البحرين: تقرير من 95 صفحة لـ "العفو الدولية" يؤكد فشل "أمانة التظلمات"و"التحقيق الخاصة"
2016-11-22 - 9:52 م
مرآة البحرين (خاص): انتقدت العفو الدولية عمل منظمتين بحرينيتين تم تأسيسهما للحد من انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرة إلى أن المؤسستين تقاعستا عن حماية المحتجزين من التعذيب وغيره من سوء المعاملة.
التقرير الذي جاء في 95 صفحة قال إن وصف حكومة المملكة المتحدة للأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة على أنهما من المؤسسات النموذجية، لهو وصف غير حكيم بالنظر إلى أوجه القصور التي يبرزها التقرير.
التقرير الذي حمل عنوان "البحرين: تجميل شكلي أم تغيير جذري؟: تقييم أداء هيئات الرقابة على حقوق الإنسان في البحرين" عرض إلى حالات واسعة تؤكد عدم فاعلية المنظمات في وقف الانتهاكات، إضافة إلى عدم استقلالية القضاء... وفيما يلي جزء من التقرير:
استجلب قمع الحكومة البحرينية الوحشي لانتفاضة عام 2011 الكثير من الإدانات الدولية. واستجابت السلطات لتوصية اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي شكلها العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، وعدلت عدداً من القوانين، وأنشأت عدة مؤسسات تُعنى برصد انتهاكات حقوق الإنسان، والتحقيق فيها، وملاحقة الجناة المشتبه في ارتكابهم تلك الانتهاكات.
وتم بالتالي إنشاء الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية، ووحدة التحقيق الخاصة التابعة للنيابة العامة في عام 2012. وتتلقى المؤسستان مساعدات في مجالي التدريب وبناء القدرات من المملكة المتحدة التي تُعد من أعتى حلفاء البحرين.
وتمكنت المؤسستان من إصابة شيء من النجاح وفق بعض المقاييس، ولكن يبرز تقرير منظمة العفو الدولية الحالي كيف تقاعستا حتى الساعة عن ردع انتهاكات حقوق الإنسان بشكل ملموس.
وأضافت رئيسة قسم البحوث ونائبة مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت لين معلوف قائلةً "إن وصف حكومة المملكة المتحدة للأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة على أنهما من المؤسسات النموذجية، لهو وصف غير حكيم بالنظر إلى أوجه القصور التي يبرزها التقرير. وبدلاً من سرد أنصاف الحقائق على العالم بشأن التقدم الذي تحرزه البحرين، حريٌّ بالمملكة المتحدة وغيرها من الحلفاء الدوليين أن تتوقف عن إعطاء الأولوية للدفاع والتعاون الأمني على حساب حقوق الإنسان".
ويمكن القول إن الأمانة العامة للتظلمات كانت فعالة بالمجمل على صعيد إحالة شكاوى التعذيب وغيره من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان إلى وحدة التحقيق الخاصة كي تباشر تحقيقاتها بشأنها. ولكن تقاعست الأمانة في بعض الحالات عن التحرك بسرعة من أجل حماية المحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، أو أنها لم تحقق بفعالية في مزاعمهم، وعدم حصولهم على الرعاية الطبية.
فعلى سبيل المثال، تقاعست الأمانة العامة للتظلمات عن المسارعة إلى زيارة المدافع البحريني عن حقوق الإنسان، حسين جواد، للتحقق من ظروف احتجازه، وضمان عدم تعرضه للتعذيب؛ وذلك على الرغم من التحذيرات الكثيرة التي أطلقتها منظمة العفو الدولية بشأن احتمال تعرضه للتعذيب عقب اعتقاله في 16 فبراير/ شباط 2015. وقال جواد لاحقاً أنه قد جرى تعصيب عينيه، وضربه ويداه مقيدتان خلف ظهره، وتهديده بالاعتداء الجنسي بغية انتزاع "الاعترافات" منه.
وعمدت الأمانة العامة للتظلمات إلى تأخير التحقيق أكثر من سنتين في مزاعم تعرض محمد رمضان للتعذيب، على الرغم من تلقيها إشعارات بهذا الخصوص من عائلة رمضان وإحدى المنظمات غير الحكومية الدولية. ويُذكر أن رمضان عمل حارساً في أمن المطار قبل أن يُحكم عليه بالإعدام عقب إدانته بالضلوع في إحدى التفجيرات.
وعلى الرغم من إحراز وحدة التحقيق الخاصة بعض التقدم على صعيد المساءلة، وملاحقتها 93 عنصراً من قوات الأمن، فلم يتجاوز عدد الذين تمت إدانتهم من بينهم 15 عنصراً من ذوي الرتب الدنيا. ولم تتم أبداً ملاحقة أي ضابط كبير أو مسؤول رفيع ممن أشرفوا على الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان المرتكبة أثناء انتفاضة 2011.
ولم تُحل وحدة التحقيق الخاصة إلى المحاكمة الغالبية العظمى من قضايا التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والوفيات في الحجز، وعمليات القتل غير المشروع. ومن بين ما يقرب من 200 قضية مسجلة منذ انتفاضة 2011، ووثقتها منظمة العفو الدولية، أُحيلت 45 قضية فقط إلى مرحلة المحاكمة.
وتبرز من بين تلك القضايا غير المحالة، قضية الفتى علي حسين نعمة (16 عاماً)، الذي سقط قتيلاً بنيران الشرطة في سبتمبر/ ايلول 2012. وأثبتت الأدلة المصورة، وشهادة الوفاة أنه قد تم إطلاق النار على الفتى من الخلف؛ ومع ذلك، خلصت وحدة التحقيق الخاصة إلى أن الشرطي قد أطلق النار دفاعاً عن النفس، ما يعفيه بالتالي من الملاحقة الجنائية، متذرعةً بأن الفتى القتيل قد ألقى رفقة فتى آخر زجاجات حارقة (مولوتوف) على الشرطة.
واتسم عمل وحدة التحقيق الخاصة بالبطء أيضاً على صعيد النظر في الشكاوى والتعامل معها. واستغرق الأمر محققيها، في إحدى القضايا، أكثر من سنتين قبل أن يقوموا بأخذ الأدلة من أحد سجناء الرأي ادعى تعرضه للتعذيب. وبعبارة أخرى، فلم تتحرك الوحدة إلا بعد ضياع الأدلة الجنائية والطبية التي كان من شأنها أن تعزز من مزاعمه، لو تم توثيقها في حينه.
وعلاوة على ذلك، أخفقت الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة في كسب ثقة الجمهور، ويُعزى ذلك جزئياً إلى الفكرة السائدة بأنهما تفتقران للاستقلالية والحيادية. ويرى الجمهور أن المؤسستين مقربتان أكثر من اللازم لوزارة الداخلية، وغيرها من المؤسسات الحكومية؛ وأخفقتا في إبلاغ الضحايا وعائلاتهم على نحو ملائم بسير تحقيقاتهما، الأمر الذي أجج انعدام الثقة فيهما.
ووصفت الصحفية نزيهة سعيد كيف تعرضت للضرب والركل والإذلال والصعق بالكهرباء أثناء استجوابها على أيدي قوات الأمن في مايو/ أيار 20011. وقامت وحدة التحقيق الخاصة بعد ثلاث سنوات باصطحابها إلى نفس الغرفة التي تعرضت للتعذيب فيها، وذلك من أجل التعرف على جلاديها، وهو ما عرضها للصدمة مجدداً. ولكنها تمكنت مع ذلك من التعرف على خمسة من الجناة المشتبه بهم، ولكن لم تتم محاسبة أحد، وأُغلق ملف التحقيق في قضيتها بداعي "عدم كفاية الأدلة".
وتحمل قضية علي عيسى التاجر أهمية رمزية. وقال التاجر أنه تعرض للتعذيب طوال 25 يوماً أمضاها في الحجز. ومع ذلك، فقد خذلته الأمانة العامة للتظلمات من خلال عدم حرصها على احتجازه في مكان آمن، وعدم توفير الحماية له من التعذيب. وتعرض التاجر للخذلان أيضاً من طرف وحدة التحقيق الخاصة التي تقاعست عن التحقيق بشكل سريع وشامل في مزاعم تعرضه للتعذيب، لا سيما من خلال تقاعسها عن إحالته للعرض على الطبيب الشرعي. وعلاوة على ذلك، خذلته المؤسستان معاً من خلال تقاعسهما عن التحرك بأسرع وقت والاستجابة للمؤشرات التي حذرت من تعرضه للتعذيب، ولم تقوما بإبلاغ عائلته بسير تحقيقاتهما بشكل ملائم.
وقالت لين معلوف "تمتلك الأمانة العامة للتظلمات بوزارة الداخلية، ووحدة التحقيق الخاصة، صلاحية مشتركة تخولهما تحقيق التغيير المنشود، وتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البحرين عموماً. ولكن يتعين عليهما أن تعملا بشكل سريع وشفاف، وتبرهنا على استقلاليتهما إذا ما أرادتا أن تتوخيا الفعالية بكل معنى الكلمة. وينبغي أن يأتي ذلك كله ضمن عملية أوسع نطاقاً تهدف إلى لوضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب والممارسات القمعية، بما في ذلك ضمان استقلال القضاء".
واختتمت لين معلوف تعليقها قائلةً: "قامت الحكومة البحرينية بخطوة هامة عندما أنشأت هاتين المؤسستين، ومنحتهما ولاية تخولهما تحقيق التغيير الفعلي. ويجب عليهما الآن أن تكونا مثالاً يُحتذى، وتُظهرا القدرة على تجاوز العقبات السياسية والقضائية التي تحول دون تحقيق المساءلة في البلاد. وعليهما أن تبرهنا على امتلاكهما الشجاعة والإرادة السياسية اللازمة لجعل الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة مؤسستين على درجة من الصلابة والقوة، بما يكفل منحهما القدرة على الفوز بثقة الجمهور، والقيام بدور الرادع الفعال لانتهاكات حقوق الإنسان".
- 2024-11-13إبراهيم شريف: نصف الدين العام تتحمله مصروفات الديوان الملكي
- 2024-11-12ماذا تريد السلطة من المحكومين بالإعدام؟!
- 2024-11-11رابطة الصحافة البحرينية: "إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية" أصبحت أداة ترهيب وتقييد مباشر لحرية التعبير
- 2024-11-08(الخليج ضد التطبيع) يستنكر الاستثمارات الخليجية في شركة أمريكية متورطة في دعم الإبادة في غزة
- 2024-11-08العلامة الغريفي: لا خلاص للبشرية إلا في ظل الإسلام