السفير سعيد الفيحاني يعترف بقوّة العمل الحقوقي للمعارضة: الطرف الآخر أصبح مهنيا أكثر من الطرف الرسمي

2016-07-09 - 11:51 م

مرآة البحرين: سلسلة اعترافات أدلى بها ممثل البحرين السابق في عضوية اللجنة الاستشارية بمجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة. سعيد الفيحاني، الذي تولى لثلاث سنوات رئاسة فريق العمل المعني بالنظر في البلاغات والشكاوى في مجلس حقوق الإنسان، أقرّ بضعف المنظمات والفرق الحكومية في التعامل مع مؤسسات المجتمع الدولي بشأن الملف الحقوقي في قبال تلك التي تمتلكها المعارضة. ويقول في حوار حديث معه "تكمن إشكالية مواجهة من يشوه صورة المملكة في عدم وجود فريق يدافع عن بلدنا أو بالأحرى يروج للبحرين، والساحة متروكة للفرق التي تعادي البحرين وتحاول أن تظهرها في صورة سلبية".

ويتساءل الفيحاني مستنكراً في الحوار الذي نشر في صحيفة "أخبار الخليج" المملوكة لرئيس الوزراء البحريني السبت (9 يوليو/ تموز 2016) "كيف يمكن لمنظمة إرهابية تستهدف إسقاط النظام في البحرين أن تحصل على صفة استشارية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كيف نسمح بذلك وكيف اعترضت فقط دولتان من أصل 18 دولة لها حق التصويت من لجنة المنظمات غير الحكومية، هذا يشير إلى أننا لم نكن نعلم بالأمر من الأساس؟" في إشارة إلى منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين التي تحظى بمركز استشاري خاص معتمد لدى مجلس الأمم المتحدة الاقتصادي والاجتماعي(UN-ECOSOC).

ويعترف الفيحاني بأنه خلال فترة عمله باللجنة الاستشارية التابعة لمجلس حقوق الانسان ألغى العديد من الشكاوى ضد دول الخليج تحت ذريعة أنها ذات أساس سياسي "لم يكن هناك أي قضية تتعلق بدول الخليج العربية لأنّ كل الشكاوى التي كانت ترد لنا هي عبارة عن شكاوى أساسها سياسي، ولذلك كنا نلغيها، أما الآن فلا أحد يدافع".

ويضيف "قبل خروجي من اللجنة الاستشارية لأسباب خاصة طلبت من المسؤولين توفير البديل، والقضية تحتاج الى جهود مشتركة"، مستدركاً "لكن نحن الآن نرى القليل من الوفود البحرينية التي تخرج للتواصل مع الشخصيات الصحيحة. الأمر ليس فقط مجرد السفر، ولكن أيضا التعامل الصحيح مع مختلف الدول".

ويقول "قضية التواصل هي مسؤولية الجميع، في البداية مؤسسات المجتمع المدني لدينا لا تعرف كيفية التعامل مع الدول أو المنظمات أو الهيئات بالخارج، لذلك فإنهم لا يتحدثون باللغة التي تفهمها هذه الجهات، ولا يجب أن يضعوا تصورا واحدا في التعامل معهم، بمعنى أن ما يقتنع به الاوروبيون يختلف عما يقتنع به العاملون في المجال الحقوقي في إفريقيا وأمريكا الجنوبية، لذلك لا بدَّ أن يكون هناك تدريب وتأهيل، لأننا نرى من يرتدي القبعة وأطلق على نفسه لقب حقوقي وهو لا يعرف في حقوق الانسان شيء".

ويضيف "إنهم لا يعلمون آليات العمل الدولي في المنظمات غير الحكومية، لذا نجد كل مجموعة تنشئ منظمة حقوقية من دون هدف ومن دون تقارير أو متابعة ثم بعد ذلك تبحث عن الانضمام إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ولكن كل هذه الامور لا توجد منظمة غير حكومية قامت بها، وغالبية هذه المنظمات تقوم بالدفاع من أجل الاستهلاك المحلي، وهذا لا ينفع لأننا لا نحتاج إلى الاستهلاك المحلي، ولكننا نحتاج إلى أناس يخدمون البحرين في الخارج ويتكلمون بنفس اللغة والاسلوب الذي يفهمه الآخر".

ويتابع الفيحاني في السياق نفسه "أستذكر هنا أننا في وزارة حقوق الانسان في أعقاب الأزمة في 2011 تعرضنا لهجوم شرس ولكننا تمكنا من التعامل مع هذا الأمر من خلال الوصول إلى صيغة ما يعرف بالتعاون الفني مع الدول، والذي يختلف عن التعاون الفني مع المفوضية السامية لحقوق الانسان والذي يعني تدخلهم في كل شيء، وأول جهة طلبنا التعاون الفني معها كان الاتحاد الاوروبي، وهذا أسهم في تخفيف حدة الانتقادات الموجهة الينا لأنهم لمسوا الرغبة الحثيثة لدى المملكة في تعزيز مفهوم حقوق الانسان".

وزعم بأن "المنظمات غير الحكومية تتكلم ضدنا لأنها تستقبل المعلومات من مصادر غير محايدة، ومصادر لا تريد الخير للبحرين، وأستطيع أن أقول عما تقوم به هذه المصادر أنها خيانة للمملكة، وهؤلاء الذين يخونون البحرين هم الذين يسوقون المغالطات عن بلدنا".

ويقول الفيحاني "أنا شخصيا لم أتصور أن يدلي المفوض السامي لحقوق الإنسان وهو عربي الجنسية ببيان عن البحرين مثل الذي صدر عنه مؤخرا (...) وهنا تكمن الإشكالية حيث لا أحد يوصل هذه الأمور إلى هذه الجهات".

ويضيف "طوال فترة عملي كان هناك تفهم لما يجري في البحرين، وبعد أن تركت المنصب بدأت الأمور تتغير على بلدي، لا أعرف السبب، ولكن ما أدركه أنه لم يكن أحد يروج للبحرين وكان مجرد حضور اجتماعات وهذا ليس كافيا، لا بدَّ أن يكون هناك تواصل يومي مع المفوضية السامية والمفوض السامي حتى نطلعه شخصيا على الأوضاع".

ويرى الفيحاني بأن "هناك تأثير من الدول الكبرى على المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ولكن ليس كل شيء في أيديهم،  يظل الأمر في أيدينا إذا كان لدينا طاقم متمرس يدافع عنك لن تحدث هذه الانتقادات".

وانتقد الفيحاني المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان التي يتم تعيين أعضائها بمراسيم ملكية من وصفها لنفسها بأنها "مؤسسة رسمية". ويقول "فوجئت بتصريح منسوب للمؤسسة تدعي فيه أنها مؤسسة رسمية، هذا تصريح غير مقبول هل تعني أنها مؤسسة تتبع للحكومة؟ إنها مؤسسة ليست حكومية ولا رسمية هذه مؤسسة وطنية تعمل لصالح البلد وميزانيتها مستقلة".

ويضيف في السياق نفسه "قبل عامين قدمت المفوضية السامية مقترحات إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان، ولم يؤخذ بهذه المقترحات وهذا ما فهمته من المفوضية السامية. إذا كانت المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان ترغب في الحصول على التصنيف A فكان من الحري بها أن تستمع لكل الآراء ولكن لا تأخذ المقترحات وتضعها على «جنب»".

وتابع "في آخر لقاء لي مع أحد مسؤولي المفوضية السامية قال إنه لا يتوقع أن تحصل المؤسسة الوطنية على التصنيف A، لأنهم لم يستجيبوا للمقترحات، ولا ننسى أن هناك أعداء يروجون ضد البحرين، في الوقت الذي لا يتم الرد على هذه الادعاءات إلى المفوضية السامية من قبل المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان بعكس دول مثل المكسيك والارجنتين وتشاد".

ورأى الفيحاني بأن غياب وزارة حقوق الإنسان أثر كثيراً "هناك تأثير كبير لأنّ في كل مرة ينتقل ملف حقوق الانسان من كوادر إلى أخرى، في البداية حينما اسست وزارة حقوق الانسان انتقلت الكوادر المعنية بالملف إلى الوزارة، ولكن عندما ألغيت الوزارة فإنّ الكوادر التي كانت تتولى ملف حقوق الانسان أصبحت تجلس في البيت، وهذه إحدى نقاط الضعف، لأنّ هذا الملف يقوم على استثمار الخبرات والاتصالات مع الجهات الدولية".

وأضاف "لابد أن يكون للمملكة ردود قوية تجاه كل ما يثار من مغالطات من أي جهة ما، ولا أقصد هنا الردود الاعلامية ولكن من المفترض أن تكون هناك ردود موجهة إلى المفوضية السامية أو غيرها، هناك مفاهيم حقوقية لا بدَّ من الاهتمام بها".

ويواصل "عندما أثير موضوع فتح مكتب للمفوضية السامية في البحرين، قلت لوفد المفوضية هل أنتم تريدون الإصلاح أم أنكم تبحثون عن مواجهة مع حكومة البحرين؟ لأنّ إثارة هذه النقطة سوف تؤدي إلى المواجهة مع الحكومة وأن هذا ليس في صالح المفوضية السامية أو في صالح حقوق الإنسان، ونصحتهم بالتعاون، ولذا تراجعوا عن هذا الأمر، ولكن للأسف الكرة تعيد نفسها مرة إخرى من دون رد من اي أحد".

ويؤكد الفيحاني "أتصور أن هناك إشكالية في التواصل مع المفوضية السامية، والطرف الآخر أصبح مهنيا أكثر من الطرف الرسمي"، في إشارة إلى المعارضة.

ويقول "أكبر خطأ لدينا يكون في ترك هذه المنظمات (العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش) تستقي معلوماتها من جانب واحد فقط، ومهما كانت ممارساتهم لا بدَّ من التواصل معهم، وخاصة أنه في حال الخصومة معهم سيقدمون تقارير غير عادلة وهو ما يتم حاليا، وهذا لا يعني أن نتركهم ولا نتواصل معهم".

وأضاف "أنا كان لي تحفظ أيضا على هذه الزيارة، حيث لم يكن لنسمح لهم بزيارة السجون وأماكن الاحتجاز، هذه منظمة غير حكومية لا يحق لها الالتقاء بالسجناء، والتقارير التي يكتبونها يستهدفون منها الضغط على الدول للحصول على المزيد من الامتيازات. لا يجوز فتح كل الابواب لهم، حتى لا يتدخلوا في شؤوننا وهذا ابسط أبجديات الدبلوماسية، لكن يمكن التحاور معهم وزياراتهم وأرسل الوفود إليهم".

وعلق الفيحاني رداً على سؤال  "البحرين في الدورة الماضية بمجلس حقوق الانسان واجهت سيلا من الهجوم من كل الجهات ولكن من كان يدافع عنها؟". وأضاف رداً على سؤال آخر بشأن الدورة القادمة لمجلس حقوق الانسان "هذه الدورة كانت مخصصة للتقارير التي تقدم لمجلس حقوق الانسان، والدورتان الموضوعيتان تعقدان في سبتمبر ومارس من كل عام، ورغم ذلك أعتقد أن العمل حتى وإن بدأ من اليوم لمواجهة ما سيتم في الدورة القادمة ضد البحرين سيكون متأخرا".

وقال "على دول المنطقة أن تساعد البحرين" وفق تعبيره.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus