«مرآة البحرين» تكشف ما دار في لقاءيّ الملك ووزير الداخلية بإداريي مآتم السنابس: إنها صورتي... أقفلوا المأتم!

2014-01-01 - 6:13 م

مرآة البحرين (خاص): نفذ الملك البحريني تهديده إلى إداريي مآتم السنابس. منع عزاءهم. أصرّوا هم، وأصرّ هو، فكان اليوم، ذكرى وفاة النبي محمد «ص» التي اعتاد أن يحييها الشيعة منذ عقود، مناسبة لاختبار الإرادات: التحام الرّأس اليابسة بالرّأس اليابسة. رأس الظالم بعنجهيته، ورأس المظلوم. 

فشل الملك، وخرج الناس، حشوداً حشوداً. على عكس ما يتظاهر به من قوّة وأبّهة، أثبت الملك أنه في أشدّ حالاته ضعفاً، وهشاشة. ملك واهنٌ ضاق صدرُه. لم يعد يتحمّل رؤية صورته لصْق الأرض. تطأها الأرجل العادية، وتدوس فوقها بطين الأحذية. غضبَ، أرسل مرتزقته. 

قبل أيّام فقط، كان يزج بسبعة من إداريي مآتم السنابس في السجن، منذ أن ديست صورته في «ذكرى الأربعين». معرفة ما دار في هذين اليومين، وتلاهما، تعطي صورة واضحة عن  الحال  الرّثّة التي وصل إليها الملك. ملك الغبار صار يتحسّس بشكل مجنون، زلزال الأرض المشتعل تحت رماد مملكته.

لم يكن إداري مأتم السنابس - الذي نتحفظ على ذكر اسمه - يتوقّع أن وجوده في زنزانة ليومين، سيكون مناسبة لأن يرى نفسه، فجأة وبلا سابق إنذار، في قصر الملك. اقتيد إليه عنوة. لم يكن يعلم، لكن ها هو أمامه وجهاً لوجه. هو هو، بهيلمانه المتزعزع. في صدر الملك غلٌّ كبيرٌ كتيمٌ، ويريد أن «ينفّس» غلّه. 

كان الملك بانتظاره ومحافظ العاصمة: هشام بن عبدالرحمن آل خليفة. بدا ممتقعاً، متشنّجاً. أمارات الغضب تأكل وجهه. أزبد الملك وأرعد نحو نصف ساعة. أطلق كلّ دخان العصبيّة المحبوس. لم يوفر خلالها مثقال غلٍّ بداخله إلاّ ونفثه. 

«لم أكن أصدّق في السابق حين كان يُقال لي أنكم تضعون صور القياة على الأرض وتدوسونها، إلى أن رأيتُ ذلك»، كانت تلك أول كلماته. وأضاف «إنكم أسوأ مأتم في البحرين. لو كان الحسن والحسين موجودين في هذا الزمن لصاروا إلى جانب النظام». 

نعم، قال ذلك بالحرف لإداري مأتم السنابس. 

ومضى مسترسلاً «أعطيناكم الديمقراطية، لديكم الأوقاف الجعفرية، دول الخليج الأخرى لايوجد بها ذلك، هل هذه هي النتيجة؟ قوات الأمن ينتظرون إشارة لحرق السنابس». وتابع «لماذا لا تدوسون على صور قادة إيران؟». أراد الملك سماع تعليقه. شيء يطيّب به خاطره، أو يواصل توبيخه عليه. ملك جريحٌ، منفعل. يريد فريسة. لكن الإداريّ آثر الصمت.

استدار الملك إلى محافظ العاصمة، هشام آل خليفة. سأله، وكان وجهه يشخب بالغضب: «لماذا لم تتخذوا أي إجراء؟». هو الآخر، ارتأى السكوت. ثم قال «طبقوا الإجراءات، أقفلوا المأتم». معهم، كان إداريّ المأتم يجلس هادئاً، مطمئناً. لن يعطيه مناه. مرت نصف ساعة، اقتيد مرة أخرى إلى السجن. مكث ورفاقه يوماً آخر، ثم أطلق سراحهم في اليوم التالي.

إنها «عقدة» جديدة يكشف عنها الملك، إلى جوار «عقدة الفتح» التي يتسلّح بها وعائلته منذ العام (1783). «عقدة» رؤية صورته تحت الأقدام (2014). تطأها الأرجل العادية، وتدوس فوقها بطين الأحذية. وهو ما سيكشف عنه على نحو غير مسبوق وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة في لقاء آخر مع إداريي المآتم يوم السبت الماضي، بحضور عدد من القياديين الأمنيين. مرّة أخرى كان اللقاء لبحث ما حصل في «ذكرى الأربعين». 

قال «ألم تجدوا صورة تدوسون عليها، سوى الملك!». وأضاف وزير الداخلية «ليتكم دستم فوق صورتي، دوسوا فوق صورة ناجي» إشارة إلى مدير أمن العاصمة الضابط ناجي الهاشل، الذي كان يتواجد غضون اللقاء. ثم استدرك «لكن ليس صورة الملك». انفجر وفد إداريي المآتم من الضحك. خرجوا، لم يقدموا أيّ التزام، رغم إلحاح وزير الداخلية. 

حين حاصرت قوات المرتزقة اليوم، بأعداد هائلة، قرية السنابس لمنع العزاء بمناسبة «ذكرى الرسول»، كانت صورة الملك، هي هي، توطأ تحت النعل والأحذية. بعد 14 فبراير/ شباط 2011، لم يعد ثمة مكان لها غير هذا المكان. ليغضب الملك، وليمت غضباً. إنها عقدته، لكنها منذ الآن، صارت وسيلة الناس، ليقولوا له ما سبق لشاعر حسيني من السنابس أن عبّر عنه في إحدى «الشيلات» منذ انتفاضة التسعينات: «ما نحبكم، ما نودكم، والمحبّة مو غصب»!.



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus