مرآة البحرين في حوار مع مخرج كليب (أوركسترا الثورة): عندما أخرسني طفل الشهيد السهلاوي

2012-02-24 - 7:03 ص


ياعصرَ الذُلِ وعصرَ الظلمِ وعصرَ العار..
فلترحل لا أهلاً بكَ ما بينَ الاحرار
فالجمرُ اللاهبِ تحتَ رمادِ بلادي ثار
فلترحل.. فلترحل.. فلترحل


مرآة البحرين (خاص): خلال 24 ساعة من وضعه على اليوتيوب، وصل عدد المشاهدات إلى 42 ألف، وفي اليوم التالي تجاوزت 65 ألف مشاهدة  (1). بالإضافة إلى العدد الهائل من المشاهدات بالتحميل المباشر من الوصلات. إنه العمل الفني أوركسترا الثورة البحرينية (شمعة وطن)، حصل أيضاً على دعم من صفحة Occupy Wall Street (احتلوا وول ستريت)، قامت بنشره على صفحتها في الفيس بوك التي تحظى بإعجاب أكثر من 100 ألف متابع (2)، وهي الصفحة الخاصة بالحركة الاحتجاجية الأمريكية المتأثرة بثورات الربيع العربي، والمهتمة بدعم الثورات وحركات الاحتجاج في العالم.
تمكن العمل من لفت الانتباه بالجودة العالية للأداء والتصوير والإخراج، وحظى بتلقيات واسعة وإشادات بين جمهور شبكات التواصل الاجتماعي الأوسع انتشاراً في تويتر والفيس بوك. شمعة وطن، عمل فني من انتاج اللجنة الاعلامية بجمعية الوفاق الوطني، شارك فيه نخبة من الشباب معظمهم من المتطوعين. مرآة البحرين التقت مخرج العمل الذي لم يرغب بنشر اسمه، وأجرت معه الحوار التالي:

مرآة البحرين: ماذا يعني بالنسبة لكم نشر الكليب على صفحة وول ستريت الأمريكية؟

المطالبة بالحرية والديمقراطية هو مطلب إنساني بالدرجة الأولى، ليس يخص ثقافة بعينها أو دولة بعينها، الإنسان يدعم الحرية أينما كانت لأنه يعلم أن الإنسان لا يمكن أن يمارس إنسانيته بدون هذه الحرية، وهذا يعني أن تتوحد الأمم بمختلف ثقافاتها لدعم حركات التحرر من الظلم والاستبداد والفساد في كل مكان. هذا العمل الفني حاول إيصال صمود هذا الشعب المسالم ضد أشكال القمع، وتوقه الأبدي للحرية، لهذا كان من الطبيعي أن يحظى بدعم حركة تشاطره الهدف نفسه. سعدنا بدعم صفحة  Occupy Wall St للعمل من خلال نشره في صفحتهم، وهذا يشكل دفعة معنوية قوية للعمل، ونتمنى أن نرى دعم المزيد من صفحات حركات التحرر العربية والعالمية.

مرآة البحرين: كيف وجدتم تلقيات العمل محلياً حتى الآن؟

شعرنا أن الناس التقمته مثل كبسولة حرية، كبسولة فنية لا تتجاوز مدتها العشر دقائق، أو كمن رأى ما ينطق عن معاناته ويقولها بطريقة فنية، التلقيات مشجعة جداً منذ اللحظات الأولى لإطلاق العمل الذي أردناه أن يكون بعد مرور عام على الثورة، ولذا جاءت كلماته تمسد جراحات هذا الشعب وهذا الوطن:  نُطفِئُ شَمعةَ عام. نُشعِلُ شَمعَةَ عام. نُغمِضُ ألماً. نَفتَحُ امَلاً. وتظلينَ أيا بحرينُ سنى الأعوام. إصلاحٌ وسَلام. إصلاحٌ وسلام.

هذا ما ينطق به كل بحريني في داخل أعماقه، الاصلاح والسلام، لهذا أتت التلقيات متفاعلة عاطفياً، ونعتقد أن سرعة انتشاره طبيعية بسبب التعامل القمعي التي لا زال مخيماً على البلد، والألم الذي يعيشه الناس، وهو ما يدفعهم لإلتماس أي متنفّس ذو قيمة فنية لقضيتهم، يغمض ألمهم، ويفتح لهم أملاً.

ولأن الساحة المحلية تزخر بعدد كبير من الأعمال الفنية المرئية والمتنوعة والمتميزة، والتي تتخذ من الصور التويثيقية في غالبها المادة الأم لعرض الفكرة، فقد حاولنا في هذا العمل تغيير الأسلوب. وأعتقد أن التوثيق بفرعيه الكلاسيكي والإبداعي قد ميز هذا العمل، وحظى باعجاب جميل. عموماً نرى أن التلقيات جميلة جدا وكانت أثر بكثير مما توقعناه.

المرآة: ما المدة التي استغرقتموها في العمل؟ وما الصعوبات التي واجهتموها؟

بدأ التفكير بالعمل منذ 3 أشهر بين إعداد وتصوير ومونتاج، كان العمل يشبك ليلنا بالنهار، والوطن يدفعنا لنواصل دون تعب. وللعلم فإن غالبية فريق العمل متطوعين، وعملوا بمستوى عالٍ من التفاني والجد رغم أنهم يعلمون أن أسمائهم لن تدرج في نهاية العمل. أما أبرز الصعوبات التي واجهتنا فهي العمل في هذه الظروف الأمنية الصعبة، ما أدى إلى إلغاء مشاهد التصوير الخارجية.

 
المرآة: ما الذي يحاول أن يوصله هذا العمل؟ ومن يخاطب؟

 
ما دام الفن موجوداً في أي ثورة، فتيقن أن هذه الثورة لا تموت، لأن الفن يغذي كل صغيرة وكبيرة في شخصية الإنسان، فكراً وروحاً، لكن بطريقة تفاعلية يمكن أن تمتد لنطاقات واسعة. لهذا حاول هذا إيصال ثلاث جوانب في الثورة البحرينية: الصمود والمظلومية والمطالب، وهو ما يحاول العمل أن يوصله، فهو يخاطب الشعب في صموده، ويخاطب العالم في مظلومية هذا الشعب الذي تكالبت عليه مصالح (البترودولار) ليتم نسيانه، فضلآً عن تشويه ثورته، ويخاطب الجميع في مطالبه. لهذا فقد تم ترجمة العمل للغة الإنجليزية، بهدف نشره في دائرة أوسع من البحرين والدول العربية، كما يجري الآن ترجمته للغات أخرى مختلفة، من بينها الفرنسية.

المرآة: كيف أتت فكرة ادماج شخصيات حقيقية من الناشطين ومن تعرضوا للاعتقال وابن الشهيد؟

حاول العمل أن يظهر صوراً متنوعة من مشاهد الثورة خلال العام الأول لها: من شهداء ومعتقلين وأمهات ثكالى، ومن حركة مطلبية وما تبعها من قمع وتنكيل، وقد كان وجود ابن الشهيد مجيد السهلاوي والشخصيات الحقيقية الذين كانوا جزءاً لا يتجزأ من الثورة، بمثابة زرع الواقع وسط الخيال، يركز في ذهن المشاهد أن ما يشاهد هو واقع عاش أيامه هذا الشعب بمختلف فئاته وطبقاته.

المرآة: على أي أساس تم اختيار هذه الشخصيات بالذات؟

كان هناك الكثير من الشخصيات التي طرحت على طاولة النقاش، حاولنا أن يكون هناك تنوع ثقافي وسياسي في الشخصيات بحيث يشمل مختلف فئات المجتمع، ولكن الإطار الفني للعمل فرض عدداً محدداً من الشخصيات، اعتذر ثلاثة منهم في اللحظة الأخيرة.

المرآة: هل وجدتم صعوبة في اقناع الشخصيات بالمشاركة؟

رغم أن فكرة مشاركة الشخصيات في عمل إنشادي مصور كهذا هي فكرة جديدة في مجتمعنا، إلا أن جميع الشخصيات رحبت بالمشاركة منذ اللحظة الأولى وأبدت حماساَ وتعاوناَ أثناء تنفيذ العمل، وهذا يدل على إيمانهم بأهمية العمل الإعلامي في هذه الثورة، ويؤكد ذلك حرص (أشواق المقابي) على المشاركة رغم إصابتها بوعكة صحية بسبب (مرض السكلر) يوم التصوير.

المرآة: لماذا استحضرتم شخصيتين سياسيتين من جمعية الوفاق دون غيرها من القوى السياسية المختلفة؟


سعينا لاشراك شخصيات حقوقية وسياسية مختلفة لكن لم نوفق في الحصول على الكثير منهم لارتباطات، والشخصيتان الوفاقيتان اللتين ظهرتا هما شخصيتان بارزتان جداً خلال الثورة، وإغفالهما ليس في مصلحة العمل، وجدنا أن وجود خليل المرزوق وسيد هادي الموسوي، وبغض النظر عن كونهما منتمين إلى جمعية الوفاق اضافة نوعية كبيرة، وهذا كان بارزاً من خلال الشكل النهائي للعمل.

المرآة: ماذا عن التنوعات المختلفة التي تعكس حقيقة أن الثورة ليست دينية وليست طائفية؟

كنا مهتمين باستحضار أطياف متنوعة من المشاركين، كان من المفترض مشاركة الأستاذ نبيل رجب، والدكتورة رولا الصفار، والأستاذ عبدالله جناحي وآخرين، الذين رحبوا بالمشاركة وأبدوا استعدادهم، لكنهم اعتذروا في اللحظة الأخيرة قبل التصوير وذلك لظروف خاصة بهم.

المرآة: ما أصعب موقف واجهكم أثناء تأدية العمل؟

هو موقف إنساني وليس لوجستي. وهنا أحب أن أشير إلى علي ابن الشهيد مجيد السهلاوي الذي ظهر في العمل وهو يحمل شمعة الوطن، علي (11 سنة) مصاب بمرض السكلر، ولم نكن نعلم بذلك، وكنا نرهقه معنا بالعمل لوقت طويل دون أن يظهر أي تعب غير عادي، لم نعلم أنه مريض بالسكلر إلا بعد الانتهاء من العمل، وعندما بصدد العرض الأول له. أردنا إحضاره ومكافأته بهدية بسيطة، أخبرتنا والدته أنه مريض ولن يتمكن من الحضور في ذلك اليوم. لكن ليس هذا ما أردت قوله تحديداً، هناك ما حدث وجعلني أهتز من داخلي واشعر بالخرس المطلق. عندما ذهبت إلى بيت الشهيد السهلاوي في ذلك اليوم من أجل تسليم (علي) هدية بسيطة من فريق العمل، خرج أخوه الأصغر أحمد (5 سنوات) ووقف عند الباب وقال لي: جبت البابا وياك؟


وصلة لتحميل (شمعة وطن) من  اليوتيوب.

 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus