براين ويتاكر: تجميل صورة الانتخابات في البحرين

2014-12-10 - 8:31 م

بريطانيا تثير الحماس فيما تلتزم الولايات المتّحدة الأمريكية الصمت

براين ويتاكر، موقع الباب

ترجمة: مرآة البحرين

في حين كان مكتب وزارة الخاريجية البريطانية، والسفير البريطاني، وعضو بريطاني في البرلمان الأوروبي ينشرون مؤخرًا تغريدات على موقع تويتر تعبّر عن حماسهم إزاء عملية تجميل صورة الانتخابات في البحرين، تلتزم الولايات المتحدة صمتًا حذرًا. إذ لم يكن هناك رسائل مُهَنّئة تشيد بـ "العملية الديمقراطية" في البحرين على الموقع الإلكتروني للسفارة الأمريكية أو حسابها على تويتر. وتَمَثّل التعليق الرسمي الوحيد لوزارة الخارجية الأمريكية على الانتخابات في إجابة على سؤال الأسبوع الفائت:

"ممم..سأضطر إلى الاطّلاع على الأمر ومن ثمّ أرد على السؤال".

وعلى الرغم من اتّهام الولايات المتّحدة غالبًا بإقامة صداقة وثيقة للغاية مع النظام البحريني، فإنّها تسبق بريطانيا بأشواط، على مستوى التّحفظ بشأن الانتخابات.

وقد تمّت مقاطعة انتخابات السبت الماضي-التي سيكون لها جولة ثانية في بعض المناطق-من قِبل أكبر تيّار معارض، أي الوفاق، بالإضافة إلى عدّة جمعيّات أخرى، ويعود السبب الأساسي لذلك إلى أنّ البرلمان المؤلّف من 40 مقعدًا لا يتمتّع إلّا بسلطة محدودة جدًّا، وأنّه تمّ تعديل الدوائر الانتخابية لصالح الأقلية السنّية (التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة). وحتّى أنّه قبل هذه الانتخابية الأخيرة المُزَيّفة، كانت دفّة النّظام الانتخابي ترجح حرمان المعارضة من الحصول على الغالبية في البرلمان.

تلقي برقية دبلوماسية أرسلتها السفارة الأمريكية إلى وزارة الخارجية في العام 1975 (وتمّ الكشف عنها الآن) بعض الضوء على الموقف الأمريكي كما تثير تساؤلات لأعضاء البرلمان الجديد.

تم تأسيس البرلمان البحريني، أي المجلس الوطني البحريني في العام 1973 بموجب الدستور الجديد. لكن الأمير حلّه بعد عامين إثر تصادمه معه. واستمر حكم البحرين من دون برلمان حتى العام 2002.

وتبرز البرقية الدّبلوماسية الأمريكية (والتي نعيد هنا نشرها كاملة) ردود الفعل على حلّ البرلمان في العام 1975.

ملخص: تبقى البحرين هادئة مع إصرار آل خليفة ووزرائهم على أن قرارهم بالتخلص من البرلمان يحظى بدعم شعبي واسع. وفي حين تصر الحكومة البحرينية على تفانيها المستمر في خدمة الدستور وحكومة ديمقراطية، يبدو أن القيادة تخطط بوضوح للّتركيز على الإصلاحات الاقتصادية والإدارية بدلًا من إنعاش الحياة الديمقراطية في الأشهر القادمة. على الرغم من ارتباط التعديل الوزاري، بشكل إجرائي، بالتحركات السياسية للنظام، إلا أنه كان أساسًا، تدبيرًا إداريًا لإعادة تنظيم فاعلية الوزارات الاقتصادية وتحسينها. وسُرّت الحكومة البحرينية بردود فعل جيرانها (فيما عدا الكويت) في حين أبدت قلقًا كبيرا من ردة فعل الولايات المتحدة على الخطوات التي قامت بها.

1.    الخط الرسمي: منذ البرقيّة التي وثّقت المحادثات مع وزير الخارجية، فقد حظينا بفرصة معرفة أغلبية الأسس المبدئية للحكومة بمعدّل مكثّف بسبب رمضان. ومن الأمير مرورًا بوزراء عامة الشعب الرئيسيين، تبقى الحكومة البحرينية ملتزمة بشدة بـ "الخط الرسمي". وكان يمكن أن يحملنا ذلك على الاعتقاد بأنّ قرار حل المجلس الوطني قرار شعبي لدى البحرينيين الذين يفكرون بطريقة صحيحة. ويخبرنا وزراء الحكومة البحرينية أن الناس يريدون على وجه السّرعة حكومة فاعلة، بمرسوم وقرارات تنفيذية لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المُلِحة، لا سيما الإسكان وارتفاع الأسعار. وأثناء إصراره أمام أحدهم أن الحكومة البحرينية تبقى وفية للدستور والديمقراطية، لا يترك الأمير ووزراؤه مجالًا للشك بأنهم ليسوا في عجلة من أمرهم للتوصل إلى بديل للمجلس الوطني الذي يزعم بأنه ذهب غير مأسوف عليه.

2.    دلالة تغيير الحكومة: يعتبر تغيير الحكومة مهمًا في الدراما السياسية إذ أنّه وفّر آلية لإطلاق الخطوات اللازمة لحل البرلمان. مع ذلك، كانت التشكيلة الوزارية الجديدة الناتجة وإعادة تنظيم مجلس الوزراء، خاليين عمليا من أي ثقل سياسي، في مقابل الثقل الإداري. وشكّل نقل وزير البلديات والزراعة ليكون وزير العدل، ونقل وزير آخر من العدل إلى العمل، وتسليم وزير العمل السابق حقيبة الاتصالات الجديدة ، ببساطة جهودًا لإيجاد المدير الأكثر فاعلية لبعض الوظائف. وكان التغيير الأكثر دلالة إعادة هيكلة الوزارات الاقتصادية، مع تشكيل وزارات جديدة للأشغال العامة والإسكان والتجارة والاقتصاد والزراعة تحت قيادة ألمع مواصب الصف الثاني في وزارتي المالية والتنمية المُثقلتين.

وما يزال هناك تكهنات عمّا إذا كان وزير العمل الكبير في السّن والمريض، المُعفى من أغلبية مسؤولياته السّابقة، سيتقاعد أو سيتم استبداله بوزير الإعلام المؤيد (أفضل اقتصادي في الحكومة) أو تسليم مهامه لوزير التنمية الشيراوي الذي كان الوجه الاقتصادي الأبرز في الحكومة لبعض الوقت.

3.    المزاج السياسي: باستثناء الإشارة إلى كون الشوارع هادئة وأن آل خليفة وزملاءهم الوزراء يبدون راضين جدًا عن أنفسهم، من الصعب، خاصة في هذه الفترة، وخصوصًا على السفارة الأمريكية، المُتَّهمة محليًا بـ"تدبير"حلّ البرلمان"، أن تطّلع بشكل كامل على ردة الفعل الشّعبية على حملة النّظام. ومن الواضح أن أشخاصًا من اليسار ليسوا مسرورين إن لم يكونوا مسجونين. ونسمع أن الجناح اليميني من الجماعة الشيعية غير راضٍ بما أنه قد تمّ اتهامه من قبل النّظام بأنه مساهم رئيسي في "فشل" التّجربة النّيابية، ولأنّه بخسارة المجلس الوطني، قد خسر كثيرًا من نفوذه على الحكومة، بعد أن كان يمتلك قاعدة لسلطة صغيرة في البيروقراطية الحديثة.

ويؤكد الأمير لي أن التّجار و"البحرينيين الصّالحين" مسرورون جدًا بحل المجلس الوطني. ويقول رئيس الوزراء إنّ سكان القرى أكّدوا له أنّهم لا يهتمون كثيرًا بشأن المجلس الوطني طالما أنّ الحكومة تلبي احتياجاتهم المعيشية؛ ويريدنا وزير الدّولة لشؤون مجلس الوزراء العُرَيّض (الذي نعي أن آل خليفة يشكون به كناقد محتمل لخطوتهم ولكنه يكون في كل حدث الآن مندمجًا في الخط السّياسي الرسمي) أن نعتقد أنّ أعضاء المجلس الوطني المعتدلين مسرورون بحلّها.

بعض الوزراء النّافذين، لا سيما الشّيخ عبد الله خالد (وزير العدل) ووزير الإعلام المؤيد ( الذي يبدو أنه يحتفظ برأي خاص مفاده أن الحكومة البحرينية بالغت في تعاملها مع اليسار)، شددوا بهدوء على الحاجة إلى العودة بسرعة إلى نوع من الإجراء الدّيمقراطي التّمثيلي.

ويبدو أن الأمير، الذي من الواضح أنه يشعر بالقوّة بعد فترة طويلة من القلق بشأن المجلس الوطني، غير مستعجل، مُفَضّلًا التّركيز على تضييق الخناق أكثر على أي منتقد للحكومة، مثل النائب اليساري السابق "المرهون"، الذي تم إسكاته في الكويت.

4.    ردة الفعل الأجنبية: سُرّت الحكومة البحرينية بالدّعم الذي حظيت به من أغلب جيرانها الخليجيين. وخصّ الأمير بالذكر المملكة العربية السّعودية وإيران، لكنه كان مُحرَجا من الاتهامات (التي نشك بأنّها دقيقة) [أنّ] المملكة العربية السّعودية مارست الضغط على البحرين للقيام بهذه الخطوة وأنّها ستدفع ثمن أغلب الأعطيات المعيشية التي ستقدمها الحكومة بدلا من الديمقراطية البرلمانية. ويعبر كل من الأمير ورئيس الوزراء عن استياء خاص من استعداد الكويت السماح لصُحُفها بتوفير منتدى للنواب البحرينيين اليساريين المنتقدين لخطوة الحكومة.

بلا استثناء، وبقلق واضح، سأل الأمير والوزراء الذين تحدثت معهم عن ردة فعل الحكومة الأمريكية. وأوضحت لهم أننا لم نقم بأي تعليق رسمي علني، ومن غير المُرَجّح أن نفعل ذلك، وأنّنا كنّا مسرورين لرؤية البحرين تُطلِق التّجربة الدّستورية والديمقراطية، ومرتاحين لإعلان الحكومة عن نيتها استكمال خطوتها. كما أوضحت أنّه لا نصيحة محددة لدينا حول كيف يجب أن تدير البحرين الأمر، وكمسألة مبدأ، لا نيّة لدينا بالتّدخل في ما يشكّل شأنًا بحرينيًا داخليًا.

 

التاريخ: 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2014

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus