راني أميري: أيام مظلمة في البحرين: جزيرة سجن الأطفال وهدم المساجد

2014-06-20 - 10:10 م

راني أميري، موقع كاونتر بانش

ترجمة: مرآة البحرين

يمكن بكل سهولة- من خلال سياسة التضليل-ـ وضع جميع جوانب الصراع القائم في البحرين في إطار طائفي هذه: الأغلبية الشيعية الساحقة محكومة من قبل العائلة المالكة السنية التي تمنح الجنسية بطريقةمتميزة ومعجلة للرعايا الأجانب (السنة). وهؤلاء-من غير البحرينيين- يتم توظيفهم في قطاع الأمن لتقوية الحكم الاستبدادي وتحريف إحصاءات التركيبة السكانية للجزيرة.

وبفعله ذلك يتجنب المظالم السياسية والإجتماعية- الإقتصادية الكامنة العميقة للسكان ، وهذا بالضبط ما جعل النظام يركز بشكل أساسي على تحديد الطائفة.

معارضة حكم أسرة آل خليفة موجودة منذ فترة طويلة ولكنها اكتسبت اهتمامًا دوليًا فقط في شباط/فبراير 2011 في أعقاب ما يسمى بـ "الربيع العربي". في ذلك العام، نزل المحتجون بشكل سلمي إلى دوار اللؤلؤة في العاصمة ليطالبوا لا بإسقاط الحكومة بل بتعيين رئيس وزراء منتخب وتمثيل برلماني عادل وإبطال قوانين التجنيس ووضع دستور جديد.

إن مفهوم الحد من السلطات الواسعة لكل من الملك ورئيس وزرائه (صاحب أطول مدة حكم في العالم) أدى إلى اندلاع الإحتجاجات التي راح النظام يصفها بشكل معكوس باعتبار هذه المواقف تأليبًا للشيعة على السنة والزعم ـ بالمعنى المبطن ـ بتهديد الهيمنة الإيرانية (الشيعية) لرفاهية مواطني دول مجلس التعاون الخليجي (السنة). ولم تستحضر المعارضة أبدًا الدين ولم تشارك في مثل هذه الإشاعة المثيرة للبلبلة ولكنها تحدثت، بدلاً من ذلك، بلغة العدالة والمساواة والكرامة التي حرم منها البحرينيون من كل الطوائف.

ومنذ انتفاضة شباط/فبراير 2011، تميزت البحرين بمجالين هما: حبس الأطفال وهدم المساجد.

ولا يتلاقى تعرض الأطفال للضرب والتعذيب والسجن لفترات طويلة في سجون الكبار مع الغضب الذي ربما يتوقعه المرء، خاصة من الدولتين اللتين يفترض أن تكونا منارتين للحقوق المدنية (حليفي الملك حمد المقدامين): الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.

يسلط تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2013 تحت عنوان "الأطفال في متاهة الاضطهاد" الضوء على الجرائم التي ارتكبت ضد صغار السن في هذا البلاد.

في العامين الماضيين، تم اعتقال واحتجاز العشرات من الأطفال لأسباب تتصل بالاحتجاجات المستمرة المناهضة للحكومة في المدن والقرى البحرينية ذات الغالبية الشيعية. وفي عدد من الحالات، تعرض الأطفال، بحسب ما أوردت التقارير، للتعذيب وسوء المعاملة لإجبارهم على التوقيع على "اعترافات" يتم استخدامها بعد ذلك في المحكمة لتجريمهم وتجريم آخرين. وغالبًا ما يتم تعذيب الأطفال المعتقلين عند الاستجواب في مراكز الشرطة أو في مديرية التحقيقات الجنائية CID في العاصمة المنامة ".

وتُفصل الوثيقة أسماء وأعمار وقصص هؤلاء الأطفال.

أما مرتكبو الإنتهاكات فهم مستبعدون إلى حد كبير من العقاب. ففي تقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش في أيار/مايو 2014، تحت عنوان "تجريم المعارضة وتوطيد الإفلات من العقاب" يتناول "... توصيات لجنة تقصي الحقائق التي لاقت قبول الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ أكثر من عامين لتحرير المعارضين السلميين وتقديم المسؤولين عن الانتهاكات للمساءلة والمحاكم التي تلعب دورًا رئيسيًا في اتباع النظام السياسي القمعي في البلاد وتصدر أحكامًا بالسجن لمدد طويلة ضد المتظاهرين السلميين وفي الوقت نفسه نادرًا ما تُصدر أحكام ضد أفراد قوات الأمن عن عمليات غير قانونية، بما في ذلك في الاحتجاز، وهذا القليل تتم إدانته بعقوبات مخففة للغاية".

مقابل الغرب المتغاضي والمتجاهل للأحداث، لا يزال مجتمع حقوق الإنسان الساخط يطالب بمساءلة هذه الدولة عن الأطفال الذين قتلوا خلال الاحتجاجات. الآن، يتم القبض على الأطفال بشكل روتيني واعتقالهم لأجل غير مسمى وحرمانهم من التعليم بناء على تهم ملفقة من قبل القضاء الذي تسيطر عليه الدولة. وواحدة من هذه الحالات هي حالة فراس الصفار البالغ من العمر 15 عامًا.

أما هدم المساجد الشيعية فقد بدأ مع بداية حملة القمع التي شنتها الحكومة وبلغ عددها أكثر من 30 مسجدًا في بضعة أشهر فقط، بما في ذلك مسجد أمير محمد البربغي التاريخي الذي يرجع إلى 400 عام والذي سوي بالأرض تمامًا. وقد أورد الصحافي بيل لو في تقريره لهيئة الاذاعة البريطانية BBC الآراء المتباينة حول عملية هدم هذا المسجد على وجه الخصوص: "يقول المعارضون أن ذلك لأن مسجدًا شيعيًا في مثل هذا الموقع البارز على طريق يسلكه أفراد العائلة الحاكمة والسعوديون الذين يزورون البحرين هو مصدرٌ للإزعاج. أما الحكومة فقد ذكرت بأن المسجد كان يتعدى على ممر السلامة وكان يشكل خطرًا على حركة المرور".

وقد أرّخ مركز البحرين لحقوق الإنسان عملية الهدم المستمر للمساجد في هذه الجزيرة بالإضافة إلى سحب الجنسية وتعزيز خطاب الكراهية الطائفية. وكلها جهود تهدف إلى تحقير ومحو هوية هذا الشعب.

يتضح أن استخدام شبح الطائفية هو استخدام من جانب واحد فقط. فعائلة آل خليفة، وفي محاولة يائسة للحفاظ على عروشها، لجأت إلى سجن وتعذيب الأطفال وهدم المساجد في انتهاكات واضحة للحريات المدنية وحقوق الإنسان.

لقد تم بناء جسر الملك فهد، وهو مجرد جسر بطول 16 ميلاً يربط بين المملكة العربية السعودية والبحرين، خصيصًا بغرض الاستفادة من غزو القوات السعودية للبحرين في آذار/مارس2011 لسحق أي تمرد أو حركة إصلاح تشكل تهديدًا للنظام الملكي.

يمكن للمرء، مع القمع الحالي المفرط، أن يتوقع اليوم الذي سوف تضطر فيه هذه القوات للسير في الإتجاه المعاكس المقرر على طول الجسر: من القصور الملكية، وإلى خارج البلاد.

 

13 حزيران/يونيو 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus