التقرير الأمريكي للحرية الدينية: التمييز مستمر في البحرين وأكثر من 80 رجل دين تعرضوا للتحقيق ومنع السفر

2017-04-27 - 3:16 م

مرآة البحرين: نشرت صحيفة الوسط المحلية ملخصاً لتقرير وضعته اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية، وحددت فيه وضع البحرين في المستوى الثاني (Tier 2) على مستوى الحريات الدينية الذي يضم «البلدان الأخرى التي تتم مراقبتها» في تقريرها السنوي للعام 2017، بسبب ما اعتبرته «تدهور أحوال الحرية الدينية».

ويقدم التقرير السنوي للعام 2017، نتائج عمل المفوضين وفريق العمل المهنيين خلال العام وذلك من أجل توثيق الانتهاكات التي تحدث على أرض الواقع وتقديم توصيات مستقلة لسياسات الحكومة الأميركية، ويغطي التقرير السنوي للعام 2017، السنة الميلادية 2016 إلى فبراير2017.

وصنفت اللجنة 16 دولة ضمن الدول التي «تثير قلقاً خاصاً» على صعيد الحرية الدينية (Tier1)، فيما جاءت البحرين ضمن 12 دولة في المستوى الثاني (Tier 2)، وتمثل الدول التي تواجه فيها الحريات الدينية انتهاكات ولكنها لا تصل للمعايير التي تعتمد عليها اللجنة للوصول لمرحلة «القلق الخاص»

وجاء فريق عمل اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية في يوليو/ تموز 2017 إلى البحرين لتقييم أوضاع الحرية الدينية والاجتماع مع مسئولي السفارة الأميركية ونائب رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وممثلي المجتمع المدني والطوائف الدينية. وأشار التقرير إلى تدهور الحرية الدينية في البحرين، وخصوصاً على صعيد الزيادة الحادة في عدد التحقيقات والإدانات لعدد من رجال الدين، بالإضافة لمنع بعض رجال الدين من الدخول إلى مساجد محددة لأداء صلاة الجمعة أو إعطاء الخطب أو تقديم الخدمات الدينية الأخرى.

وجاء في التقرير: «على الرغم من أن المسئولين في الكثير من الأحيان يدلون بتصريحات علنية تدين الكراهية الطائفية والعنف، إلا أنهم استمروا في التمييز ضد البعض في الوظائف الحكومية والخدمات العامة والاجتماعية الأخرى، كما دعمت الخطابات الطائفية التي تبثها بعض وسائل الإعلام»

وواصل التقرير: «على رغم أن الحكومة استمرت في إحراز تقدم في تنفيذ بعض التوصيات الصادرة عن تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، إلا أنها لم تنفذ التوصيات بشكل كامل والتي من شأنها تحسين ظروف الحرية الدينية».

وقدمت اللجنة عدد من التوصيات إلى حكومة الولايات المتحدة الأميركية، تمثلت في معالجة قضايا الحرية الدينية مع الحكومة البحرينية سواء سراً أو علناً، والضغط على المسئولين رفيعي المستوى والإفراج غير المشروط عن سجناء الرأي والمدافعين عن الحرية الدينية، ثم الضغط على حكومة البحرين لعلاج السجناء والسماح لهم بمقابلة أسرهم ومقابلة مراقبي حقوق الإنسان وتوفير الرعاية الطبية الكافية لهم وتعيين محامين لهم وتمكينهم من ممارسة شعائرهم الدينية.

وكذلك حث الحكومة على عدم استهدافها للأفراد، ولاسيما الزعماء الدينيين وعدم استهدافهم على أساس الدين أو المعتقد أو بسبب الدفاع عن حقوق الإنسان والحرية الدينية، وإلى ضمان تقديم رسائل واضحة ومتسقة في جميع مستويات الحكومة الأميركية طبقاً لحقوق الإنسان في البحرين والتزامات الحرية الدينية وفقاً للقانون الدولي.

كما أوصت اللجنة الحكومة الأميركية بالمساعدة في تدريب الجهات الحكومية، وتشمل المسؤولين الأمنيين وأعضاء النيابة العامة والقضاة لمواجهة العنف الطائفي والتحريض على أعمال العنف بشكل أفضل بما يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإدخال المجتمع المدني البحريني والزعماء الدينيين في برامج التبادل وبرامج الزائر الأميركي التي تقوي التسامح الديني والتفاهم بين الأديان وتعزز من الحوار بين الأديان.

ودعت الحكومة الأميركية إلى حث الحكومة البحرينية على تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق البحرينية بشكل كامل، بما في ذلك تلك التوصيات المتعلقة بحرية الدين والمعتقد والتحريض الطائفي ومحاسبة مرتكبي انتهاكات تمت في الماضي على هذا الصعيد.

كما أوصتها بتحمل مسئولية إجراء تقييم سنوي عام عن التقدم البحريني المحقق في تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، أو تحديد أنه لم يتم إحراز أي تقدم، وحثت الحكومة على تعويض الجهات التي أنفقت من أموالها الخاصة في إعادة بناء سبع مساجد ومنشآت دينية هدمت في العام 2011، وحث الحكومة البحرينية على تمرير قانون في مجلس الشورى يتصدى للتحريض على العنف في وسائل الإعلام، ويضمن الامتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

ودعت كذلك إلى حث الحكومة البحرينية على التعاون بشكل كامل مع الجهات الدولية بخصوص قضايا حقوق الإنسان، من خلال إرسال دعوات من المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بحرية الدين أو المعتقد.

,أشار التقرير إلى استهداف السلطات البحرينية خلال العام الماضي عدداً من رجال الدين الذين لا ينتمي الكثير منهم إلى أي كيان سياسي مع العديد من أعضاء المعارضة السياسية ونشطاء حقوق الإنسان الذين يقضون أحكاماً بالسجن أو يواجهون تهماً جنائية.

وجاء في التقرير: «ادعت الحكومة البحرينية أن بعض رجال الدين لهم علاقة بإيران، على الرغم من عدم توجيه تهم جنائية إليهم بناء على هذه الإدعاءات. وحيث أنكر رجال الدين البحرينيون وجود أي علاقة تآمرية مع إيران ويقولون إن رابطهم الأساسي مع هذه الدولة هو الحصول على تعليم ديني في مقاطعة قم في إيران، وهو أكبر مركز للدراسات الدينية الشيعية في العالم».

ذكر التقرير أن السلطات البحرينية استجوبت أو اتهمت أو حكمت منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي على ما لا يقل عن 80 رجل دين، وفرضت حظر السفر على العديد منهم. وأنها وجهت على سبيل المثال، اتهام إلى الشيخ محمد المنسي بإعطائه خطبة غير مصرح بها والتحريض على الكراهية ضد النظام، بالإضافة إلى منع رجل الدين محمد صنقور من خطب صلاة الجمعة في مسجد الإمام الصادق في الدراز في يونيو 2016، واتُهم صنقور بالتحريض ضد النظام والخطابة بدون تصريح في يوليو/ تموز ولا تزال القضية مستمرة.

كما تطرق التقرير إلى إدانة المحكمة الشيخ علي حميدان في أغسطس/ آب 2016 بالتجمع غير القانوني وحكمت عليه بالسجن لمدة سنة واحدة بسبب مشاركته في تجمع سلمي خارج منزل الشيخ عيسى قاسم، والأخير تم تجريده من الجنسية في يونيو الماضي.

ولفت التقرير إلى اندلاع احتجاجات واسعة في الدراز مباشرة بعد تجريد قاسم من الجنسية، مما أدى إلى وجود أمني مكثف وانعدام القدرة على الوصول إلى المكان، وواجه ثمانية رجال دين آخرين على الأقل تهماً مماثلة في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير.

كما أشار إلى استجواب رجل الدين والناشط في مجال الحرية الدينية ميثم السلمان لمدة 24 ساعة، واتهم في وقت لاحق بالتجمع غير القانوني؛ وإن قضيته مازالت معلقة في نهاية الفترة المشمولة بالتقرير، بالإضافة إلى استجوابه في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2015 سبب انتقاده لسياسات الحكومة البحرينية ودفاعه عن الحرية الدينية، وفي مارس/ آذار 2016، وجهت إليه تهمة «التعبير عن رأيه بخصوص قضية لا تزال في المحكمة» والتحريض على كراهية النظام وإهانة الرموز الدينية. وتناول التقرير حل جمعية الوفاق، ومحاكمة الشخصيات السياسية المؤيدة للوفاق، وذلك بتهم سياسية ولكن لها أيضاً آثار مترتبة على الحرية الدينية. ولفتت إلى إعلان وزارة الداخلية في يونيو الماضي سحب الجنسية من الشيخ قاسم، على الرغم من أنه ليس له أي انتماء رسمي مع المجتمع السياسي، وتم اتهامه بغسيل الأموال، على الرغم من أن محاميه يقول هذه التهم لا أساس لها من الصحة وتم تأجيل محاكمته عدة مرات ولا تزال القضية مستمرة. كما أشارت اللجنة إلى ما اعتبرته مناوشات محدودة بين المحتجين وقوات الأمن حول منزله في الدراز منذ توجيه الاتهام إلى الشيخ قاسم، وحُكم على ما لا يقل عن 19 من المتهمين منذ أغسطس 2016 بالسجن لمدة 23 عاماً في تسع قضايا منفصلة بخصوص التجمع حول منطقة الدراز.

وأعقب سحب جنسية الشيخ قاسم حل جمعية الوفاق والسيطرة على أصولها وذلك بتهمة أنها وفرت «بيئة مشجعة للإرهاب والتطرف والعنف، وهي التهمة التي نفتها جمعية الوفاق واستأنفت على الحكم.

كما أشارت إلى الحكم بالسجن على الأمين العام السابق لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان في ديسمبر 2016، والذي حكم عليه بالسجن لمدة تسع سنوات في إعادة المحاكمة التي أمرت بها محكمة الاستئاف في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأكدت محكمة الاستئناف البحرينية في مايو/ أيار 2016 حكم إدانة الشيخ سلمان الصادر في يونيو 2015، وزيادة عقوبته من أربع سنوات إلى تسع سنوات.

وأدين الشيخ سلمان بمجموعة من الاتهامات تتعلق بالأمن، بما في ذلك التحريض على تغيير النظام وإهانة وزارة الداخلية، وانتقد خبراء الأمم المتحدة هذه الاتهامات بوصفها انتهاكات لحريات التعبير وتكوين الجمعيات وحرية الدين، وطالبت بإطلاق سراحه دون قيد أو شرط.

وذكرت اللجنة في تقريرها أن مسئولي الحكومة واصلوا الحد من اللغة الطائفية في وسائل الإعلام، إلا أن بعض وسائل الإعلام واصلت في بعض الأحيان استخدام الخطابات التحريضية والطائفية.

وقالت إن البرلمان لم يمرر قوانين الإعلام التي من شأنها الحد من التحريض على العنف والكراهية والطائفية على النحو الموصى به في تقرير لجنة تقصي الحقائق، ومع ذلك، فقد تم توجيه الاتهام لبعض الأفراد ومحاكمتهم بتهمة التحريض على الكراهية والعنف.

وأشارت إلى أن البرلمان أقر في مايو 2016 تعديلاً على المادة الخامسة من قانون الجمعيات السياسية الذي يمنع رجال الدين الذين يقدمون الخطب من الانضمام للجمعيات السياسية التي تشارك في أي نشاط سياسي، كما ينص القانون على أنه لا يجوز «لرؤساء وقادة الجمعيات السياسية أن يكونوا دعاة دينيين، حتى لو كانوا يشغلون منصب في الجمعيات من دون تقاضي أي أجر».

وتطرقت اللجنة استناداً إلى تقارير واردة في هذا الشأن، إلى تدخل السلطات في بعض احتفالات عاشوراء وإزالة لافتات عاشوراء من بعض المواقع، وأن المسئولين البحرينيين زعموا أنهم اضطروا إلى التدخل بسبب التخريب المفرط والنهب من قبل الشباب وألقوا القبض على عدة أشخاص. وبالإضافة إلى ذلك، تم التحقيق مع خمسة رجال دين على الأقل، بسبب الخطابات التي ألقوها خلال إحياء ذكرى عاشوراء.

أما على صعيد تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، فأعلنت الحكومة البحرينية في مايو 2016، أنها نفذت 26 توصية من توصيات لجنة تقصي الحقائق، بما في ذلك تلك التوصيات المتعلقة بحرية الدين أو المعتقد. ومع ذلك، جماعات حقوق الإنسان ووزارة الخارجية الأميركية يختلفون مع هذا التقييم، وخلصت إلى أنه تم تنفيذ بعض التوصيات فقط، في حين أن البعض الآخر إما تم تنفيذه بشكل جزئي أو لم يتم تنفيذه على الإطلاق.

وكشف تقرير وزارة الخارجية الأميركية الذي يقيم تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، عن أن «هناك الكثير من الأعمال لم يتم تنفيذها»، بما في ذلك في المجالات المتعلقة بالحرية الدينية والتحريض الطائفي.

وأشار التقرير إلى أنه على الرغم من الموعد النهائي الذي حددتها الحكومة البحرينية بنفسها في نهاية العام 2014، إلا أنها لم تكمل إعادة بناء 30 من المساجد والمنشآت الدينية التي دمرت بشكل كامل والمحددة في تقرير لجنة تقصي الحقائق.

وجاء في التقرير: «أعلنت الحكومة في يوليو 2016، أنها قد أنفقت ما يقرب من 10 ملايين دولار أميركي، مقارنة بثمانية ملايين دولار أميركي أنفقتها في العام السابق لإعادة بناء المساجد والمنشآت الدينية المهدمة، أي أكثر من ضعف ما تعهدت به في العام 2012».

وأضاف التقرير: «أعلنت الحكومة علناً في مايو أنها أنجزت إعادة بناء المساجد والمنشآت الدينية وكلها كانت جاهزة للاستخدام، وعلى الرغم من هذا الادعاء، فقد أنجزت الحكومة 20 فقط من هذه المنشآت، ومعظمها جاهز للاستخدام، وقام مواطنون بإعادة بناء سبعة مبانٍ أخرى. فيما هناك ثلاثة مباني تحتاج موافقة قانونية وإدارية ولم يحرز أي تقدم في إعادة بنائها».

وذكرت الحكومة - وفقاً للتقرير - أنها ساعدت في إعطاء التصاريح القانونية لسبعة منشآت تم إعادة بنائها من قبل المواطنين، ولكن على الرغم من إبداء الرغبة في دفع التكاليف المالية، إلا أن المسئولين لم يدفعوا أي مبالغ لهؤلاء».

وأعلنت الحكومة البحرينية ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، أنها دفعت للمواطنين تكاليف إعادة البناء من خلال المدفوعات المقدمة إلى إدارة الأوقاف الجعفرية؛ ومع ذلك نفى مواطنون هذا الادعاء.

ذكر التقرير أن الحكومة البحرينية أنشأت كيانات للتعامل والمحاسبة على الانتهاكات، بما في ذلك صندوق تعويض المتضررين للتعويض عن الوفيات والإصابات الناجمة عن أحداث العام 2011، وكذلك الأمانة العامة للتظلمات في وزارة الداخلية لضمان الالتزام بمعايير العمل الشرطي، وتلقي تقارير عن سوء السلوك وذلك على النحو الموصى به في تقرير لجنة تقصي الحقائق.

ولكنه أشار إلى أنه مع ذلك، لا تزال الحكومة لم تحاسب كبار المسئولين الأمنيين بشكل كافٍ عن الانتهاكات الخطيرة.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus