التعليق السياسي: فاطمة الكوهجي.. الكراهية ليست زوبعة في فنجان
2015-12-29 - 6:32 ص
مرآة البحرين (خاص): ما الذي سيبقى في ذاكرة الناس عن عضو مجلس الشورى فاطمة عبد الجبار الكوهجي؟ أو يمكننا أن نسأل: ماذا لدى الناس في ذاكرتهم عن (الكوهجية) غير ما صدر عنها من خطاب ينضح بالعنصرية والكراهية في جلسة مجلس الشورى؟
قبل أيام قليلة، وبعد انتشار خبر وفاة النائبة البلدية السابقة فاطمة سلمان، تبادل الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي خبر وفاتها مذيلاً بمقطع فيديو لها في أحد تجمعات (الفاتح) في 2011، تطالب فيه بإعدام الشيخ علي سلمان أمين عام جمعيه الوفاق واعتقال المرجع الديني الشيعي الشيخ عيسى قاسم واصفة سلمان بـ"رأس الحيّة".
لم يمض كثيراً على فاطمة سلمان بعد مطالبتها تلك، في ذلك التجمع المضكوك بالكراهية والتحريض، أن احتوشها المرض وأبعدها عن الفضاء العام. لا نقول ذلك شماتة والعياذ بالله، بل نقصد أنها توارت عن ذاكرة الناس لفترة طويلة بسبب صراعها الطويل معه، حتى أعاد إحضارها إلى الذاكرة خبر وفاتها قبل ثلاثة أيام في 26 من ديسمبر الجاري.
لقد عادت (سلمان) إلى ذاكرة الناس، لكن الناس لم يحضر عندهم من صورتها إلا هذا المقطع، كان ذلك بالتحديد أهم ما بقى في ذاكرتهم عنها، وكان ذلك ما استحضره تاريخها بالفعل. في الرسائل التي تداولت مقطع الفيديو، لم يُكتب تعليقاً واحداً مشيناً على (الراحلة)، فأخلاق البحرينيين لا تقبل الإساءة إلى الميت، لكنهم اكتفوا بوضع المقطع الذي يقول كل ما تركته في ذاكرتهم عنها. لا يمكنهم أن ينسوا.
البحرينيون بسبب فطرتهم المجبولة على التسامح ونبذ العنف، قد يصفحون عن بعض الأشخاص الذين أساؤوا لهم، وقد يتجاوزون عن بعضهم الآخر، لكنهم حتماً لا ينسون إساءتهم أبداً. فالإساءات التي تنضح بالكراهية والحقد ليست زوبعات في فناجين، إنها تبقى مركوزة في بئر الناس.
منذ 2011، أسماء كثيرة ارتبطت في الذاكرة البحرينية بالإساءة إلى مكوّن كامل من أبناء الشعب البحريني الأصيل، بتخوينه وتجريمه والدعوة إلى ترحيله وتهجيره وحرمانه من جنسيته وإفقاره وتجويعه وشنق رموزه وإعدامهم، أصحاب هذه الدعوات صارت أسماؤهم محفورة في عمق بئر ذاكرة الناس. سيبتلع التاريخ كل هؤلاء عاجلاً أم آجلاً، لكن ستبقى أسماءهم متوقفة عند عجلة تاريخ تلك المقاطع التي يحفظها الناس عنهم، كما لا يعرفون شيئاً آخر عنهم.
حسناً فعلت عائلة عبد الجبار الكوهجي، حين أصدرت بياناً مساء اليوم الاثنين 28 ديسمبر 2015 عبّر أبناؤها فيه عن رفضهم المساس بالنسيج الاجتماعي بكل مذاهبه وأطيافه، وقالوا أن "ما صدر عن عضو مجلس الشورى فاطمة الكوهجي يعبر عن رأيها ولا يعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي أبناء عبد الجبار الكوهجي أو قناعاتهم أو توجاتهم". كذلك حسناً فعل أخاها النائب عيسى الكوهجي حين أصدر بيان خاص أوضح فيه أن "الموقف الذي اتخذته أختي عضو مجلس الشورى يمثل رأيها الشخصي وقناعتها الذاتية فقط".
لكن الغريب، أن فاطمة الكوهجي، ورغم الزلزال الذي أحدثه خطابها القميء منذ يوم أمس الأحد 27 ديسمبر 2015 وحتى ساعة كتابة هذا التقرير، ورغم الاستنكار المدوّي الذي تلقّى به البحرينيون خطابها، واتفاق جميع الأطياف والتيارات على إدانته وعنصريته، ورغم بيانات عائلتها المتبرئة من هذا الموقف المفكك "للنسيج المجتمعي" بحسب تعبيرهم، فإنها ما تزال تلتزم الصمت، ولم تكلّف نفسها حتى الآن، تقديم اعتذار للشعب الذي أساءت إليه، أو حتى بادرة توضيح.