براين دولي: الأبيض والأسود ليسا فقط ألوان علم الدّولة الإسلامية

براين دولي - مدونات وكالة رويترز - 2015-12-24 - 4:20 م

ترجمة مرآة البحرين

كان الرّئيس أوباما محقًا بشأن أمر واحد في خطابه الأخير من المكتب البيضاوي: تحليله لـ "ما تأمله داعش". بحسب قوله، تريد الدّولة الإسلامية تحديد "معركتها كحرب بين أمريكا والإسلام، ولذلك هي تأمل أن "تتخلى" الولايات المتحدة "عن قيمها" و"تستسلم للخوف".

داعش هي مناصرة كبيرة للثّنائية، ولنظام الحكم المطلق وللحقائق المتطرفة. الفروقات الدّقيقة والتّسويات هما أعداؤها، و"المنطقة الرّمادية" هي نقمتها.

لكن بعض حلفاء أمريكا في المعركة العسكرية ضد داعش يظهرون، على نحو متزايد، كأقارب داعش على المستوى الأيديولوجي، إذ لا يتحملون المعارضة والأفكار البديلة بشأن الدّين والسّياسة.

ما تدعوه داعش بالمنطقة الرّمادية هو منطقة الرّاحة بالنّسبة للمسلمين ضعيفي الإرادة -كما تراهم- الذين يؤمنون بالدّيمقراطية والإشراك المجتمعي وغيرها من مثل هذه البدع. عمليات القتل الجماعي مثل تلك التي حصلت في باريس ولندن ومدريد هي تكتيك تستخدمه داعش لخلق الانقسام وإجبار المسلمين في المنطقة الرمادية في أوروبا على اختيار طرف. هذه الهجمات تدفع أيضًا الحكومات الغربية إلى اتخاذ هذا الخيار نيابة عنهم، من خلال ردود الفعل القمعية المفرطة التي تندد بالمسلمين وتصنفهم وبالتّالي تدمر المنطقة الرّمادية.

إنها استراتيجية منطقية، وإن كانت مرعبة، وقد تم تبيانها في وقت سابق من هذا العام في مقالة مؤلفة من 7000 كلمة "انقراض المنطقة الرّمادية" في مجلة الجماعة، دابق. ووفقًا لزعمها، فإن هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 "أبرزت معسكرين أمام العالم ليختار الجنس البشري أحدهما، معسكر الإسلام ومعسكر التّحالف الصّليبي".

المسألة هنا هي أنه ليس هناك منطقة متوسطة، "معسكران فقط لا ثالث بينهما"، هذا ما يقوله عنوان فرعي في دابق لأي شخص ما يزال يمتلك الشّكوك. وتقتبس المجلة عن أسامة بن لادن نقله استحسان جورج بوش. قال بن لادن إن العالم اليوم منقسم إلى معسكرين. وقد نطق بوش بالحقيقة حين قال "إما أن تكون معنا أو أن تكون مع الإرهابيين". ما يعني، إما أن تكون مع الحملة الصّليبية أو تكون مع الإسلام".

المنطقة الرّمادية في أوروبا تمثل مثل هذا التّهديد بالنّسبة لتطرف داعش العنيف والمُشوه، لأنه يثبت أن التعايش يعمل. وفقًا لقول داعش، هؤلاء الذين يشكلون جزءًا من المنطقة الرمادية فيهم مسلمون شيعة ومؤيدون للرّبيع العربي ... وأحزاب "مستقلة" و"محايدة" وتلك الأحزاب التي تزعم أنها مستقلة عن كلا المعسكرين المتعارضين، والفصائل العلمانية والديمقراطية".

حتى الآن، إنها كمعتوه مخيف. لكن هجمات داعش على المنطقة الرّمادية في أوروبا هي بمثابة صدى لهجمات الممالك الخليجية السّنية على "المنطق الرمادية" في بلدانها، أي المساحات الخاصة بالمجتمع السّياسي والمدني حيث يتم استكشاف الأفكار وتبادلها.

حلفاء الولايات المتحدة، أي البحرين والإمارات العربية المتحدة، والسّعودية يهاجمون باستمرار المعارضة السّياسية ويواصلون سجن المدافعين عن حقوق الإنسان وتعذيبهم بشكل روتيني.

السعودية تحكم على الأشخاص بالإعدام بتهمة الردة، وتمامًا كما داعش، تقطع علنًا رؤوس أسراها. البحرين تمارس بالتحديد ذلك النّوع من الطّائفية الذي يغذي داعش من خلال استبعاد الشّيعة عن جيشها المُكون "حصريًا من السّنة" -وهو جيش تسلحه وتدربه الولايات المتحدة.

عندما تسربت أخبار في سبتمبر/أيلول 2014 بأن ضابط أمن بحريني انشق عن الصّفوف للانضمام إلى داعش، نشر المدافع البحريني البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب تغريدة على تويتر بأن "عدة رجال بحرينيين انضموا إلى الإرهاب وداعش يأتون من مؤسسات أمنية وقد كانت هذه المؤسسات الحاضنة الأيديولوجية الأولى". وقد تم اعتقاله فورًا ويواجه حكمًا يصل إلى السّجن 10 سنوات لجهره علنًا بما يعتقده كثيرون آخرون.

وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة  أوضح على سي إن إن الشهر الماضي أن المملكة الخليجية الصغيرة انضمت إلى التّحالف العسكري لقتال داعش لأنها "كانت تستهدف المدنيين ... وتهاجم المساجد"، متجاهلًا الإضافة أن هذا تحديدًا هو ما فعلته حكومته نفسها منذ ثلاثة سنوات مضت، خلال انتفاضة الربيع العربي من قبل الشّيعة في الجزيرة.

المناطق الرّمادية هي عدو داعش الحقيقي، سواء في أوروبا أو في الشّرق الأوسط، لأنهم يرفضون الاستبداد الثنائي الطائش لـ "معنا أو ضدنا".

لقد حان الوقت لتقوم واشنطن بخيار مهم من تلقاء نفسها: ما إذا كانت ستواصل مكافأة حلفائها القمعيين بالأسلحة والدّعم السّياسي، ما يسمح لهم بخنق مناطقهم الرّمادية، أو أنها ستبدل مسارها وتدفع باتجاه نوع السّياسات الشّمولية التي تشكل أكبر مخاوف الولايات المتحدة.

التّاريخ: 22 ديسمبر/كانون الأول 2015

النّص الأصلي:


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus