عملت على تشويه صورة الشيخ عيسى قاسم … مارك أوين جونز: البروباغندا السعودية أغرقت تويتر بمليون حساب وهمي
2016-11-04 - 7:19 م
مرآة البحرين (خاص): قال مارك أوين جونز إنّه "أجرى تحقيقًا كشف أن آلاف الحسابات المزيفة على تويتر كانت تحوي هاشتاغات لوثت الخليج بالبروبغندا المناهضة للشّيعة ولإيران" وإن "عددًا منها كان يروج لخطابات تعكس تلك الخاصة بداعش، مثل وصف الشّيعة بالروافض [أي رفضهم للعقيدة الإسلامية الصّحيحة]".
وأشار جونز في دراسة بحثية مفصلة إلى أن "هذه الحسابات تنشر، في أوقات محددة من اليوم، مئات إلى آلاف التّغريدات في السّاعة، الأمر الذي يطغى ويغرق التغريدات الأخرى [التي تعود لحسابات فعلية] والتي تتضمن هاشتاغات مثل البحرين واليمن والسّعودية وغيرها".
وربّما يبلغ عدد هذه الحسابات، التي يبدو من معلوماتها إنها مرتبطة بالسعودية، أكثر من مليون، وهو ما يعادل 40% من مجموع حسابات تويتر في منطقة الشرق الأوسط!
وقال جونز إن "البيانات تشير إلى أن 10,000 تغريدة في اليوم على الأقل كانت تصدر عن هذه الحسابات المشبوهة، التي تركز على هاشتاغات خاصة بالمناطق السّعودية من الرياض إلى القطيف، مع تركيز المضمون بشكل عام على الحكومة السعودية أو السياسة الخارجية السعودية". مع ذلك، لفت جونز إلى أن "نسبة جيدة من هذه التغريدات تستهدف هاشتاغ البحرين واليمن".
وكان جونز قد تسبّب في قيام شبكة تويتر بإيقاف 1800 حساب من هذا النوع، بعد تبليغه عليهم، وتعمل هذه الحسابات بشكل آلي، وتكرّر عادة ذات التغريدة، لتهيمن على هاش تاغ معيّن، بشكل مبرمج.
ومارك أوين جونز، هو عضو منظمة بحرين ووتش، وزميل بحث في مركز الدراسات العربية والإسلامية بجامعة إكستر، وقد حاز على درجة الدكتوراه من جامعة درهام، عن رسالة موضوعها البحرين.
تغريدات الشّيخ عيسى قاسم واليمن والبحرين
جونز أشار في الدراسة إلى أن "الحسابات المثيرة للشك لفتت نظره للمرة الأولى عند إسقاط جنسية الشّيخ عيسى قاسم من قبل السّلطات البحرينية في يونيو/حزيران 2016".
وقال إن "البحث على تويتر عن أي نتائج متعلقة بالشّيخ عيسى قاسم أدى إلى الحصول على مئات التّغريدات المتشابهة، في حسابات يرجح أن رجلًا عربيًا يديرها"، لافتًا إلى أنها لم تكن عملية إعادة تغريد، لكن "الأمر بدا كما لو أن التغريدات تم نسخها وإعادة نشرها من جديد" وأنها "كانت باللغتين العربية والإنجليزية، وكانت كلها متشابهة".
وقال جونز إن "هذه التغريدات، التي أتت في تتابع واضح، تكشف عن عملية «سبام» spam متعمدة لإقناع أولئك المهتمين بالبحث عن معلومات متعلقة بالشّيخ عيسى قاسم، بأنه كان في الواقع إرهابيًا شيعيًا". وأضاف أنه "مع ذلك، وبعد إجرائه بحوثًا أولية، كان من الواضح أن هذا النشاط المريب لم يكن متركزًا على الهاشتاغات المتعلقة بالشّيخ عيسى قاسم، بل بدلًا من ذلك، كان هناك نشاط مماثل فيما يخص هاشتاغات أخرى مثل البحرين والسعودية"، وأنه "سرعان ما لفت النّاشطون الذين يتابعون هاشتاغ اليمن انتباهه إلى نشاط مريب أيضًا قيما يتعلق بهذا الهاشتاغ" لافتًا إلى أن "العملية فاقت توقعاته".
وأشار جونز كذلك إلى الحصار الذي فرضته الحكومة البحرينية على مستخدمي الإنترنت في منطقة الدّراز، من خلال تعطيله في أوقات محددة، لزيادة الضغوط التي تمارسها على المعتصمين.
تغريدات "توب تويت": أنماط دون أي شك
جونز قال إنه في 21 يونيو/حزيران 2016، أجرى بحثًا على تويتر عن عبارة "عيسى قاسم"، وحصل على 628 تغريدة، كان هناك 219 تغريدة متشابهة بينها؛ وكانت تتضمن النّص التّالي: "عيسى قاسم الشيعي الإرهابي يطلب من أنصاره إبادة قوات الأمن البحرينية". جونز قام في 22 يونيو/حزيران بالبحث في تويتر مستخدمًا هاشتاغ البحرين، فحصل على 10887 تغريدة في فترة امتدت 12 ساعة. وبين 10 و12 يوليو/تموز، بحث في تويتر عن هاشتاغ اليمن، فكان أن حصل على 11541 تغريدة في فترة امتدت لـ 48 ساعة.
جونز حلل التغريدات، ولفت إلى أن "الأمر كشف عن أنماط أشارت، من دون أي شك، إلى أن تلك الحسابات مرتبطة بمؤسسة أو فرد أو منظمة ما، بهدف التّرويج لأفكار معينة"، مضيفًا أن بعض "تلك الأنماط تشير إلى أن الحسابات قد تكون جُعِلت آلية على نحو متعمد".
وتوصل جونز إلى أن "هناك فقط عدد محدود من التّغريدات الفريدة، وكل منها يكرر بشكل مستمر من قبل حسابات تويتر في حلقة"، بالإضافة إلى ذلك، "كل تغريدة من كل حساب مشبوه، باستثناء تغريدته الأولى، أُطلِقت من برنامج تويت ديك TweetDeck- وهو البرنامج المفضل للمُسَوقين، إذ يسمح لهم بإدارة عدد من الحسابات من جهاز واحد".
ولفت إلى أن "تحليل الحسابات الجديدة سلط الضوء على نمط مثير للاهتمام. فالتّغريدة الأولى لهذه الحسابات تضمنت مثلًا أو قولًا مأثورًا أو جملة باللّغة العربية، وقد أُطلقت من برنامج "twitter web client، في حين أن بقية التّغريدات أُطلِقت من برنامج تويت ديك"، مضيفًا أنه "اختبر ذلك في حوالي عشرة من الحسابات المسجلة في 23 يونيو/حزيران 2016". أحد الأمثلة كان "البس يحب خناقه".
وأشار جونز إلى أنّ "كل الحسابات لديها عدد مماثل قليل من المتابعين وكذلك الأشخاص الذين تتابعهم، وغالبيتها تتابع مواقع إخبارية متمركزة في السّعودية، تقوم بالدعاية ذاتها"، كما أن "كل الحسابات أنشئت على دفعات في أيام متتالية خلال أشهر معينة"،
وقال إن "الحسابات التي أنشئت في ذات اليوم تميل لأن يكون لها ذات العدد من التغريدات"، موضحًا أن "العلاقة بين تاريخ إنشاء الحساب وعدد التغريدات مثيرة للاهتمام".
ووجد جونز أن "الحسابات التي أنشئت في العام 2016، على النقيض من الحسابات الأخرى، لديها معلومات تعرف عنها وكذلك صورة في أعلى الصفحة. كما أن الحسابات التي أنشِئت بعد يونيو/حزيران 2016 تتضمن أيضًا معلومات عن مسقط الرأس وعن مكان وجود المستخدم. هذه المواقع كانت دائمًا اسم مدينة أو بلدة في السعودية"، لافتًا إلى أنه "بالطبع، فإن وجود هذه البيانات يهدف إلى جعل هذه الحسابات تبدو أكثر مصداقية".
وقال إنه عندما "تنسخ إحدى التغريدات باللغة العربية وتضعها في خاصية البحث في تويتر، فإنك تحصل على التغريدة top tweet، والتي تعود في هذه الحالة إلى الشخص الذي غردها في المرة الأولى. غير أن ما يحصل تقريبًا هو أن الشخص الذي نشر التغريدة للمرة الأولى هو صاحب أحد الحسابات المشبوهة، وعلى وجه التّحديد، فإن عددًا كبيرًا من التّغريدات الأخيرة يبدو صادرًا عن هذه الحسابات المشبوهة التي أنشئت في العام 2016".
بالإضافة إلى ذلك، فإنه بعد إجراء الكثير من الفلترة، وجد جونز أن الكلمة الأكثر شيوعًا هي الله، مع الكثير من الأمثلة أو النكت الدينية، وربما، وفقًا لرأيه، للإيحاء بأن هذه الحسابات هي لأشخاص ورعين أو غير مؤذين.
تغريدات شائعة على هاش تاغ عيسى قاسم
معظم التغريدات كانت على هاشتاغ #السعودية، وتحوي روابط لفيديوهات من قناة saudi 24، وهي تحتفي بالحكومة السعودية وتشيد بالتّدخل في اليمن.
جونز لفت إلى أن "البحث الحالي الذي يجريه مع بحرين ووتش يستكشف المزيد عن هذا الرابط مع السعودية 24"، مشيرًا إلى أنّه "مع ذلك، فإن التّغريدات الطائفية الشائعة على هاشتاغ عيسى قاسم تحمل في ذاتها أهمية خاصة".
وقال جونز "إذا نظرتم إلى الجدول أدناه، ستجدون أن 51 بالمائة (5556) من التّغريدات على هاشتاغ البحرين خلال فترة 12 ساعة شكلت عينة للبحث في 22 يونيو/حزيران 2016، كانت على الأرجح من قبل حسابات آلية ذات أجندة طائفية تحرض على الكراهية. ومن بين التغريدات الـ 5556، كان هناك فقط أربعة فريدة، تم تغرديها مئات أو آلاف المرات من قبل حسابات متعددة".
مكافحة وسائل التواصل الاجتماعي
الأمر المثير للاهتمام هو أن المئات مما يبدو حسابًا آليًا أو مشبوهًا على تويتر تكرر الدعاية الإعلامية التي تجمع بين أفعال العنف والإرهاب والاضطراب، مع كل من الشيعة العرب وإيران.
جونز رأى أن "الأمر يشير بقوة إلى أن المؤسسات أو الأشخاص أو الوكالات ذات الموارد المهمة تخلق عمدًا بروبغندا إعلامية تقسيمية طائفية مناهضة للشّيعة، وتنشرها بطريقة آلية ضخمة"، وقال إن هذه الحسابات فوق ذلك تخلق انطباعًا بأن السياسات، مثل سحب الجنسية من الشيخ عيسى قاسم، تحظى بدعم شعبي واسع الانتشار.
ولفت إلى أن غالبية الحسابات المُكتشفة لا تنشر حاليًا أي تغريدة.
وأشار إلى أن هذا "الدليل يسلط الضوء على أن معظم الخطابات الطائفية على الإنترنت هي ربما متأثرة بهذه المجموعات أو الأشخاص الذين يمتلكون أجندات أيديولوجية خاصة، ولديهم الموارد للقيام بذلك".
ولفت جونز إلى أن "إزالة هذه الحسابات ستؤثر بالتأكيد على الأرقام في المنطقة، التي تقول إن شعب السعودية هو الأكثر استخدامًا لتويتر في منطقة الشّرق الأوسط وشمالي أفريقيا".
وقال إنه "في العام 2014، كان يُعتَقَد أن 40 بالمائة من بين 2.4 مليون مستخدم لتويتر في المنطقة يقيمون في السعودية"، مضيفًا أنه "في حال كان ما يقارب مليونًا من هذه الحسابات زائفًا، فهذا يعني نصف عدد مستخدمي تويتر".
ولفت إلى أنه من المثير للاهتمام، أن أحد الحسابات المشبوهة التي تبين من تحليلها أن غالبية متابعيها وهميون، شهدت تناقصًا في عدد المتابعين بحوالي 100000 في الأسابيع القليلة الماضية.
وأشار إلى أنّه "ليس واضحًا ما إذا كان الأمر عبارة عن أداة آلية أو أشخاصا مدفوع لهم لاستخدام برنامج تويت ديك TweetDeck للتّرويج لأجندة معينة"
وأضاف جونز أنه "على الرّغم من ذلك، سيكون من المنطقي الاستنتاج من الأمر وجود منظمة في السعودية، تعمل، بموافقة الحكومة أو من دونها، على حملة دعاية، واسعة النّطاق، مناهضة للشّيعة ولإيران ولكن مؤيدة للحكومة السّعودية.
تويتر يغرق
ورأى جونز أن هذه العملية "تتناسب مع الأشكال المتعددة لجيوش الترولز على الإنترنت، والتي تهدف إلى التّضليل أو نشر البروباغندا" وقال إن هذه العملية الآلية على الأرجح، جعلت عددا ضخما من التّغريدات يغرق ويخفي ويطغى على المعلومات المفيدة.
وأضاف جونز أن "ذلك يعني أن "أولئك الذين يبحثون عن معلومات شرعية [صحيحة] عن منطقة الخليج يغرقون غالبًا في دعاية تمتد إلى مثل هذا الحد، ما يجعل من إيجاد تغريدات حقيقية أصعب بكثير من البحث عنها في الوقت الفعلي.".
في نهاية المقال، أوضح جونز أنه "يبقى علينا أن نرى ما إذا كانت هذه العملية مدارة من قبل دولة، أو عمل شركة علاقات عامة، أو مشروع فردي من جانب شخص ثري،
ولكن المقياس هو أنّه يؤثر بالتّأكيد على مصداقية تويتر كأداة تسمح للأشخاص بمشاركة وتلقي أفكار من دون عوائق، كما يثير الشّك في قدرة تويتر على الالتزام بمعالجة خطاب الكراهية على الإنترنت".
جونز ختم بالقول إنه "حتى مع وجود أفضل النوايا لدى شركات وسائل التواصل الاجتماعي، يبقى هناك حقيقة محزنة مفادها أن التّأثير العميق لبعض الوكالات أو الدّول يشوه المجال العام على الإنترنت من خلال السماح بشكل غير متناسب لأولئك الذين يملكون السّلطة والمال بتأطير طبيعة الخطاب المتوفر للمستخدمين الآخرين للإنترنت".