كريستوفر ديفيدسون: "الخط الأحمر" لاعتقال الشيخ علي سلمان: البحرين تدخل في مرحلة جديدة

2015-02-14 - 5:21 م

كريستوفر ديفيدسون، مدونة مركز الشرق الأوسط، موقع كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية

ترجمة: مرآة البحرين

أثار اعتقال القائد البحريني المعارض الشيخ علي سلمان في 30 ديسمبر/كانون الأول 2014 دهشة الكثيرين-إذ كان يسود اعتقاد بأنّ اعتقاله يشكّل "خطًا أحمر"، في كلٍّ من السياسة الداخلية للبحرين، وعلاقاتها الدولية، لا سيّما مع أبرز حلفائها في الغرب، الولايات المتحدة وبريطانيا.

وبصفته أمينًا عامًا لجمعية الوفاق، كبرى الكتل السياسية في البحرين كما يُزعم، أصبح الشيخ علي سلمان يمثّل، نوعًا ما، رمزًا للإصلاح والتغيير، خاصّةً منذ انطلاق تظاهرات دوار اللّؤلؤة في 14 فبراير/شباط في العام 2011. وفي المطالبة بتحوّل النظام إلى ملكية دستورية ملائمة وإقامة برلمان يتمتّع بسلطة كاملة، لا يمثل كل من الشيخ علي سلمان والوفاق، حتمًا، الحركة المعارضة بأكملها. بعض ناقديهم يعتقدون، ولعّلهم محقّون في ذلك، أنّ أي شكل من أشكال الأنظمة الملكية غير مقبول الآن، نظرًا للعنف والقمع السياسي اللذين اتّسمت بهما المملكة في السنوات الأخيرة. ومن وجهة نظرهم، حتّى المرحلة الأخيرة على الأقل، كانت الوفاق، بالنتيجة، "معارضة يتحمّلها (النظام)" وبالتالي تشكّل عبئًا في حال إبرام صفقة مع المملكة في مرحلة ما في المستقبل، ربما مع إصرار الأمريكيين. ولكن لإيفاء الوفاق حقّها، فإنّ ما نجحت فيه هو المحافظة على سلمية الحركة المعارضة السائدة، غالبًا في ظل ظروفٍ قاسية، بما في ذلك مناوشاتٍ بين الشباب الذين يزدادون امتعاضًا وقوات الأمن القمعية، المؤلفة بمعظمها من مرتزقة أجانب، و-ما يثير القلق أكثر-الارتفاع الملحوظ في عدد التفجيرات المجهولة المصدر. بالإضافة إلى ذلك، نجحت الوفاق، بشكل كبير، في تعبئة الشعب البحريني، وتنظيم مسيرات حاشدة، ومؤخرًا مقاطعة جماعية للانتخابات البرلمانية.

فما الغاية من اعتقال الشيخ الآن، لا سيّما على خلفية تهم يصعب تصديقها كـ"التحريض على العنف"؟ بشكلٍ أساسي، لا بد من أن السّلطات شعرت بأنها تحتاج إلى تبرير غياب الوفاق عن البرلمان الحالي العقيم، للأطراف المحلية والخارجية،. وبالتالي ما تزال هناك صورة، خالية من الأدلة إلى حد بعيد، عن علاقات الوفاق بقوى أجنبية أو عناصر بغيضة غير محدّدة، قيد التّكوين. وقد أدّى هذا الأمر أيضًا إلى اقتحام منزل أبرز علماء الشيعة في البحرين-وهو كان يعد في السابق "خطًّا أحمر" أيضًا، وحاليًا اعتقال رئيس شورى جمعية الوفاق كذلك.

ولكن على نطاقٍ أوسع وأكثر إثارة للقلق، هناك حاجة ملحة لدى النظام البحريني، بالإضافة إلى ممولتها الرئيسية-السعودية-ليظهروا، لمجتمعاتهم السّنية "الموالية لهم"، عدم تسامحهم إزاء التعبئة السياسية للطابور الخامس المفترض، المُكون من المواطنين الشيعة. ومع كون أغلبية البحرينيين، وكذلك أغلب السّعوديين في المنطقة الشرقية، شيعة - وذلك، إجمالًا، حالة مماثلة لـ "بريطانيا العظمى" الحديثة من دون تداخل واضح للعيان بين الحركتين المعارضتين- كان اللجوء إلى الطائفية في سياسات هذه الدول استراتيجية مُعتمدة بشكل كبير من قبل الأنظمة منذ انطلاق الربيع العربي. ولكن مع الانتشار السريع والغريب الحالي لتنظيم داعش في الشمال العربي المضطرب، والتعاطف الكبير لدى المحافظين في المجتمعات السنّية في السعودية والبحرين، تشعر السلطات، بشكل واضح، بضرورة تأكيد مبادئها الصّارمة. وإنّ قيامها بذلك في هذه الفترة، قد يشعرها ببعض الراحة لأن حلفاءها الغربيين، الذين يواجه معظمهم تنظيم داعش علنًا، لن يكون أمامهم خيار في الوقت الرّاهن إلّا غض الطرف عن الأعمال العدوانية والخطيرة  للغاية للشرطة لدى شركائهم في التّحالف. ونظرًا لهذا الأمر، يمكن اعتبار اعتقال الشيخ سلمان، كما احتمال إعدام العالم الشيعي السعودي البارز الشيخ نمر النمر، نتيجتين لغياب الخطوط الحمر، وبالتّالي وسيلة تحوّلات مرحلية على المستويين الإقليمي والدولي بالنسبة للسلطات في كل من البحرين والسّعودية.

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus