من داخل بيت الشيخ علي سلمان: يُتعبه بحر الوطن ويُسكنه شاطئ العائلة
2015-09-14 - 11:16 م
مرآة البحرين (خاص): ربما يعرف الجميع الشيخ علي سلمان أمين عام أكبر جميعة سياسية في البحرين، يعرفون الزعيم السياسي والديني فيه، يعرفون الشخصية العامة التي طالما أثارت جدل المتفقين والمختلفين، ربما يعرف الكثيرون عنه هدوئه وخجله حين يتعلّق الأمر بجانب شخصي، مقابل جهره وصلابته حين يتعلّق الأمر بمطالب الشعب وحقوقه، وربما يعرفون حبه لمساعدة الآخرين وتحسسه لمشاكل الناس ولو على حساب نفسه. لكن من يعرف علي سلمان الشخص والزوج والأب والإنسان، من يعرف شخصيته وأخلاقه داخل بيته، علاقته بزوجته وأبنائه، ما الذي يغضبه وما الذي يفرحه وما الذي يبكيه، وما الذي يثير شجنه وأحزانه، وما هي أصعب الأوقات التي مرت عليه خلال السنوات الأخيرة..
مرآة البحرين التقت زوجته علياء رضي (أم نبأ) وكان لها معها الحوار التالي عن الشيخ علي سلمان، كما هو داخل بيته، وداخل قلبها، وكما هو عند شاطئه الأخير..
مرآة البحرين: ما الفرق بين الشيخ علي سلمان رجل الدين السياسي القابض بصلابة عتيدة على مطالب الديمقراطية التي يتبناها، وبين سلمان الشخص والحبيب والزوج والأب؟
علياء رضي: الشيخ علي قابض على مطالب الشعب بصلابة عتيده منذ أن عرفته، لكنه رؤوف ورحيم ورقيق وشفاف حتى على من يضمر له العداء، ليس في قلب الشيخ مكاناً للكراهية، حتى خصومه السياسيين لم أجده يتكلّم عنهم بكراهية، هو يكره الأفعال التي تمسّ حقوق الآخرين، يكره الظلم والاستبداد، يكره التمييز والتهميش، الاستئثار والفساد، هو ينتقدهم ويعارضهم، يكره أفعالهم ويصارحهم بها دون أن تسكن الكراهية قلبه. الشيخ يشفق على الجميع ويحاول أن يسعد الناس ويؤازرهم ويخفف عنهم ولو على حساب راحته فكيف بعائلته وأطفاله؟! لا يؤثر ثبات الشيخ وصموده على رقه قلبه، بل إن تبنيه لقضايا الناس واحتياجاتهم هو جزء من رقّة قلبه المشغول بالناس.
مرآة البحرين: حدثينا عن شخصية الشيخ علي سلمان داخل بيته. كيف يدير علاقته بك كزوجة؟
علياء رضي: الشيخ علي في حياتي هو وطن وحبيب وصديق قبل أن يكون زوجاً ، لذلك "هو" لايدير حياتنا، بل "نحن معاً" نديرها. حياتنا شراكة بالحب المتجذر والعميق. هذا الحب أعطانا الكثير من الألق والتميز الذي تخطينا به الكثير من الصعاب والتحديات التي واجهتنا وتواجهنا. دائما ً يداً بيد اعتدنا أن نمضي في حياتنا. نداريها كوردة نضرة عبقه بالسقاية والعناية لنصنع ربيع حياتنا.
مرآة البحرين: يعتقد دائماً أن السياسة تضفي جانباً من الجفاف والقسوة على شخصية المشتغلين بها، وذلك بسبب جفاف هذا الحقل وامتلائه بالضغوط والإحباطات والإخفاقات من جهة، والمكائد والحيل والألاعيب من جهة أخرى، وهذا قد يؤثر على الجانب الرومانسي في حياتهم الخاصة وربما في علاقاتهم القريبة. كيف تجدين ذلك في حياتك مع الشيخ علي سلمان؟
علياء رضي: على العكس، الشيخ علي سلمان في عمله السياسي اليومي يعاين في كل لحظه آلام هذا الشعب ومعاناته، يتلمّس الظلم الواقع عليه، يلتقي يتامى الشهداء، الأطفال المحرومين من حنان آبائهم، كل هذه المشاهد تفجر داخل قلبه حباً وحناناً أكبر وفيضاً من المشاعر وشعوراً أكبر بالمسؤولية، هو يشعر بواجبه في احتواء هذا الوطن والمسح على جراحاته، الأمر ذاته يكون داخل بيته ومع أبنائه وزوجته.
في حياته الخاصة، الشيخ لا يتردد لحظة في إظهار حبه والتعبير عن مشاعره، بل على العكس، هو دائم التعبير عن هذه المشاعر وبكل الطرق، ربما لا يسمح المقام هنا بتفاصيل من هذا النوع. أحد أحب الألقاب التي أعطاها الشيخ لي والتي أحبها كثيراً هي "الشاطئ الأخير"، دائماً يقول لي: "أنت شاطئي الأخير". هذا اللقب صار بمثابة الرمز أو "الكود" بيننا.
مرآة البحرين: ما الذي يرمز إليه "الشاطئ الأخير" هنا ؟
علياء رضي: هو المحطة الأخيرة التي يلج إليها الإنسان المشحون بالتعب والإعياء والبحث. عندما يتوه الإنسان لسنوات طويلة وهو يبحث عن شبيه، عندما يفتش بين الوجوه عن وطن، عندما ينهكه الضياع والتعب بحثا عن ملاذ ومرسى لسفينة أضناها السفر الطويل، ولم تلتق في أي شاطئ بمن يسكّن روحها، فيجد ذلك المرسى أخيراً، ليحتضن سفينته التي خرَّقها طول الإبحار وأنهكتها المحطات الكثيرة، شاطئ يُمسِّد السفينة ويداريها ويصلح ثقوبها، فيكون مستقره بعد كل هذا السفر الطويل المنهك.
مرآة البحرين: هل الشيخ علي ديمقراطي في بيته؟
علياء رضي: الشيخ علي سلمان شفاف وواضح، هو لا يخفي جانباً من شخصيته، ولا يلبس غير شخصيته أمام الناس. هو في البيت ذاته خارج البيت؛ هادئ ثابت حنون ورحيم، وكما يطالب بالعدالة والحرية والديمقراطيه فهو يمارسها في مملكته الصغرى قبل أن يجهر بها لإصلاح المملكة الكبرى.
مرآة البحرين: كيف يدير الشيخ علي سلمان علاقته بعائلته في ظل انشغالاته الكثيرة وواجباته الاجتماعية والسياسية، واضطراره للغياب عن المنزل لساعات طويلة؟
علياء رضي: كزوجة قائد سياسي مثل الشيخ علي سلمان، لابد أن أتفهم وضع عمله وغيابه معظم اليوم. لذلك ما دمنا نتفق على هذا المبدأ فإننا نوزع الأدوار في المنزل بما يناسب انشغالاتنا وأوقات عملنا وظروفنا، فأنا أيضاً أعمل لذلك فإننا ولله الحمد حققنا توازنا ممتازاً في هذا الأمر.
مرآة البحرين: كيف تمارسون حياتكم الاجتماعية؟ الترفيه، الزيارات؟
علياء رضي: الترفيه في حياة الشيخ قليل ونادر جداً، فهو مشغول بهذا الوطن وهمومه. عادة نفضل البقاء معأ كأسرة في المنزل إن لم تكن هناك زيارات ضروريه لإننا بالكاد نراه. أحياناً غير كثيرة نذهب معاً لمطاعم، غالباً تكون من النوع الذي يتوافر فيه مكان معزول خاص للعوائل. سوف لن يكون مناسباً الجلوس في مكان عام ومفتوح في البحرين لأن كل من يعرفه سيأتي للسلام عليه وسوف لن تكون لنا أية خصوصية. عندما نسافر يكون هناك متسع أكثر للخروج معاً في الأماكن العامة. البحر هو المكان الآخر الذي نعشقه ونحب الذهاب إليه، لكننا كلما ذهبنا إليه عدنا محملين بالهمّ.
مرآة البحرين: كيف؟
علياء رضي: نحن عاشقان للبحر، ودائماً لكي نصل إلى البحرالمحرومين منه الآن، نحتاج أن ناخذ جولة كبيره على مناطق متعددة لنبحث عن بحر يمكننا أن نصله أو نشاهده. ذات مرة استقر بنا المقام عند "بحر نورانا"، وبدلاً من أن نستمتع بالبحر ونأخذ منه نفساً عميقاً يملؤنا بالفرح، ظل حديثنا عن حرماننا من هذه المتعة التي خلقها الله لنا وجعلنا محاطين بها. كان يشير لي بيده: انظري لو أن كل هذه المساحة للشعب، لو أنهم يجعلون في هذه المساحة ممشى للناس ومنطقة ترفيهية للأطفال أو مساحة مفتوحة للعوائل.
في كل مرة نصل إلى زاوية نطل منها على البحر يأخذنا الحديث إلى ذات الشجون، فنعود مهمومين بواقعنا.
مرآة البحرين: ما الذي تغيّر من الناحية المعيشية والمادية على الزسرة بعد دخول الشيخ علي سلمان البرلمان؟
علياء رضي: لم تتغير حيات الشيخ ولا مستواها عما كانت عليه قبل دخوله البرلمان، ولم يدخر شيئاً لنفسه ولا لأهله. عاش كما كان بحيث يصل نهاية الشهر وقد يكون الشيخ لا يملك شيئاً لأنه سخي اليد كريم النفس ولا يرد أحداً أو طارقاً لباب بيته محتاجاً إلى عونه.
مرآة البحرين: صفي لنا علاقة الشيخ بأبنائه؟ وما علاقتك بمجتبى ابنه؟
علياء رضي: بخصوص مجتبى، فهو روح الشيخ ونور عينيه وفلذه كبده، يحتضنه ويغدق عليه من حبه وحنانه، وهو أحد ابنائي الذي أحبهم ويسكنون قلبي وصديقي الصغير. الشيخ يرى نفسه في مجتبى ويتمنى أن يحصل على كل مالم يتمكن هو من الحصول عليه ودائماً يريده أن يكون الأفضل.
أما عن طفلتي (نبأ) فتعلقه بها كبير جداً وهي كذلك. نبأ لاتستطيع النوم إلا في حضن والدها وهو يقرأ عليها حكاية ما قبل النوم. بل إنه ينتهز أي فتره فراغ ليلاعبها، وهو لا يتذمر أبداً حتى لو اضطر أن يعيد اللعب معها عشرات المرات، المهم أن تضحك وتكون سعيدة، رغم أنه أحيانا يكون عائداً من يوم متعب ومضغوط إلاّ أنه يصر أن يلعب معها.
هي الآن تتالم كثيراً من فراقه، تبكي مراراً عندما تاتي للنوم، دائما تقول لي أنا أتذكر كلامنا معاً، لعبنا معاً، ضحكاتنا معاً. تكتب له رسائل كثيره، وتقول لي ماما: سأعطيها أياه عندما يعود، وقد كتبت بعضها وأرسلتها له عندما كان في مركز الرفاع الشرقي، لكن الآن تمنع الرسائل من الدخول في سجن جو.
هو يعيش معنا رغم غيابه، روحه حاضره تجول في "عشنا الدافئ" كما يحب أن يسميه، صوته وابتسامته لاتفارقنا وتعدنا بفرج قريب.
أما بالنسبه لطفلتنا الصغيره سارة، فقد اعتقل الشيخ وهي تبلغ من العمر 40 يوماً. لذلك فهي حرمت من حنانه منذ ذلك اليوم، وهو يشتاق لها كثيراً. أشعر عندما نزوره في المعتقل أنه يريد التزود منها وأن يخبئها داخل قلبه ويعطيها من حبه الذي تفتقده. هو يعلق صور أبنائه في زنزانته فلا يفارقون عينيه.
مرآة البحرين: ما أصعب اللحظات التي مرّ بها الشيخ خلال السنوات الماضية؟
علياء رضي: أصعب اللحظات على الشيخ هي فجر السابع عشر من فبراير، عندما فرق النظام البحريني المتظاهرين السلميين في دوار اللؤلؤة بالغدر والقتل وهم نيام بسلام يحلمون بغد أفضل.
مرآة البحرين: ما الحدث الذي أبكى الشيخ علي سلمان؟
علياء رضي: الشيخ رقيق القلب يتألم لأي مصاب قد يحدث، يبكيه سقوط الشهداء وإصابات الجرحى، يبكيه ما يحل بالحرائر من بنات الوطن، ولكن ما أبكاه وأحزنه وآلم قلبه كثيراً بشكل خاص هو شهادة الشهيد عبدالكريم فخراوي فقد كان عزيزاً وصديقاً قريباً جداً منه. وفي شهر رمضان الأول الذي مرّ على عائلته بدون الشهيد، أصرّ الشيخ أن نستضيفهم في بيتنا للإفطار معنا، لكي نخفف عنهم وحشة الليلة الأولى من هذا الشهر.
مرآة البحرين: ما الحدث الذي أغضب الشيخ علي سلمان؟
علياء رضي: غدر النظام البحريني بالمتظاهرين المعتصمين في دوار اللؤلؤة وقمعهم.
مرآة البحرين: ما الحدث الذي أخجل الشيخ علي سلمان؟
علياء رضي: عندما يقف على المنصه ويهتف الجمهور "علي وياك علي".
- 2018-11-21الفائزة بجائزة منظمة التعليم الدولية جليلة السلمان: سياسات التربية منذ 2011 هي السبب الأكبر وراء تقاعد المعلمين!
- 2018-05-17الموسيقي البحريني محمد جواد يفكّ لغز "القيثارة الدلمونية" وينال براءة اختراعها
- 2017-10-03مترجمات «ما بعد الشيوخ» في حوار مع «مرآة البحرين»: كان الهدف أن نترجم ثقل الكتاب!
- 2017-10-03«مركز أوال للدراسات والتوثيق» في حوار مع «المرآة»: كتاب «ما بعد الشيوخ» طبع 6 مرات رغم تزوير الترجمة من جهات أخرى
- 2017-10-03فؤاد الخوري ليس كأيّ كتاب... مروة حيدر: رسالة "دعوة للضحك" وصلت… أنا مترجمة تبتسم!