في ضيافة عائلة مهدي أبوديب: من رمى قلب "أم مهدي" بحجر؟!

2011-12-21 - 8:23 ص



هكذا تزين أم مهدي عباءتها في الفعاليات السياسية  

كتبت- بتول السيد:

مرآة البحرين (خاص): في بيت والدة مهدي أبوديب "رئيس جمعية المعلمين البحرينية" بمدينة عيسى .. القصة بدأت من النافذة وانتهت بكسر الباب .. الراوي الرئيسي هو الخال إبراهيم المهنا .. والمستمعون: أنا "عنتر بن شداد" - بحسب وصف الراوي مازحاً - وأخوان اثنان هما الخالان محسن وسعيد، وأخوات ثلاث هن: سعدية، "أم علي"، و"أم سيد محمد"، وامرأة أخرى ترهقها القصة، فتتنهد كل حين، هامسة لنفسها: (آآآآآه ما أقدر أسمع)!

إنها (ليلى) قلب الأمومة "علمت بداية عن اعتقال أخي سعيد المهنا، بعدها أبلغت صراحة باعتقال مهدي وذلك بعد مهاجمة منزلنا 3 مرات واقتحام منازل أخوتي، حينها شعرت بحجر رمي على قلبي".
 
 ما يروي كأس بشارتها، أنها ترى مهدي في زياراته مستبشراً، وكأن شيئاً لم يكن، كما تعبر. تقول: اليوم مثلاً اتصل بي، سأل عن "الفريج" وعن الأهل والمعلمين وأخواله .. وأوصاني: "إذا رحتي المأتم سلمي على الجميع، أنا محتاج للدعاء".

"يقطع القلب، ضعيف للغاية، شكله ليس شكل مهدي، وكأن الرأس لا يركب على الجسد النحيل"! ... هكذا كانت تقول عن أولى زياراتها لمهدي في المعتقل. هذه الأم .. تعاني اكتئاباً تدرجت في الدواء من نصف حبة، فحبة واحدة، إلى حبتين اثنتين، ضغطها الآن غير منتظم وباستمرار، زاد وزنها بسبب الحبوب وسوء الحالة النفسية، وفق توصيف ابنتها.  

الجميع أفسح المجال لليلى (أم مهدي) لتأخذ بزمام الحديث، فبحسب أخوتها الثلاثة هي لم تأخذ حقها في الحديث عنه أمام الإعلام، لكنها وبرغم ذلك حريصة على حضور كل الفعاليات السياسية، مزينة عباءتها من الخلف بصورة ابنها.    

الخال إبراهيم، يمسك دفة الحديث الذي بدا مديراً له، فيقول: "ابن أختي مهدي ظلم إعلامياً، لم يأخذ حقه. ونحن هنا لا نلوم المدرسين بقدر ما نفتخر بهم، وكلهم رايتهم بيضاء، لاسيما نائبة رئيس جمعية المعلمين جليلة السلمان، لكن مهدي لم يعمل من أجلها فقط .. أين البقية عن قضية مهدي، يفترض بهم الوقوف مع أبوديب، فمهدي يحتاج لوقفة من الناس، تعذب وظلم بدرجة تفوق الكثيرين، تصوري يا ابنتي أن يلقى ببني آدم من فوق سطح منزل". ومع ذكر اسم جليلة السلمان، تقاطع أم مهدي، لتقول بكل عفوية: "ودي أحب القصبة الهوائية لجليلة حينما تتحدث عن قضية مهدي".

فرحة الناس

إلى ذلك، يضيف الخال إبراهيم: "مهدي لم يقف معطاء للمدرسين فحسب، وقف لأهل البحرين كلها، حينما نزوره يقول أن أمله يكمن في نجاح الثورة وحصول جميع الناس على حقوقها .. في اتصالاته لنا يسلم على أهل البحرين كلهم، وحتى بآخر جلسة له كان يقول أن سجننا وكل ما ذقناه لا يساوي شيئاً قبالة فرحة الناس، إذا فرحوا ننسى كل شيء".

ويستدرك الخال، قائلاً: "بعد كل ما جرى صارت قلوبنا ضعيفة، وإثر الظلم الذي لحق بنا سواء من السلطة أو الناس ومنهم من كانوا لنا أخواناً وأهلاً، ومتزاوجين معهم". ويردف: "لربما حال المعتقلين أرحم ممن هم خارج المعتقل، فمن هم في الخارج يذوقون المر أكثر .. اخوتي واختي ذاقوا الويل وأنا تعرضت لصنوف من الإهانات حينما كنت أبحث عن خيط يدلني على وضع ابن أختي، وأخي الذي اعتقل معه من ذات المنزل".

أخوه سعيد/خال مهدي المعروف بـ "أبورعد"، أجرى عمليتين في رجله، احداهما أجرتها له منظمة أطباء بلا حدود، وذلك جراء الضرب المبرح على رجله أثناء الاعتقال. يقاطعه، الخال إبراهيم هنا مازحاً: "أخي سعيد يشبه عبدالحليم حافظ، ولكنهم استبدلوه لنا بمحمود المليجي". أما هو فيتذكر ضاحكاً: "دخلت السجن بوزن 87 كيلو، وخرجت بوزن 52 كيلو".  

يواصل "أبورعد": لقد بكيت مرتين في السجن، الأولى بسبب جرح مؤلم، والمرة الثانية بكيت على فراق الشباب بعد اطلاق سراحي، وحتى الآن أنا  على تواصل معهم، وبعض من يخرج منهم يزورني في البيت. وأخيراً أنا أطالب بالتحقيق في قضية ابن أختي، وما تعرض له من عذابات".

وهنا يعود الخال إبراهيم للحديث: "بعدما خرج أخي من السجن، كنا نتمنى إطلاق سراح كافة المساجين، فكل من في السجن هم أهلنا .. نحن متعبون وصرنا كالمعذبين في سجن واحد، ونخشى على أنفسنا في أي مكان، لهذه الدرجة لم يعد أحد مطمئناً على نفسه .. يكفي ما حدث مؤخراً من ضرب للشباب على سطح أحد المنازل في قرية الشاخورة .. ما يجري في البلد أمر غير طبيعي بالمرة. أين السلطة من تفعيل توصيات لجنة تقصي الحقائق التي ترأسها بسيوني؟!".

خال مهدي الثالث "محسن المهنا"، طالب بإطلاق سراح جميع سجناء الرأي، ليؤيده إبراهيم: "نحن ننتظر خروج كل المساجين، ونريد للشعب البحريني أن ينال حقه، ونحن لن ننتازل عن حقنا وحقوق أبنائنا"، لتلتقط أم مهدي نهاية السطر، مؤكدة: "سنطالب بحقوقنا ما دام فينا دم وعرق ينبض".

كل الناس حبايبنا

وعما تأمله في جلسة استئناف الحكم الصادر ضد مهدي في فبراير، تقول الأم: "الأمل بالله قوي، وأتأمل منه خيراً بأن يتم إطلاق سراح ولدي وكافة أولاد الناس، لأني أم .. عندي بنات الناس بناتي، وحريم الناس خواتي، وكل الناس حبايبنا".

بدورها، تناشد الأخت سعدية جميع المنظمات الحقوقية داخل البحرين وخارجها والهيئات الخاصة بالمعلمين والمعلمات الوقوف مع أخيها مهدي، وتقول بحرقة: "نريد أن نراه بيننا .. حياتنا كلها توقفت بعد اعتقال مهدي" هكذا تشكو الحال بإيجاز!

وتضيف: "أختنا سعدية أصيبت بحالة نفسية صعبة وكانت قد تعرضت لحادث مروري استعانت على إثره من اجل المشي بعكاز، وأطفالنا لا يهنأون بنوم الليل، ولا حتى أمي، نخشى أن نغمض أعيننا عنها، لأنها مصابة باكتئاب، فتارة تصمت، ثم لا تلبث أن تنفجر باكية، وفي بعض الأحايين يمكن أن تضرب نفسها من شدة الضيق".   

في هذه الأثناء تكاد القصة ذات الشجون أن تقترب من نهايتها، محسن وسعيد وإبراهيم المهنا "الخوال" يؤكدون أن علاقتهم بمهدي علاقة خاصة، علاقة صديق، اختاروا وقت النهاية، ليؤكدوا ذلك، وكأن للتوقيت سر ما!  

الأم الصابرة، اختارت جملة للوداع مصحوبة بالدموع: "يمة، أبي أسمع صوته بس"، ليدخل أخيها إبراهيم على الخط بسرعة كمن يود تصحيح خطأ ما: "أختي أم مهدي مؤمنة، وممتحنة، نحن نفخر بمهدي في السجن حتى ينتصر الحق، ولدنا رفع رأسنا، ولنا الشرف إذا ذكرناه".  

ويواصل الأخ محاولاً مسح دمعة أخيه بمزحة جديدة: "أم مهدي لديها استعداد للبقاء مع ابنها في السجن شريطة أن يكون معهما "القدو" أيضاً، ونحن أخوتها سنمول احتياجاتها من الفحم والتتن".
 
إبراهيم المهنا "الراوي" وقبل أن يطوى الحديث، يكشف سر لحيته الطويلة: "في الليلة التي اعتقل فيها مهدي وأخي سعيد، نذرت والله ما أحلقها إلا عند إطلاق سراح مهدي" .. إذا أطلق السراح، تحلق اللحية، هذه هي علامة الفرج إذاً.  

يودعنا الجميع عند الباب وكما أخجلونا بحفاوة الاستقبال، أخت مهدي سعدية: "استانسنا معكم .. أخوالي ضحكوا ومزحوا الليلة وأمي فرحت بكم .. كل ليلة تعالوا" .... كان الرد: سنأتيكم قريباً إن شاء الله تعالى، لنبارك لكم ليس إلا .. الحرية لمهدي!    

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus