» تقارير
المؤتمر الصحافي للأطباء: محاكمة سياسية وفق المثل الشعبي ’راعي النصيفة سالم’
2012-06-17 - 7:04 ص
مرآة البحرين (خاص): ربما اختصرت المحامية جليلة السيد الأحكام الصادرة ضد الكادر الطبي، بمزحتها المتهكمة التي استحضرت فيها المثل الشعبي: "راعي النصيفة سالم". مشيرة إلى أن أحكام الأطباء جاءت وفق هذا المنهج غير المنطقي قضائياً، لكن الأسلم سياسياً. وهو منهج يبرز الوجه السياسي، لا القانوني، للأحكام التي صدرت مؤخراً في حق الكادر الطبي. فمع غياب اثنين من أصل 20 من الكادر الطبي المتهم، بقى 18 متهماً، تم تبرئة نصفهم (9براءة)، وإدانة النصف الآخر (9 إدانة). كما تمّ الحكم على نصف عدد المدانين بالسجن لسنوات، والنصف المدان الآخر السجن لشهور.
جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده الطاقم الطبي وهيئة دفاعه مساء أمس السبت 16 يونيو 2012، في الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان بالعدلية (1)، وذلك على خلفية الاحكام التي صدرت بإدانة عدد منهم، قرأ الدكتور غسان ضيف بيان الكادر الطبي باللغتين العربية والانجليزية (2)، جاء في البيان "إن أفراد الطاقم الطبي، يذكرون ضمير العالم الحي بأنهم ضحايا موقفهم الإنساني والمهني في علاج المصابين في البحرين، ويعاقبون لذلك ولكونهم كانوا شهودا على ما حدث خلال شهري فبراير ومارس 2011م، حين جهروا برفضهم لقرار وزير الصحة وقوات الأمن بمنع سيارات الإسعاف من التوجه لإغاثة المتظاهرين المصابين وهي الحقيقة التي أثبتها تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق برئاسة البروفيسور بسيوني".
وأوضح "إن الطاقم الطبي المظلوم يستذكر ويذكر العالم بما تعرض له أفراده من اعتقال تعسفي وتغييب عن العالم الخارجي وعن أهاليهم بعد أن اختطف أغلبهم من قبل قوات مدنية مسلحة ومقنعة هجمت على منازلهم في ليالٍ مظلمة أو من المستشفى كما حصل للطبيب العكري، وبعد أن تعرضوا لتعذيب ممنهج فضحه تقرير لجنة التقصي (بسيوني) في الفقرة 1230".
الملا: سموم الإعلام
بعدها بدأت هيئة الدفاع بتقديم مرئياتها حول محاكمة الكادر الطبي، بدأها المحامي حميد الملا، الذي أكد في مداخلته على دور الإعلام المحرض في تعزيز هذه الاحكام وهو الذي بث سمومه طوال الفترة الماضية ليوهم الشعب بإجرام الأطباء ولهذا لم تستطع السلطة إلا أن تجرّم بعضهم لكي تهدئ من غضب الشارع الموالي إذا ما أعلنت براءة بعضهم الآخر.
كما أكد على دور النيابة العامة في هذه الأحكام، معتبرا أنها لم تكن على قدر من الشرف والحيادية كما ينبغي لها أن تكون، وأنها من أملى على المحكمة هذه الأحكام من خلال تصريحها السابق بأن هناك 4 أو 5 أطباء هم المدانون بكل تلك الجرائم.
واستنكر الملا استناد الأحكام إلى المواد 160 و357 و172 وهي المواد التي لا ينبغي أن يجرم بها أطباء، إضافة إلى تحريض المدعي العام على ضرورة تنفيذ العقوبة وتحديد شكلين آخرين لمعاقبة الأطباء هما تشكيل لجنة تأديبية في وزارة الصحة وضرورة اتخاذ الإجراءات التأديبية من قبل جمعية الأطباء!
وأوضح الملا دور الإعلام والضغوط الخارجية التي لاقتها السلطة من قبل المنظمات والحكومات في تخفيف الأحكام، مؤكدا أن بيان الأطباء الأخير الذي ألقي في المؤتمر سيكون ورقة ضغط جديدة على السلطة، حين يصل للإعلام والمنظمات الخارجية.
السيد: الانغماس في المستنقع
أما المحامية جليلة السيد فقد اعتبرت قضية الطاقم الطبي ورطة تجر أخرى للنظام قائلة: " كلما أرادت الحكومة أن تخرج من ورطة زادتها محاولتها انغماسا في المستنقع أكثر مؤكدة أن قضية الأطباء كانت الأكثر حظا في بيانات النيابة العامة التي ربما "اضطرت لتوظيف قسم علاقات عامة خاص بالقضية ليصدر كل تلك البيانات " تقول السيد متهكمة.
من جهة أخرى كشفت السيد أن الحكم على 5 من أفراد الكادر الطبي، هو قرار مسبق جاء بتدخل من النيابة العامة التي أعلنت في تصريح منذ مارس الماضي، أنها تنوي اتهام 5 من أصل 20 من المتهمين.
وعرضت السيد نسخة من بيان وزعته النيابة العامة في إحدى جلسات المحكمة باللغة العربية والانجليزية، مشيرة إلى أن النسخة الانجليزية منه تختلف عن العربية، ذكر البيان أن الحكم الذي سيصدر على الكادر الطبي سيدين مجموعة منهم وسيبرئ آخرين. وهو ما استهجنته هيئة الدفاع، التي قامت بدورها برفع مذكرة إلى المحكمة، تستنكر قانونياً استباق النيابة العامة إصدار الأحكام، ما يعتبر تدخلاً وإملاءً واضحاً للحكم الذي لم يكن صدر بعد من القضاء.
وأوضحت السيد: أن الدفاع التمس من المحكمة أن تصدر الأمر إلى النيابة العامة للتوقف عن إصدار أي تصريحات صحافية أو بيانات، وأوضحت: لكن لم يصدر من المحكمة أمر للنيابة، ولم نتلق أي رد من المحكمة على مذكرتنا حتى اليوم.
الشملاوي: مسرحية سيئة الصنع
أما المحامي عبد الله الشملاوي فقد بدأ حيث انتهت السيد، ناعتاً إياها بـ(السيدة الجليلة جليلة السيد)، وهو اللقب الذي تعود أن يطلقه عليها الأستاذ عبد الوهاب حسين. قال: " يمكني أن اختزل الحدث بأنه مسرحية سيئة السيناريو سيئة التمثيل سيئة الإخراج منتجها بخيل". كما لفت الشملاوي إلى ضرورة محاكمة من نكل بأفراد الطاقم الطبي المبرئين، وكل من جرَّمهم زورا وبهتانا، إضافة إلى دور النيابة المفترض في إدانة من سرق الأدوية ومن انتهك كل الحقوق.
العرادي: ليست خصما شريفا
سرد المحامي عبد الجليل العرادي كيفية تدرج التهم إلى أن وصلت إلى ما وصلت عليه فقد قلت كثيرا بعد تنفنيد الكثير منها من جهة وخجل الحكومة من كذبتها التي لا تصدق من جهة ثانية، إضافة إلى موقف النيابة العامة التي لم تكن خصما شريفا على حد قوله.
الأطباء: نحن نحبهم
باغتت الدمعة استشاري العظام الدكتور علي العكري وهو يتحدث عن أكثر تهمة سببت له إيلاماً نفسياً. تهدجت كلماته وهو يقول إن أكثر ما أسعده هو إسقاط تهمة التمييز في معالجة الجرحى وبغض الطائفة الأخرى. لم تسعفه العبارة المخنوقة وهو يقول معاتباً: "نحن نحبهم، نحبهم جداً".(2)
إبراهيم الدمستاني بدأ ممازحاً رولا الصفار بقوله:" استغرب أن رئيستي التي كانت تأمرني، صدر في حقها البراءة، وأنا ما زلت متهماً"، إشارة منه إلى عدم منطقية الأحكام التي جاءت على مقاس مزاج القاضي، مؤكداً على براءة جميع أفراد الطاقم ونزاهته.
أما الدكتور غسان ضيف، فقد استنكر اتهامه باحتجاز مريض كان هو السبب في نجاته بعد أن أوصله بنفسه إلى المستشفى برفقة بعض الإدرايين والاستشاريين ممن تنصلوا من دورهم ولم يشهدوا بما رأوا، معتبرا هذه التهمة هي الأكثر إيلاما ووقعا على نفسه.
لن تموت كاميرا الشهيد أحمد اسماعيل.. |
شهد المؤتمر الصحافي حضوراً إعلامياً كبيراً ومتميزاً، كما شهد حضور عدد من الصحافيين الأجانب الذين كانوا يتلقون الترجمة المباشرة من المنظمين الموكلين بذلك. كما قام عدد من أفراد الكادر الطبي من المتهمين في قضايا الجنح بالتنظيم للمؤتمر والتغريد المباشر بوقائع المؤتمر خلال فترة انعقاده.
كاميرا الشهيد أحمد
من بين أقوى المشاهد المؤثرة في المؤتمر الصحافي، كان وقوف والد الشهيد أحمد اسماعيل بكاميرا ابنه التي استشهد فيما هو يحملها بين يديه موثقاً احتجاجات الشارع. وقف والد الشهيد أحمد على يمين الطاولة المخصصة لإدارة المؤتمر الصحافي، وأوقف الكاميرا بواسطة (ستاند) خاص، ووضع فوقها مباشرة صورة الشهيد أحمد، حتى ليخيل إلى من يراها أن من يقوم بالتصوير هو أحمد نفسه لا غير، فيما أخفى الأب وجهه خلف صورة ابنه. كان المشهد مؤثراً ومتضمناً رسالة بليغة مفادها، إن قتلتم أحمد بسبب كاميرته، فإن كامرته سوف تبقى تواصل رصدها ولن تموت.
اقرأ أيضا
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة