» رأي
هل انكسر الطوق؟
إيمان شمس الدين - 2011-07-08 - 12:22 م
المرأة البحرينية تواجه لأجل التغيير والإصلاح بكافة الوسائل
إيمان شمس الدين*
كانت المرأة البحرينية - رغم قدم نضالها من أجل حقوقها- تحاول كسر الطوق وتناضل من أجل الخروج على مألوف المجتمع الذي طوق نفسه بأعراف لا يقرها شرع ولا عقل، وقومتها عادات وتقاليد شكلت سجنا حقيقيا لفكر المرأة الخلاق ولحراكها خارج أسوار البيت سواء بيت الأسرة أو بيت الزوج. ورغم أنها السباقة في منطقة الخليج في كسر حواجز الصمت المانعة وعبور جسور الحرية المسؤولة التي تمثل المرأة فيها عقلا لا جسدا، إلا أنها واقعا وبسبب سيادة العقل الذكوري بخست حقها التمثيلي في العمل السياسي وحراكاته المتنوعة في الدولة والمجتمع والتيارات أو الجمعيات السياسية وخاصة تلك الإسلامية.
ورغم دورها البارز جدا في الانتخابات البرلمانية وعملها الدؤوب في مجالس شورى بعض الجمعيات، إلا أنها لم ترق في كل محاولاتها إلى مستوى التمثيل البرلماني أو رئاسة الشورى أو حتى وجودها في مجالس الإدارة في كثير من الجمعيات والمجالس وخاصة الدينية منها. ورغم مشاركتها في طرح الآراء إلا أنها مشاركة خجلة بسبب نظرة الرجال لها التي لم ترق إلى رؤيتها كفءاً ومثيلا وندا وشريكا مساوياً في المهارات والقدرات بل أحيانا شريك متفوق على الرجال أيضا.
وجولة فاحصة في أحداث ثورة البحرين الأخيرة التي بدأت تداعياتها من يوم 14 فبراير واستمرت إلى هذا اليوم، وما حدث إبان مرحلة السلامة الوطنية ومازال يحدث بعدها من تبعات، نجد أن المرأة في هذه الأحداث سجلت حضورا فاعلا وقويا ملأت به كل الساحات في المواجهة السلمية ورغم ضراوة المواجهة وشدتها حتى بلغت أوجها في البذل من الاعتقال والاعتداء على الأعراض إلا أننا لم نجد الساحة قد خلت من المرأة. بل لا نبالغ لو قلنا إن المرأة البحرينية تفوقت في المواجهة على الرجال في كثير من الساحات، فهي بذلت زوجا أو ابنا أو أخا ولم يخمد أوارها، بل زادت شعلتها وهجا وانطلقت بعزم أقوى تملا به الساحات في الإصرار على مواصلة الاعتراض من أجل تحقيق المطالب، واستخدمت في ذلك كل الأساليب المشروعة .
المرأة البحرينية اليوم تقفز قفزات تغييرية مهمة وملهمة، هي تواجه لأجل التغيير والإصلاح بكافة الوسائل وتقدم في ذلك نموذجا لكيف ممكن أن تكون المرأة في ساحات العمل الاجتماعي والسياسي أو في الساحات التي تخرج عن إطار البيت الزوجي والأسري، هذه القفزة من وجهة نظري يجب أن يماثلها قفزة في سياقات الفكر والمعرفة والتنظير لمسألة المرأة . فاليوم لم يعد مقبولا أبدا أن تنظر الجمعيات الناشطة في الساحة البحرينية وخاصة الاسلامية منها إلى المرأة، كما كانت تنظر لها ما قبل الثورة خاصة من ناحية الوظيفة والدور الموكل إليها والتمثيل الذي يجب أن تمثله على كافة الأصعدة وقدراتها وكفاءتها.
المطلوب اليوم هو أيضا نهضة تغييرية على المستوى الوظيفي الذي تستطيع المرأة أن تنهض به لتقدم أيضا المرأة البحرينية نموذجا جديدا في منطقة الخليج التي ما زالت ترزح فيها المرأة تحت طوق العادات والتقاليد والأعراف الخانقة لحريتها.
وما خطوة جمعية الوفاق في طرح اسم امرأة ضمن المجموعة التي ستمثل الوفاق في الحوار إلا خطوة في الطريق الصحيح، إذ إنها قفزة حقيقية تتناسب والقفزة التي قامت بها المرأة البحرينية في إبان الثورة الأخيرة. وهي أيضا رسالة واضحة في تغير أفق جمعية الوفاق في النظرة للمرأة ودورها ومهامها ووظيفتها في المستقبل، إذ من الممكن أن نشاهد امرأة من جمعية الوفاق في البرلمان بل قد نشاهدها تملأ ساحات كانت محظورة عليها من قبل مراعاة للأعراف السائدة.
لم يعد مقبولا اليوم أن يبقى وضع المرأة البحرينية في منظومة الفكر الذي تمثله الجمعيات وخاصة الإسلامية على ما كان عليه، بل أعتقد أن التغيير يجب أن يطال هذه المنطقة لتكون فرصة للنهوض بواقع المرأة البحرينية، المأسور واقعا للعرف والعادات والتقاليد وليس للعقل، وهي فرصة جديرة بالاستغلال لأن اليوم قابليات المجتمع مهيأة وبشكل قوي للحظة التغيير واستغلال هذه اللحظات التاريخية، هو من باب اقتناص الفرص إذ ما كان يمكن تغييره في سنين بات اليوم ممكنا في أيام.
وعلى المرأة البحرينية أيضا تقع مسؤولية رفض أي نمطية في التعامل معها والنظر لوظيفتها، وكما شاركت في المعارضة السلمية لإحداث تغييرات في منظومة الدولة وعلاقتها في المجتمع، عليها أيضا أن تتقدم خطوات في التغيير الفكري والبنائي والمنهجي الذي تقوم على نظرة الجمعيات وخاصة الإسلامية منها للمرأة ووظيفتها والمواقع التي يمكن أن تشغلها ومستوى المشاركة في اتخاذ القرارات وفاعلية هذه المشاركة على مستوى التطبيق.
وأعتقد اليوم أيضا الفرصة والقابلية أكثر تقبلا لهذه الإصلاحات مما قبل، لذلك أعتقد أن تضافر جهود النساء من كافة التيارات والمشارب الفكرية من أجل ترشيد النظرة لموقع المرأة وتغيير ثقافة القيادات في نظرتها لها هي ساحة اشتغال جديرة أن تفعل فيها المرأة البحرينية دورها وتقوم بثورة في ذلك على كافة المستويات.
Chamseddin72@gmail.com
*كاتبة كويتية
اقرأ أيضا
- 2024-11-20علي حاجي: دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18عباس المرشد : النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17محمد ناس : البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13الشيخ علي الكربابادي : حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق
- 2024-11-12عباس المرشد : رواتب وعلاوات عائلة الحكم في البحرين هل تقود إلى حرب داخلية بين القصور