» رأي
نظام يحصد الجنائز وشعب يحصد الجوائز
محمد نجم - 2012-03-29 - 8:28 ص
محمد نجم*
يبدو النظام الفاشي مع شعبه في البحرين كحال طالبين في المدرسة أحدهما مجتهد ورشيق ومجد ويحصد العلامات والآخر سمين وكسول ومن "الذين يحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا" كما يقول القرآن الكريم، ومع ذلك لا يحاول الكسول أن يجد ويغير من طريقته بل يمعن في الكسل واستعراض الغباء والتباهي بالهبل أو يمارس العدوان على زميله المجد حسدا وعدوانا.
وهكذا بينما كان جلاوزة النظام في لقاءاتهم وأحاديثهم لا يبشرون إلا بالتنكيل والبطش ويحذرون المعارضة من الأسوأ ولا يفعلون شيئا لتصحيح كسلهم وإخفاقهم في كسب الرأي الدولي كانت قوى الشعب بمختلف مؤسساتها المدنية والمهنية تحصد جوائز التقدير العالمية تثمينا لنضالها وحضاريتها وسلميتها.
وبينما كانت أبواق ليبراليي القبيلة من الحداثويين ومدعي "حماية الحداثة من غول الفقهاء" مثل عبدالله خليفة وعثمان الماجد وسعيد الحمد ويوسف الحمدان وإسحاق آل الشيخ وفوزية رشيد وأحمد جمعة وبقية التنابل تحذر من سقوط دولة القبيلة لأنها "الحامي الأمين للحريات والحصن الحصين للحضارة والمدنية والسد المنيع بوجه الرجعية"، لم يستطع هؤلاء أن يفسروا لنا على كثر تفسيراتهم "الفيزيائية والنظرية" كيف لحركة معارضة متهمة باللامدنية أن تحصد كل هذا التعاطف العالمي من قوى المنظمات المدنية اللاحكومية الدولية الرصينة، بينما يفشل النظام في أن يحرز تأييدا غير من لوبي بيع السلاح في الولايات المتحدة وبريطانيا.
كيف لحركة رجعية كما يزعم هؤلاء طلاب السلامة الشخصية وممن يحرك آراءهم الخوف والطمع الشخصي أكثر من أي شيء آخر، كيف لحركة كهذه أن تجني دعم العالم المتحضر بينما لم تجن الحكومة التي هي "حصان المدنية والتطور الرأسمالي الحر" كما يبشرنا عبدالله خليفة في ديماغوجياته التي تـُكتب في برج مغلق حيث لا زمان ولا أحداث ولا وقائع ولا تواريخ ولا شخوص بل مجرد تناسل الأفكار من الأفكار والكلمات من الكلمات في لعبة لغوية محضة تذكر بأوائل الكتابات اليسارية ما قبل الكومبيوتر والانترنت، كيف لحكومة "مدنية" كهذه أن يكون أول من يلفظها ويدينها هو المجتمع الغربي والثقافة الغربية ويقبل بغريمها بل ويمنحه الجوائز !!!
لقد شهد عاما 2011 و 2012 احتفاء العالم المتمدن بهذا الشعب العظيم المنسي والمقصي بين جيرانه ومحيطه العربي برغم أنه يصرخ بدم عربي الانتماء والهوى والهوية وحصدت القوى الشعبية والمدنية التي تعرضت لانتهاكات النظام قتلا وفصلا واعتقالا وتهجيرا على جوائز دولية مرموقة من المنظمات الدولية وارتفع سهم الحركة المطلبية بسلميتها وحضاريتها، بينما ظل النظام يحصد مزيدا من أسلحة القتل وجماجم الشهداء وأضلاع المعتقلين وفشل هو وجوقته في كسب أي تقدير دولي مستقل حتى اضطر لإقامة دورة ألعاب خليجية تلاعب مسبقا في نتائجها لتفوز منتخباته بمعظم جوائزها. ونظم معارض ومؤتمرات لها علاقة عكسية بمجريات الأمور على أرضه، فما علاقة بلد ينتهك حرية التعبير ولديه أكثر من مائة صحفي ومشتغل بالصحافة مفصولين ومعتقلين ومطاردين بإقامة مؤتمر لحرية الصحافة وما علاقة حكومة دمرت البيئة الطبيعية دفنا واستملاكا بإقامة معرض للانتاج الطبيعي والحيواني وما علاقة بلد يسجن ويفصل المثقفين بإقامة عاصمة للثقافة ومعرض للكتاب.
لقد صحا الكثيرون من منظمات المجتمع المدني والمهني العالمي على حقيقة أنهم بإزاء شعب مظلوم ومنسي وملغي من تاريخ العالم فمنحت لجنة حماية الصحافيين بنيويورك رئيس تحرير صحيفة "الوسط" البحرينية د. منصور الجمري الجائزة الدولية لحرية الصحافة 2011، مع كل من: ناتاليا ردينة (روسيا البيضاء)، وخافيير أرتورو فالديز كاردين (المكسيك)، وعمر شيما (باكستان). وحاز النائب السابق والمعتقل المفرج عنه الحالي عضو كتلة الوفاق النيابية الشاب مطر مطر على جائزة "القادة الديمقراطيين" التي تقدمها منظمة مشروع الشرق الأوسط للديمقراطية (pomed) تقديرا لالتزامه الراسخ بالإصلاح السياسي في البحرين. ومنح مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين الناشط الحقوقي ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب جائزة إيون رايتو للديمقراطية لعام 2011 بصفته أحد مؤسسي حركة حقوق الإنسان في البحرين ولعمله بلا كلل لمواجهة الخطر المحدق بالحريات الديمقراطية والحقوق المدنية للمواطنين البحرينيين. ومنحت جمعية دراسات الشرق الأوسط في أميركا الشمالية بتاريخ 3 ديسمبر 2011 جائزة الحريات الأكاديمية إلى جميع أعضاء الهيئة التدريسية والطلبة وموظفي مؤسسات التعليم العالي البحرينية لأنهم تحدوا الانتهاكات وقاموا بتوثيقها ولانخراطهم في الأشكال الأخرى من التصدي للاعتداءات الوحشية على استقلالية وسلامة المؤسسات التعليمية. أما أخيرا، فقد منح اتحاد عمال أميركا AFL-CIO جائزة جورج ميني لعام 2012 للدفاع عن حقوق العمال وحقوق الإنسان إلى كل من الأمين العام والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين مشاركة أيضا مع الاتحاد التونسي للشغل تقديرا لدورهما في حركة الربيع العربي المطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
هكذا يبدو الطرفان في افتراقهما باتجاهين متباعدين متضادين، شعبٌ يقدم دمه وقوته ودموعه ليحصل على حريته وحقه في تقرير مصيره فينكره ويتجاهله بل و يغدر به الأدنون، بينما يقدره وينحني له الأبعدون ونظام لا يجد ما يفخر به إلا أنه استطاع أن يكسب صفقة السلاح الأمريكي والبريطاني وأنه كان أول من جلب درع الجزيرة لحل نزاع داخلي وأنه يمارس قصة حب من طرف واحد بالإلحاح على الاتحاد مع دول غير راغبة فيه وهو يعلق أعلامها ويضع جيوشها على أراضيه، وتلك الدول تغني له ساخرة من إلحاحه على الوحدة معها حد إحراجها "هي وهاي وهوة، ها ها، الحب مو بالقوة، ها ها"