افتتاحية حصاد الساحات 2011
2012-01-01 - 5:23 م
مرآة البحرين (خاص): الساحات العامة هي حصاد البحرينيين في 2011. ماذا فعل البحرينيون بساحاتهم؟ حرروها من قبضة السلطة التي تشدهم للماضي، فتحوها على المستقبل، عرّوا السلطة في هذه الساحات، أحدثوا قطيعة لتاريخها القبلي، جعلوها ذكرى سيئة لاستبدادها، جعلوا العالم يراهم من بؤرة لؤلؤة الحرية لا فوهة بئر النفط، أعلنوا من هم فيها، شكلوا هويتهم الجديدة، رسموا ملامح دولتهم المدنية، دخلوا الربيع العربي، حولوها من الجغرافيا إلى التاريخ، أخرجوا أجمل ما فيهم.
إنها ساحة دوار اللؤلؤة (14 فبراير/ شباط)، وساحة شارع البديع (احتلوا شارع البديع)، وشوارع المنامة (طوق الكرامة) والميادين العامة (مهرجانات المعارضة) والساحات المفتوحة في القرى والمناطق (تقرير المصير)، ومقدمات بيوتهم (لحظة الحسم).
الإنجاز الأعظم للبحرينيين أنهم صنعوا هذه الساحات، تلك هي فضاءات الديمقراطية، لا ديمقراطية بدون ساحات عامة، صناديق الاقتراع هي حصالة هذه الساحات، ومتى غابت الساحات، صارت هذه الصناديق حصالة السلطة، تضع فيها من تشاء وما تشاء.
هكذا كان التحول نحو الساحات العامة، تعميق للتجربة السياسية لشعب البحرين، فالشأن العام هو ميدان السياسة.
صارت ساحات إرادة، إرادة السلطة وإرادة الشعب، السلطة أخرجت أسوأ ما فيها في هذه الساحات، خطابات كراهية، استقطابات طائفية، انتهاكات إنسانية، تدمير المجتمع المدني. إرادة الشعب أخرجت أجمل ما فيها، خطابات تسامح ومحبة، سلمية، صمود أسطوري، معارضة سياسة مدنية رشيدة، مقاومة مدنية فريدة، تضامن اجتماعي عميق، ثقة قوية بتحقيق ما تريده هذه الإرادة: لن نترك الساحات.
لم تنجح المولاة في خلق ساحات عامة، لأنها لم تملك إرادة عامة، ظلت إرادتها خاضعة لصاحب السلطة، لذلك ما زالت في كل مرة تحقق فيها إرادة الساحات العامة انتصاراً رمزيا، تستصرخ صاحب البلاط.
لماذا الفاتح ليست ساحة عامة، لأنه لو كان كذلك ما تركوه. ظل بلاطا من بلاطات السلطة التي لا يحق لك أن تطأها إلا حين تدعوك.
حصاد 2011 هو تتبع دقيق لأحداث هذه الساحات وقراءة عميقة لخطابتها، واستشراف لمحصلة هذا الصراع ونتائجه. انحازت "مرآة البحرين" لهذه الساحات، ووجدت حقيقتها تتمرأى بقدر ما تُظهر ما يجري في هذه الساحات.
فيما سيلي جهد متواضع، نضعه بين أيدي القاريء، سهرنا عليه ساعات متواصلة وصلنا فيها الليل بالليل، اشترك في تحريره طاقم كبير من أبناء الساحات، وبناتها، صحفيون وصحفيات، نشطاء فنيون مصورون هواة محترفون وعابرو سبيل. تطوعوا معنا برجاء من يعرف ما يريد: وطن واحد عام موحد ديمقراطي يحتضن الجميع الناس فيه مواطنون سواسية لا رعايا في مزرعة. فلهم كلهم جزيل الشكر.
بين أيدينا مادة ضخمة تطل من زوايا مختلفة على حصاد ساحات 14 فبراير/ شباط المترامية بعد عشرة أشهر ونصف، وقد ارتأينا، لضرورات فنية، النشر الإلكتروني المتتابع بزخم يومي لمدة أسبوع، على النشر دفعة واحدة. على أن نضع بين يدي القاريء حصيلة كل هذا الجهد في كتاب مطبوع، ينشر قريباً. كل عام وأنتم وساحاتكم بخير.