من هو الضابط الذي عينه الملك مديراً للسجون في البحرين وما تقول عنه التقارير الدولية؟
2016-07-14 - 5:42 م
مرآة البحرين (خاص): من هو العقيد يوسف حسن العربي الذي عينه الملك أمس الاربعاء 13 يوليو 2016، مديراً عاماً للإدارة العامة للإصلاح والتأهيل (إدارة السجون)، إذسيكون وضع نحو أربعة آلاف سجين مرتبط بهذا الاسم؟.
في العام 2010، وبعد مرور تسع سنين على الاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في البحرين، رصدت منظمة هيومن رايتس ووتش الأوضاع الحقوقية في البحرين، وخرجت بتقرير شكل صدمة للسلطة وللراي العام الدولي الذي كان يظن أن البحرين تسير على النهج الصحيح نحو الديمقراطية، كان عنوان التقرير كافياً وهو "االتعذيب يُبعث من جديد..إحياء سياسة الإكراه الجسماني أثناء الاستجواب في البحرين"، ليتبين أن كل ما كان يجري هو لعبة من السلطة، وديكور مبهر غالي الثمن يخفي الوجه القديم المتجعد لسلطة عجوز عاشت ولا زالت على التعذيب والقتل والجريمة.
كان أحد أسماء الجلادين والمعذبين من جهاز الأمن الوطني وإدارة التحقيقات الجنائية، الذين رصد التقرير قيامهم بعمليات التعذيب خصوصاً الصعق الكهربائي، هو الضابط يوسف العربي بمعية أسماء أخرى.
في فبراير 2010 صدر تقرير المنظمة الحقوقية، وزاد تداول أخبار التعذيب وما يدور في أروقة وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية المختلفة من تعذيب وسوء معاملة، لذا قامت السلطات الأمنية، في محاولة لتدوير بعض الضباط والمسئولين المتورطين في التعذيب لمواقع أخرى، داخل وخارج وزارة الداخلية. آخرهذه التدويرات هو انتداب يوسف حسن يوسف العـربي وكان حينها برتبة رائد بدائرة التحقيقات الجنائية، كمستشار أمني في شركة طيران الخليج.
فقد أعلنت شركة طيران الخليج إنها عيّنت يوسف حسن العربي مستشارا أمنيا للرئيس التنفيذي بالشركة سامر المجالي، وذلك بعد أن قررت وزارة الداخلية انتداب العربي بطلب من الشركة لمدة عامين (2010 - 2011). وقالت الشركة في خطاب عممته على الموظفين: «إن العربي يحمل مؤهل البكالوريوس في العلوم الأمنية ويمتلك خبرة طويلة في مجال الأمن والسلامة والانضباط الوقائي وقد تم انتدابه من قبل وزارة الداخلية بطلب من الشركة لمدة عامين».
تقرير "التعذيب يُبعث من جديد: إحياء سياسة الإكراه الجسماني أثناء الاستجواب في البحرين" الذي جاء في 76 صفحة، يستند إلى مقابلات مع محتجزين سابقين وإلى تقارير الطب الشرعي والمحاكم. وانتهى إلى أنه منذ نهاية عام 2007 لجأ المسئولون تكراراً لممارسة التعذيب فيما يبدو أنه لمحاولة لانتزاع الاعترافات من المشتبهين في القضايا الأمنية.
وبخصوص التقرير قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "عاد التعذيب إلى جعبة أدوات الأجهزة الأمنية". وتابع قائلاً: "عودة التعذيب مُقلقة في وقت كانت البحرين قد أظهرت الإرادة السياسية منذ عشر سنوات لوضع حد لهذه الممارسة البغيضة".
عودة البحرين لهذه الممارسات المرفوضة تزامنت مع زيادة التوترات السياسية في 2010. إذ تزايدت كثيراً التظاهرات في الشوارع التي خرج فيها شباب من أبناء الطائفة الشيعية يحتجون على التمييز الذي يمارس ضدهم من قبل الحكومة التي يهيمن عليها السنة، مع تزايد اللجوء إلى المواجهات العنيفة مع قوات الأمن. وكثيراً ما كانت تقع الاعتقالات إبان هذه التظاهرات. ويظهر أن مسؤولي الأمن يستخدمون تقنيات مؤلمة جسمانياً لانتزاع الاعترافات من الكثير ممن تم اعتقالهم.
هذه التقنيات بحسب التقرير تشمل استخدام أجهزة الصدمات أو الصعق الكهربية، والتعليق في أوضاع مؤلمة، والضرب. بعض من تم احتجازهم أفادوا بأن مسؤولي الأمن هددوهم بالقتل والاغتصاب، أو قتل واغتصاب أفراد من أسرهم، كما تعرض الكثير منهم لأكثر من نوع واحد من هذه الممارسات.
واستخدام هذه التقنيات مجتمعة أو حتى أحدها يخرق قوانين البحرين وكذلك التزاماتها بصفتها دولة طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (اتفاقية مناهضة التعذيب) ومواثيق دولية أخرى.
ونفى حينها مسؤولون بوزارة الداخلية ومن النيابة العامة، في اجتماعات منفصلة عُقدت مع هيومن رايتس ووتش، استخدام قوات الأمن للتعذيب. وقالوا إن التشابه ما بين روايات المحتجزين السابقين دليلٌ على أن مزاعمهم مُلفقة.
لكن هيومن رايتس ووتش انتهت إلى أن روايات الإساءات هذه تتفق مع شهادات لمحتجزين أثاروها سابقاً في المحكمة واطلعوا محاميهم بها. فضلاً عن أن بعض المحتجزين كانوا رهن الحبس الانفرادي لدى ادعاءهم بتعرضهم للإساءات لأول مرة، مما يقلل فرص تلفيقهم للشهادات.
والأهم أن التقارير الطبية التي أعدها أطباء حكوميون، بالإضافة إلى عدة وثائق للمحاكم، قدّمت أقوى تأكيد على أن مزاعم المحتجزين السابقين. في إحدى الحالات برأت المحكمة جميع المدعى عليهم من جميع الاتهامات بحقهم لأن المحكمة انتهت إلى أنه بناء على التقارير الطبية، فقد تعرض المدعى عليهم لانتزاع الاعترافات منهم بالإكراه الجسماني.
ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة البحرينية إلى التحقيق فيما إذا كان وكلاء النيابة قد استجابوا بشكل مناسب لمزاعم المحتجزين بالتعذيب، وما إذا كانت الإجراءات التي اتخذتها النيابة تجعلها متواطئة في تعذيبهم.
وبناء على مقابلات المنظمة مع معتقلي قضايا "الحجيّرة" وقضية "مزرعة كرزكان" وقضية "أحداث جدحفص" ومراجعة سجلات الوثائق، انتهت هيومن رايتس ووتش إلى وجود أدلة موثوقة تُظهر أنه، تم استخدام أجهزة الصعق الكهربائي ضد المحتجزين، وتعليق المحتجزين في أوضاع مؤلمة، وضرب أقدام المحتجزين بالخراطيم المطاطية أو الهراوات، صفع ولكم وركل المحتجزين وضربهم بأدوات، إجبار المحتجزين على الوقوف لفترات طويلة، تهديد المحتجزين بالقتل والاغتصاب.
الأهم في التقرير هو تأكيده إن "ا17 رجلاً تعرفوا على ضابط أو أكثر من التحقيقات الجنائية أو جهاز الأمن الوطني، وزعموا أن هؤلاء شاركوا في تعذيبهم. والضباط المذكورين بالأسماء هم المقدم يوسف العربي والرائد فهد الفضالة والرائد بسام المعراج والملازم عيسى المجالي من إدارة التحقيقات الجنائية، والملازم الأول بدر الغيث من جهاز الأمن الوطني".
وتمكنت هيومن رايتس ووتش من التأكد من أن جميع هؤلاء الرجال هم فعلاً ضباط يعملون بوزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني.
هذا هو يوسف العربي الذي تمت ترقيته بمرسوم ملكي ليكون مديراً للسجون، ليقلق الأهالي على أبنائهم وذويهم المعقلين، مزيد من القلق مع جلّاد آخر، ولا تحسّن في الأوضاع الانسانية للمعتقلين، الذي يعانون خصوصًا في سجنيّ الحوض الجاف وجوّ.