السيد أحمد الوداعي في حوار بعد فوز "المحافظين": استراتيجيّة جديدة للتأثير على سياسة بريطانيا تجاه البحرين
2015-05-21 - 1:48 ص
مرآة البحرين (خاص): شاهده البحرينيون وهو يوجه السؤال تلو السؤال إلى وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند. حوار جريء هادئ لمدة أحد عشر دقيقة لا يمكن أن يحصل على مثله مع مسئول صغير في بلاده.
(السيد أحمد الوداعي). كان يمكن لهذا الشاب أن يتسلّم منصباً مرموقاً في بلاده. لقد تخرّج كمهندس من المملكة المتحدة وعاد آملاً أن ينخرط في الجهود الوطنية لبناء بلاده. بدلاً من أن يجد فرصته، فقد ترك عاطلاً ثم سُجن وعذب فاضطرّ إلى الهرب بحثاً عن ملجأ آمن. ولاحقاً في هذا العام 2015 قام نظام الحكم بإسقاط جنسيته.
مصغياً كان هاموند يستمع لمجادلته له وحججه القويّة ولم يكن في كلامه ثمّة لحن. حاملاً في يده تقرير منظمة العفو الدولية الصادر حديثاً كان الوداعي يعرّي أمامه انتهازيّة حكومته. كدبلوماسي كرر هاموند تبريرات بلاده إزاء البحرين. وكصاحب قضيّة كان الوداعي يفندها أمامه واحدة واحدة. "مرآة البحرين" التقت نائب المدير التنفيذي لمنظمة (BIRD) السيد أحمد الوداعي وحاورته في ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة في المملكة المتحدة، والتي فاز فيها حزب المحافظين مجدّدا، واحتفظ فيها هاموند بحقيبة الخارجية مجددا كذلك. فيما يلي مقتطفات:
مرآة البحرين: التقيت وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قبل الانتخابات، وكان يبدو مستجيبا جدا، كيف ترى تعليقاته؟
سيد أحمد الوداعي: طريقة الوزير هاموند في التعامل كانت دبلوماسية وإيجابية. هو دبلوماسي ووزير خارجية، من البديهي أن يكون لديه قدر كاف من اللباقة. مع ذلك فإن حديثه الدبلوماسي كان مراوغا ولم يكن منطقيا بحسب تقييمي، الدفاع الذي قدمه كان ضعيفا ويركز على الأمور السطحية من دون الحديث عن التحديات الحقيقية، وقد فشل في تفنيد تقييم المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة، الأمر الذي كان في وجهة نظري هفوة من الممكن أن تستخدم ضده.
المرآة: لماذا فاز حزب المحافظين؟ وهل تؤثّر السياسة الخارجية للحزب المرشّح في تصويت الناخب البريطاني؟
الوداعي: لا أعتقد أن الناخب البريطاني يهتم بالسياسات الخارجية كثيرا. ما تفعله بريطانيا في البحرين والسعودية يهم البلد كثيرا، ولكنه لا يستحوذ على اهتمام الناخب البريطاني، ما يهم الناخب البريطاني هو أنه يحتاج حكومة قوية اقتصاديا، تنعش الاقتصاد في ظل أزمته الخانقة. يدّعي حزب المحافظين أنه رفع الاقتصاد البريطاني وجعل بريطانيا من أسرع الدول التي نمت اقتصاديا في غضون هذه الأزمة. استلم الميزانية وهي متضعضعة، وخفض الديون إلى النصف تقريبا في الخمس سنوات الماضية. البريطاني تهمه مصلحته الداخلية قبل كل شي، همومه الخاصة مقدّمة على أي هموم أخرى، وإذا رأى أن حزبا ما لديه إنجازاته على مستوى الداخل فسيختاره بالطبع.
المرآة: ماذا لو فاز حزب العمّال في الانتخابات، هل سيكون هناك فرق بالنسبة للسياسة البريطانية الخارجية تجاه البحرين والخليج؟
الوداعي: كان يمكن أن يكون هناك فارق لو تشكلت حكومة ائتلافية، لو جاء حزب العمال مثلا، بحكومة مؤتلفة مع الحزب الإسكتلندي الوطني، الذي يتبنى سياسة ليبرالية جدا. لو نجح هذا الحزب في اقتسام السلطة لكان من الممكن أن يحدث تغيير في السياسة الخارجية مثل ما حدث في السويد. الحكومات الليبرالية أسلوبها يختلف عن الحكومات اليمينية. لكن هذا الأمر أصبح في الماضي، وديفيد كاميرون على رأس المحافظين فاز بأغلبية ساحقة، هذا سينعكس بصورة سلبية على مستوى سياسة بريطانيا في الخليج. سنرى في الخمس سنوات القادمة مزيدا من عبارات أن البحرين "تسير في الطريق الصحيح" وتقوم بعمل ممتاز.
المرآة: كيف تقرأ السياسة الخارجية لحزب المحافظين تجاه أزمات البحرين والخليج، خصوصا بعد عودة القاعدة العسكرية إلى البلاد؟
الوداعي: للأسف، المحافظون بصورة عامة، وخصوصا ديفيد كاميرون حين أصبح رئيس وزراء، ركز على موضوع رئيسي وهو إقامة علاقات استراتيجية مع دول الخليج، مبنية على التسليح بصورة أكبر، لأن بريطانيا تمر بأزمة اقتصادية خانقة، وكاميرون كان يعتقد بأن أفضل طريقة لتجاوز هذه الأزمة الاقتصادية أن يكون لديه تحالف قوي جدا واستراتيجي، اقتصادي وعسكري، مع دول الخليج. ومع الأسف أيضا، لا زال هناك أشخاص في الأحزاب اليمينية والمحافظة يعتقدون أن بريطانيا لم يكن من المفروض أن تخرج من الخليج، وأن بريطانيا لا زالت تستطيع التحكم بالشرق الأوسط، وأن ترجع إلى هناك بصورة عسكرية. هذا الفكر موجود بين بعضهم، ليس هناك شيء مستغرب بأن تعود السيطرة البريطانية على المنطقة.
المرآة: 5 سنوات وأنتم تحاولون التأثير في الموقف البريطاني، هل أخفقتم؟ وما هي خطتكم للخمس سنوات القادمة؟
الوداعي: نحن في إطار رسم خطة في هذا الخصوص، مع دراسة كافة التغيرات، لازلنا في مرحلة دراسة المعطيات وبناء عليه سنرسم استراتيجتنا. أنا أؤمن بأنه يجب أن يكون هناك تواصل مع الحكومة الحالية وعقد اجتماعات مع حزب المحافظين مع الإصرار على تقييم أداء الحكومة البريطانية وتبيين الإخفاقات، والطريق الآخر هو الضغط على الحكومة من خلال الأدوات الأخرى المتاحة كالبرلمان. بريطانيا بلد ديمقراطي، فيه عدة أدوات متاحة للتأثير، أهمها البرلمان البريطاني، وصوت البحرين لا زال قويا جدا فيه، سواء من خلال الأسئلة أو عبر العرائض البرلمانية التي يقدّمها بعض النوّاب، كما أن هناك تواصلا مستمرا مع اللجنة البرلمانية المعنية بالشؤون الخارجية. هذه إحدى أهم الجهات التي سيستمر التعاون معها، ورغم أن من كان يرأسها في الفترة السابقة أحد أعضاء حزب المحافظين، لكن رأيها كان واضح جدا في انتقاد تقرير الخارجية السنوي. أنا أؤمن إيمانا مطلقا بأن مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية الموجودة والإعلام البريطاني والأجهزة القضائية في بريطانيا، يمكن أن تؤثّر على أداء الحكومة البريطانية. لا زالت الفرص جدا قوية من أجل الضغط باتجاه تغيير سياسة بريطانيا إزاء البحرين.
المرآة: هل لديكم خطة لتطوير علاقتكم بحزب المحافظين أم ستبقى المسافة كما هي؟
الوداعي: العلاقة كانت موجودة وستسمر بنسق أقوى مما مضى. لايمكن التأثير من دون التواصل مع الحزب الحاكم. فضغط الأحزاب المعارضة لايكفي.
المرآة: لماذا نرى اختلافا في السياسة الخارجية تجاه البحرين بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين بريطانيا؟
الوداعي: بالفعل، هناك تقدم ملحوظ في السياسة الخارجية الامريكية في اتجاه دعم الديمقراطيات بصورة أقوى، وفي المقابل يتراجع هذا الموقف في بريطانيا، ويتّضح أنها تدعم الدكتاتوريات بصورة جدا فاضحة. على سبيل المثال تقرير الخارجية الأمريكية السنوي يفضح البحرين، ويقول إن المشكلة في البحرين هي في الفشل في تشكيل حكومة عبر الوسائل السلمية، بينما بريطانيا في نفس العام كانت تتكلم عن إصلاحات حقيقية للنظام القضائي وتمتدح إصلاحات شكلية قامت بها الحكومة. مشكلتنا مع بريطانيا هي أن مصلحة الحكومة تعميها لدرجة أنها لا تقر بوجود مشكلة في البحرين، ودائما تتكلم عن إصلاحات وهمية، بينما أمريكا اليوم نادت علنا بإطلاق سراح نبيل رجب ما يشير إلى تغير في موقفها إذا ما قورن باعتقاله في 2012، وربما تتواصل هذه الضغوطات العلنية للإفراج عن نشطاء ومعتقلين سياسيين آخرين.
في مقابل ذلك، ترى بريطانيا أنها تنجح بهذا النوع من المشاريع. على سبيل المثال بريطانيا تدعم البحرين من أجل تطوير مفوضية السجناء ولجنة التحقيق الخاصة وعدة أدوات إجرائية شكلية في القضاء وغيرها، هم يدعون أنهم يدربون أعضاء في الحكومة البحرينية على تطبيق ذلك بنجاح، وفي مقابل ذلك تستفيد بريطانيا استفادة كاملة من البحرين، بحيث أنّها تحصل على أي شيء تطلبه سواء على مستوى إنشاء قاعدة بريطانية أو على مستوى شراء أسلحة للبحرين أو لدول الخليج، حتى وإن كانت هذه الدول لا تحتاجها. السعودية في 2014 كانت تعتبر أكثر بلد اشترى أسلحة في العالم. هذا كله يعطيك مؤشرات أن الدول التي تقوم سياستها على بيع السلاح أو بناء التحالفات العسكرية، تدعم الأنظمة الاستبدادية بصورة صارخة. المصالح تختلف بين الولايات المتحدة وبريطانيا من ناحية أن من ضمن أجندة واشنطن الإصلاح الديمقراطي، أما بريطانيا فتقول بوضوح أنها تتعامل مع النظام البحريني، وتصل إلى إنجازات معه بصورة هادئة، وإنّها لا تحتاج إلى الاختلاف الدبلوماسي علنا، ولن تصرخ بصورة علنية، وستبقى تعمل وتثير هذه القضايا كما تدّعي من خلال الأبواب المغلقة.
المرآة: ما هي رسالتكم للسيد كاميرون بعد تولي رئاسة الحكومة مجددا؟
الوداعي: النظر إلى المصالح المؤقتة لن يخدم بريطانيا على المدى الطويل، والمنطقة مقبلة على تغيير محتم، يمكن لبريطانيا أن تلعب دورا إيجابيا من أجل هذا التغير بدل الدعم المطلق للحكومات الاستبدادية.
- 2018-11-21الفائزة بجائزة منظمة التعليم الدولية جليلة السلمان: سياسات التربية منذ 2011 هي السبب الأكبر وراء تقاعد المعلمين!
- 2018-05-17الموسيقي البحريني محمد جواد يفكّ لغز "القيثارة الدلمونية" وينال براءة اختراعها
- 2017-10-03مترجمات «ما بعد الشيوخ» في حوار مع «مرآة البحرين»: كان الهدف أن نترجم ثقل الكتاب!
- 2017-10-03«مركز أوال للدراسات والتوثيق» في حوار مع «المرآة»: كتاب «ما بعد الشيوخ» طبع 6 مرات رغم تزوير الترجمة من جهات أخرى
- 2017-10-03فؤاد الخوري ليس كأيّ كتاب... مروة حيدر: رسالة "دعوة للضحك" وصلت… أنا مترجمة تبتسم!