بيل لو: لا تحقيق للعدالة في البحرين
بيل لو - 2014-06-04 - 7:42 م
بيل لو
ترجمة مرآة البحرين
أثار التقرير الجديد الذي نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش أسئلة خطيرة حول النظام القضائي في البحرين.
فكتابة التقرير حول"تجريم المعارضة وترسيخ الإفلات من العقاب" تمت من دون السماح لكُتّابه بالدخول إلى البحرين، بعكس التقييمات الأخيرة التي نشرتها منظمة العفو الدولية ومكتب وزارة الخارجية البريطانية والكومنولث عن الوضع هناك.
إلا أن الكاتب الرئيسي جوشوا كولانجيلو - براين ذكر أن الكثير من هذه التقارير استندت إلى وثائق المحكمة والأحكام الصادرة.
ويشكل هذا الأمر في كثير من النواحي مصدر قوة، وكما قال السيد جوشوا كولانجيلو - براين في مؤتمر صحفي في لندن في 29 أيار/مايو، فإن "هذه التقارير تعتمد بشكل كبير على كلمات قضاة البحرين".
وتمثل هذه التقارير حجة مقنعة ودامغة أنه على الرغم من ادعاءات الحكومة، يبقى النظام البحريني غير مستقل وغير متوازن.
ويذكر المستند عدة قضايا؛ بعضها تاريخي وبعضها الآخر حالي، تجعله قابلًا للقراءة الواقعية.
قضية علي صقر
تعرض السيد علي للضرب حتى الموت أثناء تواجده في السجن في شهر نيسان/أبريل 2011. وكما جاء في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فإن موته كان نتيجة التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز.
وعليه، وُجّهت تهمة الاعتداء من دون نية القتل إلى الشرطيين عبد الراشد رسول بخش ومحمد إحسان مظفر، تمت إدانتهما وحكم عليهما بالسجن عشرة سنوات ليخفف الحكم إلى سنتين بعد الاستئناف.
وتظُهر تقارير المحكمة أن أحد الشرطيين ضرب السيد صقر بخرطوم مطاطي "حتى خارت قواه"، وعندها، تابع الشرطي الثاني ضرب السيد صقر. وقد قدم الشرطيان هذا الدليل بنفسهما.
فضلًا عن ذلك، بيّن تقرير الطب الشرعي الذي قدم في المحكمة أن السيد صقر كان "لديه عدد من الكدمات الحادة جدًا" التي غطت معظم جسده وأن هذه الكدمات هي التي أدت إلى موته.
وكما ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش:
"أن يكمل الشرطي مظفر ضرب علي صقر بالسلاح بعد أن تعب الشرطي بخش من ضربه يدل على أن نيته كانت أكثر من ارتكاب اعتداء بسيط لأن الكدمات الموجودة على جسد صقر تبرز ضربًا شاملًا ووحشيًا، لذا فإن استنتاج المحكمة أن المدعى عليهما لم يتصرفا بنية القتل يبدو غير مبرر".
ويذكر المدون زكريا راشد حسن العشيري أن الشرطيين نفسهما كانا قد بُرّئا من تهمة ضرب معتقل آخر حتى الموت وأنه لم يتم إدانة أحد بجريمة قتل المعتقل.
وعندما تم تخفيف حكم الشرطيين عند الإستئناف، رحمتهما المحكمة مدعيةً أنهما "كانا يحافظان على حياة" الرجل الذي ضرباه حتى الموت، ووصفت منظمة هيومن رايتس ووتش هذا الاستنتاج بأنه "خالٍ من المنطق".
وتسلط قضية ثانية الضوء على معاملة الصحافية نزيهة سعيد، التي شهدت تعرض متظاهر أعزل لطلق ناري أودى بحياته على يد الشرطة في شهر شباط/فبراير 2011.
فقد اعتقلت الآنسة نزيهة سعيد في شهر أيار/مايو 2011 وتدعي أنها تعرضت للتعذيب لكي توقع وهي معصوبة العينين على اعتراف بأنها كانت تعمل لصالح تلفزيون إيراني وكانت تلفق قصصًا كاذبة للإعلام.
والصحافية هي مراسلة لقناة فرانس 24 وإذاعة مونت كارلو.
بعد أن تم إطلاق سراحها، تقدمت بشكوى ووجهت اتهامًا لشرطي على الرغم من أنه تم التعرف على رجال شرطة آخرين في شكواها.
وقد تمت تبرئة الشرطي في تشرين الأول/أكتوبر 2011 على الرغم من حقيقة أن منظمة هيومن رايتس ووتش تذكر أن" الآنسة نزيهة سعيد عانت من دون شك من جروح جسدية بالغة أثناء التحقيقات".
وتختم هيومن رايتس ووتش بالقول إنه"نظرًا لمنطق المحكمة في التوصل إلى حكم، بما في ذلك تحريف التقارير الطبية والشهادة، لا يبدو أن المحكمة قد تصرفت بطريقة محايدة".
بالإضافة، يدرس تقرير هيومن رايتس ووتش الدعاوى القائمة ضد اثنين من قادة حزب الوفاق المعارض، علي سلمان وخليل المرزوق، ويجد في كلتا الحالتين أن الأدلة التي تثبت التهم ضدهما بسيطة إن لم نقل معدومة.
ومن شأن تقرير"تجريم المعارضة وترسيخ الإفلات من العقاب" أن يثير القلق في مكاتب الحكومة البريطانية وفي منظمة العفو الدولية.
في شهر نيسان/أبريل الماضي، أثنت وزارة الخارجية البريطانية على البحرين لجهودها في تطبيق الإصلاحات التي أوصت بها اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وقالت إن:
"جهود الحكومة البحرينية في تطبيق خططها للإصلاح، وخصوصًا في القطاع القضائي والأمني، مازالت توحي بأن المنحى العام فيما يتعلق بحقوق الإنسان سيكون إيجابيًا، حتى ولو استغرق تطبيق عدد من الآليات والأطر القانونية بعض الوقت ليكون لها أثر ملموس في الواقع."
وتكلمت منظمة العفو الدولية في تقييمها الأخير عن "تشجيع انفتاح الحكومة وعن وجود مؤشرات على تطور محدود نحو احترام أكبر لسيادة القانون".
كما تطرقت في بيانها العام أيضًا إلى "عدم وجود إصلاح في القضاء".
غير أن تقرير هيومن رايتس ووتش يدحض تأكيد منظمة العفو الدولية ومكتب وزارة الخارجية البريطانية والكومنولث لوجود تقدم حقيقي في البحرين.
وفي تقييمي الخاص حول الوضع القضائي في البحرين، والذي أنجزته للـ بي بي سي، استنتجت أنه:
"مع حالة التوتر المستمرة بين المعارضة والدولة، يبقى النظام القضائي البحريني مشتبهًا به كونه غير مستقل وغير متوازن.
كان السير نايجل رودلي عضوًا في فريق شريف بسيوني في اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي حققت في انتهاكات حقوق الإنسان.
وكونه مقرر الأمم المتحدة الخاص السابق المعني بالتعذيب، صرح السير رودلي لل بي بي سي: "أنا أتفق مع شريف أن النظام بأكمله يجد أن المعارضة أكثر خطورة من الإجرام الرسمي ولا أرى أي مؤشر على أن النظام قد غيرهذا الموقف".
ويصعب توقع أي نهاية قريبة للغضب والارتياب اللذين يسدان الطريق أمام المصالحة مع بقاء هذا الموقف محصنًا ومع بقاء النظام القضائي متورطًا."
لقد كتبت ذلك منذ أكثر من سنة وأجد مؤشرات صغيرة على أنه لم يتغير اي شيء.
في الواقع، في ظل القوانين الجديدة المفروضة الشديدة القسوة، وفي ظل استمرار المحاكم في فرض عقوبات قاسية وغير عادية على المتظاهرين السلميين في الوقت الذي يفلت فيه الجناة من العقاب، لم يتغير شيء في وضع المحاكم البحرينية، بل إنها أصبحت أسوأ.
ولم تستجب الحكومة البحرينية لطلب تعليقها على تقرير "تجريم المعارضة وترسيخ الإفلات من العقاب".