» رأي
أحمد البوسطة: منطق اللامنطق (...)
أحمد البوسطة - 2011-09-13 - 3:07 م
|
أحمد البوسطة*
"لنأخذ مالكَ عبيدٍ يلجأ إلى الحيلة والعنف ليقيِّد العبد، وعبدًا يستخدم الحيلة والعنف ليكسر قيوده.. فقط خصيان جديران بالاحتقار سوف يقولان لنا إنهما متساويان أمام محكمة الأخلاق!!"
ليون تروتسكي
ليون تروتسكي
***
أخيرًا، تبيّن لهم، والقصد: (السلطة، أجهزة مخابراتها، عبيدها وماكينتها الإعلامية، المرئية والمسموعة والمقروءة) أنّ المعارضة البحرينية باختلاف انتماءاتها - بما فيها شعلة حراك شباب 14 فبراير/شباط - وبعد أن نضجت واستوي عودها (المعارضة)، هي وجماهيرها، بنسائها ورجالها، أطفالها وشيوخها، ما هم إلا مجموعة من العملاء والخونة؛ جلهم "متشيعين لعلي ضد معاوية" ..
يجري ذلك في الألفية الثالثة على أرض أوال!!، ومع أنّ السلطة وأتباعها لم يجدوا ما يدل على ذلك، اخترعوا "نبوءة العرافين" لاكتشاف هذه الحقائق الخطيرة:شعب ثلثيه أو أكثر عملاء للفرس المجوس، والصفوية وولاية الفقيه والأميركان، وربما للمرحوم الاتحاد السوفياتي!!
ما هذا البلد؟!!.. كوادره الطبية وأفضل جراحيه وصيادلته ومسعفيه وممرضيه وسائقي سيارات إسعافه وموظفي الإدارات في مستشفياته حتى عمال الاستعلامات "خونه وعملاء!!"
ما هذا البلد؟!!.. أفضل رياضيه في كرة القدم والسلة واليد وكرة الطائرة وتنس الطاولة وحاملي الأثقال وكمال الأجسام وأصحاب البطولات فيه: "عملاء وخونه"، حتى أن عرافهم صدقت نبوءته، فها هو علاء حبيل، عميل عُماني، وسيد عدنان عميل استرالي ومحمود العجمي عميل ألباني..
ما هذا البلد؟!!.. أيعقل مهندسوه، فنانوه، كتابه وصحافيوه، مسرحيوه، رساموه ونحاتوه، مثقفوه وفنيو ومهندسو البرمجة الالكترونية والـ"I.T"، مصوروه، صيادوه وسائقوه، تجاره وفقراؤه.. جلهم "عملاء وخونه!!".. يتحركون بلا قضية ولا أحد يسأل لماذا وحدهم يعتورهم الغضب؟!
أفففف، حشه، شعب جيناته تتكون من حيوان منوي غريب التكوين، وهكذا، كأنّه ليس له جذور متجذرة في أعمق أعماق تربتنا، والدليل إنه ينتمي للخارج ويستقوى به، وما بقى من "الشرفاء" في هذا الوطن، غير بضع مئات من الأشخاص، إن لم يكن عشرات يتجمعون في "ساحة الشرفاء" بـ"البسيتين".. لاحظوا، بسيتين وهي تصغير لبستان، ما يعني حتى بساتيننا لا تحمل شرف الانتماء الوطني بتربتها الخصبة ونخيلها وأشجارها ومياهها العذبة التي كانت، حيث سقطت في غفلة من الزمن في بحر الخيانة والعمالة، حتى وصلنا إلى معادلة كريهة يصبح فيها شرفاء الوطن بمقاسات: "نصف لحية والنصف الآخر دشداشة ومن والاهم في قتل إخوانهم على الهوية!!".. هذا هو الشرف الوطني وإلا .....!!
أي منطق هذا، حين تكون صورتان تحتويان على مضمونين مختلفين؛ الأولى، فيها من يحمل الورد، غصن الزيتون وراية الوطن، ويعبر عن احتجاجه سلميًا، يُتّهم بالإرهابي والخائن، والأخرى لمن يحمل السلاح وعلم تنظيم القاعدة الإرهابي، أمام سمع وبصر الحكومة، يصبح في نظرها وطني شريف ويحظى برعايتها، أو أقلها لم تستنكر أجهزتها الأمنية والمسؤولون، كبارًا وصغارًا هذا الخلط القاتل لذبح الوطن، وكذلك لم يستنكر أعضاء مجلسي الشورى والوطني ـ عدا المستقيلين ـ ومثقفو البلاط وطبالو الصحافة المحلية، أفعال الغوغائية، حتى وإن هجموا على طلاب وطالبات المدارس والجامعات والأطباء، والمعلمين والمعلمات، بل والأنكى يحرضون صبح مساء على تنظيم تجمعات وميليشيات مسلحة تنادي بقتل المزيد من المواطنين والتنكيل بهم على الهوية، والغاية أغلبيتنا تفهمها، زرع الكراهية في مجتمعنا!!.. والذي لا نفهمه، أو عصيّ على فهمنا؛ لماذا تشجّع هذه الأجهزة في إعلامها الرسمي على الاحتراب الطائفي، ليقتل الأخ أخاه الذي جلس معه على مقعد واحد للدراسة، وتقاسم معه رغيف الخبز في أماكن العمل وفي الزيارات المتبادلة في الفرجان، أو تصاهر معه منذ مئات السنين؟!!
قبل فترة، كتب أخونا عادل المرزوق، في "مرآة البحرين"، مقال رائع عنونه بـ"ما حدا عارف شي من شي!!" شخّص فيه الحالة البحرينية وسط تعدد مصادر اتخاذ القرارات المصيرية لمعالجة الأزمة على طريقة: "مسؤول يرفع وآخر يكبس!!"، ولا حدا عارف شي من شي باللهجة اللبنانية ـ أي المشهد السياسي يتجسد من منطلق "منطق اللا منطق!!"، لكن على الغالب اختزله الشيخ أبو مُجتبى، الأمين العام لجمعية الوفاق في آخر مؤتمر صحافي له (الأربعاء الماضي) برؤية واقعية حين قال: "لا يوجد حوار سياسي بين المعارضة والنظام.. الطريق طويل ومن يرد النضال معنا فليأتِ، سننتصر وسنحقق الديمقراطية في بلدنا، لكن متى؟ أنا لا أعلم متى؟".
* كاتب بحريني
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق