"مرآة البحرين" تنشر النص الكامل لمرافعة الشيخ علي سلمان التي منعت: إلى الملك… لا عزة لك إلا بالشعب

2015-05-21 - 9:56 م

مرآة البحرين (خاص): دعا زعيم جمعية "الوفاق" الوطني الإسلامية المعارضة الشيخ علي سلمان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة وعائلته العودة إلى الشعب لتخليص البلاد من أزمتها.

وقال في مرافعة دفاعية مطولة كان من المقرر أن يلقيها أمام المحكمة الأربعاء 20 مايو/ أيار 2015 إلا أن القاضي منعه من ذلك "جربنا الروح الفاعلة والمبدعة التي تنتج من التوافق في 2001 لكنها كانت سنة يتيمة.. ولو استمرّت لجنبنا البحرين من الأزمة السياسية والأمنية الراهنة".

وأضاف سلمان في المرافعة التي حصلت "مرآة البحرين" على نسخة منها وتنشرها كاملة "من هذه القاعة أدعو ملك البلاد أن يعود للشعب كما عاد له في سنة 2001 فالحاكم عزيز وكريم ومحترم بشعبه"، على حد تعبيره.

كما خاطب أيضاً في هذا السياق "الأسر والقبائل وفي مقدمتها بيت الملك من أجل الإسراع في الاتفاق والمساهمة في إحداث تحول في البلاد".

ورفضت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة التي عقدت برئاسة القاضي علي خليفة الظهراني وعضوية القاضيين محمد جمال عوض وحمد بن سلمان آل خليفة وسط إجراءات أمنية مشددة، الاستماع لمرافعة سلمان رغم أن الجلسة كانت مقررة للمرافعة الختامية. وهو الأمر الذي اعتبرته هيئة الدفاع "اغتيالا لحق الدفاع وسابقة غير معهودة".

ويواجه سلمان أربع تهم بينها "الترويج لقلب وتغيير النظام السياسي بالقوة". وجاء في المرافعة التي منع من إلقائها"أنا مع تطوير النظام لملكية دستورية ولم أطالب بإسقاط النظام أو أسع لذلك في أي يوم من الأيام".

وأضاف "قدمت النصيحة الصادقة حول المشاكل التي تعاني منها البلاد إلى كبار المسئولين وفي مقدمتهم الملك منذ سنة 2001"، مستدركاً "لكن على الرغم مما سمعته من تفهم لهذه المشاكل ووعود حلها إلا أن الواقع أخذ اتجاها آخر"، وفق تعبيره.

ورأى سلمان بأن "المسؤوليات التي منحها دستور 2002 للملك كشفت غياب الدولة الحديثة كما أن احتكار السلطة ولد مشاكل لا حصر لها".

وأوضح "البحرين الدولة الوحيدة - عدا الكيان الصهيوني- التي تقوم بتجنيس غير المواطنين كنوع من المغالبة السياسية لمواطنيها".

وشدد على أنه "لابد من توافق على إصلاح سياسي يمكن شعب البحرين من تحقيق التداول السلمي للسلطة"، لافتا إلى أنه "من غير المعيب أن نستعين بالأمم المتحدة في سبيل الوصول إلى هذا الحل الوطني لخبرتها في مساعدة الكثير من الشعوب على التحول السياسي السلمي والآمن". وقال "نحن نؤمن أن هذا التحول لا يتم بالقوة لكن أيضاً لا يمكن وقفه بالقوة"، وفق تعبيره.

وشهدت جلسة المحكمة في بدايتها طلب النيابة العامة "إنزال أقصى عقوبة" في حق سلمان. ثم باشر الأخير بإلقاء مرافعته إلا أن القاضي علي خليفة الظهراني خاطبه منفعلاً "بلا سرد تاريخي ولا مقدمات إدخل في موضوعك"، ليرد سلمان "أنا مُتّهم بهذا والمحكمة لا تريد سماعي". وقرر القاضي رفع الجلسة التي لم تستمر غير نصف ساعة للنُطق بالحُكم في 16 يونيو/ حزيران المقبل.

واعتبر سلمان في مرافعته التي كانت تتألف من مائتين وخمسين صفحة قبل أن يجري تقليصها إلى صفحات قليلة للتمكن من تلاوتها في جلسة المرافعة في حين أودع الأصل لدى هيئة المحكمة بأن محاكمته تمثل "انتقاماً لرفضه الموافقة على وثيقة الأعيان" ودعوته مع بقية القوى الوطنية لـ"مقاطعة الانتخابات الصورية التي عقدت في 2014".

وألقى باللائمة على من أسماهم بـ"المتشددين في الحكم الذين قادوا الآلاف إلى المعتقلات وأرادوا هذه المحاكمة"، وفق تعبيره.

ووصف سلمان محاكمته بأنها "كيدية" و"فاقدة لعناصر المحاكمة العادلة". وقال "أرفع صوتي عالياً لأقرر حرماني من الحصول على ضمانات المحاكمة العادلة من قبل هذه المحكمة". وأوضح "رغم أن الاتهامات تدور حول خطب ألقيتها فقد منعت المحكمة عرض البينات والأدلة من الخطب لنفي التهم".

وأضاف بأن "سماع خطبة واحدة فقط سيكشف الحلقات الضعيفة التي نسجت عليها القضية الكيدية ضدي". وتابع في نفس السياق "الوصول إلى الحقيقة يقتضي تمكين هيئة الدفاع من عرض بياناتها لا حرمانها من هذا الحق".

واعتبرت هيئة الدفاع في مؤتمر صحافي أمس بأن "استهداف سلمان لعمله السياسي أمر ثابت"، مشيرة إلى أن "طلبات الدفاع قوبلت بغضب شديد لم نعتده من القضاء". وقالت إن "قرار المحكمة كان صادماً ومفاجئاً إذ لم يسمح لسلمان بالحديث ولا لهيئة الدفاع بتقديم مرافعتها".

وتطرق سلمان في المرافعة التي منع إلقاءها إلى "القطع المتعمد لعبارات قيلت في خطبه بقصد حرفها عن معانيها"، مؤكداً بأن الاتهامات الموجهة له "تنطبق على بسيوني وتقارير وزارات الخارجية الأمريكية والبريطانية والمفوض السامي ومقرري الأمم المتحدة".

وقال إنه قدم مرافعة مكتوبة للمحكمة تبين "بأكثر من 30 دليلاً الاجتزاء والقطع المتعمد والمقصود للعبارات من خطبي".

وجدد سلمان دعوته إلى المجتمع الدولي "مساعدة البحرين على التحول نحو الحكم الرشيد". كما طالب بـ"الاستمرار في الحراك الشعبي السلمي للمطالبة بالحقوق العادلة والمشروعة".

ورأى بأن "مطالب شعب البحرين ستتحقق اليوم أو غداً وما أتمنى وأسعى له هو أن تتحقق عبر التوافق"، على ما عبر.

وختم مرافعته قائلاً "إنني ماض مع شعبي في إكمال مسيرة النضال السلمي للوصول إلى الحرية والمساواة".

وكان ألقي القبض على سلمان في 28 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد أن قاد مظاهرة للاحتجاج على الانتخابات التي نظمت في نوفمبر/ تشرين الثاني وقاطعتها جمعية الوفاق الوطني. ورفضت المحكمة عرض أشرطة مصورة لخطبه رغم أنها تمثل ذات الخطب التي اعتمدت عليها النيابة العامة في اتهاماته الموجهة له. كما رفضت حوالي 70 في المئة من أسئلة الدفاع الموجهة لشهود الإثبات وهم ضباط في وزارة الداخلية.

فيما يلي تنشر "مرآة البحرين" النص الكامل للمرافعة:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾

بما أن التهم الموجهة لي تعتمد على الخطاب الذي ألقيته، والمتعلق بالأوضاع السياسية في البلاد، فإن قضيتي لا تنفك عن واقعنا السياسي الذي يصدر خطابي للتفاعل معه ومعالجته.

﴿إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيَ إِلاّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾

التشخيص الواقعي ضرورة

إن تشخيص الواقع على حقيقته مهما كان مراً وقاسياً، فإنه ضرورة للمعالجة، فبدون هذا التشخيص ستتعذر المعالجة.

ولذا وضعت مرافعتي في مقدمة وثمانية أبواب وخاتمة، أشير إليها مختصراً تاركاً التفصيل إلى المرافعة المكتوبة، وإلى المحامين المحترمين في مرافعاتهم الشفوية والكتابية.

نبذة تاريخية:

قام أهل البحرين بهبات وانتفاضات وثورات سنة 1919-1923-1938-1954-1965-1971-1972-1994 قبل الوصول إلى الحراك الشعبي الحالي في 2011.

وكانت جل هذه الهبات والحركات الشعبية تطالب بحق الشعب في المشاركة في إدارة شئونه العامة، ومع الرفض المتكرر، تتجدد هذه المطالبة كما حدث في 14 فبراير 2011 متناغمة مع انطلاق الحركات الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة في شرق وغرب عالمنا العربي.

وقد طالب شعب البحرين بما يطالب به أي إنسان سوي من الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والحكم الديمقراطي الرشيد ضمن ملكية دستورية ديمقراطية كما بشر ميثاق العمل الوطني.

وقد تمسك المطالبون بالإصلاح بالأطر السلمية ومبدأ اللا عنف في نضالهم، وخروج البعض من القلة تحت أي مسمى أو مبرر عن مبدأ السلمية، لا يغير من الحقيقة أن الغالبية العظمى من المطالبين بالإصلاح مارسوا المطالبة بطرق سلمية ومشروعة وفق المعايير والمواثيق الدولية التي وقعت عليها البحرين وأصبحت جزءا من منظومتنا القانونية الملزمة وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، كما قرر ذلك تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق برئاسة البروفيسور محمود شريف بسيوني وهذا التقرير قرر بشكل واضح أن التحرك في 14 فبراير 2011 وما بعده هو تحرك شعبي بحريني وطني خالص وأن ليس لإيران أو غيرها دخل فيه كما قرر مشروعية هذا التحرك ومشروعية المطالب التي يطالب بها المتحركون.

2. إن المشكلة التي تعانيها البلاد حسب ما أرى هي مشكلة تقليدية عانت منها مختلف الشعوب بدون استثناء وقد عالجتها الشعوب بطرق مختلفة، حتى وصلت إلى الاستقرار الحقيقي وإنشاء دولة الإنسان والحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية والحكم الرشيد وهذه المشكلة هي "احتكار السلطة" من قبل فئة محدودة، وحرمان الشعب من حقه في التداول السلمي للسلطة، وهي مشكلة أينما وجدت وجد معها الاضطراب السياسي والأمني والاقتصادي بغض النظر عن أن هذا الشعب الذي يعاني من هذه المشكلة شعب له دين سماوي أو ليس له دين وسواء كان مسيحيًا أم مسلمًا.

فاحتكار السلطة منبع المشاكل الأخرى في البلاد، وجذر لها، وباستعراض واقعنا السياسي والتاريخي المعاصر وبالرجوع إلى دستور 2002 غير المتوافق عليه يتبين أن نظامنا السياسي يجمع السلطة التشريعية والتنفيذية في فرد واحد مما يتناقض مع مبدأ فصل السلطات، كما سنكتشف بموجب النصوص الدستورية والقوانين والواقع المعاش من أنه لا يوجد دور حقيقي للإرادة الشعبية، ولا صورة واضحة لسيادة الشعب، في جميع سلطات الدولة، وأن كل المسميات والعناوين ليست سوى أشكال خالية من المضمون، أقول هذا الكلام وأنا المطلع تمام الاطلاع على واقعنا الدستوري، ومن خلال خبرتي وممارستي للعمل السياسي على مدى أكثر من عشرين عامًا في المواقع المختلفة بما فيها عضوية مجلس النواب، فمجلس النواب عاجز وقاصر عن إقرار أو إيقاف أي قانون بما لا يراه الحكم، كما هو عاجز عن مراقبة السلطة التنفيذية.

وهذه النتيجة هي ما توصل لها تقرير بسيوني في مقدماته عن الوضع السياسي في البحرين في الفصل الثاني من التقرير، والتي أشرت إلى بعض خلاصتها في المرافعة المكتوبة، وهي ما يتوصل إليه أي دارس للوضع الدستوري والقانوني بل أن الأمر من الجلاء والوضوح الذي يمكن كل شخص عادي من الوقوف على حقيقته.

وما يصدق على مجلس النواب يصدق على سائر المؤسسات والعناوين الرسمية، بل يمتد لمؤسسات المجتمع المدني.

واستعراض المسؤوليات التي منحها دستور 2002 ملك البلاد، وبتقصي حقيقة من يتولى إدارة شئون البلاد الأساسية سياسيا وتنفيذيا وأمنيا وقضائيا، وباستعراض "أخبار الدولة" سينكشف لكل ذي عقل حقيقة ما أقوله من غياب الدولة الحديثة، ما يبعدنا عن الملكية الدستورية التي وعدنا بها عند الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في 2001م.

3. قد ولدت من مشكلة احتكار السلطة مشاكل لا حصر لها، وشكلت جذراً لمعظم ما يعانيه الشعب، فمع احتكار السلطة ظهرت مشاكل عديدة أذكر منها على سبيل الاختصار :

مشكلة التمييز بين المواطنين على الخلفية القبلية والطائفية، وهي مشكلة تترك آثار إنسانية كارثية ومفجعة في المجتمع أشرت إليها بشيء من التفصيل في المرافعة المكتوبة.

مشكلة التجنيس: وهي مشكلة تختص بها البحرين فهي حسب علمي الدولة الوحيدة عدا الكيان الصهيوني التي تقوم بعملية تجنيس لغير المواطنين في مغالبة سياسية إلى مواطنيها في بلد يعد من البلدان الأعلى كثافة سكانية في العالم وفي بلد يشتكي الحكم فيه من قلة الموارد ويتذرع بقلتها في أسباب تردي الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية المقدمة لمواطنيه.

الفشل في تنويع مصادر الدخل الوطني رغم مرور أكثر من 80 عامًا على اكتشاف النفط وتصديره فهو لا يزال يشكل أكثر من 86% من موارد الميزانية العامة للدولة سنة 2014.

الفشل في زيادة دخل الفرد والمواطن البحريني وعدم عدالة التوزيع للثروة بين المواطنين، فتآكلت الطبقة الوسطى التي وجدت في السبعينات والثمانينات لصالح طبقة واسعة من محدودي الدخل ( الفقراء ) وطبقة قليلة من فاحشي الثراء من المال العام.

زيادة الدين العام وتضخمه سنة بعد سنة حتى وصل إلى 44% من الناتج الإجمالي للبلاد، وأصبح يهدد مستقبلنا المالي خصوصا إن الاستمرار بهذه الوتيرة في الاقتراض سيؤدي إلى تجاوز الدين العام سنة 2018 نسبة 60% من الناتج الاجمالي وهذه النسبة من الدين العام تعد خطرا ماليا له تداعياته على التصنيف المالي للبلاد وعلى قدرة الاستدانة من المؤسسات المالية العالمية.

الفشل في تقديم الخدمات المتناسبة مع ثروتنا وإمكانياتنا الاقتصادية إلى المواطن في مجالات الإسكان والتعليم والصحة والمجاري والطرق.

ومن مشاكل سيطرة وهيمنة الدولة ذات التوجهات الأمنية، عدم فاعلية المجتمع المدني الحر في شتى جوانب عمل المجتمع المدني، و انتهاك حقوق الإنسان بمصادرة حق التعبير وحق التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات وإصدار تشريعات وتطبيق القوانين بشكل لا يتوافق مع المعايير الدولية، رغم مصادقة البحرين على عدد من الاتفاقيات وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

شيوع انتهاكات حقوق الإنسان التي سجل جزء منها تقرير بسيوني وتوصيات جنيف وتقارير المنظمات الحقوقية الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وتقارير عدد من وزارات الخارجية في الدول الديمقراطية.

غياب حرية الأعلام والصحافة: ويكفي أن تصنيفنا لسنة 2014 هو 178 في ذيل دول العالم، وقد رفضنا تنفيذ توصية بسيوني الداعية إلى فتح وسائل الإعلام الرسمية من تلفزيون وإذاعة إلى المعارضين، بل زدنا المضايقة عليهم أكثر فأكثر .

وفي ظل غياب حكومة منتخبة وفي ظل غياب المساءلة الحقيقية للحكومة انتشر الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، وما يتناوله تقرير الرقابة المالية النزر اليسير والقضايا العادية، لكنه يعطي صورة واضحة عن حجم الفساد المالي والإداري في الدولة. والتعدي على المال العام بتحويل الاراضي العامة إلى ملكيات خاصة بدون أن يعود ذلك على خزينة الدولة بدينار واحد طوال عقود، و الاستحواذ على السواحل العامة حتى قال تقرير مكنزي إن المتوفر من السواحل العامة هو 3%.

وقد انتشر الفقر النسبي في البحرين، فأغلب أسر البحرين هي أسر "محدودة الدخل"، كما انتشرت البطالة بين أبناء الوطن في ظل وجود عمالة أجنبية تشكل أكثر من 70% من سوق العمل في وضع غريب وشاذ في ظاهرة البطالة.

وبالرغم من كون البحرين بشعبها الأصيل واحدة من البلاد المتدينة والمعروفة بمحافظتها على إسلامها وأخلاق أهلها الحميدة إلا إن السياسة الحكومية جعلت من المنامة تتبوأ المرتبة الثانية في العالم بين مدن الخطايا حسب موقع "ليست دز" المتخصص في هذا الموضوع والذي يصدر ترتيب لمدن الخطايا في العالم.

إن مشكلة واحدة من هذه المشاكل لتوجب على كل مواطن وعلى الغيور على وطنه ومصلحة شعبه أن ينكر ذلك وأن يطالب بإصلاح هذا الواقع المزري الذي يعيشه الوطن ويعيشه المواطن فما بالك وقد اجتمعت هذه المشاكل كلها وأكثر مما يجعل السكوت والمشاركة في استمرار هذا الواقع جريمة تتنافى مع حسن المسؤولية الدينية والوطنية والأخلاقية والإنسانية.

4. أشرنا إلى الأضرار العامة التي يتحملها الوطن والمواطن من كل الاتجاهات، وهنا أذكر بعض الإجراءات التي وقعت على خصوص المطالبين بالإصلاح والمساواة والديمقراطية والعدالة.

التمييز ضدهم في الوظائف العامة العسكرية والمدنية وحرمان أبنائهم منها في كثير من الوزارات والقطاعات.

التمييز ضدهم في المنح الدراسية وفرص التعليم وتكافئ الفرص.

تعميم أسمائهم على عدد من الدول مما حرمهم من زيارة تلك الدول ومن العمل والدراسة فيها .

معاناتهم في بناء دور العبادة الخاصة بهم وفي ممارستهم لحريتهم الدينية.

انتشار البطالة لدى أبنائهم.

كما ينتشر الفقر بدرجاته النسبية والحقيقية في صفوفهم أكثر من غيرهم نتيجة لسياسة التمييز والقمع والمطاردات الأمنية لهم.

مما أوجد دائرة من الخوف والقلق تقلق حياتهم منذ ولادتهم وحتى وفاتهم وتفصيل بعض ذلك في المرافعة المكتوبة.

5. وفي سبيل ذلك، وأخذا بأمر الله سبحانه وتعالى، فقد بذلت الكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والنصيحة الصادقة إلى كبار المسئولين، وفي مقدمتهم ملك البلاد وولي عهده ووزير الديوان منذ سنة 2001 بعد رجوعي من لندن إلى آخر الأيام قبل اعتقالي.

وقد سجلت بعض هذه المناصحة في المرافعة المكتوبة ليطلع القارئ على بعض هذا الجهد، والذي كنت فيه واضحا وصادقا عبر الجلسات الخاصة، وعبر الرسائل المكتوبة، وعبر الخطاب العام عند الاقتضاء.

وقد أوضحت بما لا لبس فيه في هذه المناصحة المشاكل الأساسية التي تعاني منها البلاد وأهمها:

الحاجة إلى التوافق السياسي والتحول إلى النظام الملكي الدستوري الديمقراطي.

ضرورة التوقف عن التمييز وإشاعة المساواة بين المواطنين.

الحاجة إلى المصالحة الوطنية والعمل المشترك والتعاون لبناء الوطن بدل حالة المغالبة بين الحكم والشعب.

وقد أبديت استعدادي الكامل للتعاون في سبيل تحقيق ذلك وقمت بالخطوات العملية تلو الخطوات في هذا السبيل، ومنها المشاركة في الانتخابات البلدية سنة 2002 والنيابية والبلدية سنة 2006 وسنة 2010، والمشاركة في كل الحوارات أو اللقاءات السرية والعلنية التي ندعى إليها منذ 2011، ومحاولة إنجاح هذه اللقاءات والحوارات للوصول إلى حل يحقق تطلعات شعب البحرين.

وعلى الرغم مما سمعته من تفهم لهذه المشاكل من كبار المسئولين والنيات والوعود لحلها إلا أن الواقع أخذ اتجاهًا آخر.

ومن هذه القاعة فإني أدعو ملك البلاد أن يعود للشعب كما عاد له في سنة 2001 فالحاكم عزيز وكريم ومحترم بشعبه.

6. وأمام هذا الواقع فإن المطلب الأساسي اليوم هو حل المشكلة الأساسية وبدون إبطاء وهي مشكلة "احتكار السلطة" عبر التوافق على تطوير وإصلاح سياسي يمكن شعب البحرين من تحقيق التداول السلمي للسلطة عبر الطرق والأسس الديمقراطية المعتمدة في عالم اليوم والتي تجددها الأمم المتحدة في تعريفها إلى الديمقراطية والحكم الرشيد وجعلت ذلك أحد أهدافها الانمائية .

ومؤمنين أن هذا التحول لا يتم بالقوة، ولا يمكن أيضا وقفه بالقوة، فالواجب علينا جميعا كأبناء وطن واحد الجلوس إلى طاولة حوار حقيقي وجاد وهادف على قاعدة المساواة في الإنسانية وكأبناء وطن واحد تجمعنا المواطنة المتساوية للبحث في أفضل السبل لإنقاذ وطننا من دائرة الأزمات التي يعيش فيها منذ عقود والتي اشتدت منذ سنة 2011، والعمل على إيجاد حلنا الوطني المعبر عن احترامنا لبعضنا البعض والمعبر عن تحقيق مصلحتنا المشتركة والمدعم لوحدتنا الوطنية وسلمنا الأهلي في ضوء الدولة المدنية الحديثة والمعتمدة على المعايير والأسس الإنسانية السائدة اليوم في دول العالم الحديث والمتحضر.

ومما يدعونا إلى الدعوة للإسراع في ذلك تحقيق مصلحة شعبنا أولا وتحقيق مصلحة وطننا ثانيا وإبعاد وطننا قدر الإمكان عن دائرة الاضطراب والتجاذب التي تعيشها المنطقة والمرشحة للاستمرار في عواصفها في العقد أو العقدين القادمين.

ومن غير المعيب أن نستعين في سبيل الوصول إلى هذا الحل الوطني بالأمم المتحدة كجهة محايدة ومساعدة لديها الخبرة عبر مؤسساتها المختلفة في مساعدة الكثير من الشعوب في التوافق على عملية تحول سياسي سلمي وآمن. إذا عجزنا عن انتاج هذا الحل بدون مساعدتها.

وإن حلنا لمشكلتنا الاساسية (احتكار السلطة ) والتحول نحو الحكم الرشيد الديمقراطي الذي يمكن الشعب فعلا من المشاركة في أدارة شئون الحكم كما بشر الميثاق بذلك سوف يساهم مساهمة كبيرة في حل المشاكل المتولدة بشكل كلي كما في مشكلة التمييز والتجنيس.

والدولة ذات التوجهات الأمنية وبشكل كبير وفاعل في سائر المشاكل المتولدة من ضعف الأداء الحكومي ومن غياب الرقابة البرلمانية والشعبية الفاعلة على الأداء الحكومي.

وقد جربنا الروح الفاعلة والمبدعة التي تنتج من التوافق والسعي نحو الديمقراطية سنة 2001 فقد دفعت تلك الروح وذلك التوافق البحرين إلى قطع أشواط كبيرة في مختلف المجالات في سنة واحدة وأصبحت البحرين بفضل تلك السنة اليتيمة محل تقدير واحترام متزايد في العالم، ولو استمرينا في التوافق وترسيخ التحول نحو الملكية الدستورية الديمقراطية لتجنيب البحرين من الأزمة السياسية والأمنية الراهنة ولكانت البحرين أفضل البلاد العربية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

وقد تقدمنا كمعارضة بعدة وثائق لتكون منطلقًا إلى مناقشة الحل السياسي المطلوب في مقدمتها وثيقة المنامة، ومرئياتنا التفصيلية لها التي قدمتها في الحوارات التي جرت بين الأعوام 2001 - 2014 هذه الرؤى والمطالب التي تتفق مع ما بشر به الميثاق وصوت عليه الشعب وبما يتناسب مع مبادئ ولي العهد المعلنة في 13 مارس 2011 وبما يلبي تطلعات الشعب بعد تحركه في 14 فبراير 2011 والتطور السياسي الذي حدث محليًا وإقليميًا ودوليًا منذ 2001 حتى الآن والتي تتلخص في :

إقامة انتخابات حرة ونزيهه تساوي بين أصوات المواطنين دون تمييز تحت إشراف هيئة وطنية مستقلة ومحايدة مع الترحيب بحضور مراقبين دوليين.

إنشاء مجلس منتخب يتولى السلطة التشريعية والرقابية كما هي البرلمانات في الملكيات الدستورية الديمقراطية بدون حق الفيتو لمجلس الشورى المعين على الإرادة التشريعية لشعب البحرين التي يمثلها المجلس المنتخب.

انتخاب حكومة تمثل الإرادة الشعبية ومنحها الثقة بنسبة يُتفق عليها في مجلس النواب المنتخب حسب الطريقة المتعارف عليها في الملكيات الديمقراطية العريقة.

تحقيق قضاء عادل ومستقل إداريًا وماليًا غير خاضع بأي شكل لنفوذ أي جهة سياسية حاكمة أو معارضة.

إشراك كافة أبناء الوطن من دون تمييز في كافة الأجهزة الأمنية والوظيفية وفي تقرير عقيدتها وسياستها وبرامجها لحماية الوطن وأهله.

التوافق على مصالحة وطنية تعوض المتضررين وتجبر جراحهم وتسمح للوطن بالانطلاق في صفحة جديدة من العمل الوطني المشترك القائم على الوحدة الوطنية والمحافظة على السلم الأهلي ومواجهة متطلبات التنمية المستدامة.

وأرى أن السعي لتحقيق هذه المطالب العادلة والمشروعة بالطرق السلمية واجب ديني ووطني وإنساني وأخلاقي لا يجوز التخلف عنه لما في ذلك من انقاذ للوطن ومواطنيه مما يعانون، ولأن هذا الإصلاح حسب ما أرى هو الطريق إلى تحقيق مصالح أبناء البحرين في الحاضر والمستقبل ,وتمكين الوطن من مواجهة متطلبات التنمية وبناء الدولة الحديثة في ظل ملكية دستورية ديمقراطية على غرار الممالك العريقة التي لا تجمع بين الملك والحكم في بيت واحد أبدا.

ولذا فإني أدعو الأسر والقبائل كلها وفي مقدمتها بيت الملك إلى الإسراع في الاتفاق والمساهمة في إحداث هذا التحول بطريقة متوافق عليها.

وأدعو إلى استمرار النضال السلمي والشعبي من البالغين والراشدين حتى يتحقق حلم الحرية والمساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

إن أفضل الطرق وأقصرها إلى تحقيق ذلك هو الحوار الجاد والصادق والقائم على حسن النوايا من الأطراف جميعهم والتمسك بالنضال السلمي الشعبي حتى بزوغ هذا الفجر.

7. أرى أن محاكمتي ما كان لها أن تبدأ ولا أن أعتقل لو تم الالتزام بالمعايير الدولية لحرية التعبير التي لم أتجاوزها، وحرية تكوين الجمعيات وحرية التجمع السلمي الذي أدعو له.

وإن محاكمتي جاءت انتقاما من أقوالي ومواقفي السياسية السلمية المطالبة بالمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.

ولمطالبتي بتطوير النظام السياسي التعددي ومطالبتي بتطبيق الملكية الدستورية الديمقراطية على غرار الممالك الديمقراطية العريقة الذي توافقنا عليها في الميثاق.

ولإصراري على أن يكون شعب البحرين صاحب السلطة التشريعية والرقابية عبر مجلس منتخب بدون وصاية من مجلس الشورى له حق الفيتو على الإرادة التشريعية لشعب البحرين كما توافقنا في الميثاق.

ولمطالبتي بحكومة منتخبة تعبر عن إرادة شعب البحرين ورفضي أن تفرض عليه حكومة بغير اختياره.

ولمطالبتي بتطبيق المادة الأولى من الدستور الفقرة "د" حيث تقول: (نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي السيادة فيه للشعب مصدر السلطات جميعًا)

ولرفضي الموافقة على ما عرف بوثيقة الأعيان لأنها تكرس الواقع القائم على تهميش الشعب وإلغاء إرادته في إدارة الشأن العام والدولة.

ولدعوتي مع بقية القوى الوطنية الديمقراطية بمقاطعة الانتخابات الصورية التي عقدت في 22/11/2014 لعدم إفرازها مجالس ذي صلاحيات حقيقية.

ولمحاولة إسكات صوت من أصوات الشعب المطالب بالحقوق العادلة والمشروعة.

ولترهيب الشخصيات والقوى الوطنية من الاعتقال والمحاكمة هو مصير من يطالب بالحقوق ولو بطريقة سلمية ومشروعة.

وللتأثير على نفسية هذا الشعب المناضل والصابر والمصر على المطالبة السلمية بحقوقه.

ولمنع التواصل بين المعارضة السلمية المطالبة بالمساواة والديمقراطية والعدالة مع المجتمع الدولي.

ولأن متشددين من الأطراف الرسمية الذين قادوا الآلاف من أبناء هذا الوطن إلى المعتقلات أرادوا هذه المحاكمة.

8. وملاحظات على شهادة شاهد الإثبات الوحيد في هذه القضية وهو نفسه مجرى التحريات

سيتولى المحامون الكرام هذا الشق من المرافعة القانونية وكلي ثقة فيما يقدمون وما ذكرته في ردي على التهم الأربع وشهادة شاهد الإثبات الوحيدة وردي هنا مكمل بسيط لجهدكم المشكور.

التهمة الأولى: التحبيذ والترويح لتغيير نظام الحكم بالقوة وبطرق غير مشروعة والتهديد باستخدام القوة.

أقول أنني مع إصلاح النظام وتطويره إلى الملكية الدستورية الديمقراطية العريقة ولم أطالب بإسقاط النظام ولم أسع له في يوم من الأيام.

كما أنني مع الخيار السلمي كطريق وحيد من أجل النضال للوصول إلى مطالبنا العادلة والمشروعة وقد أدنت العنف بصوره وأشكاله كلها سواء من السلطة أو من جهات أهلية أو مجهولة انسجاما مع مبدأ اللاعنف الذي تبنيته في العمل السياسي منذ سنة 1992 وأكدت عليه في آخر خطاب لي قبل اعتقالي بيوم واحد.

ولم أجد في ما قدمه الشاهد ومن ثم النيابة دليل على هذه الدعوة وما استخدم من كلمات مقطعة من سياقها وما أعطيت بعض العبارات من معانٍ لا تتضمنها فإن الخطب نفسها إذا استمع لها أي منصف فإنها تحمل التأكيد على نقيض الاتهام بدرجة 180 درجة فهي تصلح شواهد على التمسك بالسلمية وللمطالبة بالإصلاح لا على ما ادعاه الشاهد كما هي أوضح وأشمل وأدق في مرافعة هيئة الدفاع الكريمة.

وإنني أرفع صوتي عالياً لأقرر حرماني من الحصول على ضمانات المحاكمة العادلة من قبل هذه المحكمة، ومن بينها تمكيني من ممارسة حق الدفاع، و تقديم ما ينفي الاتهامات، فرغم أن الاتهامات تدور حول خطب ألقيتها، فقد منعت المحكمة، ومن دون مبرر مفهوم، عرض البينات والأدلة من الخطب التي تنفي التهم، وتثبت عكس ما تدعيه النيابة العامة، لأن سماع خطبة واحدة فقط يمكن أن يكشف الحلقات الضعيفة التي نُسجت عليها القضية الكيدية ضدي، وأن غاية الوصول إلى الحقيقة تقتضي تمكين هيئة الدفاع من عرض بياناتها، لا حرمانها من هذا الحق، الذي بتجاوزه إنما تكون المحاكمة فاقدة لعناصر المحاكمة العادلة.

أما بشأن التهمة الثانية: التحريض على بغض طائفة من الناس في إشارة إلى مكتسبي الجنسية البحرينية

فأقول إن خطابي طوال عشرين سنة وأكثر لم يحمل إلا الاحترام والمحبة لكل مواطنين البحرين والمقيمين في ما اتفقت معهم في الموقف السياسي أو اختلفت أو حديثي عن التجنيس لم يخرج عن الاحترام للمجنس وان اختلفت مع سياسة التجنيس كمعظم المواطنين.

ولعله من المثير جداً أن يفسر رفضي للأساليب غير الإنسانية لمعالجة مشكلة التجنيس، كما حصل في بعض الدول، والمطالبة بالمعالجات الإنسانية، على أنها تحريض على هذه الطائفة من المواطنين، في حين أن ما يكال ضد المعارضة الوطنية، وضد طائفة من المواطنين، من خطاب مفعم بالكراهية في وسائل الإعلام لا يمثل تحريضاً على الكراهية، ولا يتطلب تحريكاً للجراءات القانونية، في تطبيق غير متكافئ للقانون.

التهمة الثالثة: التحريض على عدم الانقياد للقوانين بالدعوة إلى المسيرات ودعوة أعضاء المجلس العلمائي إلى الاستمرار في عملهم الديني.

إن القانون الواجب اتباعه في موضوع التهمة وهي المسيرات يشمل القانون الدولي بما له من سمو على القانون المحلي إذا تعارضا، وذلك قول لم أبتدعه أنا، وإنما قرره رئيس محكمة التمييز رئيس المجلس الأعلى للقضاء بالنيابة المستشار سالم الكواري.

بل إن خطاباتي لم تتعد الحقوق المنصوص عليها في القانون المحلي، على الرغم من تحفظي على عدد من القوانين المحلية، ومن ضمنها قانون تنظيم التجمعات.

إن الاتهام الموجه إلي بشأن المجلس العلمائي، هو أنني طلبت من رجال الدين إقامة صلوات الجماعة، وعقد حلقات الدرس الديني، والتواجد في المجتمع للعمل على حل مشكلات الناس، باعتبارها دعوة لمخالفة القانون، وأتوجه من هذه القاعة إلى المسلمين في أصقاع الأرض، هل من المتصور أن تكون إمامة الجماعة تحريض على الجريمة وعلى مخالفة القانون؟؟!! هذه هي تهمتي في هذه المحاكمة.

والتفاصيل والنصوص الموضحة لذلك تجدها في المرافعة المكتوبة في رد التهمة الثالثة وستتكفل هيئة الدفاع المحترمة بعرض المزيد.

التهمة الرابعة: إهانة هيئة نظامية هي وزارة الداخلية:

وأقول إن كلامي عن وزارة الداخلية أو غيرها لم يتجاوز ذكر بعض الحقائق التي لا تنكرها الوزارة نفسها فالوزارة تعترف بأن أحد منتسبيها سابقًا انتمى إلى داعش لاحقًا وأن بعض منتسبيها مارسوا الضرب حتى الموت لمعتقلين ولذا فهي تقدمهم إلى المحاكمة وأصدرت في حقهم أحكام إدانة وإن كانت مخففة إلا أنها كافية لتأكيد كلامي عن وجود سوء معاملة للسجناء.

وكذلك عندما تقدم وزارة الداخلية وتجري تحقيقات حول استخدام بعض جنودها للقوة المفرطة وتحيل البعض منهم إلى النيابة ومن ثم تصدر أحكامًا على بعضهم لهو دليل على صحة كلامي بأن وزارة الداخلية عبر بعض جنودها استخدمت القوة المفرطة وغير الضرورية وغير المتناسبة مع الموت وما قلته في شأن الوزارة لم يكن إلا النزر اليسير مما قاله تقرير اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق برئاسة البروفسور محمود شريف بسيوني الذي صدّق عليه الملك وقبل بما فيه ووعد بتنفيذ توصياته.

وإن الاتهام الموجه إلي ينطبق على السيد بسيوني و تقارير وزارات الخارجية الأمريكية والبريطانية و المنظمات الحقوقية، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمقررين الخاصين بالأمم المتحدة، فجميعهم ذكروا نقداً لوزارة الداخلية، وهو ذات ما قلته في خطبي، فهل من حكيم يقبل ذلك؟؟!!.

وقد ذكرت فيضًا من غيض مما قاله تقرير السيد بسيوني عن تجاوزات وزارة الداخلية فيرجى مراجعتها والوقوف على تفصيلها في المرافعة المكتوبة ليتأكد القارئ أن كلامي لم يكن سوى الشيء البسيط مما ذكره بسيوني وأقره الملك والدولة.

وفي ردي على شهادة شاهد الإثبات الوحيد ومعد محضر التحريات في شهادته التي أدلى بها في النيابة العامة في 17/1/2015م ذكرت أكثر من ثلاثين ملاحظة تبين بالدليل التجني والكيد الواضح والصريح في هذه الشهادة، التي تقوم على الاجتزاء والقطع المتعمد والمقصود للعبارات وفصلها عن سياقها الذي قيلت فيه، على طريقة "ولا تقربوا الصلاة "وحذف "وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" ليتغير المعنى 180 درجة، كما فعل في حذف كلمة "لا" متعمداً من عبارات "أنا أتكلم عن القوة العسكرية" في خطبة 15/أكتوبر /2014م، وليغيرها أكبر دليل على دعوتي لاستخدام القوة العسكرية والتهديد بها، وهكذا فعل في عبارة "رد الصاع صاعين "وفي عبارة أن الخيار العسكري كان مطروحاً ولازال مطروحاً، وفي عبارة عرض علينا أن ننتهج نهج المعارضة السورية.

فقطع عبارة رد الصاع صاعين عن معناها الذي قيلت فيه بالنص وأن رد الصاع صاعين هو بالتواجد في المسيرات السلمية للمطالبة بحقوقنا العادلة والمشروعة .

وقطع عبارة أن الخيار العسكري كان مطروحًا كما يسبقها وما يليها من أننا رفضنا ذلك، بقيادة الشيخ عيسى وأصرينا على الخيار السلمي.

وكذلك رفضنا لمن طرح علينا أن تحذو حذو المعارضة السورية باللجوء إلى الخيار العسكري وتمسكنا بالخيار السلمي فتعهد تغير المعاني بهذا القطع والإجتزاز 180 درجة.

وهذه أهم الدعاوي المرتكزة على دعوة إسقاط النظام والتهديد بوسائل القوة.

3/ تحميل بعض العبارات المجتزأة والعامة ما لا تحتمله من التفسير والتأويل البعيد تماماً، كعبارة "التغير" في كلمتي في اعتصام سترة بتاريخ 3 مايو 2013م أنها تعني إسقاط النظام على خلاف سياقها الواضح في المطالبة بالتغيير والإصلاح .

4/ اختلاق اتهامات باطلة ونسبتها لي لم ترد في أي خطاب لي بل في خطابي عكس ذلك 180درجة (كالمطالبة بالجمهورية الإسلامية) أو دعمي للمسيرات التي سماها استعراضات عسكرية.

5/ ادعاء الشاهد معرفته ما في نفسي وضميري خلاف منطوق كلامي.

6/ كما أن الشاهد ينطلق في كلامه من منطلق أن تحرك الشعب السلمي في 14 فبراير 2011م واستمراره ما هو إلا مؤامرة انقلابية متناسيًا اعتراف الملك وولي العهد وتقرير بسيوني والدنيا كلها بهذا الحراك وأنه حراك سلمي مطلبي مشروع.

وأن مخالفة فئة قليلة لهذا الحراك العام في الأساليب لا يخرجه عن طابعة العام السلمي الذي اعترف به القاصي والداني ابتداءً من ملك البلاد.

ويضاف إلى دفاعي الذي ذكرته في مرافعتي المكتوبة:-

1/ ردي للتهم الموجهة إلي في النيابة العامة وردي على أسئلة النيابة العامة المرفقة بأوراق هذه القضية فتراجع إجابتي هناك.

2/ مداخلتي التي قدمتها شفاهيًا في الجلسة الأولى وثم قدمتها مكتوبة وموقع عليها في الجلسة الثانية.

ختاماً أقول..

إننا لا نعيش اليوم في جزيرة معزولة فالعالم أصبح قرية صغيرة وعلى المجتمع الدولي أن يساند البحرين ويساعدها حكومةً وشعبًا في التحول نحو الحكم الرشيد وتحقيق المساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

وأجدد الدعوة إلى القبائل والطوائف والمكونات السياسية جميعًا للعمل على إنجاز هذا التحول والتعاون في ذلك والتوافق على هذا التحول عبر حوار وطني صادق وجاد يقوم على أساس احترام بعضنا البعض على أساس الإنسانية المشتركة والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.

وأجدد الدعوة إلى الاستمرار في الحراك الشعبي السلمي للمطالبة بالحقوق العادلة والمشروعة والضرورية والتمسك بالمعايير والمواثيق الدولية في المطالبة بالحفاظ على وحدتنا الوطنية وسلمنا الأهلي والحفاظ على المتظاهرين ورجال الأمن من الأذى والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة وحقوق الآخرين من غير المتظاهرين.

وليكن المنطلق في عملنا وتحركنا كله هو المحبة وحمل الخير لأبناء الوطن كلهم بعيداً عن عقلية البعض والذاكرة والمصالح الخاصة وأتقدم بالشكر لكل من ساندني في قضيتي من داخل البحرين وخارجها وأتطلع لهم إلى مساندة شعب البحرين حتى يحصل على حقوقه العادلة والمشروعة وإنني لعلى قناعة تامة وراسخة من عدالة مطالب شعب البحرين في المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية ومن ضرورة تحقق هذه المطالب لمصلحة البحرين وعلى ثقة تامة بأن هذه المطالب هي سنن من سنن الله في التاريخ وأنها ستحقق اليوم أو غدًا وما أتمناه وأسعى له أن تتم هذا المطالب وتُحقق عن طريق التوافق بين جميع الأطراف عبر الحوار الوطني الصادق والجاد.

وإنني بالتوكل على الله والإخلاص له في النية والعمل لماض مع شعبي ومع الخيرين من أبناء البشرية في إكمال مسيرة النضال السلمي للوصول إلى الحرية والمساواة والعدالة والديمقراطية في البحرين من أجل أن ينعم هذا الوطن وأبنائه جميعًا بحاضر مستقر ومستقبل واعد مليئ بالطمأنينة لكل أهل البحرين وعلى الله أتوكل وبه أستعين.

ما كان لهذا الاعتقال أن يتم لو تم الالتزام بالمواثيق والمعايير التي صادقنا عليها والمتضمنة لكفالة حق حرية التعبير وفي مقدمتها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ولما استمر هذا الاعتقال حتى الآن قرابة الخمسة أشهر. أما وأنا الآن في جلسة المرافعة النهائية فأقول إن المجتمع الإنساني ممثل بالأمين العام للأمم المتحدة، وبالمفوض السامي لحقوق الإنسان وبالمنظمات الكبرى لحقوق الإنسان كمنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة هيومن رايتس فيرست وغيرها الكثير، وبالمئات من البرلمانيين الدوليين قد اطلعوا على خطابي المستخدم في هذه القضية كدليل إدانة واطلعوا على الاتهامات الموجه إلي وقد أصدروا حكمهم واتفقوا على قول واحد واضح وصريح أن هذه الإتهامات هي اتهامات باطلة وتتنافى مع حرية التعبير المكفولة دولياً وأن علي سلمان معتقل رأي يجب الإفراج عنه فوراً وإسقاط التهم الموجه إليه.

هذا هو حكم المجتمع الدولي والإنساني بناء على اطلاع ومعرفة والوقوف على الإتهامات وما سيق من أدلة.

اللهم اجعل هذا البلد آمنًا وارزق أهله من الثمرات والخيرات وألف بين قلوبهم واجمعهم على الخير والمحبة والهدى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

علي سلمان

 


اقرأ أيضا
المزيد...
التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus