نيكولاس كريستوف: أوباما في السّعودية، البلد المُصَدّر للنّفط والتّعصب

نيكولاس كريستوف - صحيفة النّيويورك تايمز - 2016-04-22 - 12:26 ص

ترجمة مرآة البحرين

استقل طالب في السّنة الأخيرة في الكلية الطّائرة، واتصل بعائلته بحماس ليروي لهم تفاصيل حدث في الأمم المتحدة كان قد شارك فيه، ولكن للأسف الشّديد، كان يتكلم باللّغة العربية.  طردته خطوط ساوث ويست الجوية من الطّائرة، في سادس قضية من هذا النّوع أُفيد فيها عن طرد مسلم من رحلة جوية هذا العام في الولايات المتحدة.

مثل هذه الإسلاموفوبيا تجد أيضًا تجاوبًا في النّظام السّياسي، مع دعوة دونالد ترامب إلى الحظر المؤقت على دخول المسلمين إلى البلاد (أهلًا بك في الولايات المتحدة! حسنًا، ما هو دينك؟) واقتراح تد كروز إجراء دوريات خاصة في أحياء المسلمين (في مدينة نيويورك، حيث يوجد حوالي ألف شرطي مسلم؟). حوالي 50 بالمائة من الأمريكيين يدعمون الحظر والدّوريات الخاصة.

المواقف المماثلة تعارض قيمنا وتجعلنا نبدو كمعقل للتّعصب. لكن بالنّسبة لأولئك الذين يدينون هذه الأحكام المُسبَقة بيننا ، من المهم أيضًا أن نعترف بأنّ هناك فعلًا نزعات خطيرة إلى التّعصب والتّطرف داخل العالم الإسلامي -وبالنّسبة للكثيرين من هؤلاء، فإن السّعودية هي المصدر.

أنا سعيد بزيارة الرّئيس أوباما إلى السّعودية، لأن المشاركة عادة تفيد أكثر من الانعزال. ولكن دعونا لا نسمح للمجاملات السّياسية بمنعنا عن الإشارة إلى الدّور الخبيث الذي تلعبه السّعودية في زرع عدم الاستقرار، ومن وجهة النّظر هذه، في تشويه صورة الإسلام في جميع أنحاء العالم. الحقيقة هي أن الزعماء السّعوديين يذهبون أبعد مما يستطيع ترامب وكروز فعله في الإضرار بصورة الإسلام، وعلينا أن نكون مستعدين لشجب تعصبهم، وكذلك تعصب ترامب.

الأمريكيون مشغولون بـ "الصّفحات الـ 28 المفقودة"  - وهي أدلة غير موثوقة تشير إلى أنّه قد يكون للمسؤولين السّعوديين يد في هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول.  ولكن بحسب معرفتي، فإن هذه النّقاط، الموجودة في جزء ما يزال سريًا من تقرير للكونغرس، تم التّحقيق فيها والتّشكيك بصحتها، وأخبرني فيليب زليكوف من لجنة 11 سبتمبر/أيلول أن الصّفحات الـ 28 "مُضَلّلة"، وأنّ اللّجنة وجدت أنّه "لا دليل" على تمويل الحكومة أو المسؤولين السّعوديين الكبار للمؤامرة.

السّبب الأكثر مدعاة للقلق بشأن السّعودية هو أنّها عززت التّطرف والكراهية واحتقار النّساء والانقسام السّني/الشّيعي الذي يبرز الآن في الحرب الأهلية في الشّرق الأوسط. يجب أن نطلق على السّعودية اسم "مملكة التّخلف".

لا يتعلق الأمر فقط بمنع النّساء السّعوديات من قيادة السّيارات، أو بتشجيعهن على عدم وضع أحزمة الأمان عند وجودهن في السّيارة تخوفًا من إبراز مفاتنهن، أو بالحكم على تلك المرأة البالغة من العمر 19 عامًا، والتي تعرضت لاغتصاب جماعي، بالجلد 200 جلدة (عفا الملك عنها بعد الاحتجاجات). لا يتعلق الأمر فقط بحظر الكنائس العامة، أو بوجود قمع وحشي للأقلية الشّيعية.

كونها الأرض التي بدأ فيها الإسلام، تمتلك السّعودية نفوذًا هائلًا بين المسلمين في جميع أنحاء العالم. لنهجها في الإسلام شرعية خاصة، وعلماؤها يمتلكون نفوذًا كبيرًا، ووسائلها الإعلامية تنشر آراءها في جميع أنحاء العالم  كما أنها تمول مدارس في البلاد الفقيرة لزرع الكراهية.

من باكستان إلى مالي، برزت المدارس المُمَولة من السّعوديين وعزّزت التّطرف الدّيني - والإرهابيين أحيانًا.  وقد أفادت برقية لوزارة الخارجية الأمريكية كانت قد سرّبتها ويكيليكس  أن هذه المدارس المتطرفة في باكستان عرضت على الأسر الفقيرة مكافأة قدرها 6500 دولار مقابل تسليمها أحد أبنائها ليتم تلقينه عقيدتها.

ولأكون صريحًا، تُشَرع السّعودية التّعصب والتّطرف الإسلامي في جميع أنحاء العالم. وفي حال كنت ترغب في وقف التّفجيرات في بروكسل أو سان برناردينو، عليك إذًا وقف التّحريض من منابعه الأساسية في السّعودية وغيرها من البلدان الخليجية.

أحد الكويتيين قال لي مرة إن "السّعودية ليست عدوًا للولايات المتحدة، لكنّها عدو لنفسها".

وكشف مسح جديد أن الشّباب العرب في الشّرق الأوسط وشمالي أفريقيا يريدون التّحديث، مع وجود 52 بالمائة منهم يقولون إن الدّين يلعب دورًا كبيرًا جدًا في الشّرق الأوسط. إنه أمر صحيح بالنّسبة للكثيرين، ولكثير من السّعوديين أيضًا، وقد حاول بعضهم البدء بنقاش ضروري جدًا بشأن التّسامح. أحدهم، وهو مدون يُدعى رائف بدوي، اعتُقِل وحُكِم عليه بالجلد 1000 جلدة.

في الماضي، كنت أدافع أحيانًا عن السّعودية استنادًا لأنها كانت على الأقل تتحرك في الاتجاه الصّحيح. ولكنّها في السّنوات القليلة الماضية، بدأت بالتّراجع في حين كانت أيضًا تبدأ حربًا وحشية في اليمن. الخطأ الأكبر الذي ارتكبه أوباما مع السّعودية كان تزويدها بالأسلحة من أجل تلك الحرب، مُوَرّطًا أمريكا في ما تقول هيومن رايتس ووتش عنه إنه قد يكون جرائم حرب.

باختصار، حين يقول والد سعودي اسمه محمد النّمر إن "السّعودية تسلك الآن مسارًا خاطئًا"، فهو يتكلم من موقع العارف، فأخوه، وهو عالم دين شيعي بارز، أُعدِم في يناير/كانون الثّاني، كما حُكِم على ابنه علي النّمر بالإعدام على خلفية مشاركته في الاحتجاجات عندما كان قاصرًا.

وقال لي الوالد محمد النّمر إنّه "على الأمريكيين الاهتمام، لأنّه بإمكان ما يحدث هنا أن يؤثر على العالم"، وحذّر من أن القمع السّعودي سيزعزع استقرار الشّرق الأوسط بأكمله. إنّه محق في ذلك.

ندّد بي بيل أوريلي كـ "زعيم مدافع" عن الإسلام، وسأواصل وصف ما أراه كإسلاموفوبيا في الغرب. لكن في الوقت ذاته، لنعترف بأن السّعودية هي أكثر من محطة وقود بالنّسبة لنا، إنّها  أيضًا منبع للسّم في العالم الإسلامي، وتعصبها يؤجج تعصبنا.

التّاريخ: 20 أبريل/نيسان 2016

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus