افتتاحية مرآة البحرين: 14 أغسطس.. استقلال الولاء
2011-08-14 - 11:02 ص
مرآة البحرين: الاستقلال هو يوم تأسيسي، ليس في ذاكرة الناس فقط، بل في طبيعة الدولة وشخصيتها الاعتبارية أيضا، يطرح يوم الاستقلال14 أغسطس، سؤال استقلال الولاء، والطلب الملح الذي لم تحققه الدولة في هذا اليوم، وظلت تغيّبه وتغيّب هذا اليوم وتاريخه من ذاكرتها وذاكرة الناس، الطلب هو إنشاء إرادة للدولة مستقلة عن إرادة الأشخاص والعوائل والقبائل. ويكون الولاء لهذه الإرادة المستقلة.
كانت حركة 14 فبراير، بمطالبها الوطنية التي صاغتها الجمعيات المعارضة، وسلمتها لولي العهد، حركة استقلال، تطالب باستقلال الدولة واستقلال ولائها واستقلال مقدراتها واستقلال سلطاتها الثلاث. ومرآة البحرين، في خطابها الإعلامي المنبثق من 14 فبراير الذي التزمت به، كان وما زال ملتزماً بالانتصار لفكرة الدولة المدنية المستقلة من سلطات الأشخاص ونفوذهم، وترى في الملكية الدستوية تحقيقاً لهذا الاستقلال.
إن استقلال الولاء عن جهات خارجية، وعن أشخاص أصحاب نفوذ وقوة في الدولة، هو مطلب الاستقلال، أن تستقل الدولة من تبعية أي جهة أجنبية، أجنبية على سيادتها وأجنبية على طبيعتها. القبيلة والعائلة والشخص جهات أجنبية، بالنسبة للدولة، فالدولة سلطة أكبر وليست طبيعتها شخصية ولا عائلية ولا قبيلية. ظلت الدولة تهرب من هذا اليوم، لأنه يذكر القبيلة التي ماهت نفسها مع الدولة، بضرورة منح الدولة استقلالها. لذا فالمطلب الملح اليوم في عيد الاستقلال، هو استقلال الدولة من القبيلة، وتحويلها إلى دولة مدنية حديثة، تفرض واجبها على الناس، وتطالب الناس بالولاء لها باسم هذا الواجب. للدولة المستقلة واجب علينا هو الولاء لها، والولاء يفرض علي كمواطن مجموعة قيم أخلاقية مستقلة عن أي شخص، وهي قيم الطاعة والالتزام والتضحية والدفاع والحماية، وهي قيم في الدولة الحديثة تتجاوز ساحات الحرب، إلى ساحات المدينة.
حين تكون الدولة مستعمرة من جهة أجنبية أو جماعة أو شخصية نافذة أو حزب فاسد، فالولاء للدولة يفرض علينا تحريرها، من هذه الجهة المستعمرة. من هنا تأتي أهمية المقاومة المدنية في حال استقلال الدولة عن الجيوش الغازية، وابتلائها بالاحتلال الداخلي، هذه المقاومة المدنية تهدف إلى تحرير الدولة من استيلاء إراداة الأفراد على الدولة. ويوم الاستقلال الوطني، هو المناسبة الأعظم للتذكير بأهمية هذا الاستقلال، وبشرعية المقاومة المدنية لتحقيقه.
حفلات (ولاء السيوف)، هو تشويه لفكرة استقلال الدولة، وتشويه لمفهوم الولاء المدني، وهو الولاء الذي تفرضه الحالة المدنية المستقرة والمستقلة للدولة، الولاء لا يختبر في الحرب، بقدر ما يختبر في السلم. سيوف الولاء سيوف على الدولة واستقلالها، لا سيوف للدولة وشخصيتها الاعتبارية.
لقد أشعلت السلطة المأزومة بولاء السيف حرباً حين مارس الناس مقاومتهم المدنية. واستدعت مفاهيمها البدائية للولاء في مظاهره الأكثر بداوة: رقصة العرضة، حفلات سيوف الولاء، البيعات الجماعية. وخلعت على معارضيها صفة (الخونة) لأنهم طالبوا باستقلال الدولة من القبيلة، وتحويل الولاء للرابطة المدنية التي تستحق وحدها واجب الامتثال.
كان في إمكان السلطة أن تستملك هذا اليوم، وتزيّف مفهومه، كما فعلت مع مفاهيم كثيرة (الديمقراطية، الدستور، البرلمان، المواطن، العيد الوطني، المملكة الدستوية) لكنها لم تملك الحصافة الكافية، أو الكذب الكافي لتزوير مفهوم الاستقلال أو لعلها في لحظة ما خجلت، واستمر معها الخجل حتى صار عيباً في عرفها القبلي.
للدولة حق الولاء، وباسم هذا الحق، نطالب باستقلال ولائها من أصحاب النفوذ والبشوت والفاسدين والمحتكرين. سيوف الولاء سيوف على الدولة واستقلالها، لا سيوف للدولة وشخصيتها الاعتبارية.