هل يسقط حمد؟
أنور الرشيد - 2011-12-28 - 2:01 م
أنور الرشيد*
المتتبع لحالة الصراع في مملكة البحرين منذ عقود طويلة، سيجد أن لكل مرحلة من مراحل الصراع لها طابعها الخاص الذي تتميز به وأن شتركت جميعها بالعنف والبطش والتعسف باستخدام القوة، فهذا أمر طبيعي تمر به مختلف المجتعات في مثل ذلك الصراع، ولكن ما هو مغاير ومتغير بين مرحلة وأخرى هي الظروف الأقليمية والدولية وطبيعة المرحلة، قد يكون في المراحل الماضية هناك مقدرة فائقة للسلطات بالتحكم بتدفق المعلومات بين أفراد المجتمع، ولكن في هذا الوقت لم تعد السلطات هي المحتكر الوحيد لتدفق المعلومات بين مختلف أطياف النزاع أو الصراع.
اليوم الصراع في مملكة البحرين لا يسر صديق ولا عدو، في حقيقة الأمر الصراع بشكله الحالي لن يستمر إلى مالا نهاية بهذا الشكل ستصل نقطة الصفر عند مرحلة من مراحله، والسؤال هنا لصالح من ستكون هذه النقطة؟
هذه هي المرحلة التي يجب أن يتداركها العقلاء في مملكة البحرين، سبق وأن بينا في مقالات سابقة بأن مرحلة تحكيم العقل لها سقف معين أن تم تجاوزه تصعب بعده أية محاولة للعودة لهذا السقف أو ما تحته، ولكن على ما يبدو أن لا عقل لمن تنادي، فالغرور والمكابرة وعدم تصديق الواقع وعدم فهم المتغيرات التي تحدث على الأرض هي سيدة الموقف، لذلك لم أستغرب عندما ألقي القبض على القذافي وهو محشور في أنبوب تصريف مجاري مختبئ فيه عن القدر المحتوم، عندما قال ويش في ويش في؟ غير مصدق أن الثوار قد قبضوا عليه لأنه كان منفصلا عن الواقع، أيضا هناك من لا يستطيع أن يصل تفكيره إلى مستوى أن الأيام بيننا يمكن أن تتداول.
أما الجانب الآخر والمهم فهو أن تطور النزاع اليوم في مملكة البحرين بكل تأكيد كما أسلفت لم ولن ولا يمكن أن يكون متشابها مع مراحل سابقة بكل تأكيد، فاليوم العالم يرى ويسمع اليوتيوب وما أدراك ما هو اليوتيوب الذي ينقل كل شيء، رغم كل التعتيم الإعلامي عن الأحداث التي تجري يوميا في تلك المملكة.
شعار اليوم باليوتيوب الذي يطلقه الشباب والنساء والأطفال في القرى التي تختنق صباحا ومساء بالغازات، هو شعار يسقط حمد، ولا يخلو يوتيوب منه، شعار يسمعه الأطفال الصغار مثل ما كنا نسمع أهزوجة عنكريزي بوتيله عساه يموت الليلة، وهي أهزوجة كان يطلقها الشباب بذلك الوقت ضد المستعمر الأنجليزي، وكنا نسمعها ونحن أطفال وكبرت معنا حتى غدونا أعداء للأنجليز، وكل ما هو غربي، فأطفال البحرين بتلك القرى يسمعون ذلك الشعار ويستنشقون الغازات المسلة للدموع الخانقة ويشاهدون أمهاتهم وآباءهم يختنقون حتى الموت، وستنطبع بذاكرتهم تلك الأحداث، وإن التصقت بذاكرة الطفولة يكون من الصعب انتزاعها من المخيلة، لذا سيكون هؤلاء الأطفال قنابل موقوته للمستقبل يستغلها كل من يريد التخلص من هذه المأساة المستمرة منذ عقود طويلة.
شعار يُطلق بالهواء وتخنقه الغازات المسيلة للدموع، ولكن من المؤكد بأنه سيكون حقيقة على الأرض إن يتدارك العقلاء الواقع بكل أبعاده، فلا الغرور ينفع ولا القوة ستحقق الأمن، والخيار الأمثل هو فهم الواقع وإدراك متطلباته، عدا ذلك فما هو اليوم شعار، لا يستطيع أحد أن يجزم بأنه لن يكون واقعا بالغد.
*الأمين العام للمنتدى الخليجي لمؤسسات المجتمع المدني.
**ينشر في مرآة البحرين بالتزامن مع موقع منتدى حوار الخليج.