» رأي
السيد بسيوني .. دخلت البحرين كبيرا وخرجت منها صغيرا
عباس المرشد - 2011-11-26 - 6:33 م
عباس المرشد*
في الأيام الأولى التي وصل فيها السيد بسيوني للبحرين كنت رهن الاعتقال، وفور إطلاق سراحي كتبت مقالا متوجسا من ظهور المحقق مليس مجددا في البحرين. اليوم وبعد الإعلان الرسمي عن تقرير اللجنة الملكية لتقصى الحقائق تتأكد تلك الهواجس ونبتعد كثيرا عن المهنية والموضوعية في التحقيق لنصل لأسوء التقارير المكتوبة في ظل أحداث سياسية تخص الربيع العربي.
كل من له خلفية في كتابة التقارير الحقوقية والسياسية وحتى الإدارية يعرف أن المطلوب في كتابة مثل هذا التقرير هو أسبوع واحد لا أكثر، وأن عدد الصفحات الكبير جدا لا يعدو أن يكون تجمعيا لمواد متوفرة على صفحات الانترنت وأن المعلومات التي أدرجت في صحفات التقرير ليست بالمعلومات الجدية، لأنها وبكل بساطة تفتقد للتدقيق والمحاسبة، فالتقرير المشار إليه في نهاية المطاف هو نسخة منقحة من روايات وزارة الداخلية التي ألفناها مرارا.
الأخطر في الموضوع أن التقرير لم يبنِ على أرضية حقوقية أو حتى سياسية بقدر ما أقيمت أسسه وقضاياه على أرضية طائفية، كشف عنها السيد بسيوني مرارا قبل صدور التقرير، فخلاصة المشكلة أن هناك انقساما طائفيا في البحرين غير محسوم، تسبب في إثارات سياسية ونتج عنها قتل طائفي مارسه الشيعة ضد السنة، لأنهم سنة هكذا بدون دليل ودون الإشارة لنوع تلك الجرائم. وهذا ليس تشهيراً أو مساء بمهنية لجنة التحقيق، فقد كرر كاتب التقرير وجود علم خاص بالجمهورية الإسلامية الشيعية وهو علم البحرين ذو 12 مثلثا لأكثر من مرة، وفي فقرة أخرى حكم المحقق من خلال شريط فيديو فقط أن منع بعض المراجعين للسلمانية كان طائفياً، بل إنه حكم ولا نعرف كيف حدث ذلك أن قتل الآسيويين من قبل المتظاهرين كان بدافع طائفي، لأنهم من أهل السنة دون الإشارة لأعمال البلطجة التي كانت سائدة أو حتى الإشارة لحيثيات تلك الحالات وتتأكد الأرضية الطائفية من خلال قراءة الفصل الخاص بالتركيبة الطائفية للبحرين ومدى استياعب المحقق بسيوني لها وحشرها دائما في مجريات الأحداث.
نعم كانت هناك أحداث طائفية وإثارات طائفية أثيرت لمحاصرة الثورة والمحتجين قام بها أفراد وجماعات ومؤسسات رسمية، فهل يستطيع السيد بسيوني إنكار ان الفصل العمالي كان على أسس طائفية قبل أن تكون سياسية وهل يستطيع إنكار أن التحريض الطائفي قام به قادة تجمع الفاتح الذي صدق السيد بسيوني رغم معاينته لمكان التجمع الأول أنه يستوعب أكثر من 120 ألف شخص.
السيد بسيوني رغم ذلك يقر في تقريره أن تحقيقات قوة الدفاع ووزارة الداخلية تحقيقات هزيلة وغير مقنعة وغير مهنية ولا تؤدي لمعرفة الجناة إذن، أين هو دور اللجنة في كشف ذلك، فإذا كان قائد قوة دفاع البحرين متواجدا وقت عملية إخلاء الدوار وأن عملية القتل المنسوبة لقواته حدثت بأمر منه وبعبارة بسيوني أن هناك أمرا باستخدام القوة المميتة، فلماذا تكون النتيجية أن القتل المشار إليه غير واضح؟
بطبيعة الحال لن نصل لملف جامعة البحرين ومستوى المهنية في تحقيق الحادثة ومعرفة الجناة الحقيقين لها، وإنما سأصل لملف الإعلام الرسمي والمحلي، وهل مارس تحريضا وبث كراهية؟ السيد بسيوني يقول إن جل ما وصلت إليه الدعاية الرسمية هو التشهير وليس التحريض، وأن الإعلام الرسمي كان مستقلا ولم يشهد تدخلا من قبل الحكومة، والدليل هو إفادة القائمين على البرامج الإعلامية نفسها أي القائمين على برنامج الراصد من معدين ومقدمين، وبرنامج سعيد الحمد. فهل عرف السيد بسيوني أن أجهزة الأمن وقبل أن تنتهي حلقة الراصد أو سعيد الحمد كانت تتواجد على أبواب الأشخاص المذاعة أسماؤهم في تلك البرامج، وهل عرف أن الاعترافات التي تبث كانت تتنزع في مراكز الشرطة وتحت التهديد لتعرض في الحلقات القادمة؟ بالطبع لم يعرف السيد بسيوني هذه الحالات لأن الشيخ فواز قال له إن الاعترافات تأتي من تلقاء نفسها أو هكذا أراد أن يقتنع. كومة هائلة من الصحافة الصفراء والمقالات ذات الكراهية نشرت في صحف الوطن والأيام وأخبار الخليج غير مقنعة أيضا! إذن أين يجد السيد بسيوني القناعة بأن كراهية ما، قد بثت في وسائل الإعلام الرسمية والمحلية؟
الجواب أن التطبيل يقبل أن تغريدة ما كتبت لبعض أولئك الكتبة، فيها ما فيها من التحريض والكراهية، وهي تغريديات غير مسئولة ومجهولة المصدر في حين أن الاعتقال والتعذيب لصحفيين معروفين والتشهير بهم في صفحات الفيس بوك وقائمة تضم أكثر من 50 شخصية لا يعد تحريضا على الكراهية، لقد ذكر السيد بسيوني أن قناة العربية كانت شريكا في بث التشهير والإساءة، فهل عرف أن تلك القناة وبمعاونة مراسلها هنا المثير للضحك، قد نشرت تلك القائمة على موقعها الرسمي ثم سحبتها بعد يومين؟
لقد وصل السيد بسيوني إلى البحرين كبيرا وخرج منها صغيرا جدا يمارس التطبيل لنظام أفضل ما فيه حديثه المتكرر عن احترام الإنسان والاعتراف بالخطأ إلا أن القتل والتعذيب يحدث والتمييز تقوم قوائمه في كل مكان وبعد ذلك فالمحتجون والمتظاهرون ينطلقون من منطلقات طائفية ولا يحسنون التصرف.
السيد بسيوني لتعذرني أن أقول إنك غير مرحب بك وأن التقرير باطل وإني أعدك برد على ما جاء في التقرير بالتحقيق والأدلة المسكتة.
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق