بيل لو: جائزة "شعلة السّلام" لرئيس الوزراء البحريني؟

بيل لو - موقع ميدل إيست آي - 2016-03-17 - 4:35 م

ترجمة مرآة البحرين

خليفة بن سلمان آل خليفة هو رئيس الوزراء الذي أمضى أطول فترة في منصبه في العالم، وهو في السّلطة في البحرين منذ العام 1970. إنّه رجل أعمال  ذكي، وسياسي مُحَنّك، وهو رجل تحتل صورته العاصمة المنامة جنبًا إلى جنب مع ابن أخيه الملك حمد وابن ابن أخيه ولي العهد الأمير سلمان. والآن، يستطيع خليفة بن سلمان إضافة جائزة "شعلة السّلام" إلى إنجازاته المالية والسّياسية المتعددة.

تقولون شعلة السّلام؟ لم تسمعوا أبدًا بها؟ وكذلك أنا، إلى أن نشرت وكالة أنباء البحرين (بنا) خبرًا مدويًا في 20 فبراير/شباط: "تم منح الجائزة إلى صاحب السّمو الملكي رئيس الوزراء تقديرًا لدوره الإنساني المتميز في تعزيز السّلام العالمي وتعزيز العلاقات بين النّاس".

وهذه الجائزة هي من بنات أفكار امرأة تُدعى هيرتا، تزوجت أحد أفراد عائلة هايسبورغ -نعم، عائلة هايسبورغ تلك الشّهيرة من الإمبراطورية النّمساوية المجرية. وقد أشارت إليها بنا بـ "صاحبة السّمو الملكي الأرشيدوقة هيرتا مارغريت هايسبورغ"، غير مدركة على ما يبدو لكون كل من الإمبراطورية والألقاب المرافقة لها فقدت صلاحيتها منذ أمد بعيد.

مع ذلك، لا داعي لأن نكون شديدي القسوة على بنا، حيث إن السّيدة هايسبورغ نفسها قد تجاهلت علنًا مثل تلك الأمور مع مساهمات رئيس الوزراء لصندوقها الخاص خلال عقود طويلة من ترؤسه لمجلس الوزراء.

وعلى مدى السّنوات، نمت ثروته الخاصة من خلال حيلة بسيطة تكمن في الحصول على الأراضي بكلفة بسيطة أو من دون كلفة إطلاقًا وبيعها إلى المتعهدين مع الاشتراط، من خلال شبكة من الشّركات وأفراد العائلة، أنه سيحصل على نسبة كبيرة من الأرباح. موهبته في التّلاعب، من خلال حيلة "ادفع لتلعب" التي أكسبته لقب السيد 10 بالمائة أو مؤخرًا السّيد فيفتي فيفتي.

ما ينقص هنا أيضًا هو تعليق البرلمان الذي خطط له رئيس الوزراء في العام 1975،  وهو تعليق دام حتى وفاة أخيه في العام 1999. وفي هذه الفترة التي تقرب من 25 عامًا، كان خليفة بن سلمان هو الذي حكم البلاد. مع ذلك، عند وصول ابن أخيه إلى الحكم، فإن نوعًا من الصّراع على السّلطة في العائلة انتهى بعودة البرلمان الرّئيسي في ما أسماه حمد ببرنامجه الإصلاحي.

فعليًا، كان الإصلاح عملية أُعِدت لتقليص نفوذ رئيس الوزراء نوعًا ما على الأقل. وقد كانت فاعلة لدرجة أن الملك سلّم ابنه، ولي العهد، مسؤولية صندوق الثّروة السّيادية في البحرين، ومجلس التّنمية الاقتصادية ذي التّأثير. وضمن حمد أيضًا من خلال مرسوم ملكي أن يكون هو نفسه الشّخص الوحيد القادر على توزيع الأراضي.

وقد قبل خليفة بن سلمان بتقليص نفوذه. وأثبت رئيس الوزراء أنّه رجل صبور، ولديه القدرة على انتظار أن يخطئ الآخرون قبل أن يرد. والأزمة التي اجتاحت الأسرة الحاكمة في فبراير/شباط 2011- عندما احتل المحتجون المسالمون المطالبون بالتّغيير الدّيمقراطي دوار اللّؤلؤة، وتم فورًا تفريقهم بالقوة- هي مثال على ذلك.

لقد تراجع رئيس الوزراء إلى الخلف، وترك الآخرين يقودون الهجمات على الحراك المطالب بالدّيمقراطية. وعندما قدم ولي العهد عرضًا استثنائيًا، لو قُبِل، كان سيقدم للمحتجين ظاهريًا كل ما طالبوا به، انتظر رئيس الوزراء. ولم ينتظر لوقت طويل. فبعد أقل من 24 ساعة على تقديم العرض، وفي حين كانت المعارضة مترددة، عبرت قوات سعودية وقوات أخرى من شرطة مجلس التّعاون الخليجي الجسر الذي يربط البحرين بشبه الجزيرة. لقد تم سحق المعارضة فعليًا.

في أعقاب ذلك، كان الأمير سلمان، في نظر أغلب أفراد الأسرة، وخصوصًا المتشددين، قد تجاوز الحد: التّنازلات التي قدّمها كانت ستُعرض نفوذ النّخبة الحاكمة لخطر شديد، ومع ذلك، القدرة على إثراء نفسها.

عوقِب سلمان بتهميشه مع تردد والده، بين إرضاء المتشددين وتلبية المطالب، خاصة تلك الأمريكية، لإعادة الالتزام بأجندة إصلاحية عشية عملية قمع قاسية شهدت مقتل العشرات وسجن المئات وطرد عدة آلاف من وظائفهم. وكانت أغلبية الضّحايا من الشّيعة.

اصطف المتشددون وراء رئيس الوزراء، ومنذ ذلك الحين، وراء عملية إصلاح شكلية منصوبة بمهارة وباهظة التّكاليف. مع ذلك، في الواقع، البحرين هي بلد لا يتسامح مع المعارضة، ويمكث زعماء المعارضة والمدافعون عن حقوق الإنسان فيه سنوات في السّجن، وتعيش الأغلبية الشّيعية فيه في حالة من الخوف والغضب من الشّرطة وقوات الأمن.

وعلى الرّغم من الاحتجاجات في الجانب المعاكس، تواصل السّلطات التّصرف من دون مساءلة وتبقى ادعاءات الوحشية والتّعذيب أمرًا ثابتًا. وعلى الرّغم من أنّه لا يمكن اتهام خليفة بن سلمان شخصيًا بغرس الكراهية الطّائفية، فإنه لم يفعل أي شيء لمنع أفراد آخرين في الأسرة الحاكمة من التّشجيع على الهجمات الشّرسة والكاذبة والخبيثة على البحرينيين الشّيعة.

جواد فيروز نائب معارض سابق في البرلمان، وقد سُحبَت جنسيته ويعيش في المنفى في المملكة المتحدة. ويُحسَب له أنه مستعد للاعتراف بأنّه، على خلاف عدة أفراد آخرين في الأسرة الحاكمة، فقد كان رئيس الوزراء يمتلك دائمًا رؤية أوسع للبلاد: "يريد بناء البحرين ولكن تحت توجيهاته بحيث يربح مع ربح البلاد؛ سياسيًا واقتصاديًا، هو يفعل ما يؤاتي مصلحته".

مع ذلك، البحرين التي ساعد على تشكليها هي الآن بلد في وضع سيء، مع اقتصاد متعثر، وانقسام طائفي حاد، ومأزق سياسي متحجر لا تظهر الأسرة الحاكمة أي نية لإرادة حله. قد يفخر خليفة بن سلمان بشعلة السّلام، لكن شعلة الحرية تتسرب على مرأى من رئيس الوزراء. كل الأمر عبارة عن عودة بسيطة إلى 40 عامًا من دوره الإشرافي.

التّاريخ: 23 فبراير/شباط 2016

النّص الأصلي    


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus