البحرين تجهد لتصحيح المسار الاقتصادي
2013-08-02 - 1:55 م
بيل لو، بي بي سي
ترجمة: مرآة البحرين
مرفأ البحرين المالي هو معلم بارز مبني على شاطئ الخليج المستصلح -- مؤلف من برجين راقيين في العاصمة، المنامة، يلتمسان السماء، يرتديان الأخضر ويلمعان في حرارة الطقس.
وكان من المفترض أن يسعى المرفأ المالي بجعل البحرين المركز الرئيسي للصناعة المصرفية الإقليمية والتي تدر مليارات الدولارات.
وكان المشروع، الذي بدأ في عام 2004 واكتمل بعد خمس سنوات، مثيرًا للجدل منذ البداية. فقد تم بناؤه بتكلفة 1.5 مليار دولار (980 مليون جينه استرليني) على أرض حازها رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة كما قيل بدينار بحريني واحد.
الشيخ خليفة هو أطول رئيس وزراء خدمة في العالم. وهوغير منتخب، وما زال في منصبه منذ عام 1971.
مقابل الأرض، مُنح رئيس الوزراء حصة 50 بالمئة من مرفأ البحرين المالي. وقد أحكم سيطرته على كامل المشروع في عام 2010.
من بعيد يوحي البرجان أن اقتصاد البحرين، رغم الاضطرابات والاحتجاجات العنيفة والمتكررة منذ أكثر من عامين، لا يزال قويًا.
ولكن المظاهر خداعة. ففي مركز تجاري بين البرجين، هناك فقط ميني مارت وكوفي شوب مفتوحان.
البرجان في معظمها فارغان أيضا. قال رجل أعمال بارز في المنامة لـ (بي بي سي): "الإيجارات كانت مسعرة بطريقة غير صحيحة، ولم يتم تكييفها مع الواقع أبدا".
وقد وصف مرفأ البحرين المالي كمكان "يتعفن فيه الصلب ويتساقط فيه الإسمنت. إنه عار على الوطن".
ما كان ليكون توقيت المشروع أسوأ. فمرفأ البحرين المالي كان قد بدأ عمله عندما انفجرت فقاعة العقارات في الخليج بطريقة مذهلة في عام 2008.
فالمكاتب الكثيرة والمباعة بإفراط في الأبراج الشاهقة في المنطقة فارغة، ولكن عندما تمكنت البلدان الأخرى من النجاة من الانهيار والبدء في انتعاش بطي، أصيبت البحرين بأزمة أخرى.
تراجع السياحة
في شباط/فبراير 2011، احتل الآلاف من المتظاهرين السلميين دوار اللؤلؤة، وهو معلم بارز في المنامة. وكانوا يطالبون بالإصلاح الديمقراطي ووضع حد للتمييز.
في بلد لطالما اشتكت فيه الغالبية الشيعية من المعاملة الظالمة على أيدي حكامها السنة من آل خليفة، العديد من المتظاهرين بأي حال من الأحوال كانوا من الشيعة.
تم إخلاء دوار اللؤلؤة بالقوة، وخلال الأشهر التي تلت ذلك، توفي أكثر من 50 شخصا، بينهم خمسة من رجال الشرطة. وألقي القبض على المئات من الشيعة، وأقيل الآلاف بصورة تعسفية من وظائفهم وقد توفي ثلاثة على الأقل نتيجة التعذيب في الحجز.
وسط مزاعم وحشية الشرطة والتعذيب في مراكز الاحتجاز، تم إلغاء سباق الفورمولا واحد في البحرين هذا العام بسبب المخاوف الأمنية.
صناعة السياحة، التي لطالما انتعشت بسبب سمعة البحرين كبلد منفتح ومتسامح، قد تضررت بشدة. فقد تعطلت الأعمال الكبيرة والصغيرة بسبب الإقالات والاحتجاجات المستمرة في الشوارع.
الجهود المبذولة لاحتواء الضرر شمل حظر المسيرات الاحتجاجية في المنامة. ألقي القبض على نشطاء السلام [النشطاء السلميون] والسياسيين المعارضين وسجنوا كما تم فرض الأحكام العرفية. وكان ذلك إلى جانب التدابير الأمنية القاسية بما في ذلك الغازات العشوائية والكثيفة في القرى الشيعية.
عادت الفورمولا واحد في عام 2012 ولكن فقط في الآونة الاخيرة أظهرت السياحة زيادة متواضعة ومعظم الزوار هم من السعودية التي، على عكس البحرين، يوجد فيها تشريعات دينية صارمة تمنع بيع الكحول ودور السينما.
بينما يتعثر الاقتصاد، يتواصل العنف في القرى، وكذلك الاحتجاجات السلمية. وعلى الرغم من أن الحكومة تصر بأنها تشرع في سلسلة من الإصلاحات الشرطية بعيدة المدى، فإن النقاد يقولون بأن عنف الشرطة لم ينتهِ.
حوار هادف إلى إيجاد حل للأزمة عالق في طريق مسدود، ومعارضة تتهم آل خليفة بعدم وجود نية لإجراء إصلاحات جدية.
ونتيجة عدم وجود حل سياسي في الأفق، يصعد الشباب الشيعي الغاضب وعلى نحو متزايد من هجماته. فالطرق الرئيسية تقطع على نحو يومي تقريبًا بحواجز من الإطارات المشتعلة.
وعند وصول الشرطة تنهال عليهم قنابل المولوتوف والمقذوفات التي تطلق من بنادق محلية الصنع. فترد عليهم بالغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والشوزن. إنها تجربة مرعبة بالنسبة للبحرينيين العاديين، فضلاً عن عدد كبير من المغتربين في البلاد، الواقعين بين مثيري الشغب وقوات الأمن.
ضرب الأعمال الصغيرة
الأعمال الصغيرة تستشهد بالاضطرابات الجارية في التسبب بالتراجع الحاد. أحد المالكين الذين يديرون خدمة صيانة سيارات يقدر خسارة 40-50 بالمائة من دخله في العامين الماضيين.
"العمل سيء للغاية. الناس خائفون، لا يعرفون أبدًا متى يحصل شيء ما لذلك يفضلون البقاء في المنزل وبعد ذلك يجلبون سيارتهم للتصليح"، قال لـ (بي بي سي).
وقال إن العديد من الأعمال الصغيرة والمتوسطة الحجم هي في مأزق مماثل.
ولكن ليست الأعمال التي يملكها بحرينيون هي التي تعاني فقط.
تقول بيتسي ماثيسون، الأمين العامة لاتحاد جمعيات الجاليات في البحرين: "الكثير من الأعمال التابعة للجاليات تعاني".
وادعت أن الحال هذا بالخصوص في القرى الشيعية حيث تقول: " يتم تهديد ومهاجمة المهن الضعيفة التابعة للآسيويين" من قبل المتظاهرين العنيفين.
منذ عدة سنوات تقوم وزارة الداخلية بتجنيد السنة من باكستان وأماكن أخرى ليخدموا في شرطة الشغب. ومن بين أولئك المستأجرين ضباط واجهوا تهمًا في تعذيب متظاهرين شيعة محتجزين حتى الموت. وآخرون متهمون بضرب المتظاهرين في الشوارع والزنزانات.
ويبدو أن ذلك قد أجج الغضب وأن الآسيويين الأبرياء قد أصبحوا الهدف.
السيدة ماتيسون تقول بأنها لا تزال متفائلة: "إذا توقف العنف، الاقتصاد سوف يتعافى".
وعلى عكس ما تقوله المعارضة، فانها تعتقد ان الملك حمد بن عيسى آل خليفة يبحث عن حلول. وتضيف: "لقد اعتذر عما حدث [في عام 2011]. وهو جاد في الإصلاح ولكن الأمور لا يمكن أن تحدث بين عشية وضحاها".
بعض الأخبار الجيدة
هناك دلائل بأنه رغم استمرار الاضطرابات، فإن الاقتصاد يتحسن. ففي الربع الأول من عام 2013 ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5 بالمئة، وفي جزء كبير منه يرجع إلى الزيادة في إنتاج النفط.
رغم امتلاك البحرين لاقتصاد أكثر تنوعًا من جميع دول الخليج، فإنها مثلهم لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على قطاع النفط والغاز. فالنفط يشكل ربع اقتصاد البلد المكون من 30 مليار دولار.
وكان الصندوق السيادي في البلاد، ممتلكات، قد خفض خسائره من الرقم المذهل 717 مليون دولار في عام 2011 إلى 482 مليون دولار في 2012 وهو رقم أكثر قابلية للتحكم.
وقال روبرت أيني الذي يرأس جمعية البحرين للمصارف لهيئة الإذاعة البريطانية أنه على الرغم من التراجع في بعض مجالات العمل المصرفي فإن القطاع الإجمالي سليم.
وهذا رغم عامين من الاضطرابات وتقليص حجم المكاتب من قبل البنوك الأجنبية مثل بي إن بي باريباس، وهو أحد المستأجرين القلة في مرفأ البحرين المالي.
ويقول السيد أيني، وهو أمريكي عاش في البحرين لمدة 30 عامًا، إن البنوك في حالة جيدة لأن مصرف البحرين المركزي، منظم الأمور المالية للبلاد، ما زال "يقظا للغاية".
" لدى البحرين أفضل بيئة تنظيمية [في الشرق الأوسط]. إنها حقا تصل إلى مستوى تلك الموجودة في ألمانيا وكندا أو أستراليا".
ومثل السيدة ماتيسون السيد أيني متفائل بانتعاش اقتصادي وشيك. ولكن على الأقل جزء من هذا التحول يجب أن يتضمن اعترافا بأن المرفأ المالي هو أحد الأصول المتعثرة.
وقال بأن الدائنين في حاجة لقبول خسارة كبيرة " شيء من قبيل 15 بنسا للباوند الواحد" وأنه يجب أن تكون قيمة الأصل أقل بكثير مما هو عليه حاليا للتمكن من صفقة شراء.
وإذا ما حدث ذلك "فإن مرفأ البحرين المالي قد ينجح بها، ويمكن أن تكون مربحة. انظروا إلى ما حدث لكناري وارف".
مشروع كناري وارف في لندن استبدل منطقة الأحواض المهدمة بأبراج شاهقة من المكاتب. وقد دخل هذا المشروع الطموح في ورطة ولكنه خرج من الإفلاس في عام 1992 ليقود ترميمًا آخر في الطرف الشرقي من المدينة.
قيادة متخبطة
لا تزال البحرين تواجه رحلة طويلة للوصول إلى انتعاش اقتصادي كامل. وحالة شركة الخطوط الجوية الوطنية في البلاد، طيران الخليج، هو مقياس جيد لمدى اضطراب القيادة.
مواصلة قراءة القصة الرئيسية
شركة طيران الخليج هي واحدة من أقدم شركات الطيران في منطقة الشرق الأوسط لكنها فقدت الكثير أمام منافسيها في اتحاد الطيران الخليجي وطيران قطر. وأكبر ضربة تلقتها كانت إغلاق سوقها الإيرانية التي تمثل حوالي 30 بالمائة من عائداتها.
حدث ذلك نتيجة لوم حكام البلاد إيران الشيعية في الكثير من الاضطرابات التي أضرت بالبحرين منذ أوائل عام 2011.
وقال موظف في شركة والذي طلب عدم الكشف عن اسمه بأن الشركة تعمل حاليًا في خسائر فادحة تصل إلى 583 مليون دولار في العام.
واستشهد الموظف بكل من القرارات الإدارية السيئة والتدخل السياسي التي تسبب بالوضع الرديء لطيران الخليج.
"البحرين هي جزيرة. وعلى طيران الخليج أن تصلنا بالعالم. وبدلاً من ذلك فإننا نغلق المسارات، ونفقد أكثر من 25 بالمائة من قوة عملنا. الوضع سيء للغاية".
ولكن كما هو الحال مع دول الخليج الأخرى فإن عائدات النفط والغاز ربما تأتي لإنقاذ البحرين.
فمع تقنيات الحفر الجديدة، فإنه يتم تنشيط حقول النفط المغلقة سابقًا. وهناك حديث حتى عن حقل غاز أكبر من ذلك الموجود عند الجارة قطر والذي، بفضل احتياطياته الضخمة من الغاز، كان نصيب الفرد فيه هو الأغنى في العالم.
ولكن الحل بالنسبة للاقتصاد المتعثر في البحرين لا يكون بإلقاء المزيد من عائدات النفط والغاز فيه.
الطلب الأول للشركات سيكون إنهاء الاضطرابات.
ونظرًا لاستياء الشيعة في ما يعتبرونه التعنت المستمر من الحكومة ستكون مهمة عسيرة حقًا.
29 تموز/يوليو 2013
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز