حقيقة هجوم "الايام" على سميرة بنت رجب.. تجاوزت خالد بن أحمد فذكرها: "لست إلا بنت شبر ومرهون"
2014-04-02 - 6:07 ص
مرآة البحرين (خاص): يبدو للعيان أنها حرب إعلامية يديرها من المقعد الخلفي مستشار الملك البحريني لشئون الإعلام نبيل الحمر مع المتحدثة باسم الحكومة وزيرة شئون الإعلام سميرة بنت رجب، نتيجة للعلاقة المتوترة منذ سنوات بين الطرفين، لكن الخلفية أكبر من ذلك. من الصعب على صحيفة "الأيام" المملوكة له أن تدخل في مواجهة على النحو الذي رأيناه خلال الأيام الثلاثة الماضية مع الوزيرة المدعومة من الملك نفسه الذي لم تكد تمضي غير أسابيع من بعثه رسالة شكر لها "للدور الذي نهضتم به في سبيل رفع أداء التلفزيون" كما جاء في رسالته لها في 16 فبراير/ شباط 2014، من دون الحصول على دعم قوي بل وتوجيه من أطراف نافذة في الحكم.
اتهمت "الأيام" بنت رجب بالتعاقد مع شركة لبنانية على علاقة بحزب الله اللبناني، وأن تلك الشركة وراء الحريق الذي اندلع في استوديو الإنتاج قبل أيام. من جانبها أصدرت "جمعية الصحافيين" التي تدار منذ تأسيسها من قبل مستشار الملك أيضا، بياناً تدعو سميرة بمن رجب لاحترام الصحافة ورجالاتها. يبدو الأمر للوهلة ليس سوى "جرح نرجسي" أرادت الصحيفة الانتقام له رداً على نعتها من قبل المتحدثة باسم الحكومة بـ"الصحيفة الصفراء". لكن تتبع سلوك الحملات التي تقوم بها الصحيفة بين فترة وأخرى، أثبتت باستمرار أن "الذئب لا يهرول عبثا".
ثمة علاقة مركبة تربط بين بنت رجب ووزير الديوان الملكي خالد بن أحمد، يغلب عليها التوتر منذ توزيرها. مثلما أنها متوترة أيضاً مع وزير الاتصالات، فوّاز بن محمد آل خليفة الذي استلمت منه حقيبة الإعلام في ابريل/ نيسان 2012، وهي الوزارة التي استماتت رجب في طلب الحصول على كرسيها منذ العقد الأول في الألفينية، وأعلنت ذلك مراراً في جلساتها الخاصة.
يعرف عن وزير الديوان الملكي شخصيته الغامضة والمعقّدة من جهة، ونفوذه في التأثير على شخصية الملك وطريقة تفكيره واتخاذ القرارات. فالملك يتلقى الأخبار اليومية عن طريقه هو وحده، وهو وحده من يقرأ الأحداث ويفسّرها ويحللها بين يدي الملك وعقله.
لا يسمح وزير الديوان لأحد غيره أن يصل إلى باب الملك ويدخل عليه أو يطلب منه مباشرة. فهي خصوصية يجب أن تبقى مقتصرة عليه لا يشوشها أحد، وهي إحدى ضمانات سيطرته الكاملة على المُلك من خلال الملِك، والحُكم من خلال امتلاك قرارات الملك وتفكيره ورؤيته للأمور والأحداث. من يتجرأ على منازعته هذه الخصوصية يعرّض نفسه للأذى أو ما هو أكثر من ذلك.
كان الوزير السابق منصور بن رجب أحد الذين تجرأوا على تجاوز خط وزير الديوان الأحمر، فتم إسقاطه. دعابات بن رجب وتهريجاته كوّنت له علاقة شخصية مع الملك الذي يحب المهرجين حوله. صار يدخل عليه مباشرة. طلب شخصياً من الملك توزيره وأعطاه ما أراد.
لكن وزير الديوان أضمر ذلك له، وبقيت العلاقة بينهما متوترة، في حين استطاع بن رجب الحصول على تراخيص وتسهيلات لمشاريع وغيرها عن طريق الملك مباشرة بدون العبور بواسطة وزير الديوان. وهو الأمر الذي زاد من حنق الوزير عليه، حتى أسقطه في حبكته الشهيرة "غسيل الأموال" التي أفقدته منصبه ووجاهته بالكامل.
سميرة "بنت شبّر ومرهون"
توزير سميرة رجب هو الآخر لم يأت عن طريق وزير الديوان الملكي. تاريخياً جوبه زواج بنت رجب من أحد أبناء العائلة الخليفية، وهو بعثي تعرّف عليها أثناء دراستها في بغداد، بمعارضة شديدة داخل العائلة الحاكمة، كونها شيعية. ما أدى ذلك إلى سحب لقب "الخليفة" من وثيقة سفره، كما أسرت بذلك هي إلى الكثيرين من حولها، وذلك قبل أن يعاد له اللقب حديثاً جداً مع مطلع الألفينات.
لكن بنت رجب ظلت مغضوباً عليها وبناتها اللائي نلن لقب "الخليفة" مؤخراً فقط بعد فترة من إعادة اللقب لوالدهن، تلاحقهن نظرات الاستصغار داخل العائلة رغم مواقفها وكتاباتها التي كانت تنشد ودّ السلطة ورضاها باستمرار. بعد ثورة فبراير/ شباط 2011 تغيرت النظرة جزئيا، خصوصاً بعد الظهور الإعلامي المتكرر لبنت رجب والدفاع المستميت عن العائلة والحكم.
المعلومات تشير إلى أن توزير بنت رجب جاء عن طريق اقتراح قدمته قرينة الملك سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، واستحسنه الملك، فيما باركه رئيس الوزراء الذي كان سعيداً بأداء بنت رجب الإعلامي ضد الثورة الشعبية. وهو الأمر الذي أسكت معارضي هذا القرار داخل العائلة بمن فيهم وزير الديوان، لكنه أضمر ذلك لها. فمهما فعلت، تبقى "بنت شبّر ومرهون" الذين ليس لهم مكان سوى "تهجيرهم لحوار وجنان مع نون" كما سبق لوزير الديوان نفسه أن عبر في مطلع قصيدة بذيئة خلال انتفاضة التسعينات حوت قاموسا من العنصرية والشتائم ضد المواطنين الشيعة.
الأصوات المعترضة داخل العائلة الحاكمة لا تمانع تكريم بنت رجب على ولائها ودفاعها عن الحكم، لكن ليس عبر إعطائها منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة ووزير شئون الإعلام. وليس طبعاً بعد سحب المنصب من وزير من العائلة الخليفية، وهو فواز بن محمد آل خليفة، نجل وزير الداخلية السابق.
فقد أثار منحها هذا المنصب "المتحدث الرسمي" حساسية كبيرة داخل العائلة، وفي الأشهر الأخيرة زادت المطالب بسحب هذه الصفة عنها على الأقل.
ما زاد التوتر بين بنت رجب ووزير الديوان، هو تجرؤها، وسلوكها ذات المسلك ذا الخط الأحمر الذي سبقها له قريبها منصور بن رجب. فهي تزور الملك مباشرة دون المرور على بوابة وزير الديوان، وتطلب منه مباشرة، وتتباهى أمام المقربين لها بعلاقتها المباشرة بالملك، وأن الملك يحترمها ومعجب بأدائها ولا يردّ لها طلباً.
"فركة" قانون الإعلام والصحافة
أحد الملفات التي ظهر فيه هذا التوتر بين الطرفين بارزاً، كان قانون الإعلام والصحافة. إذ عينت بنت رجب لجنة لصياغة قانون متطور للإعلام، وعندما انتهت من صياغته، أعلنت في عدّة اجتماعات، بأنها ستذهب للملك، وستطلب منه إصدار القانون في صيغة مرسوم. الأمر الذي يعني جعله نافذاً ومطبقاً منذ لحظة إعلانه من قبل الملك، ولا يملك كل من مجلسي الشورى والنواب أي صلاحية في تغيير أي مادة منه؛ ولديهم فقط صلاحية الرفض الكامل للقانون أو القبول الكامل به.
الوزيرة قالت لمن حولها: "لن أسمح لهذا القانون أن يذهب لمجلسي النواب والشورى ويمكث لسنوات، فهو مشروعي. أريد له أن يظهر بسرعة حتى أستطيع أن أعمل وأغير". وقد رددت ذلك أمام الكثير من الإعلاميين والصحفيين، قائلة بكل ثقة: "أنا واثقة أن الملك لن يرد طلبي لأنني أملك علاقة قوية ومباشرة معه".
بعد أن جهزت صياغة القانون، ذهبت بنت رجب للملك، وسلمته نسخة منه وطلبت إصداره في صيغة مرسوم بقانون، ووعدها الملك بأن طلبها مجاب. وعندما خرجت من عند الملك بشرت من حولها بأن الملك وعدها بأن طلبها أجيب. كان ذلك في صيف عام 2012. انتهى الصيف ولم يصدر الملك مرسوماً بالقانون. بينما الصيف هو الفترة التي يجوز للملك إصدار المراسيم فيها لعدم انعقاد المجلس الوطني ووجود فترة فراغ.
وزير الديوان الملكي كان وراء تعطيل صدور القانون في مرسوم. فقد أثار هواجس الملك بأن إصداره ليس في صالح البحرين، وأن صدوره سيضر بها، وأنه لابد من التأني ودراسته وإحالته للحكومة في صيغة مشروع بقانون، وهو ما حصل. القانون ذهب إلى الحكومة ومكث سنة ونصف، وقبل حوالي شهرين أعلنت الحكومة أنها انتهت من صياغة مسودة القانون وستحيله لمجلس النواب، لكن لم تتم إحالته حتى الآن. وحتى لو تمت إحالته فمن المستبعد، إذا لم يكن من المستحيل، أن يتم إقراره في هذا الفصل. إن متوسط مكوث مشاريع القوانين في المجلس الوطني "بين النواب والشورى" يتراوح بين عامين إلى ثلاثة على الأقل، على نقيض المراسيم.
كان هذا بمثابة صعقة كهرباء واحدة، من تلك التي تُخرَّم بها أجساد المعتقلين في السجون، أعطاها خالد بن أحمد لسميرة رجب، ليعلمها أن باب الملك هو سيادته الخاصة، وأنها غير مرحّب بها في موضع السيادة ما لم يكن الترحيب على طريقته.
فركة "الأوفرتايم"
أحد الملفات الأخرى التي تعاون فيها كل من وزير الديوان خالد بن أحمد مع وزير الإعلام السابق فواز بن محمد آل خليفة، هو ملف ساعات العمل الإضافية "الأوفرتايم" في وكالة أنباء البحرين الرسمية "بنا". فالوزيرة أصدرت بعد توزيرها قراراً بوقف "الأوفرتايم" عن موظفي وكالة أنباء البحرين. ذلك أنه جرى العرف بين العاملين هناك البقاء بشكل يومي ساعتين إضافيتين، حتى الرابعة عصراً. الساعتان كافيتان لرفع الراتب الشهري للضعف، في حين يعيش إعلاميو وكالة أنباء البحرين ما يشبه البطالة المقنّعة، والاعتماد شبه الكلي على الموظفين الأجانب الذين يحررون الأخبار والتغطيات الخارجية.
القرار أثار الموظفين بطبيعة الحال، لكن الأمر اللافت، هي الحملة التي قامت بها الشبكات المحسوبة على فواز بن محمد آل خليفة في وسائل التواصل الاجتماعي ضد الوزيرة والتي أنشئت جميعها في إطار الدعاية المضادة لتشويه ثورة 14 فبراير/ شباط، ومن ثم تدخل وزير الديوان الملكي عبر أدواته ووقف في صف الموظفين، الأمر الذي انتهى بقرار من مجلس الوزراء بإرجاع "الأوفرتايم" لـ"الشرفاء الذين يدافعون عن الوطن".
ويمكن للقاريء متابعة الهجوم المتكرر الذي يديره مدير شبكة "منرفزهم" محمد بن صقر آل خليفة، على الوزيرة بنت رجب، والمراددة المستبطنة بينه وبينها في حوادث كثيرة، وهو هجوم يعكس أحد الأوجه الفاقعة للنظرة لها عند أبناء وبنات العائلة الخليفية. وكمثال على ذلك ما حصل لدى بثه (22 ديسمبر/ كانون الأول 2013) نبأ إقالة رئيس مجلس إدارة شركة ألمنيوم البحرين (ألبا) محمود الكوهجي، الذي نفته المتحدثة باسم الحكومة في حينه، قبل أن تثبت الأيام (26 فبراير/ شباط 2014) خطأها وصحة المعلومات التي أوردها في حسابه. وقد علق رداً على ذلك (27 فبراير/ شباط 2014) "يا سميرة رجب .. رجاءً مرة ثانية لا تتحدين شبكة منرفزهم".
"الفركة" الأخيرة
هناك سياسة معروفة عن وزير الديوان، وهي تركه خصومه يسرحون ويمرحون في مواقعهم، مع تجميع الأخطاء عليهم لاستثمارها ضدهم مستقبلاً. اختار "الأيام" لأنه يعرف العلاقة المتوترة بين متحدثة الحكومة بنت رجب ومستشار الملك وزير الإعلام السابق نبيل الحمر الذي ظل ينظر باستمرار إلى حقيبة "الإعلام" كجزء من أملاكه الشخصية. واختار أن يلقي بعض المعلومات أو الإثارات - ولو كانت تافهة - من أجل تضخيمها عبر الصحيفة.
بخط متواز، نشطت مجدداً كل الحسابات التابعة لفواز بن محمد آل خليفة على شبكات التواصل الاجتماعي للنيل من بنت رجب. تلك الحسابات التي أنشأها حين كان وزيراً للإعلام، مع مكافآت شهرية للقائمين عليها، حيث لا تزال هذه المكافآت مستمرة. وبشكل عام ليس فواز وحده من يدير شبكة من حسابات تويترية تعمل معه، معظم أفراد العائلة الحكمة كذلك.
ليست هناك معلومات دقيقة إلى أين يراد لهذه الحملة أن تصل. قد تكون مجرد إثارات لهز صورة الوزيرة التي ارتبطت عند الشارع الموالي بالدفاع عن البحرين، وقد تكون صعقة كهرباء أخرى من وزير الديوان لبنت "شبّر ومرهون" التي تجرأت على شبكة السيادة بالتواصل مع الملك من دون نافذته، وقد تكون خطوة لما هو أبعد.
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة