مذكرات 2017: تعذيب وتهديد وابتزاز.. نشطاء وحقوقيون داخل غرف موت جهاز الأمن الوطني

2017-12-30 - 6:21 م

مرآة البحرين (خاص): مرحلة قاسية عاشها المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء خلال 2017؛ استدعاء وتعذيب وابتزاز ومنع من السفر وصولاً للاعتداء على المنازل والممتلكات، فضلاً عن ضغوطات لتحويل نشطاء وحقوقيين -بعضهم معتقل- إلى وشاة ومخبرين.

في 21 مايو/ أيار التقى الرّئيس ترامب بملك البحرين وأكّد له تحسن العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية. بعد يومين، شنّت السلطات البحرينية غارة أمنية عنيفة على اعتصام سلمي في قرية الدّراز، قُتل إثرها 5 محتجين واعتقل قرابة 400، وفي الأيام التالية باشرت السلطات حملة واسعة ضد النشطاء والحقوقيين.

احتراق غامض لسيارات ثلاثة من النشطاء: السيد سلمان المحفوظ رئيس سابق للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، وخليل المرزوق المعاون السياسي للأمين العام لجمعية الوفاق أكبر أحزاب المعارضة الذي تم حلّها بحكم قضائي عليه كثير من الجدل، ثم الحقوقية ابتسام الصايغ بعد حملة إعلامية ضدها.

استهداف عوائل النشطاء السياسيين والحقوقيين، كان الضغط الآخر الذي مورس ضدهم، اعتقل كل من والدة زوجة زوجة الناشط الحقوقي السيد أحمد الوداعي المقيم في لندن وأخيها، زُعم تورطهما في أنشطة تندرج تحت قانون الإرهاب. كذلك تم استدعاء والد الناشط يوسف الحوري المقيم في ألمانيا، ووالد الناشط عيسى العالي المقيم في بريطانيا بعد اعتزامهما تنظيم اعتصام ضد حضور الملك في سباق للخيول في مدينة ويندسور البريطانية.

جهاز الأمن الوطني، وتحديداً الطابق الثالث في مبنى مركز شرطة المحرّق، كان هو بطل قصص التعذيب خلال هذا العام. اُستدعي فيه نحو 40 ناشطا في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيين للتحقيق، تعرضوا للتعذيب والتهديد بالقتل في حال لم يتخلوا عن نشاطهم، كما طُلب منهم بشكل مباشر العمل لصالح الجهاز.

اكتفى بعض النشطاء بالصمت تجنباً لتعرضهم للمزيد، واختار البعض التنحي بهدوء، فيما قرّر آخرون كشف ما تعرّضوا له من تعذيب وتهديد.

 

إبراهيم سرحان

"عليكم أن تنسوا القانون وحقوق الإنسان، فالرّئيس الأمريكي قد تغيّر والأوضاع تغيرت، وما يريده الرئيس الأمريكي قد وصله، ومن الآن وصاعداً سنفعل بكم ما نريد". هذا ما قيل للمستشار القانوني إبراهيم سرحان من قبل جهاز الأمن الوطني أثناء التحقيق معه يومي 23 مايو/ أيار و31 مايو/ أيار.

سرحان الذي كان مستشاراً قانونيا لجمعية "الوفاق" قبل حلّها، نشر لاحقاً إفادة له، تناول فيها تفاصيل ما تعرّض له من تعذيب من ركل ورفس وسب وشتم وصعق بالكهرباء وتهديد بالاغتصاب، وذلك إثر إدلائه بتصريح لقناة "الميادين" الفضائية في 22 مايو/ أيار.

 

ابتسام الصائغ

تكرر استدعاء الناشطة الحقوقية ابتسام الصائغ للتحقيق 4 مرات خلال 2017، آخرها في مبنى التعذيب نفسه بتاريخ 26 مايو/ أيار، أي بعد أيام من لقاء ترامب بملك البحرين. صار الوضع مختلفاً في المرة الأخيرة، خرجت ابتسام بعد 8 ساعات من التحقيق في حالة من الانهيار الجسدي والعصبي نُقلت فورها إلى المستشفى. كشفت بعد أيام تعرضها للتعذيب المهين والحاط بالكرامة وقيام المحققين بالتحرش بها جنسيا، فضلا عن الإساءات اللفظية، وتهديدها بالاغتصاب، ما لم تضع حدا لأنشطتها في مجال حقوق الإنسان. قيل للصائغ أثناء التحقيق: "ليس هناك أي منظمة في العالم تستطيع إنقاذك أو إنقاذ النّشطاء، وسنلاحقهم واحدًا تلو الآخر".

بعد قرابة شهر، داهمت قوات مدنيّة منزلها فجر 4 يوليو/ تموز لتقوم باعتقالها، تقرّر حبس الصائغ 6 أشهر على ذمة التحقيق تحت قانون مكافحة الإرهاب، قبل أن يُخلي سبيلها في 22 أكتوبر/ تشرين الأول بعد ضغوطات دولية وحقوقية واسعة. وقد تعرضت الصائغ إلى كسر في يدها اليمنى جراء التعذيب، وفقدت 11 كيلو من وزنها خلال فترة حبسها.

 

يوسف الجمري

في 3 أغسطس/ آب، وجّه المغرد البحريني يوسف الجمري رسالة مصورة إلى ملك البحرين طلب فيها حمايته من جهاز الأمن الوطني، مشيراً أن ضباط في الجهاز هدّدوه بالاغتصاب وتعرضوا للطائفة الشيعية بالازدراء وذلك خلال التحقيق معه يومي 1 و2 أغسطس/آب بسبب نشاطه على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي الفيديو المصوّر الذي نشره الجمري على حسابه، اتهم جهاز الأمن الوطني بتعذيبه وتهديده بالقتل والاعتداء الجنسي وأعمال انتقامية من أسرته، وتوجيه الإهانات له ولعائلته وعقيدته، وقال في الرسالة مخاطباً الملك: "لقد تم تعذيبي، وقال المحقق إنه يتصرف وفقًا للسلطة الأعلى بعد جلالتكم، ولا شيء يستطيع إيقافه". وأضاف مخاطبا الملك "حياتي في خطر وكلي أمل في إصدار أوامركم في فتح تحقيق عاجل لضمان سلامتي وسلامة جميع أفراد أسرتي ووالدتي".

وكان الجمري نشر في 20 يوليو/تموز سلسلة من التغريدات تتضمن انتقادات المملكة المتحدة لوضع حقوق الإنسان في البحرين، وهي انتقادات واردة في تقرير حقوق الإنسان والديمقراطية  الصادر عن مكتب الخارجية والكومنولث.

 

رضي القطري

في 19 يوليو/ تموز اعتقلت السلطات الحقوقي رضي القطري بعد أن قامت بمداهمة منزله. تعرض إلى التعذيب الشديد وسوء المعاملة طوال شهرين كاملين قضاهما في التحقيقات، قبل نقله إلى سجن الحوض الجاف (الحبس الاحتياطي) في 2 أغسطس/آب محبوساً 6 أشهر على ذمة التحقيق بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وقد أفرج عنه مع كل من ابتسام الصائغ والناشط الحقوقي محمد خليل الشاخوري (اعتقل في 4 يوليو) في 26 أكتوبر/ تشرين الأول.

 

نبيل رجب

في 10 يوليو صدر بحق نبيل رجب، الناشط الحقوقي الأبرز في البحرين ورئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان حُكماً بالسجن لمدة سنتين مع النفاذ، بعد أن تمت محاكمته في قضية تتعلق بمقابلات تلفزيونية أجراها في العامين 2015 و2016، قالت السلطات إن "من شأنها النيل من هيبتها".

الاعتقال الأخير لرجب جاء في 13 يونيو/حزيران 2016، تمت خلاله معاملته بطريقة مهينة، وتعرض لمضايقات وإذلال متعمّد.

 

غرف الموت

هذا وقد أطلقت ثلاث منظمات حقوقية (معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، منتدى البحرين لحقوق الإنسان وسلام للديمقراطية وحقوق الإنسان) تقريرًا موسعا عن انتهاكات جهاز الأمن الوطني البحريني في أغسطس/آب، تحت عنوان «"غرف الموت".. تقرير يرصد انتهاكات جهاز الأمن الوطني في البحرين».

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus