واشنطن تحاول طي صفحة الاتفاق النووي الإيراني لكنها تصطدم بتصميم الأوروبيين على إنقاذه

2018-05-19 - 9:23 م

مرآة البحرين (أ.ف.ب): بعد انسحابها من الاتفاق حول النووي الإيراني، تحاول واشنطن طي الصفحة باقتراحها بناء "تحالف" ضد "كل التهديدات" التي تطرحها إيران، لكنها يمكن ان تصطدم بتصميم الأوروبيين على إنقاذ النص الذي وقع في 2015.

وسيقدم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الاثنين "الاستراتيجية الجديدة" للولايات المتحدة بشأن إيران. وقد بدأت الادارة الأميركية التي تلتزم الصمت منذ إعلان الرئيس دونالد ترامب في الثامن من مايو/أيار الانسحاب من الاتفاق، كشف بعض عناصر "خارطة الطريق الدبلوماسية من أجل هندسة أمنية جديدة" و"اتفاق افضل".

وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت الخميس إن "الولايات المتحدة ستبذل جهودا شاقة لبناء تحالف" ضد "النظام الإيراني" و"نشاطاته التي تزعزع الاستقرار"، في محاولة للتعبير عن قبول التعددية بعد الانسحاب بقرار أحادي.

ويأخذ الرئيس الأميركي على الاتفاق الذي أبرمته القوى الكبرى مع إيران (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) لمنعها من امتلاك قنبلة ذرية، تساهله في الجانب النووي وعدم معالجته مسألة الصواريخ البالستية التي تملكها إيران وتدخلاتها المباشرة وغير المباشرة في النزاعات الإقليمية (اليمن وسوريا....).

وقال المدير السياسي لوزارة الخارجية الأميركية براين هوك "نحتاج إلى إطار جديد يأخذ في الاعتبار مجمل التهديدات الإيرانية".

لكن معالم هذه الاستراتيجية ما زالت غامضة.

والأمر الرئيسي الذي ما زال مجهولا هو امكانية ان يكون الأوروبيون الذين شعروا بخيبة أمل كبيرة من الانسحاب الأميركي، مستعدين لاستئناف المفاوضات بسرعة مع الولايات المتحدة.

وحاليا يسعى الاتحاد الأوروبي الى اقناع إيران بالبقاء في الاتفاق الموقع في 2015.

استراتيجية "العقاب"

المهمة بالغة الصعوبة. فإعادة فرض العقوبات الأميركية التي رفعت بعد توقيع الاتفاق تجبر الشركات الأوروبية على الاختيار بين السوق الإيرانية والسوق الأميركية، وهو خيار سيء إذ أنها لا تستطيع التخلي عن دخول الولايات المتحدة.

وبدون الاستثمارات الأوروبية التي كانت حجة الترغيب الرئيسية لتوقع طهران الاتفاق قبل ثلاث سنوات، يمكن ألا ترغب إيران في الوفاء بالتزاماتها.

ويحاول المسؤولون الأوروبيون انتزاع بعض المرونة من واشنطن لشركاتهم لكنهم يصطدمون بجدار. وقال أحدهم معبرا عن تشاؤمه "قالوا لنا +نريد أن تكون العقوبات مؤذية ولن تكون هناك استثناءات+".

وقال براين هوك مبررا ذلك أنه "بإعادة العقوبات (...) سنمارس ضغطا اقتصاديا على إيران"، مشيرا إلى أن هذا الضغط هو الذي أقنع الجمهورية الإسلامية بالتفاوض قبل 2015.

وقال جيك ساليفان الباحث في معهد كارنيغي للسلام الدولي إن "فكرة إعادة بناء العقوبات بالمستوى نفسه الذي كانت عليه" قبل 2015 عندما كان الأوروبيون يعملون بالتشاور مع الأميركيين "فكرة خاطئة".

وأضاف في مؤتمر في هذا المركز الفكري في واشنطن الجمعة "بقدر ما يكون الأميركيون عدوانيين حيال الأوروبيين" في مجال العقوبات "بقدر ما يسعى الأوروبيون إلى البحث عن الوسائل الممكنة للدفاع عن أنفسهم".

أما الإدارة الأميركية فهي تحاول تقليص الخلافات مع حلفائها. وقال براين هوك "لدينا نقاط اتفاق أكثر بكثير مما لدينا نقاط خلاف مع الأوروبيين".

وتحد عن "التقدم الكبير" الذي تحقق في المفاوضات مع باريس ولندن وبرلين لإيجاد حلول لمخاوف دونالد ترامب، واقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إبرام "اتفاق جديد" يكون النص الموقع في 2015 أول أسسه الأربعة التي يفترض أن تؤمن استراتيجية أشمل.

لكن هذه المفاوضات وهذا الاقتراح تعود كلها إلى ما قبل الانسحاب الأميركي من الاتفاق.

ومن غير المعروف ما إذا كانت ما زالت مطروحة أو كيف يمكن التوصل الى اتفاق الآن إذا كان ذلك مستحيلا قبل عشرة أيام. وقال مسؤول أوروبي "ننتظر مزيدا من التوضيحات".

وحذر مسؤول أوروبي آخر "لكن إذا كان الامر يتعلق ببناء تحالف لتغيير في النظام في إيران، فان الأوروبيين لن يقبلوا بذلك".

وقال جاك ساليفان "أعتقد أننا سندخل في مرحلة سيكون فيها العقاب بديلا للاستراتيجية" الأميركية. وأضاف أن ذلك يتلخص في "الضغط على إيران وابقائها في قفص الاتهام لأطول وقت ممكن على أمل تغيير في النظام أو إن لم يتحقق ذلك، إضعافها".