معهد الشرق الأوسط: فرقة من الإخوان المسلمين؟ دور البحرين في أزمة قطر

المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المعتقل محمد بديع يتوسط أمين عام الإخوان المسلمين في البحرين عبداللطيف الشيخ وقياددين في الحركة   (أرشيفية)
المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المعتقل محمد بديع يتوسط أمين عام الإخوان المسلمين في البحرين عبداللطيف الشيخ وقياددين في الحركة (أرشيفية)

كيلي مور جيلبرت - موقع معهد الشرق الأوسط - 2017-08-29 - 5:36 ص

ترجمة مرآة البحرين

الأزمة التي اجتاحت مجلس التّعاون الخليجي منذ 5 يونيو/حزيران 2017، وأدّت إلى حصار دبلوماسي واقتصادي لم يسبق له مثيل لقطر، قسمت الخليج فعليًا إلى ثلاثة معسكرات، ونتج عن ذلك كسر وحدة تحالف لطالما افتخرت بالاستقرار والأمن.

لم تتردد البحرين في دخول المعركة منذ اليوم الأول للأزمة، وسرعان ما انضمت إلى السّعوديين والمصريين والإماراتيين في خوض معركة مع قطر. مع ذلك، لم يُكتَب إلا القليل جدًا عن مشاركة البحرين، على الرّغم من عدد من التّناقضات التي تشير إلى أن الدّولة الخليجية الصّغيرة فضّلت على الأرجح حلًا تفاوضيًا بدلًا من مواجهة مفتوحة مع جارتها الشرقية. ما الذي يفسر قرار البحرين بالمشاركة أساسًا؟

نظرة عامة إلى الأزمة

كُتِب الكثير عن دوافع الكتلة التي تتزعمها السعودية والإمارات العربية المتحدة، وانضمت إليها البحرين ومصر، والحكومة اليمنية في المنفى، ومجلس النواب الليبي في طبرق، لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر. تبنت كل من قطر وعمان مواقفهما التّقليدية كوسطاء غير متحيزين في الأزمة، مع لعب الكويت دورًا ناشطًا في تسهيل المفاوضات بين الجانبين وتأكيد عمان على حيادها وسعيها إلى الخروج من الأزمة  بقدر استطاعتها.

المطالب التي وجهتها الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى قطر عميقة الجذور وبعيدة المدى، وهي تتكون أساسًا من إجراءات لاحتواء السياسة الخارجية المغامِرة لدولة قطر، التي تنغرس كشوكة في خاصرة جيرانها الخليجيين. اللائحة التي تتضمن 13 مطلبًا، والصادرة عن الكتلة، تركز على جعل قطر تنسق في  مجالات السياسة العامة التي تتعلق بتقديرات التّهديدات الدّاخلية في السعودية بشكل رئيسي، وكذلك الإمارات العربية المتحدة ومصر، -وتحديدًا، دعم قطر للجماعات الموالية للإخوان المسلمين، وبعض الفصائل الأصولية السّنية التي تقاتل في سوريا وبعض منظمات المعارضة الداخلية في هذه الدول، بالإضافة إلى البحرين.

التّهديدات القطرية المُتَصورة لأمن نظام الدّول المقاطعة تمتد أيضًا إلى وسائل الإعلام المُمَولة من قبل قطر مثل قناة الجزيرة، التي دفعت تغطيتها المستقلة ظاهريًا للقضايا السّياسية في مصر والخليج تحديدًا جيران قطر إلى اتهامها بتحريك الاضطرابات في قضاياهم الدّاخلية. كما تطالب الرياض وأبو ظبي بأن تندرج الدّوحة في خط ومسألة اهتمامهما الجيوسياسي الأساسي: مواجهة تهديد النّفوذ الإيراني في الخليج والشرق الأوسط على حد سواء. وبالفعل، فإن البند الأول على لائحة المطالب يتطلب من قطر خفض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران وكذلك وقف التعاون العسكري والاستخباراتي معها.

وقد أشار كثيرون إلى المعايير المزدوجة التي تم توظيفها [في النزاع] حيث تتهم السعودية والإمارات العربية المتحدة قطر بتمويل منظمات إرهابية في العراق وسوريا، في حين تم ربط هذه الدّول نفسها (جنبًا إلى جنب مع الكويت)  بتمويل شبكات الإرهاب السنية، وهي ترعى علنًا فصائل أصولية سنية بديلة في سوريا. وبالمثل، يُقَدّر أن التجارة الإماراتية مع إيران أكثر من قطر، ويقيم عدد من الدول الخليجية علاقات ودية مع طهران، بما في ذلك الكويت وعمان -وكلاهما رفضتا الانضمام إلى السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة في سحب سفرائهم [من إيران] في أعقاب الأزمة الدبلوماسية التي أحاطت بإعدام رجل الدين الشّيعي نمر النمر.

فهم العلاقة البحرينية-القطرية

لم تتردد البحرين في المشاركة منذ اليوم الأول للأزمة، وسرعان ما انضمت إلى السّعوديين والمصريين والإماراتيين في خوض معركة مع قطر. وكما هو الحال بالنّسبة لقطر، كانت الحكومة البحرينية قد اتُّهِمت أيضًا بالتّباطؤ في إغلاق الشّبكات الممولة للإرهاب، ووقف المشاركة البحرينية في مجموعات مثل القاعدة وداعش. قطع البحرين للعلاقات الدبلوماسية مع قطر، بسبب العلاقة الوثيقة للدّوحة مع الإخوان المسلمين أمر مُحَير بشكل خاص، نظرًا لكون جماعة الإخوان المسلمين في البحرين يعملون كجمعية سياسية منتظمة وفقًا للقانون، وقد فازوا بمقاعد في البرلمان البحريني لمرات عدة. ويبدو أن البحرين هي الدولة الوحيدة في العالم العربي التي توالي فيها جماعة الإخوان المسلمون الحكومة، ولا يُنظَر إليها كتهديد لاستقرار النّظام. وهذا يشكل تناقضًا صارخًا مع النّهج السعودي والإماراتي، الذي تنبع حملته العدوانية ضد الإخوان المسلمين في مصر وغيرها من الدول من المخاوف من أنّه يمكن للقاعدة الشّعبية للإخوان المسلمين أن تشكل تهديدًا جوهريًا للشّرعية الملكية في الوطن [البحرين]. ما الذي يفسر الموقف المتناقض للبحرين، وهل تستطيع المنامة الحفاظ عليه مع بدء الأزمة القطرية بشهرها الثالث؟

لطالما كانت علاقة البحرين مع قطر متقلبة؛ غير أنّ علاقاتهما الثنائية تحسنت فعلًا في السّنوات الأخيرة، مع إنهاء الأزمة الحالية لعدد من المشاريع المشتركة الطموحة، بما في ذلك اقتراح نوقش كثيرًا لبناء "جسر صداقة" يربط بين البلدين. وغالبية التقلب في العلاقة بين قطر والبحرين ناتج عن علاقاتهما العائلية الوثيقة وإرثهما القبلي. لقد احتلت عائلة آل خليفة المالكة في البحرين الجزيرة في العام 1783 انطلاقًا من قاعدتها في الزبارة، أي دولة قطر حاليًا، وظلت تسيطر على الزبارة وأجزاء أخرى من قطر حتى القرن التاسع عشر، حين أُجبِروا على مغادرتها من قبل البريطانيين في أعقاب محاولة للسيطرة على الدوحة، العاصمة الحالية لقطر. وقد سيطرت قبيلة آل ثاني الحاكمة بشكل كامل على الزبارة فقط في العام 1957، مجددًا بعد التّدخل البريطاني ضد محاولات آل خليفة لتأكيد السّيادة البحرينية على المنطقة.

واستمرت النّزاعات الإقليمية في العلاقات بين البحرين وقطر، بعد حصول كل منهما على الاستقلال، مع زعم كل من الدولتين ملكيتها لجزر حوار غير المأهولة، وكذلك الزّبارة، ومناطق أخرى، وقد قيل إنه يوجد تحتها كميات كبيرة من النفط والغاز. في العام 1996، اتهمت قطر البحرين بالمشاركة في انقلاب ضد الشّيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي لم تنقضِ إزاحته لوالده عن سدة الحكم في العام السّابق بشكل جيد بالنسبة للرياض والمنامة. مع ذلك، وفي أعقاب هذا الحدث، بدأت العلاقات بين البلدين بالتّحسن. وقد أقامت البحرين وقطر علاقات دبلوماسية بشكل كامل في العام 1997، ووافقتا على تقديم التماس لمحكمة العدل الدّولية من أجل التّوصل إلى حل سلمي بشأن النزاع الحدودي الذي تمّت تسويته في العام 2001.

وفي حين انضمت البحرين إلى السعودية والإمارات العربية المتحدة في استدعاء سفيرها في قطر لفترة وجيزة، قال نائب بحريني سابق للكاتب إن المنامة شعرت أنّه "لا يمكنها رفض المشاركة عندما قررت السعودية والإمارات العربية المتحدة تسوية نزاعاتهما مع قطر"، غير أن مشاركة البحرين في هذه المسألة بقيت بمستوى منخفض. ويعود ذلك على الأرجح إلى التّناقضات الداخلية نفسها التي ظهرت في الأزمة الحالية -أزمة العام 2014 كانت بشكل أساسي بشأن دعم قطر المزعوم للإخوان المسلمين، بما في ذلك مزاعم بأن قطر سمحت باستقبال أعضاء في الإخوان المسلمين لدى مغادرتهم مصر بعد الإطاحة بمحمد مرسي، لإيوائهم في الدّوحة.  وفي العام نفسه، سمحت المنامة لجماعة الإخوان المسلمين الموالية للنظام، بالترشح للانتخابات البرلمانية البحرينية، وفازت بمقعد واحد في البرلمان. إنه خط رفيع يفصل بين الأمرين، ويطرح السؤال البارز عن سبب رعاية الحكومة البحرينية لعلاقة مع فرع الإخوان المسلمين في البحرين في المقام الأول؟

المنبر الإسلامي: مأزق الإخوان المسلمين في البحرين

لطالما استفادت صناعة السياسة المحلية في البحرين من حاجة عائلة آل خليفة الحاكمة إلى تعزيز قاعدتها داخل الأقلية السنية في البلاد، مع النظر إلى الغالبية الشّيعية بشكل متزايد على أنها تهديد أمني وطابور خامس محتمل. وما يشير إليه غينغلر على أنّ ه"تأطير طائفي لمشكلة الشيعة" في البحرين تصاعد بازدياد في  أعقاب انتفاضات الرّبيع العربي في العام 2011، ما هزّ أسس نظام آل خليفة، وعجّل في حملة قمع دموية استمرت حتى يومنا هذا. وفي حين أصبحت المنامة بازدياد خاضعة للرّياض، التي قادت التّدخل العسكري لمجلس التعاون الخليجي، وقد نجح في نهاية المطاف في إخماد الاحتجاجات الجماهيرية المؤيدة للديمقراطية في البحرين، أصبح توحيد المجتمع السني الداعم لعائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين يشكل مسألة بقاء للنّظام.

امتداد الإخوان المسلمين في البحرين، وهو جمعية المنبر الوطني الإسلامي، يُعتَبر جمعية موالية للنّظام، وفي الواقع، فإن أحد أعمام الملك، وهو عيسى بن محمد آل خليفة، كان قد شارك في تأسيس جمعية الإصلاح، التي تعتبر أساسًا لها، في العام 1984. وقد لعب دعم جمعيات مثل المنبر إلى توجيه الدّعم السني للنّظام خلال احتجاجات العام 2011، وإلى تعزيز السّياسات الطّائفية للحكومة خلال حملة القمع ضد المعارضة ذات الغالبية الشّيعية بعد العام 2011، دورًا حاسمًا في قدرة العائلة المالكة على إحكام قبضتها على السّلطة. ويُعتَبَر موقف المنبر انتقادًا شديدًا للثورة الشّيعية، التي يصفها بأنها طائفية وعنيفة وتعكس الإرهاب"، وقد ضغطت الجمعية على الحكومة مرارًا لدفعها إلى قمع المعارضة بشكل أكبر، في المناطق ذات الغالبية الشّيعية في البحرين. أثبتت جمعيات مثل المنبر وأصالة السلفية أنها حليفة ذات فائدة كبيرة للحكومة التي سعت إلى استخدام تكتيكات الانقسامات الطّائفية وتكتيكات الحكم لتعزيز نفوذها داخل الطائفة السّنية. وقد جهرت المنبر بدعمها للجهود الحكومية لتشويه صورة حركة الاحتجاج المطالبة بالديمقراطية في البحرين ووصفها بأنّها مؤامرة شيعية، تدعمها إيران، وقالت إنّ المنامة مترددة باتخاذ خطوات للحد من الأنشطة الدّاخلية للمجموعة، على الرّغم من ازدياد المشاعر المناهضة للإخوان المسلمين في كثير من الدول الخليجية.

وخلال احتجاجات الرّبيع العربي في العام 2011 في البحرين، أعربت كل من قطر وجمعية الإخوان المسلمين العابرة للأوطان عن دعمهم لنظام آل خليفة المُحاصر. وكانت قطر، على غرار غيرها من جيرانها في مجلس التعاون الخليجي، كانت قلقة بشكل أساسي بشأن أمنها الخاص، واعتبرت استقرار نظام آل خليفة مفتاحًا لتجنب تسرب [الاحتجاجات] إلى دول الخليج الأخرى في حال سقوط النّظام الملكي في البحرين. ساهمت قطر بعدد صغير من القوات في قوات درع الجزيرة التّابعة لمجلس التعاون الخليجي التي دخلت إلى البحرين في مارس/آذار 2011 لقمع الاحتجاجات، وكانت راضية بالسماح للسعودية بقيادة [عملية] دفاع مجلس التعاون الخليجي عن المملكة البحرينية، وكما يلحظ كوتس أولريخسن، تعارض دعم قطر لآل خليفة والحملة العسكرية التي تقودها السّعودية إلى البحرين بشكل حاد مع "النزعة الأُحادية التي اتسمت بها بعض سياسات الرّبيع العربي الأخرى في قطر". وكان الزعيم الروحي للإخوان المسلمين، المتمركز في قطر، يوسف القرضاوي، الذي أُدرِج اسمه على القائمة الأخيرة التي أصدرتها الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات، والتي تتضمن داعمي الإرهاب المدعومين من قبل قطر، صاخبًا في إدانته للمحتجين المطالبين بالديمقراطية في البحرين في العام 2011، والذين كان معظمهم من الشيعة، إذ وصفهم بأنهم عنيفون وطائفيون ومدعومون من قبل "قوات أجنبية". ليس من المستغرب إذًا أن الحكومة البحرينية كانت غير مقيدة نسبيًا بالاجتماعات التي أُعلِن عنها على نطاق واسع بين ممثلي جمعية المنبر والشّيخ القرضاوي، نظرًا لكونهما يُعتَبَران داعمين للجهود الوحشية غالبًا للمنامة لتعزيز قبضتها على السّلطة. ومن المثير للشّك أن ترغب الجمعيات السّياسية في السّعودية والإمارات العربية المتحدة باستثارة ردة فعل مماثلة، في حال أخذوا على عاتقهم زيارة القرضاوي.

لماذا التورط أساسًا؟

من الواضح أن الإخوان المسلمين لا يُعتَبَرون تهديدًا كبيرًا من قبل الحكومة البحرينية التي لا تزال منشغلة بتصعيد حملة القمع الأخيرة التي تشنها على المعارضة، بما في ذلك استهداف نشطاء بارزين في مجال حقوق الإنسان، وحل الجمعيات المعارضة المستقلة الباقية في البحرين. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الحكومة البحرينية بالمقارنة اهتمامًا قليلًا نسبيًا بقضية تمويل الإرهاب،  إذ يُقَدّر أن أكثر من مائة بحريني يقاتلون مع داعش وغيرها من المجموعات السّنية المتطرفة في سوريا والعراق، بمن في ذلك رجل الدين الأبرز في تنظيم داعش، تركي البنعلي، الذي، وفقًا للشّهابي، "يُوَسع نفوذه في البحرين ويجند لقضيته من دون أي تدخل أو بتدخل ضئيل من قبل السّلطات". وفي أواخر العام 2014، ونظرًا لرعاية قطر للإخوان المسلمين وجمع الأموال المزعومَين للإرهابيين، وفقًا لما ذُكِر ضمن الأسباب الرّئيسية لتقطع الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات العلاقات مع الدّوحة، لمَ لم تتخل البحرين عن هذا، كما فعلت كل من عمان والكويت؟

تعيدنا الإجابة إلى أحداث العام 2011 وما حصل في أعقابها، حين سُحِبت المنامة بشكل صارم إلى مدار الرّياض، بحيث قال البعض إن البحرين تنازلت عن سيادتها، أو على أقل تقدير عن سياستها الخارجية، لجارتها القوية. وقيل إن قرار نشر قوات درع الجزيرة التّابعة لمجلس التّعاون الخليجي في البحرين في مارس/آذار 2011، والذي قيل إنّه كان بدعوة من ملك البحرين،  يُذكَر غالبًا في الوقت الذي أصبحت فيه البحرين بشكل أساسي دولة تابعة للسّعودية، خصوصًا مع بقاء قوات درع الجزيرة في البحرين على الرّغم من الطابع المؤقت [لتدخلها] ونشرها. ومما يزيد من حدة التّأثير العسكري السعودي على المنامة، نفوذها [السعودية] الاقتصادي، لا سيما مع انخفاض أسعار النّفط وسوء الإدارة الاقتصادية اللّذين تسببا للبحرين بسلسلة من العجز في الميزانية، وارتفاع الدّين العام بمعدل مثير للإزعاج. وقد منح مجلس التّعاون الخليجي، بمن في ذلك قطر، 10 مليارات دولار للبحرين في العام 2011، لمشاريع التوظيف والتّنمية، التي اعتُبِرت طُرُقًا للتّخلص من الاضطرابات المدنية المستلهمة من الرّبيع العربي، ويعتمد جزء كبير من ميزانية البحرين، على عائداتها من حقل أبو سعفة النفطي، الذي تديره شركة أرامكو السعودية، والتي تقسم الأرباح بين البحرين والسعودية.

وقد يفسر تزايد اعتماد البحرين اقتصاديًا وعسكريًا وحتى في السّياسة الخارجية على السّعودية على الأرجح حماسها للثقة الجيوسياسية المتزايدة لجارتها، بما في ذلك إنشاء "اتحاد خليجي" رسمي (رفضته الدّول الأخرى في مجلس التّعاون الخليجي)، وحملتها العسكرية الكارثية في اليمن، وعدد من الهجمات الدبلوماسية والكلامية ضد إيران.

المخاوف من النفوذ الإيراني المتنامي في الخليج، سواء كانت تستند إلى أسس سليمة، أو غير ذلك، تفسر جزئيًا مشاركة المنامة في الحصار الدبلوماسي على قطر. وتشارك البحرين السعودية مخاوفها من أن إيران تسعى إلى إثارة الاضطرابات، وتزداد هذه المخاوف تعقيدًا بالديموغرافية الطائفية الفريدة للبحرين، والاعتقاد الفعلي لدى كثيرين في الحكومة البحرينية بأنّ يدًا إيرانية كانت خلف الانتفاضة ذات الغالبية الشّيعية في العام 2011. ونصف الجمعيات التي ذكرتها الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات كمجموعات إرهابية زُعِم أنّها مدعومة من قطر، مركزها البحرين، بما في ذلك ائتلاف شباب 14 فبراير وحزب الله البحريني ومنظمة سرية تُدعى سرايا المختار. ومن المهم الإشارة إلى أنّه، في حين لا يوجد دليل تقريبًا على علاقة بين هذه المجموعات وقطر، إلا أن الجهات البحرينية الخمس المُدرجة في القائمة رُبِطت بطهران من قبل الحكومة البحرينية في مراحل مختلفة. النائب البحريني السابق الذي حاوره كاتب المقال نفى أي علاقة بين هذه المجموعات والدوحة، وتكهن بأن المنامة كانت تحذو ببساطة حذو السعودية، مع احتمال مطالبة جارتها الغنية بوجود أضرار مالية -"قطر تمول هذه الجماعات الشّيعية؟ إنه أمر انتهازي فقط.

لقد كانت الحكومة البحرينية ناجحة جدًا في تصوير الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في العام 2011 على أنّها انتفاضة إسلامية شيعية مستلهمة من إيران، وتهديد لكل من الأقلية السنية في البحرين وميزان القوى في الخليج. وقد أثرت النظرة الطائفية بشكل متزايد للمنامة إلى العالم على مشاركتها في نزاع دبلوماسي لم يتطابق، على ما يبدو، مع هدفها الداخلي باستخدام جمعية الإخوان المسلمين في البحرين لتعزيز الدعم السّني لنظام آل خليفة, لقد حافظت المنبر على تراجعها منذ اندلاع الأزمة مع قطر، ومع ذلك، فمن الممكن أن تضطر الحكومة البحرينية إلى التضحية بحليفتها في مرحلة ما، نظرًا للجهود الأوسع نطاقًا لتسمية جمعية الإخوان المسلمين العابرة للأوطان بالمنظمة الإرهابية في الخليج. إنّ مشاركة البحرين في المقاطعة الدبلوماسية لقطر ليست مدفوعة بمخاوف بشأن دعم الدوحة للإخوان المسلمين، ولا تمويلها لشبكات الإرهاب الدّولية. بل إن تنازل المنامة عن معظم سياستها الخارجية تجاه السعودية في أعقاب احتجاجات العام 2011 أجبرها على الانضمام إلى تحرك الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات ضد قطر. إن جعل الصراع الداخلي طائفيًا في البحرين، وحساسيتها تجاه التدخل الإيراني في شؤونها، يعني أنه من المُرجح أن تكون العلاقة العملية لإيران مع قطر  مفتاحًا لمخاوف المنامة.

 

النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus