أيمون ماكان: حرية الدين لمن؟

2014-08-02 - 5:34 م

 

أيمون ماكان، سوشاليست وركر

ترجمة: مرآة البحرين

في آذار/مارس 2011، سارت الدبابات السعودية إلى البحرين لإخماد الحركة الديمقراطية المطالبة بانتخابات نزيهة وحرية التعبير وبوضع حد للسجن من دون محاكمة.

أنهى السعوديون التظاهرات السلمية في دوار اللؤلؤة في وسط العاصمة المنامة، تاركين وراءهم عددًا من القتلى والمئات من الجرحى الذين تم نقلهم إلى المستشفيات، وأحيطت مداخل هذه الأخيرة بالملثمين المدججين بالسلاح الذين راحوا يعتقلون المتواجدين داخل السيارات العادية أو سيارات الإسعاف.

تم اعتقال عشرين طبيبًا بتهم "جنائية" تتضمن علاج المصابين، و"أنشطة الخيانة" بما في ذلك إجراء مقابلات تنتقد حملة القمع. وفي أيلول/سبتمبر 2012، حكمت المحاكم العسكرية في البحرين على تسعة أطباء لمدد تصل إلى خمس سنوات.

وتم طرد أكثر من ألف عامل وسجن عدد منهم بتهم محاولة تشكيل نقابات.

تم تنظيم احتجاجات أمام سفارتي السعودية والبحرين في عدد من العواصم. وقد حاول وفد من الإتحاد الدولي للصحافيين تسليم عريضة للسفارة البحرينية في بروكسل احتجاجًا على حبس الصحافيين البحرينيين، إلا أنها أوصدت الباب في وجوههم.

وخلال الذكرى السنوية الثانية لمجزرة المنامة، تجمع عدد من المعارضين البحرينيين والمتحدثين الرسميين في ماربل آرك في لندن تأييدًا لتحالف "أوقفوا الحرب" وحملة "نزع السلاح النووي". لم يكن هناك ممثلون عن الدول التي تمارس التضييق على وسائل الإعلام الاجتماعية احتجاجًا على كون معارضي التطهير العرقي وذبح الفلسطينيين لا يطبقون ذات المعايير مع البلدان المسلمة التي تنكر الديمقراطية كما يفعلون مع إسرائيل.

ومعظم الدول القمعية ذات الغالبية المسلمة - السعودية والأردن ومصر، الخ - هي دول موالية للغرب، المعسكر المؤيد لإسرائيل.

طوال فترة الأحداث في البحرين، لم تفعل الولايات المتحدة وحلفائها شيئًا غير التمتمة. والسبب واضح ، فالبحرين دولة غنية بالنفط وموطن الأسطول الخامس الذي يقوم بدوريات في الخليج وهو في حالة تأهب دائم لأي إشارة تحدي للدول التابعة للولايات المتحدة، كما أن البحرين مركز مالي مهم.

في تشرين الثاني/نوفمبر 1990، زار الرئيس جورج بوش وزوجته، باربرا، المملكة العربية السعودية برفقة عدد من نواب الكونغرس للاحتفال بعيد الشكر مع 400 ألف جندي أمريكي كانوا متمركزين حينها في البلاد. ولكن عندما علمت السلطات السعودية أن الرئيس بوش يريد أن يلقي كلمة تتعلق بعيد الشكر قبل موعد العشاء، أخبرته أنه لا يمكن حصول تلك الأشياء المسيحية على أراضيها.

احتفل بوش ومن معه بعيد الشكر على طائرة برمائية أبحرت إلى المياه الدولية قبل أن تنحني الرؤوس أو يتكسر الخبز.

ويسمح للمسيحيين بدخول المملكة العربية السعودية بتصاريح عمل مؤقتة ولكن يمنعون من أي تعبير علني عن معتقداتهم - عرض الصلبان والأناجيل والمسابح والتماثيل، وما إلى ذلك كما أنه لا توجد كنائس هناك. وموقف السعوديين هو ذاته تجاه اليهود، بل أكثر من ذلك.

ولكن عندما يتعلق الأمر بمصالح النخبة العالمية التي تدعم إسرائيل الآن، فإن حرية عبادة إله من اختيارك- وحتى الحرية نفسها- لا تساوي شيئًا.

في أيلول/سبتمبر من العام الماضي، اعتدت جبهة النصرة، التي تقاتل للإطاحة بديكتاتورية الأسد، على صيدنايا، وهي قرية مسيحية قرب دمشق. توسل السكان المحليين بالنظام وحصلوا بالتالي على الأسلحة من الجيش السوري وأخرجوا المتمردين الإسلاميين. وكانت الولايات المتحدة الآن تهدد بقصف القوات الموالية للأسد ردًا على هجوم الغاز السام الذي اتهمت واشنطن به جيش الأسد. ويعتقد مسيحيو صيدنايا، لسبب ما، أنهم قد يكونون من بين الأهداف.

وعلق مقاتل مسيحي في برنامج إخباري بريطاني بالقول " نحن أرسلنا لكم القديس بولس، وأنتم تهاجموننا في المقابل"

وأدت الوساطة الروسية إلى إلغاء القصف. ولولا ذلك لقامت الولايات المتحدة بقصف تلك القرية المسيحية لأنها حاربت المتطرفين الإسلاميين. وفي الولايات المتحدة، ندد مؤيدو الحرب الإسرائيلية على غزة بضعف أوباما في التراجع.

قبل بضع سنوات كان المسيحيون في العراق يشكلون 10 بالمئة من السكان. ولكن أكثرهم غادر البلاد. والآن هناك خطر يحدق بالمسيحيين في الموصل - بلد المسيحيين الأوائل - بعد أن أنذرتهم داعش (الدوة الإسلامية في العراق والسام أو مهما كان اسمها)-التي سيطرت على المدنية هناك-بوجوب اعتناق الإسلام أو الموت.

وقبل الغزو الأمريكي - البريطاني في عام 2003، لم يكن هناك جماعات مثل داعش في العراق أو جبهة النصرة في سوريا.

إن المعايير المزدوجة للولايات المتحدة وحلفائها، حتى وهم يغرقون المنطقة بالأسلحة، هي عنصر رئيسي في معاناة الناس من جميع الأديان. هناك طريقة واحدة للخلاص وهي حظر الأسلحة في منطقة الشرق الأوسط، وسحب المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية من الأراضي الفلسطينية، ورفع الحصار عن غزة وتفاوض الجانبين من دون شروط مسبقة.

29 تموز/يوليو2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus