» تقارير
أسرار خيم (ساحة شرفاء البسيتين): لا عصا شرف (فليفل) ولا جزرة (رئيس الوزراء)
2012-05-22 - 3:06 م
مرآة البحرين (خاص): خصصت (مرآة البحرين) ملفاً خاصا عن ما عرف بساحة الشرفاء تحت عنوان (ساحة الشرفاء: سيوف الكراهية)، قرأت فيه نشأتها وتكوينها والفاعلين فيها وخطابات الكراهية التي صدرت عنها (1)، هذه المرة نعود إليها من جديد، بتفاصيل جديدة، حصلت عليها مرآة البحرين من الداخل، من بعض أعضائها الفاعلين.
بداية القصة
تجمع شباب منطقة البسيتين عبر فزعة مصطنعة تم ترويجها من قبل المخابرات، إبان اعتصام احتجاجي عند المرفأ المالي في 7 مارس 2011، عندما تقدمت سيارة تقودها امرأة، وصدمت أحد المنظمين في التجمع. نُشر على الفور أنها من البسيتين، وتم نشر عنوان سكنها من قبل المخابرات في تويتر والفيس بوك والبي بي. الهدف، إثارة فزعة الشارع السني بأن الشيعة ينوون الهجوم على بيت السيدة بهدف الانتقام منها، وعندها فزع شباب البسيتين بعصيهم وأسياخهم ومطارقهم، وظلوا متجمعين للنيل من أي شيعي يمر في الطريق العام للبسيتين، الطريف في الأمر أن مصادر بينت لاحقا أن الفتاة ليست من سكنة البسيتين أصلا!
المايسترو... يوسف بوزبون!
عمل رجال رئيس الوزراء، على إيهام المكون السني باستهداف الشيعة لهم. الفزعة تسير بهذا الاتجاه. يوسف بوزبون هو الرجل الاول (المايسترو) الذي يتصدر مشاريع الولاء والمسيرات المضادة في المحرق. في كل مرة يقوم بلمّ كبار السن من الحد وقلالي والقهاوي الشعبية وغيرها، بالإضافة إلى الفرق الشعبية (الطبالة، حسب التسمية الشعبية) رجالا ونساء، يأخذهم عبر باصات إلى المطار لاستقبال رئيس الوزراء أحيانا، ولنشر شائعات حكومية أحياناً أخرى. الشائعات تهدف إلى تهدئة الشارع السني في المحرق تحديدا، ورفع معنوياتهم المحبطه تجاه الأحداث في البحرين. غير أن (بو زبون) حرق أوراقه في الأشهر القليلة الماضية، ولم يعد له صوت أو تأثير يذكر، فقد تكسّب على حساب هذه الفعاليات، عبر مؤسسته (آلاء)، في طباعة اللافتات والإعلانات الخاصة باستقبال رئيس الوزراء وتقديم الولاء له والاحتفاء به، فضلاً عن تأجير مساحات هذه اللافتات والإعلانات. وكان ذلك بإيعاز من مجلس الوزراء مباشرة.
بداية التجمع
انكشف عدم صحة خبر هجوم الشيعة على (امرأة المرفأ المالي) التي هاجمت المتجمهرين في المرفأ، لكن تطورت فكرة التواجد في ساحة البسيتين: أن يظل هذا التجمع موجود ليكن صادا رادعا لهجوم أي شيعي على المحرق!
بدأ التنفيذ، ابتداء من نصب الخيمة، وحتى إطلاق تسمية (ساحة شرفاء البسيتين)، اختصرت إلى (ساحة الشرفاء). تم إمدادهم بالكهرباء من جمعية الأصالة القريبه جداً من الخيمة، وتم تجهيز المأكولات بجهود فردية.
دعم رئيس الوزراء
بارك رئيس الوزراء هذا التجمع بطبيعة الحال، ظل يتراوده بين الفينة والأخرى، لوحظ التجمهر الكبير لاستقباله بعد نشر برودكاست عبر البلاك بيري بحضوره: (هلموا لاستقباله). زارهم وبارك التجمع وقال كلمته المشهورة: "يجب على الكل أن يتمسك بمكانه، لأنكم لا تعلمون من سيأتي ويأخذ هذا المكان، فتمسكوا بمكانكم". مرت هذه العبارة الارتجالية من غير تحليل، لم يُعرف مغزاها في ذاك الحين (!)
بقى رئيس الوزراء يتراود الساحة بين الفينة والأخرى لتعزيز موقف شرفائه، زارهم عندما قامت مجموعة من شباب المحرق المحتجين، بحرق إطارات بجانب نادي البحرين في الطريق المؤدي إلى الساحة، نشر منظمو الساحة (برودكاست) يدعو إلى الهجوم على الدير والانتقام من الشيعة وتوقيف تماديهم لجر المحرق كساحة احتجاجات. في تلك الليلة زارهم مطمئنا ومهدئا، وبارك شيمتهم في الانتقام بالهجوم على الدير(!!).
إلا أن ثمة حدث بعد ذلك جعلهم يتراجعون عن رأيهم، عندما بيّن لهم أحد الضباط: "دخولكم القرية نحن غير مسؤلين عنه ولا نستطيع أن نحميكم منهم!" علما بأن عددهم لم يتجاوز المئتين فرد فقط.
زيارات رئيس الوزراء لساحة الشرفاء، تبدو في ظاهرها مفاجئة، غير أن عكس ذلك هو ما يدور خلف الكواليس. يسبق الزيارة اتصال من ديوان رئيس الوزراء، يخبر عن عزمه على الزيارة لعمل الواجب وحشد الحشود. لوحظ في الفترة الأخيرة قلة الحضور والمستقبلين، يرجع ذلك إلى تململ الجموع من جدوى الزيارة على المستوى الشخصي لكل فرد، في حين أنهم كانو يرون أن الفائده تصب في جيوب ناس معينين تكون لهم الحظوة.
لكن الملاحظ، أنه في الزيارات الأخيرة للأمير، أخذ عدد المستقبلين يتناقص عما كان عليه، يعود ذلك إلى (بخل) رئيس الوزراء بالعطايا وفق ما جاء على لسان أحد المنظمين، فأثناء الزيارة وبعدها لا يجدون أي دعم مادي (كاش) من سموه. لا يجدون غير الإطراء والمدح فقط، مما تسبب في إعباء مادية هي المصاريف اليومية لهذه الساحة.
عادل فليفل زعيماً..
تجمع كهذا، لم يكن ليفوت شخص مثل عادل فليفل، الذي كان بحاجة إلى استعادة ما فقده من نفوذ في أيام أمن الدولة. الفرصة ل(فليفل) هي استثمار هذا الحشد الذي وجده لقمة سائغة، ليقدم نفسه على أنه البطل القومي الإسلامي الحريص على العروبة وعلى الإسلام. تردد العقيد السابق على الساحة مراراً، وقد اقترح أن يكون لهذا التجمع "إدارة"، فلا تجمع ناجح من غير إدارة ومناصب. من هنا نصب نفسه مباشرة رئيساً على هذه الساحة وصار يغدق عليهم من المال الكثير، مبينا أنه من ماله الخاص، غير أنه مدعوم من ديوان رئيس الوزراء مباشرة.
أتى بعدها بالمكيفات، وصار يوفر وجبات الغداء والعشاء، ويهتم بأمور الضيافة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الناس. وبدأ يخطب فيهم وأقام عدة ندوات بغية تأجيج الشارع السني ضد الشيعة، تحت مسمى ندوات "تثقيفية". تلاقح سريعاً مع رجال التيار السلفي المتطرف أمثال السعيدي والإخواني المتطرف محمد خالد والفضالة، وصار يستقطبهم في أمسيات وندوات ساخنه كنجوم، ومن هنا بدأ البساط ينسحب من تحت الإدارة العفوية القديمة!
سقطت الخيام وتدمرت بفعل رياح يوم عاصف، لم يلبث أن جاء فليفل بخيام جديده مكيفة واشترى مولدا كهربائيا خاصا، وذلك بعد أن أعلنت الإصالة توقفها عن امداد هذه الخيمة بالكهرباء، وهنا تمت الهيمنه الكاملة.
انشقاق..
انشق تجمع الساحة، بين الإدارة القديمة التي بنت آمالها على عطايا رئيس الوزراء، وبين إدارة فليفل رجل الدين والخطيب الجديد. القدامى نصبوا خيمة أصغر حجما بجانب خيمة فليلفل. أمدتهم جمعية الأصالة بالكهرباء، عللت أنها لا تريد دعم فليفل في تحركاته غير الوطنية والتي تنبع من مصلحة خاصة لا أكثر، وهي مصالح تتضارب مع مصالحهم.
بميزانية كبيرة، في ذلك الوقت، انتشرت يافطات الشوارع المطالبة بإعدام الرموز والقصاص منهم، تلك اللافتات المشهورة بمشانقها وسيوفها المخزية والمحرضة على النيل من الشيعة. بالإضافة إلى اللافتات التي تطالب بطرد السفير الإيراني وقطع العلاقات مع إيران.. إلخ.
صور الزعيم..
بعد سيطرة العقيد السابق على مفاصل أمور الساحة، واستقطاب الكثير من "الشرفاء" عبر الإغداق عليهم بالمال والوجبات اليومية الدسمة، وبعد إقامة الندوات التحريضية وغيرها، بدأت مرحلة إعلامية جديده هي مرحلة توزيع صوره الشخصية، فقد طبع أكثر من خمسين ألف ملصق صغير لصورته بالبزة العسكرية القديمه وأعطاها الصغار لتوزيعها على السيارات والمنازل في البسيتين مقابل خمسة دنانير للطفل. بالإضافة إلى طباعة صور كبيرة جداً تصحبها عبارات تمجيد للقادة، ادعى أنه لم يطبعها بنفسه، قال إنه أعطى القائمين على الخيام مبالغ مالية ليتصرفوا لوحدهم بطباعة (بنرات) تطلق عليه لقب الدكتور تارة، وأخاكم تارة أخرى، والمخلص لكم تارة أخرى!!
وصور الأمير..
تمادى فليفل في الاستفراد بالزعامة، وأحست الإدارة القديمة بسحب البساط من تحتها، الأمر الذي جعلها ترفع شكواها إلى رئيس الوزراء، متذمرة من تصرفات فليفل وغطرسته.
كي لا يخسر أنصاره، قام رئيس الوزراء بزيارة مفاجئة للساحة، تعمد أن يزور خيمة (الشرفاء الأصل)، ولم يعر اهتماما لخيمة فليفل، في رسالة مفادها أنكم أنتم (الشرفاء الأصل) وأنا الداعم الرئيس لكم. حينها كان داخل الخيمة أقل من عشرة أفراد يشاهدون التلفاز، سألهم رئيس الوزراء: "بس انتوا اللي في الخيمة؟ عيل وين الشباب؟!" وسط ذهول الحضور تم تغيير الموضوع بمجاملات وترحيبات ليبادرهم الرئيس بأسئله مختلفة: "من يصرف على هذه الخيمة؟" أجابوه بأنهم يصرفون عليها من جيوبهم الخاصة، وعندما سألهم هذه الخيمة جديدة من أين لكم؟" أجابه أحدهم "تحاططنه (أي تشاركنا) طال عمرك، كل واحد على عشرة دينار وشريناها". ثم سأل: والكهربه من وين لكم؟ أجابوه: طال عمرك من الأخوة في جمعية الأصالة.. ما قصروا"، هنا وصلت الرسالة، بأن المدّ سيصل وستبدأ الجيوب بالانتعاش. "جاكم الخير يا الشرفاء الأصليين!".
ذهب رئيس الوزراء بعد أن شرب كوب شاي الحليب، أمر لهم في اليوم الثاني بتوصيل كهرباء مجانية من غير عداد!! كما وصلتهم مجموعة من الشدّات و(الكوارتين) بها صور شخصية له وملصقات بجميع الأحجام ليخبرهم الموصل "يقول لكم طويل العمر، وزعوها على البسيتين"! وليتفاجأ (الشرفاء) بعد قرابة الثلاثة الأيام، بـ(9) صور كبيرة جداً لرئيس الوزراء تحيط بالساحة من كل جانب، وكان تعليق أحد المنظمين المباشر: "بس هذا اللي قدر عليه.. احنه عبالنه بيفلها علينه.. صج بخيل لجّه!!"
وبعد أن وجد رئيس الوزراء عدم جدواها في الساحة، قرر إعادة توزيعها متفرقة على مفاصل المحرق، واحدة عند مدرسة الهداية الخليفية، وأخرى على الدوار المؤدي إلى مجمع الواحة، وواحدة عند بسطة خليفة بن سلمان بطرف حديقة الكازينو، وهكذا..
أين شرفاء ساحة الشرفاء؟
بعد احتراق أوراق فليفل في ساحة البسيتين، واقتصار جمهوره على الجاليات اليمنية والباكستانية، الذين لم يكونوا ليفوتوا الوجبات اليومية المفتوحة، اتجه فليفل إلى المساجد والخطابه وصلاة الجماعة، سرعان ما فشل أيضاً في الاستقطاب. لكن آخر أوراقه في المحرق سقطت بعدما وقف مدافعا شرساً عن (مي الخليفة) ليخسر الداعمين لجمعية الأصالة والمتعاطفين معها، وقد صف الرافضين لمشاريعها بالزنادقة، من بينهم محمد خالد الرافض لمشاريع مي الخليفة.
إلى هنا فقدت الساحة روادها، خاصة مع شعورهم أن الحكومة لا تسمع لهم، ولم تنفذ وعودها لهم بالعطايا وغيرها، ومع انحسار الجمهور وفي محاولة لاستعادته، بدأ المنظمون تنويعاً طفيفاً في الفعاليات، لكنها تنويعات لا تتجاوز الحدود المذهبية: ندوات عن سوريا وبشار الأسد، ندوات وتجمعات في الدفاع عن الجزر الاماراتية المحتله من إيران، بالإضافة إلى فعاليات تهدف إلى تضخيم وتفعيل القضايا المذهبية آخرها قضية المعلمة مع الطفل عمر!!
اليأس من الجزرة
مؤخراً، وصلت رسائل صريحة إلى المنظمين: أنكم لم تعودوا مؤثرين في الساحة السنية بالمحرق، ولم تستطيعوا أن تحشدوا عددا أكبر من الناس لتساندكم وتساندنا، بل عندما تشتعل فتنه بين السنة والشيعة في المحرق لا زلنا نمولكم برجالنا (البلطجية) من الرفاع، وهذا ما حدث في محرم تحديداً عندما لم تستطيعوا أن تمنعوا مواكب العزاء بفريج الحياك بالمحرق!
غير أن رد القائمين على الساحة كان جهورياً وقاصماً: "عندما قمنا بالفزعة لرؤوس الحكم، وثبتنا حكمهم، كنا ننتظر زيادة رواتب وعطايا وبيوت وتوقيف الخمور، ووعود سمعناها لم تنفذ، وهي التي ورطتنا مع الشيعة، حتى ظننا أن الشيعة يعيشون أيامهم الأخيرة في البحرين، خربنا علاقاتنا بهم في الأعمال وفي المدارس، لنفاجأ بأن من تفنش رجعتوه! ومن حُبس هديتوه، وصرنا ننتظر الافراج عن السنكيس والمشيمع وعبدالوهاب يوما بعد يوم، وهو المقلب الذي أخذناه"... وكفى!؟؟!!