حصاد التجسس والاختراق 2013: جهاز أمن وطني يتتبع النشطاء ومنطاد يخترق مناطقهم ومخبرون يخترقون بيوتهم وبرامج تجسس إلكترونية تخترق حواسيبهم

2014-01-22 - 10:53 م

مرآة البحرين (حصاد الساحات): جهاز كامل بصلاحيات مطلقة، معني بالتجسس على النشطاء ورصد تحركاتهم وسكناتهم، بدءًا من هواتفهم المحمولة حتى أدق تفاصيل حياتهم الشخصية. منطاد تجسس يحلّق فوق رؤوس المناطق التي تشهد احتجاجات، يتضمن كاميرات دقيقة لرصد كل شارد ووارد في المنطقة. مخبرون وعملاء يتم شراء ذممهم من الأطفال والمراهقين والرجال والنساء من نفس المناطق التي تشهد الاحتجاجات اليومية. مجندات يتم غرسهن كناشطات لاختراق المعارضين ومؤسساتهم. الدخول القذر في خصوصيات النشطاء بهدف التشهير. كاميرات مراقبة وأجهزة تنصت في أماكن حيوية وبعض وزارات الدولة ومؤسساتها. برامج تجسس تخترق أجهزة وحواسيب النشطاء عن بعد في كل مكان في العالم. 

هذا هو اختصار الواقع التجسسي في البحرين، لم يبدأ في 2011 ولن ينتهي عند 2013 الذي نحن بصدد تناول أبرز الأحداث التجسسية التي وقعت فيه.

جهاز الأمن الوطني

يعتبر هذا الجهاز رأس الأخطبوط الذي يقود عمليات التجسس وتتبع النشطاء في البحرين. يعتمد «جهاز الأمن الوطني» في أدواته على إعداد بنية معلوماتية شاملة عن المعارضين والناشطين بفضل الأجهزة الحديثة، والتقنيات التي وفّرها «جهاز الإحصاء والمعلومات» التابع له مباشرة. 

كما يعتمد على «شعبة الاتصال»، المعنية بالتجسس والمزوّدة بأحدث أجهزة التنصت وتتبّع المعلومات والبيانات، وتشمل كل المتعلقات الشخصية وحركة الاتصالات والعلاقات الداخلية والخارجية، إضافة إلى الإشراف على «الميليشات المدنية»، وهي ذراع هام في عمليات الجهاز الميدانية، وقد ظهر دورها العلني مع قمع الاحتجاجات السياسية خلال ديسمبر 2007 وما بعدها.

وقد وثّق بسيوني في تقريره حول المهام التي يقوم بها الجهاز الأخطبوط: "لقد ثبت أن قوات الأمن العام، بما في ذلك وحدات مكافحة الشغب والقوات الخاصة، قد أسهمت في عمليات القبض والتفتيش بالاشتراك مع الأجهزة الحكومية الأخرى، وفي معظم تلك العمليات، تلقت وحدات الأمن العام الأوامر بمساعدة عناصر جهاز الأمن الوطني" الفصل الثالث/ 148

كما وثّق بسيوني أن الجهاز تدخل في قرار إرجاع المفصولين في شركة  طيران الخليج: "وذكرت الشركة أيضًا أنها أوقفت إعادة ثمانية موظفين على الأقل إلى العمل بسبب أوامر تلقتها من جهاز الأمن الوطني". الفصل السابع/ 1426

ظهر هذا الجهاز مترافقًا مع البوادر الأولى للأزمة السياسية عام 2002 م، بعد عام من الانفراج الأمني. أُسّس بديلًا عن «الإدارة العامة لمخابرات أمن الدّولة» بمرسوم رقم (14) لسنة 2002. المرسوم جعل الجهاز تابعًا لرئيس الوزراء، ومُنح رئيسه درجة وزير، ما معناه توسيع نطاق الصلاحيات والحماية من المساءلة بالقوانين المعمول بها محليًا. أي أنه يمكننا القول أن «أمن الدولة» سيء الصيت، عاد بثوب جديد ذي صلاحيات أوسع ونفوذ أوسع.

يتكون الجهاز من مجموعة من الإدارات والشُّعَب، وهو ما يوضح المهام المركبة التي يقوم بها، فمن إداراته: 1) إدارة العمليات الخاصة. 2) إدارة الشؤون الدولية. 3) إدارة الأمن السياسي. 4) إدارة مكافحة الإرهاب. 5) الإدارة المركزية للمعلومات والتوثيق. 6) إدارة تقنية المعلومات. 7) إدارة الارتباط والتنسيق. 8) إدارة الشؤون القانونية.

وقبل أن تبدأ لجنة تقصي الحقائق عملها، قام جهاز الأمن الوطني بنقل صناديق، بعضها ورقية وبعضها من البلاستيك، ونقلها عبر شاحنات، وقد كانت الحراسة مشددة عليها، وقد أثار الانتباه أنها تمت في منتصف الليل، يعتقد أنها تتضمن وثائق وأجهزة تجسسية مشبوهة.    

شغب 77

الوشاية وزرع المجّندات

استعان  جهاز الأمن الوطني بوسائل التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والإنترنت للتوصل لأسماء وعناوين النشطاء، وتم تخصيص خط ساخن للتبليغ، كما اعتمد على تجنيد بعض شباب "القرى" واستدراجهم للعمل كعملاء لديه مع ضمان بعض الامتيازات المالية أو الحصول على وظيفة. 

ومع ثورة 14 فبراير، بدأ النظام لعبة هي الأقذر في تاريخه من خلال اقتحام صفوف القيادات الميدانية والناشطين عبر نساء مجندات يعملن كمخبرات لحساب الداخلية.

واعتمد جهاز الأمن الوطني على سلاح التدمير الأخلاقي القذر، ومن مهامه التجسس والتلصص على الحياة الخاصة للشخصيات، معتمدًا على الشركات المختصة في تقنية جمع المعلومات وترقيمها، وكان المحامي محمد التاجر، والناشط محمد البو فلاسة أحد ضحايا هذا التجسس.

فواز والجهاز المركزي

وكان الملك حمد قد أصدر مرسومًا منذ أبريل/ نيسان 2011 بإلحاق الجهاز المركزي للمعلومات بوزارة الداخلية قبل أن يُصدر بعد ستة أشهر مرسومًا بإضافة الاتصالات للجهاز لتصبح تسميته "الجهاز المركزي للمعلومات والاتصالات"، لتكون كل شؤون الاتصالات بذلك تحت سلطة المخابرات في وزارة الداخلية.

فيما أعلن وزير الدولة لشؤون الاتصالات الشيخ فواز بن محمد في نوفمبر 2013 عن بدء عمل غرفة مختصة بمراقبة شبكات التواصل الاجتماعيئن تنفيذًا لتوصيات جلسة المجلس الوطني الاستثنائية في يوليو، والتي حثت على مزيد من التضييق على الحريات. وأكد أن "إدارة السلامة الالكترونية" بدأت في مباشرة مهامها.

وكشف وزير الدولة لشؤون الاتصالات في يونيو 2013 عن دراسة أعدت لوضع ضوابط على استخدام تقنية المكالمات عبر الإنترنت، التي يستخدمها النشطاء عبر العالم هروبًا من تقنيات التجسس، مبررًا: "إن هذا الإجراء يأتي لاعتبارات أمنية، في سياق جهود من دول مجلس التعاون الست".

كاميرات المراقبة

وفي ديسمبر 2013 وافقت الحكومة البحرينية على اقتراح بإنشاء شبكة "C2" مؤلفة من آلاف الكاميرات لمراقبة المرافق الحيوية والمباني الحكومية ومراكز التسوق والمناطق والقرى، وذلك بهدف إنشاء شبكة قيادة وسيطرة لمحاربة الثورة وتعقب النشطاء والتضييق على التظاهرات.

وفي أغسطس 2013 وقع ملك البحرين مع رئيس وزراء كوريا الجنوبية مذكرة تفاهم لإنشاء مركز السيطرة على الأمن في المدن، وذلك لإنشاء شبكة أمن في المنامة.

منطاد التجسس

منذ مارس 2012 لاحظ البحرينيون تنفيذ محمية ضخمة خلف مبنى وزارة الداخلية في المنامة المعروف باسم (القلعة)، عرف فيما بعد أنها كابينة خاصة لإخفاء "منطاد تجسس"

وفيما أعلنت وزارة الداخلية في يوليو أن المنطاد هدفه "رصد نسبة مختلف أشكال التلوث البيئي ولقياس أية مستويات إشعاعية ضارة بالمملكة"، فإن المواطنين والنشطاء سخروا من هذا التصريح الذي اعتبروه تهريجًا رثًّا، خاصة أن المنطاد لا يقوم بالتحليق إلا في الأماكن المتوترة وفي أوقات الإعلان عن فعاليات احتجاجية.

بدورها ذكرت وكالة أنباء "فلسطين اليوم" إن منطاد التجسس الذي أطلقته وزارة الداخلية البحرينية تم شراؤه من إسرائيل. وقالت إنه "يحتوي على كاميرات بهدف التجسس على الناشطين". وأوضحت أن " المنطاد  يشبه تمامًا المناطيد التي تستخدمها إسرائيل  للتجسس على المقاومين الفلسطينيين".

نشطاء

الاختراق لكشف هوية الناشطين

في سبتمبر 2013 كشفت وثيقة سرية صادرة عن موقع ويكيلكس أن شركة عالمية متخصصة في مراقبة الاتصالات والمراسلات ساعدت النظام البحريني في القبض على نشطاء وصحافيين. وأظهرت أن شركة "Trovicor" ساعدت السلطات البحرينية في إلقاء القبض على نشطاء وصحفيين.

كما كشف موقع "أي تي بي" أن شركتا "سيمنز" و"نوكيا ـ سيمنز" للإتصالات تساعدان السلطات البحرينية في التجسس على المكالمات وملاحقة الناشطين ورموز المعارضة. وذكرت إن شركة "تروفيكور" قامت بتزويد هذه التكنولوجيا إلى السلطات البحرينية.

وذكر تقرير صادر عن منظمة بحرين ووتش "منذ أكتوبر 2012، أن السلطات البحرينية قامت بسجن 11 مواطن اتهمتهم بكتابة تغريدات باستخدام حسابات ذات أسماءٍ مستعارة فيها إهانة للملك". وأظهر التقرير أن السلطة البحرينية تقوم بالتعرف على هويتهم الحقيقية عن طريق إرسال وصلات تجسسية لكشف رقم بروتوكول الإنترنت مرسلة عبر حسابات مزيفة على شبكات التواصل الاجتماعي تويتر و فيسبوك. 

وفي سياق ذلك  كشف الخبير التقني وعضو منظمة "بحرين ووتش"، بيل مارك زاك، أن حكومة البحرين هي من يشغل عدة حسابات متطرفة في "تويتر" تحض المتظاهرين على العنف وتتبنى عمليات تفجير وغيرها، من بينها حساب "سرايا المقاومة". (@resistenceBhr)، كما أشار إلى آلية التجسس التي استخدمتها حكومة البحرين في كشف هوية بعض المغردين على تويتر ومن ثم اعتقالهم.

كما ذكر الناشط "محمد المسقطي" رئيس جمعية "شباب البحرين لحقوق الإنسان" أن شركة الاتصالات تستطيع تحديد موقع حامل الهاتف وتعقبه من خلال "شريحة الهاتف" (SIM). من جهة أخرى فإن برج الاتصالات "tower " يستطيع أيضًا تحديد مكان الشخص، مشيرًا إلى إمكانية استخدام برامج مضادة للتجسس لمستخدمي الهواتف التي تعمل على نظام "أندرويد" بينما هواتف "آيفون" مرتبطة بعدم القيام بعملية Jailbreak

حرب التجسس الإلكترونية على الناشطين

«فين فيشر» هي إحدى برامج التجسس التي تبيعها مجموعة غاما في المملكة المتحدة، يمكنها التحكم سرًا وعن بعد في جهاز كمبيوتر ما، ونسخ الملفات، واعتراض طريق مكالمات سكايب وتسجيل كل ضغطة مفتاح، تباع للحكومات فقط، وتستطيع سرقة كلمة المرور الخاصة بحساب البريد الإلكتروني، ومعرفة الحمض النووي الرقمي.

كشف ناشطون مؤيدون للديمقراطية، أنهم تعرضوا للتجسس باستخدام هذه البرمجيات الضارة في واشنطن، ولندن، والمنامة وهم :

الدكتورة آلاء الشهابي"31 عامًا" : بريطانية وتحمل الجنسية البحرينية/ دكتورة اقتصاد 

حسين عبدالله" 34 عامًا": مواطن أمريكي وهو مدير "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين"، صاحب محطات وقود في ألاباما.

شهاب جاسم "29 عامًا": يعيش في لندن 

التجسس الإلكتروني الذي تقوم به الحكومة البحرينية، كُشف بواسطة جهد مشترك بين منظمة «بحرين ووتش» ووكالة أنباء "بلومبرج" ومختبر الأبحاث "سيتزن لاب" في جامعة "تورنتو" الأمريكية في شهر يوليو 2013.

اللافت أن هذا البرنامج التجسسي كان حتى تلك اللحظة أحد الأسرار التقنية التي عجز المختصون عن كشفها أو الحصول على نسخة منها لتحليلها، لكن أداء الحكومة البحرينية سهّل ذلك كثيرًا.

تغطية

فضائح تجسس الحكومة البحرينية إلكترونيًا

كما كشفت وكالة "بلومبرج" الدولية للأنباء في تقرير شامل، تفاصيل عملية التجسس الإلكترونية التي تقوم بها حكومة البحرين لاختراق ناشطين معارضين يقيمون في دول مختلفة.

فيما أعلن مركز الأبحاث الكندي "سيتيزن لاب" في يونيو 2013 أن عددًا من الدول ومن بينها البحرين تتجسس على مواطنيها عبر الإنترنت من خلال شركة "فين فيشر" البريطانية المتخصصة في التجسس والتابعة لشركة "غاما الدولية".

ونشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا حول الشركات الغربية التي "قامت بتزويد دول قمعية مثل "البحرين" ببرامج وأنظمة معلومات استخدمتها الدول هذه لمراقبة الناشطين، بهدف مواجهتهم بأدلة قامت على التنصت، ومن ثمن تعذيبهم، في حين أن الولايات المتحدة لم تتخذ إجراءات لوقف هذا التزويد. 

كما كشفت صحيفة «أوبزيرفر» في فبراير 2013 أن شركة بريطانية للتكنولوجيا تواجه تساؤلات بشأن كيفية وصول برامجها المتخصصة بالتجسس على البريد الإلكتروني إلى البحرين.

شركة “غاما" البريطانية المصنعة لبرنامج التجسس FinFisher، ردت على البحث الذي أثبت استهداف ناشطين بحرينيين بواسطة برنامجها، ونفت بيعها البرنامج للبحرين، كما صرح مديرها إن شركته لا تستطيع التثبت بعد فيما إذا كان البرنامج المحلّل من قبل الباحثين هو في الحقيقة من منتجات “غاما".

النشطاء يلجؤون للدعاوى القضائية

وصرّح الناشط السياسي المعارض والمقيم في الولايات المتحدة الأمريكية "حسين عبد الله" إنه "ذاهب لاتخاذ أي إجراء قانوني بوسعه لحماية نفسه" وهو يدرس إقامة دعاوى قضائية وتقديم شكوى إلى وزارة الخارجية الأميركية عن محاولة الاختراق العابرة للحدود

في حين أبلغ محامي مجموعة "الخصوصية الدولية لحقوق الإنسان" الهيئة المسؤولة في المملكة المتحدة في رسالة بتاريخ12 يوليو/ تموز أنهم يخططون لمقاضاة الحكومة البريطانية لإخفاقها في تطبيق القوانين التي تعطيها القدرة على منع الصادرات التي يمكن استخدامها لانتهاك حقوق الإنسان.

كما رفعت الناشطة آلاء الشهابي إفادة شهادتها إلى المحكمة العليا في المملكة المتحدة في مايو 2013 للنظر في استخدام تكنولوجيا التجسس البريطانية ضدها في البحرين، حيث دعا النشطاء  إلى مراجعة قضائية بشأن فشل المملكة المتحدة في محاسبة الشركات المسؤولة عن مبيعات برامج التجسس إلى الأنظمة القمعية.

فيما قامت مجموعة من منظمات حقوق الإنسان في يونيو 2013 برفع شكوى إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ضد اثنتين من الشركات الأوروبية لمراقبة التكنولوجيا، وذلك التماسًا للتحقيق في ما إذا كانت الشركات متواطئة في الإساءة للمعارضين في مملكة البحرين. وقد تم قبول الشكوى في الشهر نفسه، ما يعني تحريك ملف الدعوى. 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus