المقررون الخاصون للأمم المتحدة: حكومة البحرين تضطّهد «البحارنة» و«العجم» وتمحو وجودهم من هوية البلاد وتاريخها
2016-03-12 - 2:45 ص
مرآة البحرين (خاص): استعرض 3 مقرّرين في الأمم المتحدة في رسالة إلى الحكومة البحرينية معلومات «مقلقة» عن التمييز الذي يتعرض له المواطنون الشّيعة (البحارنة والعجم بشكل رئيسي) في البحرين منذ العام 2011، والذي «يقوض حقوقهم في حرية الدين والتّعبير والثّقافة» وتأثير هذا الوضع كله على الحقوق الإنسانية لأفراد الطّائفة الشّيعية.
الخطاب الذي نشر على موقع المفوّضية مؤخّرا، كان قد أرسل بشكل رسمي إلى الحكومة البحرينية في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2015، للاستفسار حيال هذه التقارير التي اعتبرت من قبل خبراء الأمم المتّحدة بأنّها خطيرة، وقد وقّع الخطاب المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية فريدة شهيد، والمقرر الخاص المعني بمسألة الفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة هاينر بيليفيلدت.
وقال المقررون في رسالتهم إن "هذا التّمييز يحصل من خلال هدم أماكن العبادة والمظاهر الأخرى لوجود مواطنين شيعة في البلاد" ومن "خلال تهميشهم في الرّوايات التّاريخية عن البلاد" و"التّضليل في ما يتعلق بهويتهم الدينية والثقافية في النّظام التّربوي والإعلام، وكذلك من خلال العنف".
وليست هذه المرة الأولى التي يصدر فيها مثل هذا التّقرير، فقد سبقته تقارير ومراسلات مهمّة كان أبرزها تقرير بشأن وضع الشّيعة في البلاد، وكذلك تقرير بشأن هدم مساجد الشّيعة والذي أرسله المقرر الخاص لحرية الدّين والمعتقد في 5 مايو/أيار 2011، وأيضًا تقرير بشأن سحب الجنسية، والذي أصدره مقرر حرية الرأي والتّعبير، وحرية التّجمع السّلمي، وحرية الدّين والمعتقد في 29 نوفمبر/تشرين الثّاني 2011.
وأشار المقررون في التّقرير إلى أنه وفقًا للمعلومات التي تلقوها، فقد كان هناك عدة إجراءات استهدفت بشكل خاص المواطنين البحارنة والعجم، مطالبين الحكومة البحرينية بتوضيحات قانونية وعملية بشأن هذه المعلومات، وكذلك بشأن دوافع ذلك وأسبابه، والإجراءات المتخذة للحد من هذه الممارسات.
العنف ضد الشيعة
تحدّث المقررون في رسالتهم عن "الاستخدام المفرط للقوة والانتهاكات ضد المحتجين البحارنة وعلماء الدين الشّيعة"، مشيرين إلى أنه "بين العامين 2012 و2015، حصلت عدة حوادث استخدمت فيها القوات الحكومية الغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى وفاة 38 شخصًا"، وكذلك "أساءت استخدام سلاح الشّوزن وسيارات قوات الأمن، في مناسبات عدة، ما أدى إلى إصابات دائمة ووفاة المحتجين" وقد "توفي 18 شخصًا جراء إصابات ناتجة عن استخدام الشوزن، وكلهم شيعة"، وأفاد المقررون عن وجود "صور لاحتجاجات استُخدِمت فيها العربات كأسلحة ضد المتظاهرين".
سحب جنسيات المواطنين الشيعة
وقال المقررون أنه بالإضافة إلى ذلك، "سُحِبت جنسية عدد من البحرينيين الشّيعة، ما جعل بعضهم عديمي الجنسية" وأفادوا أن "سحب الجنسية استُخدِم لاستهداف المعارضين السّياسيين، مُجَرّمًا حرية التّعبير والتّجمع" ولفتوا إلى وجود "250 شخصًا على الأقل سّحِبت جنسياتهم منذ العام 2012" مشيرين إلى أن أغلبهم من الشّيعة.
وأشاروا إلى أن "عددًا من عديمي الجنسية والذين أُسقِطت جنسيتهم ينتمون إلى العجم أي أنهم شيعة"، وقالوا إن "هذا السّلوك التّمييزي بمنح الجنسية، القائم على منحها وفقًا للعرق أو الدّين، يحرم عددًا من السّكان الشّيعة والعجم من الإفادة من برامج الرعاية الاجتماعية التي تقدمها الحكومة".
اضطهاد رجال الدين الشيعة
ولفت المقررون كذلك إلى "اضطهاد علماء الدّين الشّيعة على خلفية تصريحاتهم السّياسية أو انتماءاتهم الدّينية" وأن 31 منهم اعتقلوا وعذّبوا منذ 2011، وأن بعضهم لا زال يقبع في السّجن حتى اليوم، في حين رحّل آخرون من البلاد قسرًا، من بينهم "عالم الدين الرفيع الشّيخ حسين نجاتي".
هدم الأماكن التي تحمل دلالات على وجود الشيعة في البحرين
واستعرض المقررون في رسالتهم "هدم المساجد والتّهميش في الأماكن العامة واستهداف الدّلائل الأخرى على وجود الشّيعة في الأماكن العامة" على أنه نوع من أنواع العنف ضد الشّيعة البحرينيين، وقالوا إن هذه المباني كانت ذات أهمية بالغة ثقافيا ودينيا.
"أماكن ومناطق معيّنة عاش فيها الشيعة على نحو تقليدي تم تغيير أسمائها، ومحو أي معالم تدل على التراث الشيعي فيها" يقول خطاب المقررين، ويضيف إلى أن أماكن أخرى ذات أهمية ثقافية للجميع صارت تحمل تفسيرات طائفية، أو تم تدميرها، أو إعادة تسميتها، مشيرا في هذا السياق إلى هدم دوار اللؤلؤة و"محوه من الساحة العامة والذاكرة العامة" وإعادة تسمية منطقته باسم شخصية سنّية من التاريخ، قال المقرّرون إنه ينظر إليها على أنها شخصية لعبت دورا مهما في الانقسام السني الشيعي.
ولفتوا إلى المزاعم التي تقول إن الحكومة البحرينية اتخذت إجراءات تناقض وعدها بإعادة بناء المساجد المهدمة.
وأورد المقررون في رسالتهم عدة أمثلة على ذلك منها مسجد البربغي الذي هدمته قوات الأمن وضربت طوقًا حول موقعه، وفي ديسمبر/كانون الأول 2013، لاحقت الأفراد الذين كانوا يحاولون الصلاة فيه، كما أوردت قيام قوات الأمن البحرينية بالإضرار بشكل كبير بمسجد صعصعة بن صوحان في عسكر، وهو أحد أقدم المساجد في البلاد، وقد تركت عبارات ورسائل كراهية على جدران المسجد ضد الشيعة، وتحدثوا كذلك عن موقع مسجد أبي ذر الذي حولته السّلطات إلى حديقة.
كما أشاروا إلى إعلان وزارة الثقافة البحرينية عن مخطط لديها بتحويل مسجد الخميس إلى متحف، علمًا أنه أحد أقدم المساجد في البحرين، وهذا الأمر "سيمنع الشّيعة من استخدام المبنى" كما أنه "ستتم، في جزء من المشروع، إزالة بعض النّقوش التي تربط المسجد بالبحارنة والمسلمين الشّيعة بشكل متعمد".
حذف البحارنة من الروايات التاريخية الرسمية
ولفت المقررون كذلك إلى استخدام الرّوايات التّاريخية بهدف تهميش الطّائفة الشّيعية، حيث "يطعن في وضع وشرعية البحارنة في البلاد من خلال الرّوايات التّاريخية الرّسمية"، وقالوا إنه "على الرّغم من كون البحارنة عاشوا في المنطقة منذ قرون، وأعطوا الجزيرة اسمها، فإن الرّواية المُقَدمة من قبل الدّولة تهمش هذا الماضي، وتركز بشكل أساسي على التّطورات الأخيرة تحت حكم آل خليفة منذ 1783".
"هذا يمكن ملاحظته أيضا في صناعة السياحة، حيث لا يروّج لزيارة أي موقع للتراث والتاريخ الشيعي".
كما يتم "إبراز المعارضة الشّيعية السّياسية في وسائل الإعلام المسيطر عليها من قبل الدّولة، على أنّها موالية للصفويين" و"يظهر هذا البحرينيين الشّيعة على أنهم خونة، ومصدر تهديد، ومنقادين للخارج، ويبعدهم عن المشاركة في التّاريخ الوطني".
إقصاء المذهب الشيعي من المناهج التعليمية
وأضاف المقررون أيضًا أنه يوجد "تمييز في النّظام التعليمي، إذ أفيد أن المواد التّعليمية تقوض الهوية الثقافية والّدينية للشّيعة البحرينيين، وأن المناهج في كل من المدارس الرّسمية والخاصة والجامعة تستند إلى المذهب السني المالكي". ولفتوا إلى أن "المذهب الشّيعي، الذي تتبعه أغلبية سكان البحرين، مقصى من المناهج من قبل الحكومة البحرينية".
وقال المقررون إن "أحد الأمثلة الموجودة في المناهج الدّراسية يظهر بعض الممارسات الدّينية الشّيعية على أنها كافرة، مثل وضع الرأس على قطعة من التراب خلال السّجود، والصلاة في المقامات الدّينية، أو مثل زواج المتعة".
وأشاروا إلى وجود جهود ماضية لوقف هذا التّمييز ضد الشّيعة، منها اقتراح في البرلمان وطلب مقدم إلى وزارة الشؤون الإسلامية من قبل المجلس العلمائي في العام 2007، غير أنها رُفِضت. وفي يناير/كانون الثاني 2014، رفعت الحكومة دعوى على المجلس العلمائي الذي طالب بإصلاح النظام التعليمي وإدخال المذهب الجعفري فيه، غير أن محكمة بحرينية وجدت في 29 يناير/كانون الثاني المجلس مذنبًا بتهمة ممارسة نشاطات سياسية غير مراقبة وقامت بحلّه.
استهداف الشيعة في الإعلام
وتطرق المقررون إلى التّمييز في وسائل الإعلام، فأشاروا إلى أنّ "الحكومة ومن خلال التلفزيون البحريني الرّسمي، تحتكر الإعلام"، كما تم "تهديد الصّحافيين والنّاشطين المعارضين، واعتقالهم وملاحقتهم، وتم تغريم وسائل الإعلام المستقلة وإجبارها على إغلاق أبوابها، على خلفية تغطيتها للمجتمع الشّيعي أو الاضطرابات الشّعبية".
ولفتوا كذلك إلى أنّه "عقب انتفاضة العام 2011، اعتادت وسائل الإعلام الموالية للدّولة استهداف الطّائفة الشّيعية، فتجنبت عمدًا تغطية أخبارها، وسخرت من المعتقدات الشّيعية وكذلك انخرطت في خطاب الكراهية. وقد اتهم المذيعون المواطنين البحارنة بالخيانة وأعربوا عن شكوكهم بأصولهم كما شهروا بعلماء شيعة بارزين".
وأشار المقررون إلى أنّه تم "تأويل العبارات الدّينية الشّيعية على أنها دعوة إلى الطّائفية" وقد تم حظر عدد من المواقغ الشّيعية على الإنترنت وكذلك "أبرزت الأعمال الدّرامية البحرينية البحارنة على أنهم إرهابيون وقرويون ساذجون، سيئون، أو أنه لم يتم إبراز أي بحراني في العمل". وأضافوا أن "هذه الممارسات تكرس الصور النّمطية للبحارنة بأنهم مواطنون من الدّرجة الثّانية".
التمييز ضد الشيعة في التوظيف والإسكان
وفي الحديث عن التّمييز في سياسات التّوظيف والإسكان العام، أشار المقررون إلى "المعاناة الدّائمة للبحرينيين الشّيعة في مجال التّوظيف، لا سيما في قوات الأمن الحكومية، إذ يتم استثناؤهم من المناصب المهمة وتوكل إليهم مهام إدارية متدنية المستوى فقط، وهذا ما يحصل في جيش دفاع البحرين، وجهاز الأمن الوطني، وقوات الشّرطة".
وأضافوا أن "البحرينيين العاملين في هذه الأجهزة يحصلون على مناصب إدارية متدنية أو كمخبرين". ولفتوا كذلك إلى أن "المجال الثاني المثير للانتقاد هو التّعليم، إذ إن عددًا من الخريجين الشّيعة المؤهلين للعمل كمعلمين، لا يجدون مكانًا في حين وظفت الحكومة عددًا كبيرًا من المعلمين من بلدان أخرى، كمصر والأردن".
وأشار المقررون في رسالتهم إلى أن "عدم الحصول على سكن مناسب هو أحد أبرز شكاوى الأغلبية الشّيعية، لا سيما في الدائرة الشّمالية، التي يسكنها الشّيعة أساسًا".