المونيتور: ما الذي يعنيه القمع ضد المعارضة البحرينية للإخوان المسلمين في البلاد؟

جورجيو كافييرو - موقع المونيتور - 2016-07-06 - 4:43 ص

ترجمة مرآة البحرين

في أعقاب حكم محكمة بحرينية بتعليق جمعية الوفاق، على خلفية دورها المزعوم في خلق "بيئة للإرهاب والتّطرف والعنف"، وّجه حكام البحرين رسالة قوية في 20 يونيو/حزيران بإلغاء جنسية آية الله الشّيخ عيسى قاسم.

وبعد خمس سنوات من الجمود، لا ترى القيادة البحرينية أي فائدة في إشراك المعارضة الشّيعية، وتُفَضل بدلًا من ذلك القضاء على الشّيعة الذين يدعون إلى حل الحكومة من الحياة السّياسية في الجزيرة. وباستبعاد المجموعات السّياسية الشّعبية من السّاحة السّياسية في البحرين، وسط حملة قمع أوسع نطاقًا، هناك مخاطر في اكتساب التّشدد للمزيد من النّفوذ والجاذبية في داخل المعارضة الشّيعية.

على مدى السّنوات الخمس الماضية، أصبحت المنامة تعتمد بشكل متزايد على الحلفاء الخليجيين والغربيين. انتفاضة الرّبيع العربي التي قادها الشّيعة جعلت زعماء دول مجلس التّعاون الخليجي يخشون اصطفاف البحرين مع طهران في أعقاب ثورة شيعية شعبية. وسرعان ما أرسلت السّعودية والإمارات العربية المتحدة  قواتهما البرية إلى الجزيرة في مارس/آذار 2011 لمساعدة حكام البحرين على إخماد الانتفاضة.

غير أنّه يبدو أن مشاركة المنامة في الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش والدّفع الهائل للمملكة في مجال العلاقات العامة في شارع k [في واشنطن]، قد عززا تحالف البحرين مع واشنطن، على الرّغم من بعض المشاحنات الدّبلوماسية على مدى السّنوات الخمس الماضية. وعلى الرّغم من مخططات الطّوارئ لوزارة الدّفاع الأمريكية، المُوافق عليها من قبل الكونغرس، لإيجاد مركز جديد للأسطول الخامس الأمريكي، من غير المُرَجح أن تتحمل واشنطن الخطوة الهائلة بنقل القوة البحرية الأهم في الخليج إلى منشأة أخرى. وتشير مخططات المملكة المتحدة لبناء قاعدة دائمة في مينا سلمان في البحرين، والمُعلَن عنها في العام 2014، إلى الدّور المهم للمنامة في العودة الاستراتيجية للندن إلى "شرق السّويس" بعد 40 عامًا من المغادرة الرّسمية للأسطول الملكي من الخليج.

مما لا شك فيه، أنّ الحلفاء في الرّياض وأبو ظبي وواشنطن ولندن جنّبوا آل خليفة التّعرض لضغوط في المفاوضات من أجل حل لأزمة المملكة.

شبكات الدّعم الإسلامية السّنية للملك

علاقات الأسرة الحاكمة بالجناح السّياسي للإخوان المسلمين في البحرين، أي المنبر، والجمعية السّلفية الأكثر تحفظًا، أصالة، لمواجهة المعارضة الشّيعية، شكّلت أساسًا آخر في استراتيجية النّظام للبقاء قويًا منذ العام 2011.

جمعية المنبر، التي تمّ تأسيسها في العام 1984، تعكس البيئة الاجتماعية الليبرالية في البحرين (وفقًا لمعايير دول مجلس التّعاون الخليجي)، وخصوصًا مع احترام حقوق المرأة، على الرّغم من امتلاكها علاقات وثيقة مع الفرع الكويتي للإخوان المسلمين. وينتمي عدد من أعضاء المنبر إلى قبيلة الهولة، وهم عرب سنة سافروا إلى إيران قبل العودة إلى الشّاطئ الشّرقي لشبه الجزيرة العربية. والإخوان المسلمون البحرينيون هم مهنيون من الطّبقة المتوسطة، وعدد كبير منهم معلمون وعناصر في الشّرطة.

وعلى الرّغم من الضّغط من الدّول الخليجية الأخرى، لم تعلن المنامة جمعية المنبر منظمة "إرهابية". لا تواصل الجمعية الإسلامية السّنية فقط العمل علنًا، لكن أُفيدَ أن الدّيوان الملكي البحريني، والقطاع المصرفي الإسلامي يمولان المنبر. في المقابل، دعم الإخوان المسلمون حملة القمع التي شنّتها الحكومة بعد العام 2011. في فبراير/شباط 2013، على سبيل المثال، قاطعت المنبر الحوار الوطني للاحتجاج على ما وجدت فيه "صمتًا" شيعيًا غير مقبول على العنف الذي اندلعت في الذّكرى السّنوية الثّانية للانتفاضة. في بعض الأحيان، انتقدت جمعية المنبر حتى الأسرة الحاكمة على ردها بشكل هادئ جدًا على المعارضة الشّيعية.

على الرّغم من دعم الإسلاميين السّنة النّاشطين سياسيًا للنّظام خلال العام 2011، كان لعدد متزايد منهم مطالبهم الخاصة منذ اندلاع الأزمة. في الواقع، شاركهم المحتجون الشّيعة بعض هذه المطالب مثل الإفراج عن المعتقلين السّياسيين وتحرير البحرين سياسيًا. ولقلقها بشأن إمكانية تجسد معارضة سياسية، نفّذت الدّولة إصلاحات انتخابية لإعادة رسم االدّوائر قبل انتخابات العام 2014. ونتيجة لذلك، حصلت المنبر وأصالة فقط على ثلاثة مقاعد مشتركة في الجمعية الوطنية للنّواب- بعد أن كان لديهما خمسة. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرّغم من أنّ الوفاق كانت الهدف الرّئيسي للقانون الذي تم إقراره الشّهر الماضي بحظر الجمع بين الدّين والسّياسة، فإن القانون ينذر أيضًا على نحو سيء المنبر وأصالة - وهما ثاني وثالث أكبر الفصائل الإسلامية في البحرين، على التّوالي، بعد الوفاق.

تأثير الأيديولوجيات المتطرفة في المجتمعات السّنية  في المملكة غير مقلق، لا سيما على ضوء تعهد كثيرين من البحرينيين السّنة بالولاء لداعش. وكما في يناير/كانون الثّاني 2015، انضم ما لا يقل عن عشرة بحرينيين إلى المنظمات السّنية المقاتلة في سوريا والعراق. وبعد أن سحب الملك حمد الجنسية البحرينية من عمر بوزبون على خلفية انضمامه لداعش، ردّ الأخير بالتّهديد بـ "الدّخول إلى البحرين حاملًا البنادق وقطع رأس الملك".

تركي البنعلي، وهو عالم دين سلفي ينحدر من أسرة سنية ثرية متحالفة مع آل خليفة، هو الآن داعية بارز في داعش. قبل مغادرته البحرين في العام 2013، نظّم تجمعًا أمام السّفارة الأمريكية في المنامة مع أنصاره، وحملوا صور أسامة بن لادن، ملوحين بأعلام القاعدة. بعد عامين ونصف من مغادرة البنعلي للمملكة، حاكمته محكمة بحرينية غيابيًا، مع حوالي عشرة بحرينيية آخرين، على خلفية تهم بالسّعي إلى قلب نظام المنامة وخلق فرع لداعش في الجزيرة. أحد أفراد العائلة، محمد عيسى البنعلي، كان عنصرًا في وزارة الدّاخلية يراقب السّجناء الشّيعة في سجن جو قبل انشقاقه للانضمام إلى داعش في العام 2014.

هناك عدة أسباب أخرى  لظهور البحرين كوجهة منطقية لجدول أعمال المجموعة. ويشمل هذا مجموعة أفعال داعش الإرهابية في السّعودية والكويت المجاورتين، ووجود عدد من الشّيعة المسلمين والأجانب غير المسلمين، وتمركز الأسطول الأمريكي الخامس في البحرين، ودور المنامة في الحملة العسكرية التي قادتها واشنطن ضد داعش في سوريا وسمعة الجزيرة كـ "ماخور الخليج".

تهديد آخر لاستقرار الأمة ينبع من منح المنامة الجنسية البحرينية لسنّة أردنيين وباكستانيين ويمنيين لتغيير التّوازن الطّائفي في البلاد.

وتدّعي الأصوات المُعارضة في البحرين أن هؤلاء "البحرينيين المُجَنّسين" هم سنّة "أصوليين" يكنّون مشاعر معادية للشّيعة. ومع اكتساب غير البحرينيين هؤلاء للجنسية من خلال الخدمة في جهاز الأمن البحريني، فإن تسلل داعش إلى جيش وشرطة البلاد يشكّل خطرًا.

ووفقًا لما تضمنته الأشهر القليلة الماضية من هجمات عنيفة استهدفت قوات الأمن البحرينية بعبوات يدوية ناسفة وقنابل مولوتوف، فإن حملة القمع تفشل في حل أزمة المملكة. وفي حال كان سحب جنسية الشّيخ قاسم وتعليق المحكمة لجمعية الوفاق يؤديان إلى تفاقم العنف، فإنّ الحكومة ستضطر لمعالجة أزمة أمنية وخيمة، على نحو متزايد، على رأس المخاطر الاجتماعية النّاجمة عن تدابير التّقشف وسط عصر النّفط الرّخيص -الأمر الذي يُشَكل بحد ذاته عاملًا مساهمًا في القضايا الطّائفية للجزيرة.

ومع ارتفاع درجات الحرارة الطّائفية في الخليج، مع إدانة مسؤولين إيرانيين ولبنانيين في حزب الله بشدة لإلغاء المنامة لجنسية الشّيخ قاسم، واستعادة القوات العراقية للفلوجة من يد داعش، ستكون علاقة النّظم بجمعية المنبر متغيرًا مهمًا يجب مراقبته مع سعي الملكية المنحازة للسّعودية إلى الحفاظ على حكم سني في جزيرة ذات غالبية شيعية.

في نظرة تستشرف المستقبل، هل ستبقى جمعية المنبر موالية لآل خليفة وتواصل النّظر إلى حملة القمع كضمانة في وجه السّيطرة الشّيعية؟ أم أنّ الاستياء بشأن تراجع التّأثير السّياسي للجمعية الإسلامية السّنية سيكلف النّظام حليفًا محليًا أساسيًا؟ هل سيواصل النّظام النّظر إلى المنبر كحليف محلي ضد المعارضة الشّيعية أو كبوابة لداعش؟

 

التّاريخ: 27 يونيو/حزيران 2016

النّص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus