صوفان غروب: الاضطراب يضرب البحرين مرّة أخرى

موقع صوفان غروب - 2016-07-27 - 4:03 م

ترجمة مرآة البحرين

تزداد حدة الانتفاضة التي يقودها الشيعة ضد أسرة آل خليفة الحاكمة، والتي بدأت في فبراير/ شباط 2011، بشكل مفاجئ بعد ثلاثة أعوام من السّكون النّسبي.

وقد سكنت المظاهرات بشكل كبير منذ العام 2013، على الرّغم من أنّ الإصلاحات التي نفّذتها الحكومة كانت قليلة، ومن وجود مؤشّرات قليلة على استكمال حوار وطني فاشل بين الحكومة وقادة المعارضة الشيعية.

على ما يبدو، ولاعتقادها أنّ المعارضة قد هُزمت عمليًا، سعت الحكومة البحرينية إلى سحق المعارضة بشكل كلّي. وفي شهر مايو/أيار، زادت الحكومة عقوبة السجن بحق الشّيخ علي سلمان، وهو قائد الجمعية الرّئيسية الشّيعية المعارضة؛ جمعية الوفاق، من 4 إلى 9 أعوام.

في 14 يونيو/حزيران، علّقت الحكومة البحرينية عمل جمعيّة الوفاق وسعت  في المحاكم البحرينية لحلّ الجمعيّة قانونيًا بشكل كامل. وبعد بضعة أيام، جرّدت الزّعيم الروحي لجمعيّة الوفاق، البالغ من العمر 75 عامًا، وعالم الدين الشّيعي الصّريح الشّيخ عيسى قاسم، الأمر الذي أثار احتجاجات كبيرة في عدة مناطق شيعية،  احتوتها القوّات الأمنيّة. وعلى الرغم من أنّ الاحتجاجات لم تكن واسعة النّطاق كما كان الحال عليه في العام 2011، إلّا أنّ الاضطرابات الجديدة تناقض تأكيد الحكومة أنّ البحرين قد عادت إلى "طبيعتها"، وأنه ليس هناك داعٍ لتقديم المزيد من التّنازلات للمعارضة.

عودة البحرين إلى حالة الاضطراب وفرت لإيران فرصة توسيع تحدّيها، ليس فقط مع حكم آل خليفة الّذي تعتبره ظالمًا للغالبية الشّيعية في البلاد (أكثر من 60% من السكان)، بل مع أعداء إيران الإقليميين الرّئيسيين: السّعوديّة ودول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين وعُمان). القائد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي حذّر من أنّ التّحرك ضد عيسى قاسم "قد يُزيل حاجزًا بين الشّباب البحريني الثّائر والدّولة". وبهذا الصدد، قال اللّواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإسلامي؛ الأداة الّتي توسّع إيران من خلالها نفوذها الإقليمي، إنّ "إسقاط النظام لن يكون سوى جزءًا صغيرًا من تداعيات [إلغاء جنسيّة قاسم]، الّتي ستتضمّن أيضًا المقاومة المسلحة. لسليماني القدرة على دعم أيّ تهديدات إيرانية: وفقًا للتّقرير الأخير للخارجيّة الأمريكية حول الإرهاب، فقد كان الحرس الثوري يؤمّن "الأسلحة والتّمويل والتّدريب للمُسلّحين في البحرين". وأضاف التقرير أنّ الحكومة البحرينية اكتشفت عددًا من مخابئ الأسلحة المُمَوّلة من إيران بالإضافة إلى عمليات نقل أسلحة ومسلّحين، وأغارت عليها وحظرتها".

وكانت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى من أقوى الدّاعمين للأقلية المسلمة السّنية من خلال نظام آل خليفة، بل وصل بها الأمر إلى حدّ التدخّل عسكريًا في العام 2011 لمساعدة قوات الأمن البحرينية المُحاصَرةعلى قمع الاحتجاجات الجماهيرية. وفي تبريرها للتدخل، أعلنت السّعودية أنّها لن تسمح للانتفاضة في البحرين بإيصال سلطة يقودها الشّيعة إلى الحكم، متحالفة مع إيران. وتقديرًا لاعتمادها على دول مجلس التعاون الخليجي، وخاصّة الدعم _السعودي، فإنّ سياسات البحرين الإقليمية داعمة بقوّة للخيارات السعودية. احتياطي النفطي في البحرين استُنفِذ تقريبًا، وتمول الصادرات من حقل النفط السعودي، أبو سعفة، جزءًا كبيرًا من الميزانيّة السّنوية للبحرين.

وتضامنًا مع المملكة العربية السعودية، قطعت البحرين علاقاتها مع إيران في يناير/كانون الثّاني، على خلفيّة الصراع المنبثق من إعدام السعوديّة لعالم الدّين الشّيعي المعارض الشيخ نمر النمر. وعلى الرغم من التحديات الأمنية الداخلية، أرسلت البحرين قوات إلى اليمن لمساعدة الجهود التي تقودها السعودية ضد المتمردين الزيديين الشيعة الحوثيين المدعومين من إيران. لا تملك البحرين الموارد المالية ولا العسكرية لدعم الفصائل المتمردة المناهضة للأسد في سوريا ماديًّا، لكنّها جزء من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في محاربة ما يسمّى بالدّولة الإسلامية. ويوجه الطيارون البحرينيون ضربات ضد أهداف في الدّولة الإسلامية في سوريا. ولا تشارك أيّ من دول مجلس التعاون الخليجي في محاربة قوات الدّولة الإسلامية في العراق، وذلك تنفيذًا لتوافق بين دول مجلس التعاون الخليجي مفاده أنّه من شأن ذلك [محاربة قوات الدولة الإسلاميّة] أن يمثّل دعمًا للميليشيات الشّيعية المدعومة من إيران، التي تحارب الدولة الإسلامية جنبًا إلى جنب مع قوات الأمن العراقية.

يمكن للاضطراب المتجدّد والمستمر في البحرين أن يشكّل تحديات أمنية في المنطقة الأوسع. وفي المنشأة البحرية الرئيسيّة في البحرين (نشاط الدعم البحري-البحرين)، يُدير ما يقارب 8000 عنصرًا من عناصر البحرية الأمريكية جميع العمليات البحرية الاميركية في الخليج الفارسي. وتتضمن هذه العمليات: مواجهة التّحديات الدّوريّة الإيرانيّة للشّحن الدّولي؛ تنظيم تدريبات متعدّدة الأطراف حول مكافحة الألغام ومواضيع أخرى؛ المساهمة في العمليات القائمة على البحر ضد قوات الدولة الإسلامية في سوريا والعراق؛ وإجراء عمليات مكافحة تهريب وانتشار الأسلحة النووية والقرصنة في المياه الإقليمية. ومع ذلك، فقد اتهمت جماعات دوليّة مناهضة لحقوق الإنسان الولايات المتحدة بدعم قمع نظام آل خليفة للمعارضة، وذلك لمصالحها في الحفاظ على الوجود [الأمريكي] البحري في البلاد.

مثل هذه الانتقادات ساهمت بين العامين 2011 و2015 إلى حظر تسليم الولايات المتحدة للأسلحة من طراز "همفي" و"تاو" المضادة للدبّابات، للبحرين، وبالتّالي الحد من الجهود المستمرّة لبناء قدرة البحرين العسكريّة.

علاوة على ذلك،  تشكل التفجيرات الّتي يقوم بها المسلّحون المدعومون من إيران في البلاد خطرًا محتملًا على العناصر العسكريين الأمريكيين المتواجدين في البحرين. يمكن لهذه العوامل يمكن أن تضغط على الولايات المتحدة للتفكير في نقل مقراتها البحريّة في الخليج إلى الميناء التجاري في "جبل علي" في دولة الإمارات العربية المتحدة على سبيل المثال. وقد تسبب إعادة النقل هذه اضطرابّا، على الرّغم من احتمال كونه غير دائم،  للولايات المتّحدة  وعملياتها العسكريّة الإقليميّة مع حلفائها ، بما في ذلك العمليات ضدّ الدولة الإسلاميّة.

 

التّاريخ: 8 يوليو/تموز  2016

النص المصدر


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus