلة "التكريتي" مثلاً.

وافق الديوان الملكي على 263 ملف جنسية، كانت 145 منها للعرب، معظمهم من اليمن، وكان من أبرز من تم تجنيسهم اللاعب المغربي فوزي عايش، وجاء في المرتبة الثانية الخليجيين بواقع 74 ملف جنسية، وفي المرتبة الأخيرة 44 ملف جنسية للآسيويين

يعتبر العام 2006 أسوأ أعوام التجنيس بلا منازع، إذ قرر الديوان الملكي فيه إحداث تغيير في التركيبة السكانية وحتى الثقافية للبلاد، عبر تجنيسه آلاف الآسيويين بشكل عشوائي، فقد شكّل الآسيويون (معظمهم من الباكستان) 61٪ من إجمالي عدد المجنسين.

حاز السعوديون على حصّة الأسد في ملفات الجنسية، بواقع 67 ملفّاً (حوالي 35٪ من ملفات الجنسية للعام)، وجاء في المرتبة الثانية اليمن بواقع 22 ملفّاً تلتهم الإمارات والعراق بواقع 11 ملفا لكل منهما، وحصدت كل من "تونس، لبنان، باكستان، إيران، المغرب، مصر، الأردن، وسوريا" عدداً أقل من 10

كشفت قوائم تجنيس الديوان الملكي في العام 2003 عن توجّه الأسرة الحاكمة لتجنيس القبائل التي لها علاقات وثيقة بها، والتي لها امتداداتها الطبيعية في قطر والسعودية.

خلال 2002 ووفقاً للكشوفات تم إنجاز 1788 ملف تجنيس، أي تجنيس ما معدلّه 7152 شخصاً بحساب معدل 4 أفراد للأسرة الواحدة، وتوزّعت عمليات التجنيس على 79 أمراً ملكياً، لكن الملاحظ أن 4 من الأوامر الملكية كانت قوائمها كبيرة (أكثر من 100 ملف جنسية)، أكبرها قائمة الأمر الملكي رقم رقم ث103/2/1 الصادر في 23 سبتمبر 2002، الذي شمل 345 ملفاً، وبالنظر إلى الأسماء يمكننا القول أن هذا الأمر الملكي كان مخصصاً للـ "القبائل العربية" المتوزعة بين قطر والسعودية

ليس جديداً على المعارضة معرفة أن أسرة الحكم باتت تستخدم التجنيس كسلاح ضد معارضيها، لكن الجديد هنا أن سلاح الجنسية السياسي، أصبح يُشهر من قبل الأسرة تجاه المعارضة، ودول تنظر إليهم كخصم مثل قطر

مع تصفير السجون والأجواء الإيجابية التي رافقت تلك الفترة، كان الديوان الملكي يحيك في جنح الظلام أكبر مؤامرة للتغيير الديمغرافي، فقد بلغت أعداد ملفّات الجنسية التي تم منحها للعوائل مع نهاية فبراير فقط (أي بالتزامن مع التصويت على الميثاق)، ما يقرب الـ 400 ملف، فيما انتهى العام برقم تجنيس كبير جدّاً بلغ 2598 ملف

كان التجنيس سنوياً لا يتعدى عشرات الحالات في أحسن الأحوال، لكن بعد العام 2000، ستسير الدولة في خطين متضادّين، واحد يريد إشراك المعارضة والشيعة في العملية السياسية، وآخر يريد إحداث تغيير ديمغرافي، ينهي مشكلة "المعارضة الشيعية" لمرة أخيرة وإلى الأبد

بعد اليوم لن يعود الحديث عن التجنيس بلا أدلة، أو وثائق وأرقام، بعد اليوم سيصبح الحديث عن التجنيس مشفوعاً بوثائق، تنشرها مرآة البحرين، ليكون المواطنون على علم ومعرفة بإحدى أخطر جرائم الدولة في العقدين الماضيين والتي تهدف إلى تغيير هوية البلد وديموغرافيتها