ساحة "بهية العرادي" تشتعل في 2013: أم قيس، وريحانة الموسوي... شرف الثورة وانحطاط الدكتاتور

2014-01-25 - 5:28 م

مرآة البحرين (حصاد الساحات): بين ما كتبه بسيوني وما كشفته ريحانة الموسوي عن تعريتها خلال التحقيق، أٌقل من سنتين!

أراد النظام عابثا أن يمسّ شرف نساء البحرين ليسترجع شيئا من شرفه الناقص، وليغطّي شيئا من عريه المفضوح. أراد أن يؤكّد الرسالة الأولى التي جاء بها غازيا منذ 1783: لا حرمة لدمائكم ولا لأموالكم ولا لنسائكم! هذه الرسالة لا يمكن أن توقفها مجرد إدانة من لجنة تحقيق.

إنّه عهد الملك حمد، عهد الاستباحات، عهد الغيّ والتمادي، ولكنّ شرف الثورة لا يهتكه انحطاط النظام.

إنّه أيضا تاريخ المرأة البحرينية العتيد في النضال السياسي ضد الاستبداد الحاكم. هي امرأة لم تتوقّف عند أن تكون أم شهيد أو أخت معتقل أو زوجة مناضل، لقد دخلت الساحات بنفسها، متظاهرة، شهيدة، معتقلة، ومعذّبة، ووقفت بنفسها أمام جبروت الديكتاتور تفضحه بشعرها، وتقوّض أمانيه في البقاء حتى لو كان الثمن أن تقدم الدماء كما فعلت أم الشهداء "بهية العرادي".

ربيع الرياحين مستمر، حتى من السجن، حيث ريحانة الموسوي، وزينب الخواجة، ونفيسة العصفور، وحليمة الصباغ، وكل الفتيات اللواتي حملن بريق اللؤلؤة في 14 فبراير. 

الاعتداء على النساء في "تقرير بسيوني"

تقرير لجنة تقصي الحقائق برئاسة البروفيسور شريف بسيوني أشار إلى انتهاكات النظام ضد النساء منذ 2011، وأكّد التقرير أن عددا من النساء اللائي شهدن أمام اللجنة أكدن أنهن في وقت مداهمة المنازل، كن في أَسِرَّتَهِنَّ مرتديات ملابس النوم ولم يسمح لهن بتغطية أنفسهن حينما اقتحمت قوات الأمن المكان وفتشت الغرف، وأكدت امرأتان أنهما تلقيتا تعليمات بإبقاء أيديهما للأسفل حينما حاولتا تغطية صدريهما. (الفقرة 1132)

وقالت امرأة في شهادتها للجنة إن قوات الأمن اقتحموا غرفة نومها بينما كانت ترتدي ثوب النوم، مؤكدة أنهم لم يسمحوا لها بارتداء ملابسها أو حتى تغطية صدرها بيديها. (الفقرة 1135)

وأكد شهود للجنة أن قوات الأمن هددوا بالاعتداء الجنسي على النساء حتى يعطي الرجال معلومات عن أماكن تواجد المشتبه بهم. (الفقرة 1133)

وقد وثق تقرير بسيوني حالات اعتقال للنساء بتهم تتصل بحرية التعبير والتجمع، مثل حالة فضيلة المبارك التي أجبر النظام على الإفراج عنها لاحقا تحت ضغط دولي.

ريحانة 2

ريحانة الموسوي

قضية المعتقلة ريحانة الموسوي (37 عاما) كانت أبرز مآسي النساء البحرينيات في العام 2013، كما أنّها أبرز بطولاتهن ضد الديكتاتور.

لأنها لا تنكسر ولا تخاف ولا تخفي وجهها عندما تواجه المرتزقة، لأن لديها من الجرأة ما يجعلها تتقدم وحدها نحو المدرعة لتلصق عليها صورة الشهيد محمد يعقوب، لأن لديها من الصمود ما يجعلها تجلس على ركبتيها أمام أرتال من صفوف المرتزقة رافعة علامة الصمود والنصر، لأنها واحدة من الناشطات الميدانيات والمسعفات، لهذا الكثير استهدفت ريحانة!

اعتقلت ريحانة عند بوابة حلبة البحرين للسيارات، وهي تحتج على هامش سباق الفورمولا 20 أبريل/نيسان 2013، تطورت قضيتها من تهمة التجمهر إلى التخطيط لتفجير في الحلبة، ومن ثم الانتماء إلى "تنظيم 14 فبراير"!

لم تكن هذه مأساة ريحانة، كما لم تكن مأساتها سياط الجلادين التي لم تعرف لا الحياء ولا الرحمة، لكنّ المأساة الحقيقية هي ما روته في شهادتها أمام المحكمة 11 يوليو/تموز: خلال التحقيق عريت من ملابسي لكي أعترف! 

ريحانة أجبرت على الوقوف في غرفة (أو حمام) أمام الباب الذي فتح بزاوية معينة، حيث منعت مطلقا من التحرك لمواراة نفسها، وذلك ليتمكن كل من يمر من أن يراها في هذه الحالة!

أحد المحققين قال لها إذا غيرت إفادتك أمام النيابة "ستلاقين تعذيبا مختلفا، ولن تخرجي من هنا إلا وأنت حامل"!  أما القاضي "علي الظهراني" فلم تحرّك ريحانة رجولته ولا مشاعره، وحين كان الجميع يبكون وهم يسمعون آلامها، كان هو يضحك! ليدوّن في المحضر بأنها تعرضت لمعاملة "معنوية غير لائقة"!

وبدورها نفت وزارة الداخلية رواية ريحانة وادّعت أنّها لم تقل هذا الكلام من قبل! ونظرا للتفاعل الكبير مع قضية ريحانة قامت النيابة العامة  بالتحقيق معها حول الحادثة. 

"من يهدد امرأة بتجريدها من ملابسها وبالفجور والفحشاء للاعتراف على أحد هو ‏متخلٍ عن دينه وإنسانيّته وآخر ذرّةٍ من شرفه" الشيخ عيسى قاسم معلّقا على قضية ريحانة، "من يستطيع أنْ يتحمّل أنْ يسمع مثل هذا الخبر الفظيع القاتل في هذا الشهر الفضيل الكريم؟ ومن ‏يتصوّر أنْ يحدث هذا على يد جهة رسميّة في بلدٍ من بلاد الإسلام؟"

موجات من الغضب الكبير أثارتها قضية ريحانة، التي وصفها الشيخ علي سلمان بـ"الجريمة القذرة"، في حين قال المحامي محمد التاجر مستنكرا "كيف نقبل بهكذا نظام وصلت به الخسة أن يستقوي على نساء في معتقل؟"

ودعت منظمة العفو الدولية البحرين في بيان لها للإفراج عن ريحانة وأدانت تعرضها للتعذيب، فيما حثت الخارجية البريطانية البحرين على ضمان سلامة الإجراءات القانونية اللازمة حيال المعتقلة. 

وفي هذا الصدد قالت "هيومان رايتس ووتش" إن معلومات أفادت بتعذيب نشطاء بحرينيين (ناشط حقوقي وسيدتين) بعد حوالي أسبوعين من قيام السلطات البحرينية بتأجيل زيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، خوان منديز، إلى أجل غير مسمى.

في 29 سبتمبر/أيلول حكم على ريحانة بالسجن 5 سنوات، أما جريمة تعريتها فإنها تنتظر يوم قصاص عادل!

أمّ قيس 

قيس عباس، هو أحد الشبّان المطاردين من قبل السلطات، حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات بتهمة الاعتداء على رجال الأمن. كان قيس قد اعتقل في 2011 لمدة 4 أشهر وتم إخلاء سبيله وإغلاق ملف القضية إلا أنها فتحت من جديد بعد فترة دون أي مبررات، ليزج باسمه فيها مرة أخرى. جراء التعذيب الذي لاقاه قيس أثناء الاعتقال أجريت له عمليتان جراحيتان. 

فجر 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، كان قيس مختبئا في منزل عمته بقرية "عالي" حين اقتحمت المنزل قوات المرتزقة مدعومة بعناصر مدنية. لم يكن قيس وحيدا، كانت أمه معه.

لم يكف المرتزقة أن ينتزعوا قيسا من حض أمه، وهو يصرخ مستغيثا، لم يكفهم أنهم جرّوه وضربوه ونزعوا ثيابه أمامها، تجرأوا أيضا على ضربها هي، واعتدوا عليها بالركل ورش الفلفل على وجهها.

لكن الكاميرا استطاعت أن تصطاد المرتزقة بالجرم المشهود.

أصيبت أم قيس بكدمات ورضوض جراء ضربها وهي تدافع عن ابنها وتحاول تخليصه من قبضة الجلادين. انتشرت سريعا صور الاعتداء عليها في المواقع الإلكترونية، لتثير غضبا واسعا في الشارع، وفي حين عمّت التظاهرات الاحتجاجية البلاد، زار أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان أم قيس متضامنا. 

وفي خطبة الجمعة دان الشيخ عيسى قاسم ما تعرضت له "أم قيس"، ما اضطر وزارة الداخلية للرد عليه ونفي الاعتداء عليها، مؤكدة رش الفلفل الحار في وجهها فقط، ولم تكتف وزارة الداخلية بهذا النفي، بل اتهمت "أم قيس" لاحقا بأنها هي من أصابت عناصر الشرطة!

رولا

مزيد من الاعتداءات على حرمة النساء

نادية علي: تعرضت نادية الحامل بشهرها الثامن في يونيو/حزيران للضرب والشتم ومن ثم اعتقالها من قبل شرطيتين عندما ذهبت إلى مركز شرطة البديع لاستلام بطاقتها المصادرة. 

خديجة سعيد: اعتقلت المعلمة خديجة في فترة السلامة الوطنية لمدة 8 أيام فقط، تلقت خلالها صنوف التعذيب النفسي والجسدي. بعد عامين من اعتقالها كشفت عن آثار التعذيب التي لا زالت واضحة على جسدها  

فاطمة الخواجة: الطفلة فاطمة الخواجة (15 عاما) تعرضت لطلقات الشوزن في منزلها في 16 أغسطس/آب، ونقلت إلى المستشفى للعلاج، لكن الأطباء لم يستطيعوا إزالة طلقات الشوزن من معدتها، وبعد أسبوعين نقلت للمستشفى مرة أخرى بسبب النزيف الحاد بمعدتها. وأثناء تواجدها بالمستشفى وجهت وزارة الداخلية لفاطمة 3 تهم بقضايا أمنية، حيث أبلغت والدها بأن ابنته تواجه أمرا بالقبض عليها!

خلع الحجاب: في يناير/كانون الثاني 2013 أظهرت صور بثتها مواقع إلكترونية قوات الأمن وهي تقوم بخلع حجاب امرأة أثناء اعتقالها في العاصمة المنامة. وتكررت حادثة "خلع الحجاب" لامرأة أخرى في منطقة الديه أثناء مشاركتها في فعالية الزحف نحو موقع "دوار اللؤلؤة" بالعاصمة المنامة منتصف مارس/آذار 2013. 

واعتبرت جمعية الوفاق بأن ما قامت به القوات الأمنية يؤكد انحراف العقيدة الأمنية لديها، في حين عبّر المجلس العلمائي عن غضبه الشديد وقال إن الشعب لن يرضى أن يمس شرف المرأة وعفتها، محمّلا النظام نتائج هذه "المشاهد الجارحة".

إطلاق الرصاص على نساء في الشارع: أظهر شريط فيديو مصور قوات المرتزقة وهي تعتدي بشكل سافر على نساء وأطفال في منطقة المالكية، وقامت المرتزقة بإطلاق الرصاص على مقربة منهم في محاولة لإرهابهم.

معتقلات

كشفت جمعية الوفاق أن أكثر من 250 امرأة اعتقلن منذ بداية الثورة في البحرين في فبراير/شباط 2011، وبالإضافة إلى ريحانة الموسوي، نادية علي، وزينب الخواجة المعتقلة منذ فبراير/شباط 2013، والتي اعتقلت أكثر من 10 مرات منذ بدء الثورة، هناك عدد كبير من النساء دخلن المعتقل في 2013، ولا زال بعضهن فيه حتى اليوم. 

بتول العبار، زينب العبار، صديقة العبار، زهرة حسن: اعتقلن من نقطة تفتيش في المنامة في نوفمبر/تشرين الثاني، ووجهت لهن تهمة "إهانة أفراد الأمن".

تظاهرة

فاطمة عبد الإمام: تم اعتقالها من قاعة المحكمة بعدما حكمت عليها في 21 نوفمبر/تشرين الثاني بالحبس شهرا بتهمة التجمهر.

نفيسة العصفور: اعتقلت في 20 أبريل/ نيسان 2013 مع ريحانة الموسوي من حلبة البحرين أثناء إقامة سباق الفورمولا، أطلق مركز البحرين لحقوق الإنسان نداء عاجلا للتدخل في قضيتها بسبب تدهور صحتها، وحرمانها من الرعاية الطبية رغم الاشتباه بعودة مرض السرطان إليها.

أشواق المقابي: أيدت محكمة بحرينية في يونيو/حزيران حكما بالسجن 6 أشهر ضدها بتهمة التجمهر في مجمع تجاري، وهي تعاني من مرض فقر الدم المنجلي "السكلر".

نادية علي: حامل في أشهرها الأخيرة اعتقلت لمدة شهر وحددت لها المحاكمة الثانية بعد موعد ولادتها، تهمتها "الاعتداء على شرطية"، وقد تعرضت نادية لنوبة تشنج حادة وحالة إغماء، ولم تفلح المطالبات المحلية والعالمية للإفراج عنها، إلا بعد أن اقترب موعد ولادتها جدا. 

صديقة البصري (27 عاما): اعتقلت في 14 أغسطس/آب لمدة 7 أيام على ذمة التحقيق بتهمة محاولة دهس ضابط، ومقاومة الشرطة النسائية، وقد وضعت في الحبس الانفرادي، يذكر أنها اعتقلت سابقا وحوكمت بتهمة "إهانة رجل أمن وجرح مشاعره"، لتقضي عقوبة مدتها 6 أشهر انتهت في 18 يوليو/تموز 2013.

زينب الموسوي: طالبة جامعية اعتقلتها السلطات الأمنية في 8 سبتمبر/أيلول لاستكمال مدة الحكم الصادر في حقها في قضية الاعتصام أمام وزارة الداخلية والاعتداء على شرطي.

رباب زين الدين: اعتقلت في مايو/أيار بعد أن أصدرت المحكمة حكما بحبسها شهرا واحدا بتهمة التعدي على ضابطة.

خديجة سعيد: معلمة مدرسة (51 سنة): قضت المحكمة في يونيو/حزيران بحبسها 6 أشهر، بتهم تتعلق بالتحريض على كراهية النظام

حليمة الصباغ: أطلق سراحها في 25 سبتمبر/أيلول بعد عام كامل من اعتقالها، وكانت قد أدينت بتهمة "تهريب أدوية" من المستشفى واستخدامها لاعلاج المتظاهرين.

رهينة: اعتقلت قوات النظام بحرينية (أما لطفلين) في سبتمبر/أيلول كرهينة حتى يسّلم زوجها المطلوب نفسه، وكانت الزوجة قد أصيبت بحادث مروري وتم نقلها إلى مبنى الحوادث المرورية، وبعد معرفة ملكية السيارة التي تعود لزوجها، خيّرت بين حضور زوجها أو أن تعتقل!

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus