إرين كيلبرايد: على الحكومة البريطانية الجديدة الإصغاء إلى المدافعين عن حقوق الإنسان

إرين كيلبرايد - موقع العربي - 2016-08-18 - 3:28 م

ترجمة مرآة البحرين

في أواخر يوليو/تموز، نشرت وزارة الخارجية البريطانية تحديثًا لتقريرها عن حقوق الإنسان في البحرين. ومن المقدمة إلى المقطع الختامي، يوحي التّقرير بأنّه تم تضليل وزارة الخارجية من قبل حليفتها الخليجية، أو أنّها معروفة بتقليلها من أهمية انتهاكات البحرين. ويشتبه المدافعون عن حقوق الإنسان بأن المسألة قليل من الأمرين.

ويبدأ التقرير كالتّالي: "كان هناك صورة مختلفة عن حقوق الإنسان في البحرين بين يناير/كانون الثّاني ويونيو/حزيران 2016، "تقف في تناقض صارخ مع ما يدعوه المدافعون عن حقوق الإنسان "حملة القمع الأشد سوءًا والأكثر عنفًا منذ العام 2011". ويتواصل استعراض وزارة الخارجية مع قصة متفائلة عن الإصلاح في مملكة اشتُهِرت في العام 2011 على خلفية قمعها للمعارضة السّلمية، وقتلها للمحتجين وتعذيبها للكادر الطّبي وسجنها للمدافعين عن حقوق الإنسان لمدى الحياة في أعقاب محاكمات عسكرية.

على مدى خمس سنوات، لا يوجد شيء "مختلف" بشأن وضع حقوق الإنسان في البحرين. ما زالت التّقارير المستمرة والموثوقة عن التّعذيب تنبثق من مراكز الاحتجاز. يواصل الأهل اصطحاب الأطفال إلى عيادات طبية سرية بعد تفريق شرطة مكافحة الشّغب للمتظاهرين برصاص الشّوزن، لأن المستشفيات العامة ما تزال خطيرة جدًا.

السّجون مكتظة جدًا، والقاصرون محتجزون في زنازين مع البالغين. المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة ما يزال خلف القضبان يقضي حكمًا بالسّجن المؤبد بعد خضوعه لمحاكمة عسكرية.

على مدى سنوات، حذّر المدافعون عن حقوق الإنسان والنّشطاء والمحامون والجماعات الدّولية لحقوق الإنسان من "تفاقم" حملة القمع على حقوق الإنسان والعدد المتقلص للمدافعين عن حقوق الإنسان الباقين في البلاد خارج السّجن، والذين يستطيعون محاربة ذلك.

هذا الصّيف، على الرّغم من أنكم لن تحيطوا علمًا بذلك لدى قراءتكم تقرير وزارة الخارجية البريطانية، حصلت حملة القمع.

في الشّهرين الماضيين، أعاد نظام آل خليفة اعتقال المدافع عن حقوق الإنسان نبيل رجب ووضعه في السّجن الانفرادي. وقد أجبر [النّظام] النّاشطة زينب الخواجة على المغادرة إلى المنفى، بعد تهديدها (وطفلها) بإعادة اعتقالها وباحتجازها إلى أجل غير مسمى.

تم فرض حظر السّفر على أكثر من عشرة مدافعين عن حقوق الإنسان، وكان بعضهم في طريقهم للمشاركة في الأمم المتحدة في جنيف. أسقطت الحكومة الجنسية عن 53 مواطنًا، بمن في ذلك عالم الدّين الشّيعي الأبرز في البلاد، الشّيخ عيسى قاسم. الشّهر الماضي، حلّت محكمة بحرينية رسميًا الجمعية السّياسية المعارضة الأكبر في البلاد.

بعد أسبوع، خرجت المملكة المتحدة بتقرير من وزارة الخارجية أثارت فيه قلقها الأول بعد خمسة مقاطع. مع ذلك، أشادت الفقرة الثّانية  من التّقرير بالحكومة البحرينية "على مواصلتها اتخاذ خطوات لتنفيذ أجندتها الإصلاحية في مجالي السّياسة وحقوق الإنسان".

منذ العام 2011، أرسل دافعو الضّرائب البريطانيون أكثر من 2 مليون جنيه استرليني إلى المملكة كجزء من هذه "الأجندا الإصلاحية"، وهو جهد مشترك تحب الحكومتان التّرويج له.

ويتضمن تقرير وزارة الخارجية دعم المملكة المتحدة لـ "مؤسسات مستقلة للرّقابة وحقوق الإنسان مثل المعهد الوطني لحقوق الإنسان وأمانة التّظلمات التّابعة لوزارة الدّاخلية ولجنة حقوق السّجناء والمعتقلين ووحدة التّحقيقات الخاصة، التي تؤمن رقابة مستقلة لسلوك الشّرطة ومعايير الاحتجاز".

ولعرض الخلاصة بسرعة، يعني هذا أن دافعي الضّرائب البريطانيين يقومون بإرسال 2 مليون جنيه استرليني لتمويل:

  • هيئة مراقبة يُزعَم أنها مستقلة (المعهد الوطني لحقوق الإنسان)، الذي يتم تعيين أعضائه -الذين لا يبالون بكلمة "مستقلة"- من قبل ملك غير مُنتَخَب.

  • أمانة التّظلمات التي تفشل في التّحقيق بشأن مزاعم التّعذيب، بما في ذلك رجل حُكِم عليه بالإعدام.

  • لجنة حقوق السّجناء والمعتقلين، وكثير من أعضائها هم من ذات مكتب الادعاء العام الذي حكم على المدافعين عن حقوق الإنسان بالسّجن على خلفية نشاطهم السّلمي.

  • ووحدة تحقيقات خاصة رفضت توجيه اتهامات جنائية على خلفية تعذيب مراسلة فرانس 24 نويهة سعيد، ذاكرة "نقصًا في الأدلة"، على الرّغم من ثلاثة تقارير طبية مستقلة وتعرف نزيهة على الجلادين.

تم إنفاق ملايين الجنيهات من أموال دافعي الضّرائب البريطانيين على تحسين صورة الحليف الدكتاتوري للمملكة المتحدة، بدلًا من سلوكها. يشير مستخدمو تويتر الآن بتهكم  إلى أسلوب الإصلاح في البحرين #BahrainStyleReforms عند نشرهم صور لللمدافعين عن حقوق الإنسان المعتقلين، ولشرطة الشّغب أثناء إطلاقها الغاز المسيل للدّموع على الأطفال والأجساد المُعَذبة المُمَددة في المشرحة.

في أبريل/نيسان، قال توبياس إلوود لمجلس العموم إن مسؤولي السّفارة البريطانية كانوا على "اتصال مباشر مع أمين التّظلمات"، وأكدوا لوزارة الخارجية البريطانية أنّه "لم يكن هناك ادعاءات بسوء المعاملة أو التّعذيب" في قضية رجل محكوم عليه الآن بالإعدام. وعلى الرّغم من الأدلة السّابقة واللّاحقة على التّعذيب، والتي قدمتها جماعات محلية ودولية لحقوق الإنسان، حافظت وزارة الخارجية على نهج تمسكت به إلى حد كبير في تقريرها الصّادر في يوليو/تموز.

إشارات الوثيقة إلى عدد تقارير انتهاكات حقوق الإنسان التي تلقاها أمين التّظلمات، لكنه لم يبالِ ما إذا تم إجراء تحقيقات تلت ذلك. المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان محمد التّاجر، الذي مثّل مئات ضحايا الانتهاكات من قبل الدّولة في البحرين، قال لفرونت لاين ديفندرز إن "أمين التّظلمات سيتلقى تقارير عن التّعذيب، كما صرحت وزارة الخارجية البريطانية، لكن إن لم يحقق بشأن الانتهاكات، فما فائدة ذلك؟"

في السّنوات التي تلت ثورة البحرين، اعتاد الكثيرون منا، نحن الدّاعون إلى الإصلاح، تسليط الضّوء على الـ 32 مليون دولار التي أفيد أن المملكة أنفقتها على شركات العلاقات العامة، لتحسين سمعتها المتداعية.

اليوم، (وإن بدا أنه سيكون من الصّعب الحصول على أدلة على اهتمام البحرين كثيرًا بصورتها بعد الآن)، يبدو أن دافعي الضّرائب البريطانيين يمولون العلاقات العامة للنّظام، محولين الملايين إلى إصلاحات تجميلية يقول المدافعون عن حقوق الإنسان إنها لم تنهِ الانتهاكات في السّجون.

ويقول كثير من المدافعين عن حقوق الإنسان إنه حان الوقت لكي تسحب المملكة المتحدة مساعدتها التّقنية وتمويلها لنظام السّجون في البحرين، الذي لا يمكن بشكل منطقي النّظر إليه على أنه على طريق الإصلاح.ا لمدون البحريني والمدافع عن حقوق الإنسان علي عبد الإنان، الذي غادر البحرين في العام 2011 ويعيش الآن في بريطانيا، قال لفرونت لاين ديفندرز إنّه لا يمكن للمملكة المتحدة أن تتوقع بشكل منطقي إصلاح نظام عدالة جنائية مسيطر عليه بإحكام من قبل دولة دكتاتورية.

وأضاف أن "الطريقة الأفضل لدعم الحقوق في البحرين هي الضّغط على الحكومة ووقف مبيعات الأسلحة وسحب الدّعم السّياسي وعدم ضخ الأموال إلى مؤسسة حكومية. لا يمكنك إصلاح الجسد إن كان الرّأس بعيد المنال لذلك".

سيد أحمد الوداعي من معهد البحرين للحقوق والدّيمقراطية يقول إن أنماط الدّعم التي توفرها المملكة المتحدة للبحرين تحتاج لأن تتلاءم مع خطوات ذات مغزى تتخذها الحكومة. وأضاف أنه "يمكن للمملكة المتحدة أن تمول أمينًا للتّظلمات "في حال اتخذت البحرين خطوات لتصديق البروتوكول الاختياري بشأن التّعذيب، على سبيل المثال، وعند فعلها ذلك. يجب أن يكون لدى الضّحايا آلية مستقلة للتّبليغ عبرها في حال فشل نظام العدالة المحلي".

ولبى بعض ممثلي المملكة المتحدة دعوات المدافعين البحرينيين عن حقوق الإنسان، منتقدين الدّعم الأعمى لحكومتهم لنظام دكتاتوري  أثبت أنه لا قيمة له. آندي سلوتر، التي ناضلت بنجاح لإنهاء دعم المملكة المتحدة لنظام السّجون المسيء في السّعودية، قالت لصحيفة الغارديان في فبراير/شباط:

"مجددًا نرى الحكومة البريطانية تقدم العون والمساعدة لنظام يمتلك سجلًا مريعًا في مجال حقوق الإنسان. السّلطات البحرينية تقف في موضع الاتهام لإساءتها استخدام الإجراءات القانونية، بما في ذلك الاعترافات القسرية واستخدام التّعذيب".

طريقة العمل الحالية التي تعتمدها المملكة المتحدة هي التّنسيق مع الحكومة البحرينية وتمويلها. وهذا يعني أن آل خليفة لا يتعاونون - في حال رفض أمين تظلمات ممول من قبل المملكة المتحدة التّحقيق بشأن التّعذيب، على سبيل المثال- فإن المملكة المتحدة ستُترَك لتبدو من دون قوة في أحسن الأحوال، ومسؤولة عن التّعذيب المستمر في أسوئها. دعوات المملكة المتحدة لإصلاح حقوق الإنسان في البحرين تأتي عادة في شكل هدايا مالية، وقد حان الوقت لإنهاء ذلك.

الزعماء الجدد لبريطانيا تلقوا إرث البحرين المحرج من حكومة ديفيد كاميرون: مخططات لقاعدة بحرية في دولة خليجية دكتاتورية، مبيعات أسلحة تصل قيمتها إلى أكثر من 76 مليون جنيه استرليني، والتّبديد المستمر لأموال دافعي الضّرائب البريطانيين لإنشاء هيئات "لحقوق الإنسان" موالية للحكومة.

في المقابل، ورثت البحرين من بريطانيا نظام عدالة مدرب على التّعذيب ومشهور به. ولتفادي أخطاء رئيس الوزراء السّابق، على الحكومة الجديدة لتيريزا ماي أن تبدأ بالإصغاء للمدافعين البحرينيين عن حقوق الإنسان، وتوقف دعمها لدولة دكتاتورية عنيفة إلى أن تبدأ تحقيقات مستقلة ويتوقف التّعذيب.

التّاريخ: 12 أغسطس/آب 2016

النّص الأصلي

 

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus