صباحٌ على حافة الإعدام
2018-04-26 - 10:37 م
مرآة البحرين (خاص): قضى البحرينيون صباح هذا اليوم الخميس 26 إبريل في وجوم يشبه سهدة الموت، ظلّوا ينتظرون خروج أهالي المحكومين من مبنى المحكمة العسكرية الذي أبلغوا بالذهاب إليه عند الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم دون تحديد سبب لذلك. كانت قد مرّت 24 ساعة على تأييد محكمة التمييز العسكرية لحكم الإعدام في حق 4 بحرينيين بتهمة الشروع في قتل المشير خليفة بن أحمد.
سُمح لكل عائلة بانتداب واحد منها فقط للذهاب إلى المحكمة. أمهات المحكومين اللاتي لم يتمكّن من الذهاب، قضين صبحهنّ يفترشن سجادة صلاتهن. وضعن قلوبهن في أكفّهن ورفعنها نحو السماء: أن أبقهِ حيّاً يا الله.. ولو في بطن الحوت..
لم يكن حال البحرينيين وباقي أهالي المحكومين أقلّ قلقاً وتوجّساً، لم يتمكن هؤلاء من فعل شيء غير المراوحة ذهاباً وإياباً على مواقع التواصل الاجتماعي علّهم يقرأون خبراً يطمئنهم، لم يكن في قدرتهم لمّ شتات أفكارهم أو القيام بأي عمل منجز. وفي الحقيقة، ما كان البحرينيون ليأخذوا الأمر بهذا القدر من الجدّ لو لا أن سبق وأن حدث ما يخشونه.
عادت الذاكرة بالجميع إلى ذلك التاريخ الأسود، إنّه 15 يناير 2017. استيقظ الجميع على خبر تنفيذ حكم الإعدام على ثلاثة بحرينيين هم عباس السميع وسامي مشيمع وعلي السنكيس. إنه تاريخ ما يزال طريّاً في ذاكرة الناس التي صارت تخزّن الوجّع وتراكمه رفّاً فوق رفّ. كانت محكمة التمييز المدنية أصدرت تأييدها لحكم الإعدام بحق الثلاثة في 9 يناير/كانون الثاني، اتهموا بقتل ضابط إماراتي وشرطيين آخرين شاركوا في قمع تظاهرة احتجاجية في منطقة الديه.
وبعد أقل من أسبوع، في يوم 14 يناير دقّت هواتف عوائل المحكومين، ليتم إخبارهم أن ثمة زيارة غير مجدولة لأبنائهم. هناك، عرف الجميع أنه الوداع الأخير. لم ينَم البحرينيون تلك الليلة، قضوها في أيضاً في الصلاة والدعاء وترقّب خبر وشيك يكذّبه رجاء، لكنّه حدث. كان هؤلاء الثلاثة أول من تمّ إعدامهم في البحرين خلال ستة أعوام من اندلاع الثورة، قبلها لم تنفذ السلطات أية أحكام إعدام سياسية منذ إعدام الشهيد عيسى قمبر في مارس/آذار 1996.
اليوم مرّت الساعات طويلة وكأنها دهراً. عاش البحرينيون شيئاً من وخز ذلك اليوم، وخوف تكراره بضحايا جُدّد هم مبـارك عـادل مبارك مهـنّا، فاضـل السيد عباس حسن رضي، السيد علـوي حسيـن علوي حسين، محمـد عبدالحسن أحمد المتغوي.
لكنّ الله أراد شيئاً آخر. عند الساعة الثانية عشر ظهراً، نشرت الصحف الرسمية خبر مصادقة ملك البحرين على تخفيف حكم الإعدام إلى السجن المؤبد. شهقت الأمّهات بالحياة بعد الموت وسجدن لله طويلاً.. لقد أبقاه الله لهنّ حياً، ولو في بطن الحوت. هلّلت مواقع التواصل الاجتماعي فرحاً بعد أن كانت ميتماً مخنوقاً، تنفّس الجميع الصعداء كمن تمّ انتشال رأسه من غرق كاد يذهب بنفسه الأخير، سطر البعض كلمات الشكر والتبجيل للملك والتمسوا انفراجات تعمّ. كلّ ذلك لأن حكماً بالإعدام على أبرياء قد خُفّف إلى حكمٍ مؤبد. ما أطيب هذا الشعب. ما أشقى هذا الشعب. ألا يستحقّ فرجاً يليق به؟!