» تقارير
العقيد الحرامي فليفل: كم دفعت لشراء عشرات الآلاف من المتابعين في تويتر؟
2012-05-08 - 5:44 م
مرآة البحرين (خاص): كان الإعلام جزءاً محوريّاً من المعركة الطاحنة التي لا تزال رحاها تدور في البحرين بين السلطة والمعارضة. منذ فبراير 2011م، سخّرت سلطات البحرين كلّ إمكاناتها المادية لأجل التعتيم الإعلامي، وتشويه صورة المعارضين. كانت رسالتها الإعلاميّة تقوم على قلب الحقائق، وليس توضيحها واستعراضها. كانت معنية بمزاولة التضليل، والتّعمية على الوقائع الجارية. ويمكن ملاحظة أن خطّتها اتخذت المحاور التّالية:
• الصّحف اليوميّة
• جهاز الإذاعة واالتّلفزيون الرّسمي
• شركات العلاقات العامة
• مواقع التّواصل الاجتماعي.
سرعان ما انتهبت السلطات لأهمية مواقع التّواصل الاجتماعي. استطاعت المعارضة من خلال تلك الماقع تفريغ خطّة التضليل والتّعمية. في وقتٍ قياسي، تحوّل النّشطاء والمتظاهرون إلى خبراء في تلك المواقع، وكانت لهم بصماتهم الواضحة فيها. بسبب ذلك، اكتشف النّظام أنّ كلّ عمليات التغييب والتّشويه باءت بالفشل، وهو ما جعل النّظام وأتباعه يديرون الوجهة ناحية تلك الوسائل، فبدأت الموالاة باستخدامها، والدّخول فيها، واستُخدمت لأجل التّحريض وإثارة حملات الكراهية. لا ينسى البحرينيون، ابتداءاً من مارس 2011م، كيف كانت أسماء المعارضين وصورهم تُنشر في مواقع الاتصال الحديثة، وبعد ساعات يبدأ الهجوم بالاعتقال والفصل والتّشهير البغيض.
رغم أنّه لم يتوقّف عند كلّ الحقائق، إلا أن تقرير بسيوني سلّط الضّوء على هذه البقعة السّوداء، ونتيجة ذلك بدأ الجمهور الموالي للنّظام في التلاشي والاضمحلال، بفعل الصّدمة والشّعور بالسّذاجة والانخداع. لم تعد تُغريهم الاستعراضات الإعلاميّة للسّلطة. بدوا غير مبالين، ولا يعنيهم ما يدور. النتيجة، أنّ إعلام السّلطة التقليدي (الصّحف، جهاز الإذاعة والتلفزيون)، إضافة إلى شركات العلاقات العامة، كلّ ذلك فشل فشلاً ذريعاً في تحسين صورة السّلطة، أو تسويق الرؤية الرّسميّة للأحداث.
في المقابل، استمرّ أنصار المعارضة في الصّمود الإعلامي، واأجزوا انتصارات إعلامية متتالية، تمثّلت في تكريم المعارضين والمتعاطفين مع الثّورة والحصول على الجوائز الدّولية، إضافة إلى سيطرة أخبار الثّورة على وسائل الإعلام العالميّة، وآخرها التغطية الإعلامية الواسعة خلال سباقات الفورمولا ون.
تويتر فليفل..
أمام اتساع نشاط المعارضين في "تويتر"، جنّد أتباع النّظام إمكاناتهم المختلفة لإحداث تغيير في المعادلة. الأسلوب لم يختلف هنا أيضاً. الخداع، والكذب، والسّرقة. الجلاّد المعروف عادل فليفل يمثّل حالة نموذجيّة. وظّف العقيد الفار إمكاناته التي عُرف بها لتحقيق وجوده في تويتر. بوصفه يعكس ما يدور في دواخل النّظام، لم يستطع فليفل الصّبر على اكتساح المعارضين لتويتر، وتصاعد أعداد المتابعين لهم. لا يليق بشخص مليء بالسّاديّة أن يكون متابعوه التويتريون أقلّ من متابعي المعارضين، وفيهم الكثير ممن عذّبهم وعبث بأجسادهم وأرواحهم. فبدأت رحلة "المليون"، حيث وصل متابعي الجلاّد حوالي 108281!
فماذا فعل؟ هل زاد من نشاطه التويتري وتغريداته؟ أو طلب الفزعة من أتباعه العرب؟ لا. ببساطة، قام بشراء متابعين أجانب وهميين، تماماً كما تشتري السلطة أتباعها! وهذا الدّليل.
في الوضع الطبيعي، وخصوصاً في المنطقة العربيّة، يزداد أعداد المتابعين في تويتر ضمن معدل العشرات والمئات. ففي البحرين، إذا أخذنا أكبر حسابين، وهم لجمعية لوفاق ونبيل رجب، فإنّ متوسط الزيادة هي ما بين 200-300 متابع في اليوم، مع استثناء الأيام التي تحفل بأحداث كبيرة، حيث يتزايد عدد المتابعين من حول العالم.
الفضيحة البيّنة أن فليفل - الذي كان يتابعه قلّة قليلة - أصبح يزيد عدد متابعيه في الفترة من 7 مارس إلى 23 أبريل، وبشكل ثابت يومياً، بمعدل 1277 متابع جديد! ويبدو أن هذه الزيادة/ الطّفرة لم تعجب فليفل أيضاً! فبدأ منذ 26 أبريل بشراء 3396 متابع يوميّاً، حتّى وصل اليوم إلى حوالي 108281 متابع!
وللتأكّد أكثر من هذا الشّراء المفضوح، فإنه يمكن مراجعة عشرات آلالاف من الحسابات الوهمية الأجنبية في حساب فليفل على تويتر، حيث إنّ أكثرهم ليس لهم متابعين، ولا حتى أي تغريدة واحدة. {فاسألوهم إن كانوا ينطقون}.
من سوء حظ فليفل أن شركات بيع المتابعين في تويتر لا تبيع إلا حسابات وهمية، والناطقين باللغة الإنجليزية، بينما هو لا يكتب إلا بالعربية! ومن فرْط غبائه – الذي اعتاد عليه في أروقة المخابرت وغرف التّعذيب – أن هذه الحسابات الوهمية لا علاقة لها بزيادة شعبيته أو تأثيره الإعلامي في تويتر، وفي هذا تفصيل آخر. هل يعلم العقيد الفار بأن تويتر يقوم بإغلاق أكثر هذه الحسابات الوهمية على مراحل؟! لذلك ننصحه بألا يُبذّر أمواله الحرام على شراء متابعين لا ينفعون، بل ضررهم أكثر من نفعهم، وليفكّر جدياً أن يرجع تلك الأموال إلى أصحابها، قبل أن تتحوّل إلى لعنات دائمة عليه وعلى أسياده.
فليفل وخليفة.. الابن على سرّ أبيه
شراء الأتباع، سواء في تويتر أو خارجه، هي سياسة تعوّدتها السلطة، ودرّبت مناصريها على محاكاتها في كلّ شيء. لكنها طريقة خائبة، وتجرّ الفضائح والهزائم، واحدة تلو الأخرى. فالمتابعون الوهميون للجلاد فليفل، جلبوا له فضيحة كبرى، فانقلب السّحر على السّاحر، ومن حيث لا يدري. إنه فشل إعلامي وأخلاقي، يُضاف إلى فشل النّظام في البحرين.
ومن الغريب أنّ أتباع النّظام لا يأخذون العبرة. فهم يستمرئون الفشل، وكأنه مذاقهم المفضّل، ليس فشل وزير خارجية البحرين عنّا ببعيد. في سلوكٍ خال من الدبلوماسية والتقاليد "التويتريّة"، حرّض الأخير متابعيه لأجل التّصويت ضد الفيلم الوثائقي "صراخ في الظلام"، للحيلولة دون حصْد المزيد من الجوائز. ولكن، خاب المسعى، ونال الفيلم أعلى الترشيحات.
فشل السلطة الإعلامي جعل رئيس الوزراء يعترف بأن البحرين "واجهت ولا تزال هجمة إعلامية"، ما حذا به إلى التنويه بحضور "الشباب البحريني في ساحة الإعلام الجديد المتمثل في مواقع التواصل الإجتماعي. والمقصود بالشباب هنا، أمثال فليفل الذي لا ينسى أحد كيف استقبل رئيس الوزراء في الخيمة المُخصّصة لمنع مواكب العزاء في المحرّق، وكيف أنّ الاثنين تبادلا المشاعر الجيّاشة، ووصف خليفة بن سلمان فليفل بالابن البار، وقد تعلّم الابن من والده كيف يوظّف المسروقات في شراء الذّمم والولاءات.
خسرت السلطة معركتها الإعلامية، وفي كلّ المحاور، مع أنها صرفت – ولا تزال - الملايين لشركات العلاقات العامة. النّصيحة التقليدية للسلطة، أنها لا خيار أمامها إلا الرضوخ لمطالب الشعب العادلة، أو أنها لن تنتهي من سياسة الكذب واستنزاف ميزانية الدولة وشراء المتابعين الذين يفضحون أحياناً ويحرجون كثيرا.