في الرد على وزير الداخلية: فضيحة الهروب الكبير
2017-01-10 - 3:13 ص
مرآة البحرين (خاص):
في اجتماعه الذي عقده مع أعضاء مجلس النواب يوم الأحد ( 8 يناير/ كانون الثاني 2017)، أكّد وزير الداخلية راشد بن عبدالله الخليفة أن "الإهمال والتواطؤ من أهم أسباب هروب المحكومين العشرة". جاء ذلك ضمن إطلاعهم على تفاصيل عملية الهروب من سجن جو المركزي.
ورغم أن الداخلية نشرت على إثرها أسماء وصور 4 من الشباب البحرينيين زعمت أنه (مُشتبه) بتورطهم في عملية التهريب، إلا أنها لم تنشر أية صور أو تفاصيل عمّن (اُشتبه) بتورطهم من منتسبيها من رجال الشرطة، ولا نعرف كيف تبيح الداخلية لنفسها التشهير بالمشتبه بهم من المواطنين، والتستر على المشتبه بهم من منتسبيها المرتزقة الذين تشكّل جريمتهم تهديداً أكبر وخطورةً أعظم.
بل أن وزير الداخلية بدا وكأنه يخفف من خطورة هذا التواطؤ حين برّر بأن "موضوع الرشاوي ليس في السجون فقط، بل في كل مكان بالعالم". وسواء اعترفت الداخلية أم لم تعترف، فإن الحقيقة الأهم التي تثبتها هذه الحادثة، هي أن من يُشترى بالمال، يبيع أيضاً من أجل المال. المرتزقة من اليمنيين والأردنيين والسوريين والبلوش والباكستانيين الذين يمثلون قوام اليد الباطشة لجهاز الأمن البحريني، هؤلاء ولاؤهم للمال فقط. وإن كان صحيحاً أن موضوع الرشاوي ليس في السجون فقط بل في كل مكان بالعالم، فإن ما لا يريد وزير الداخلية الاعتراف به، هو أن موضوع الرشاوي والفساد المالي يزداد في البيئة الحاضنة للمرتزقة، خاصة تلك التي تتغذى على المهمات القذرة، فجهاز الأمن البحريني يأتي بهؤلاء من أجل إنجاز مهمّات لا يقبل البحرينيون الشرفاء القيام بها إلا من شذّ، مقابل ما يغدق عليهم من المال والجنسية والسكن والامتيازات. ولهذا، لا شيء يمنع هؤلاء من القيام بالمزيد من المهمّات القذرة، من أجل المزيد من التكسّب، والمزيد من الحصول على الأموال.
لهذا نجد بعض هؤلاء المنتسبين يهرّبون المخدرات والحشيش إلى داخل السجن ويقومون ببيعه على سجناء ومدمنين، ويحيل بعضهم السجن إلى سوق سوداء بتسريب الهواتف النقالة التي لا يزيد سعرها عن 25- 30 دينار بحريني، وبيعها بـ1000 دينار. ولعلّ رواية «جو» التي كتبها السجين السياسي المعتقل (جهاد) من داخل السجن ونشرتها مرآة البحرين، تكفي لتكشف حجم فساد هذا الجهاز، وأن ما يسمّى بمركز التأهيل والإصلاح ما هو إلا وكرٌ لتفشي الفساد الإداري والانحراف الأخلاقي والتردّي الإنساني، وأن من فيه من مرتزقة لا يؤتمنون على شيء.
لقد ظل وزير الداخلية يكرّر أن من هرب من سجن جو هم (عناصر إرهابية)، وهو ما استلزم من وزارة الداخلية نشر قواتها ونقاط تفتيشها على كامل شوارع البحرين، وتعطيل حركة المرور لأكثر من أسبوع حتى الآن، لكن لا يبدو أن أحداً من البحرينيين يشعر بالخوف على نفسه من هروب هذه العناصر الإرهابية، فهم يعرفون أنّهم ليسوا كذلك، وأنهم لا يمثلون خطراً على المواطنين كما تزعم الداخلية، وأن مشكلة هؤلاء هي مع السلطة المستبدة لا الناس، لهذا راح البحرينيون (موالون ومعارضون) يعبّرون؛ لا عن خوفهم وقلقهم من خطر الهاربين، بل نقمتهم على إجراءات الداخلية التي عطّلت حركة المرور وعطّلت وصولهم إلى أعمالهم. وراحو ينسجون القصص والطرائف حول الشاب (رضا الغسرة) الذي تكرّرت محاولات هروبه من قبضة الجلادين 4 مرات حتى الآن. لقد تحوّلت هروبات الغسرة إلى ما يشبه الأسطورة، وصار حديث الناس والشارع ومواقع التواصل الاجتماعي، وصار موضوعا يستخدم للاستهزاء والسخرية بقوات وزير الداخلية، التي عجزت رغم كل استنفارها في الوصول إليه حتى الآن.
نقول لوزير الداخلية: تكفي أسطورة رضا الغسرة كي تضع رأسك في الأرض، وتعترف بخيبة جهازك القائم على جحافل المرتزقة والمتنفعين، لكنّك بدلاً من مراجعة منظومة جهازك الفاسد، أطلقت يدك في حملة اعتقالات واسعة جديدة، وانتقمت من هروب 10 مساجين باعتقال 45 بدلاً منهم حتى اليوم، ورحت تجهّز لسيناريو رواية جديدة تداري بها خيباتك، وأربكت المواطنين في الشوارع وروّعت الأهالي في القرى، وذهبت إلى المجلس النيابي تترجى تشريعات لتطلق يدك بالبطش أكثر.
نقول لوزير الداخلية: لو كنت وزيراً يحترم نفسه، لكان أقل ما تقوم به بعد هذا الحدث الفاضح، هو تقديم استقالة فورية تداري بها فضيحة جهازك الكبرى. لا أقل من استقالة شبيهة بتلك التي قدّمها وزير الداخلية العراقي محمد الغبان بعد ثلاثة أيام من تفجير الكرادة وسط بغداد الذي راح ضحيته العشرات، والذي أعلن فيها: "إني ماض في موضوع استقالتي وتراجعي عنها مرهون بإصلاح المؤسسة الأمنية"!