التعليق السياسي: بيان وزارة الداخلية موجه ضد مرجعية السيد السيستاني
2014-04-24 - 4:41 ص
مرآة البحرين (خاص): هل احترمت وزارة الداخلية في بيانها، مرجعية السيد السيستاني التي هي اليوم تمثل أعلى المرجعيات الشيعية التي لها مكانتها المتفردة على مستوى العالم. الجواب، قطعاً لا.
إن فحوى بيان وزارة الداخلية، إدانة لهذه المرجعية، كأنها تطلب منها أن تقدم طلباً رسميا لوزارة الداخلية لتعيين ممثل لها في البحرين، وكأن هذه المرجعية وكالة أنباء أو شركة تريد أن تعين لها مراسلاً أو تفتح مكتباً تجاريا.إن تقاليد المرجعية الضاربة في التاريخ، تعد جزءا من أعراف الطائفة التي يفرض القانون المحلي والدولي والإنساني احترامها.
المرجعية الشيعية مرجعية روحية وفقهية والحرب مع ممثليها يعني الحرب ضد المراجع الروحية، ووضع كل رجال الدين من أصحاب الوكاﻻت الشرعية في قائمة اﻻستهداف. كما إن بيان الداخلية يمثل إهانة لمرجعية النجف، وإهانة لحكومة العراق التي رفضت نفي نجاتي لها؛ لما يشكله ذلك من تعريض بكرامة العراقيين شعبا وحكومة.
يقول بيان الداخلية "إن العمل كوكيل رسمي لأي جهة يتطلب خطابا رسميا يحدد المسئوليات والنشاطات المنوي القيام بها وبطبيعة الحال فإنه يتم دراسة ذلك من قبل الجهات المختصة بالدولة والتي لها الكلمة النهائية في هذا الشأن".
المرجعية الدينية، ليست أى جهة، هي جهة الطائفة الدينية، والطوائف الدينية تسبق القانون، لذلك القانون يحترمها ويقدم لها خدماته في الحماية والاحترام والتنظيم، ويخضع لخصوصياتها الداخلية. كيف والطائفة الشيعية هنا في هذه الأرض قبل أن تنشأ فكرة الدولة والقانون المنظم لشؤونها الإدارية في 1923.
الجهات المختصة في الدولة، مهمتها حماية ممثلي المرجعية الدينية لأي جهة انتموا، لأن الدولة من مهماتها حماية المواطنين ورموزهم، لا أن تتحول هذه الجهة إلى خصيم سياسي ينال من المواطنين ومن مرجعياتهم وممثليهم، كما فعلت مع الشيخ نجاتي الذي أبعد اليوم من موطنه البحرين واختار أن تكون بيروت حيث دار ضيافة مقر السيد السستاني في بيروت.
إن بيان وزارة الداخلية، يمثل وثيقة إدانة لعملها الممنهج في إهانة ممثل مرجعية السيد السيستاني، فقد قدمت خطابا يدينها من حيث أرادت أن تبرر جريمتها في حق آية الله الشيخ نجاتي، ممثل المرجعية الشيعية في البحرين، الذي أمعنت في النيل من كرامته والتضييق عليه، وبلغ الأمر أن ترهبه عبر وزير الداخلية والنائب العام طارق الحسن، بتخييره على أي الميتات يريد أن يقضي وعائلته.
يقول بيانها غير الفصيح "مارس حسين النجاتي نشاطاته بشكل غير واضح ومن غير تنسيق مع الجهات الرسمية بالبلاد وقد اتضح للجهات المعنية بأنه ممثل لسماحة السيد علي السيستاني"
كأن وزارة الداخلية اكتشفت جريمة كبرى، باكتشاف أن الشيخ (نجاتي) يمثل سماحة السيد علي السيستاني. لا ندري هل هي الوقاحة أم غياب الحصافة؟ بدل أن تسكت عن هذا التمثيل (تمثيل السيستاني) الذي يدينها، تعرضه في سياق التجريم. وبدل أن يكون هذا التمثيل مزيلاً للغموض حول أنشطة الشيخ نجاتي، تعرضه في سياق "مما يعزز الشكوك حول هوية النجاتي".
إنها لم تبعد مواطناً، بل أبعدت ممثلاً للمرجعية وممثلاً لأتباعها في وطنه، لذلك فالسؤال ليس: متى يحق للسلطة إبعاد مواطن من مواطنيها؟ بل السؤال: هل يحق للسلطة أن تبعد ممثل مرجعية دينية يمثل قطاع كبير من المواطنين، لكيدية سياسية؟
تمثيل المرجعية تماماً كتمثيل البابوية مسألة دينية تقع ضمن إدارة شؤون الطائفة التي تفرض الأعراف الدولية احترامها. وأنشطة الممثل للمرجعية تحترم طالما لا تتعارض مع أنظمة الدولة، وأنظمة الدولة لا لأمزجة المتلاعبين بالقانون من أمثال التافه طارق الحسن ووزير داخليته.
للمراجعية الدينية وممثليها المشاركة في المجال العام، فهو مجال المواطنين بمختلف طوائفهم وتخصصاتهم، وهذه المشاركة مختلفة عن ممارسة السياسة المباشرة. يعني ممثل السيستاني لا يمكنه أن يرشح كتلة سياسية في البرلمان باسم المرجعية ولا أن ينشئ حزبا باسمها، لكنه يمكنه أن يقود مبادرات اجتماعية ودينية وثقافية في المجال العام.
لقد كانت ممارسات الشيخ نجاتي طوال السنوات العشر الماضية شاهدة على حيوية مبادراته في المجال العام حيث عاش في مدينة المحرق المعروفة بتعدديتها الطائفية والثقافية والعرقية.