نايجل رودلي أحد أعضاء لجنة بسيوني: نحتاج التوازن كبعد للحقيقة (2ـ3)

2012-06-30 - 8:59 ص




موقع حركة البحرين للعدالة والتنمية
ترجمة: مرآة البحرين


أنشئت لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق من قبل ملك البحرين وذلك للتحقيق في أحداث شباط/فبراير وآذار/مارس 2011. وكانت تتكون من 5 مفوضين، وخبراء في مجال حقوق الإنسان من جانب المجتمع الدولي، بقيادة المصري شريف بسيوني.

تم نشرها في تشرين الثاني /نوفمير 2011، وتتضمن مجموعة من التوصيات التي يجب على مملكة البحرين الالتزام بها.  حيث إنها استخلصت المئات من الشهادات والأدلة على استخدام "القوة المفرطة" من جانب الحكومة بما في ذلك التعذيب وغيره من الممارسات السيئة.

وقد راقب المجتمع الدولي، والذي له مستوى من الاحترام والمصداقية التي نالها في جميع أنحاء العالم، عمل اللجنة عن كثب.

منذ نشرها ادعت حكومة البحرين بأنها قبلت جميع التوصيات ووعدت بتنفيذها. وفي حين أنها تدعي بانه قد تم الآن تنفيذ معظمها، فأن الكثيرين في البلاد يدحضون احراز أي تقدم حقيقي.

وكان السيد نايجل رودلي واحدا من الأعضاء الخمسة في لجنة البحرين لتقصي الحقائق. وهو المقرر الخاص السابق للامم المتحدة حول التعذيب، وهو حاليا أستاذ القانون في جامعة إسكس حيث إنه هو أيضا رئيس مركز حقوق الإنسان.


وفي مقابلة حصرية مع السيد نايجل رودلي ناقشنا لجنة البحرين لتقصي الحقائق وعملياتها. ومنذ الانتهاء من اللجنة لم يعد السيد رودلي يشارك مباشرة في البحرين، وبالتالي فهو غير قادر على تقديم تحليل بشأن التنفيذ. غير أن أفكاره وتجاربه في لجنة البحرين لتقصي الحقائق ستكون ذات فائدة للكثيرين ممن كانوا يبحثون عن إجابات.

النص كله نسخة غير منقحة، تمت كتابة المحادثة التي جرت كلمة كلمة، وتتضمن لقطات فيديو من المقابلة (راجع النص الأصلي لمشاهدة لقطات الفيديو).

أدناه هو الجزء الثاني من ثلاثة أجزاء من المقابلة، ويناقش تشكيل لجنة البحرين لتقصي الحقائق.


- كيف تقيم مستوى التعاون الذي حصلتم عليه من جانب الحكومة أولا؟

- كان جيداً جداً، وكانت لدينا صلاحية الوصول إلى الوزراء، وموظفي الخدمة المدنية، وكل شخص احتجنا رؤيته، سواءً كان مؤسسة أمنية، أو عسكرية، أو قضائية، أو النيابة، ولم تكن هناك مشكلة في ذلك. كان هناك مستوى جيد من تبادل وتوفير المعلومات. من الواضح، أننا ربما لم نصل بالضرورة إلى حقيقة كل ما حصل، أو بالضرورة حصلنا على كل وثيقة تحدد من فعل ماذا، ولكن بمعايير التقصيات الأخرى التي قمت بها، لا توجد لدى أي شكوى، لا أظن أننا كانت لدينا أي شكوى من مستوى التعاون.


- ألم تشعر في أي وقت بأن ثمة خطوطاً حمراء؟ أي شيء لم تستطع أن تحصل عليه؟

- كلا. ببساطة لا أتذكر أي شيء من ذلك. أتذكر أنه كانت لدينا شكوك بأن مستوى معيناً من المسؤوليين الرسميين لن يرونا. ولكن تبين عكس ذلك.


- هل شعرت بأي عدائية من جانب أي جهة في الحكومة أو النظام بحيث إن بعض الجماعات كانت تعتقد يجب  ألا تكونوا هناك؟

- بالتأكيد هناك شيء من ذلك. في وقت مبكر جداً، عقدنا اجتماعاً عاماً بخصوص عملنا في محاولة توضيح للناس ما هو دورنا، وكان هناك أناس من المجتمع المدني على جانبي ما يسمى التقسيم الطائفي. كانوا، بالفعل متخندقين داخل خطاباتهم، وكنا نحاول بأقصى جهدنا بأن نشرح لهم بأن تلك الخطابات غير مفيدة بدرجة كبيرة، وبالطبع يستطيع المرء أن يشعر بالعدوانية غير المباشرة من أولئك الذين يشعرون أن المجتمع قد تم تعريضه لعدم الاستقرار عن طريق كل تلك المظاهرات، إنني أحاول أن أتجنب المصطلحات الطائفية. بدأوا يستخدمون لغة الخيانة والخونة ونحو ذلك.


- أتقصد بذلك أولئك المعادين للاحتجاجات؟

- بالضبط، أولئك المعادين للاحتجاجات. على نحو ما، كان هناك شيء ما في لغتهم والتي جعلتنا نشعر بأنهم يتساءلون بحق السماء ماذا يفعل هؤلاء هنا؟ ولكن ذلك كان بشكل غير مباشر، لم أر مظاهر خطرة. بالطبع أنا لا أقرأ العربية، لم أكن أقرأ الصحافة المحلية، ولم أكن أشاهد التلفزيون المحلي، باستثناء قليل من الإنجليزية عند الساعة الحادية عشرة ليلاً، لذلك ربما كان هناك استياء. دعني أقولها هكذا: أشك بأن البعض كان ولو للسبب التالي. عندما قدمنا التقرير، أحد الأمور التي قام بها الملك في خطابه المبجل وقبول التقرير هو التأكيد حقيقة بشكل صريح وحازم بأن على البلدان ألا تنظر إلى التحقيق الدولي على أنه أمر غير طبيعي. إن ذلك جزء من الخطاب الحديث. أوروبا لديها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والتي تتخذ قرارات ملزمة لجميع أنحاء أوروربا، حقاً حينها جاءني انطباع بأنه يخاطب جهة محلية بذلك. وربما في المنطقة إلى حد ما، ولكن بشكل رئيسي كان يوجه خطابه إلى جماعة محلية كانت تتساءل لماذا فتح ذلك النوع من التدقيق أساساً والذي كنا بصدد تقديمه والذي أتمنى أننا قدمنا ما يليق.

- لننطلق بعيداً عن الحكومة، ماذا كان عن المعارضة، كيف كان تعاونهم؟

- كان على ما يرام. لقد قدموا كثيراً من المواد. أعتقد أن على المرء أن يكون حذراً من كلمة المعارضة، كثير من المواد أتتنا من المنظمات غير الحكومية، بعض تلك المنظمات ربما كانت متوافقة مع المعارضة أكثر من توافقها ربما مع السلطات. ولكننا حصلنا على معلومات من منظمات غير حكومية بأغلبها إن شئت التعبير، من المجتمع غير المحتج، عن أمور حدثت لهم كنتيجة لانتهاكات حصلت من ما كانوا يعتقدون أنه جانب المجتمع المدني. ولكن، لا، كل شخص كان حراً في توفير المعلومات. ليست كل المعلومات كانت منحازة أو غير محايدة أو مكتملة، ولكن ذلك ليس غير طبيعي أيضاً. كل شخص كان مستعداً للإجابة على أسئلتنا. القضية الوحيدة المؤسفة، وكانت تطوراً مؤسفاً، وهو أن مجموعة من الطلاب قامت بالتظاهر خارج مقر موظفينا بطريقة تهديدية جداً جداً وعدوانية. ما نتج عن ذلك هو أن ننتقل، باستثناء أيام العمل، نقلنا الموظفين خارج ذلك المقر، فقد كان ذلك عاراً. تخلق مشكلة، والتي تستدعى درجة من التعامل الأمني، بعد ذلك تثار مسألة الأمن كسبب لصعوبة التعاون مع اللجنة. لحسن الحظ، في النهاية حصلنا على كل التعاون الذي كان الناس يريدون أن يمنحوه إيانا، ولكن ذلك كان حدثاً صغيراً مزعجاً يوضح أن الحق لا يكون دائما مع جانب واحد.

- أظن أنه من الإنصاف القول إنه كان هناك البعض داخل البلاد، من جانب المعارضة إذا أحببت، كانوا مشككين في العملية برمتها منذ البداية. ولا يتضمنون تلك المجموعة التي عبرت عن تشككها بطريقة غاضبة أكثر، ولكن درجة التشكيك العام كانت موجودة في أوساط السكان، هل تستطيع تفهم ذلك؟

- أجل، بالتأكيد، ومرة ثانية لا أعتقد أن هناك شأنا بحرينياً خاصا عن هذا. عندما يكون لديك مجتمع على درجة عالية من الاستقطاب، تقوم بالتعامل بالتشكيك الشديد في كل ما يفعله أو يقوله الجانب الآخر. دائما تبحث عن نوايا مبيتة، تنظر إلى الجانب الذي يستهدفونك منه. هل كنت مندهشاً؟ كلا. وافترضت أنني كنت متفائلا قليلاً بأن أولئك الذين يفترض أنهم في جانب ما يسمون بالمضطهدين ربما قاموا ببعض الجهد القليل لمعرفة مع من كانوا يتعاملون، وكان من المفترض بهم إعطاء بعض المصداقية لأولئك الناس الذين لن يقوموا بأكثر من عمل محايد ومستقل.

- تطرقنا في وقت سابق إلى الروايات المختلفة من كل الجانبين، وأظن أنها هي النقطة الرئيسية، ولكني أحاول أن أتوصل إلى أنه مع هاتين الروايتين، كيف أمكنكم بناء الحقيقة؟ ما هي الأشياء التي كنتم تبحثون عنها؟ معظم معلوماتكم كانت سوف تأتي من الناس، وللناس نظرتها للأمور. ما هي الوسيلة؟

- هل بخصوص الأحداث التي حدثت خلال ذلك الشهر؟

- أجل، كيف حاولتم تحديد ما هو حقيقة وما هو رأي؟

- إنها الطريقة العادية في أي تحقيق، وهي أن تبحث عن تعاضد للأدلة. قبل كل شيء، تبحث عن أدلة توافق بين مختلف الأطراف، وتأخذ ذلك كنقطة انطلاق. بعد ذلك تبحث عن تعاضد للأدلة، تبحث عن منطق، وتبحث عن اتساق. لا توجد خبرة خاصة محددة بأي بلد، بل إن ما تحتاجه قدر مناسب من التشكيك. لا أستطيع تخيل كم مرة سئلت في السابق، عندما كنت المقرر الخاص بالتعذيب بالأمم المتحدة، أو حالياً كعضو في لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حسناً، بعض المنظمات غير الحكومية التي ترسل إليكم المعلومات، بالتأكيد لا تثقون فيهم؟ والجواب لا، بالطبع نحن لا نثق فيهم. بالطبع نحن ننظر إلى المعلومات وبأي مستوى يمكن تبريرها. وذلك صحيح أيضاً في ما يتعلق بالمنظمات التي لدينا معرفة طويلة بها واحترام كمنظمة العفو الدولية أو هيومان رايتس ووتش. وحتى هؤلاء، ننظر إلى معلوماتهم بحسب موضوعيتها، حتى لو كنا أكثر ميلاً إلى التفكير بأنهم أكثر موثوقية من مصادر أخرى قد تكون منحازة سياسياً.

- هل شعرتم في أي وقت بأي ضغط لإرضاء طرف أو آخر؟

- كلا، لا أتذكر شيئا من ذلك. كلا، وأقصد أنني لا أتذكر فعل أي شيء من ذلك لأجل ذلك الهدف. إنه سؤال وجيه، وأتمنى أنني أكون أكثر وضوحاً في إجابتي. إحدى معوقات التفكير في النفي، هو صعوبة تحديد أنه يوجد ما ينفى. النفي هو نفي، إنه أمر غير محسوس، لذلك المرء لا يستطيع أن يكون واثقاً دائما أن لا شي حدث، ولكني لا أتذكر شيئا حدث.

أظن أن إحدى طرق النظر إليه هو، هل شعرتم يوماً بأنكم قدمتم ذلك في ما تقول المعارضة، وأنكم الآن تشعرون أنكم قدمتم ذلك كتوازن؟ هل ذلك النوع من الأسئلة خطر ببالكم؟

فقط في ما يخص الموضوعية. لم تكن مسألة توازن بغرض التوازن. دعني أعرضها كالتالي: لم نكن لنشوه الحقيقة لغرض التوازن، ولكن بالتأكيد نحتاج التوازن كبعد للحقيقة.


- هل كان هناك أي أمر شعرت بأنك غير راضٍ عنه بخصوص العملية، ولم نتطرق له؟

- كلا، انظر الأمر الذي لست راضياً عنه كان قصر مدة التحقيق. تخيل، التحقيق في الأحد الدامي في هذا البلد استهلك عشر سنوات أو نحو ذلك. التحقيق في حدث واحد في بلدة واحدة ليوم واحد. كنا نحقق في آلاف الأحداث في جميع أنحاء البلاد ولمدة أربعة أشهر. حقاً، كان من الصعب التصديق أنه كان ينبغي أن ننجز ما قد أنجزناه. حين احتجنا أن نطلب من الملك وقتاً إضافيا، وكان من المثير للاهتمام، وأنا متأكد أنه كان هناك تشكيك كبير عن ....

- كنت سأسألك عن ذلك ...

- حسناً، سوف أجيب عن ذلك الآن. لقد كان قرارنا أننا نحتاج المزيد من الوقت. أردنا شهراً، ولكن الملك كان متردداً، ولكنه عاد وقال أسبوعين، ولكننا ضغطنا أكثر، لأننا رأينا أننا لن نفلح في ذلك، لذلك وافق على أسبوع آخر. في الحقيقة، عليّ أن أتوقف ههنا. لم أكن مشاركاً في الحوار، ولكن ذلك ما أخمن أنه حدث. انتهينا بأن ثلاثة أسابيع إضافية تم التنازل لنا بها. كنا نحن من طالب بها، وكنا نبحث عنها لأجل أن نخرج بتقرير متماسك، لن يكون بالمستوى الذي ظهر عليه لو أخرجناه في 31 من تشرين الأول/أكتوبر. الأسابيع الإضافية الثلاثة التي حصلنا عليها هي الفرق بين جودة المنتج وغيرها. كانت لدينا مشكلة لوجستية وعملية وإدارية بحتة. احتجنا إلى وقت أكثر لإنهاء التقرير وجعله يبدو صلباً. لم يكن هناك بعد سياسي في الأمر إطلاقاً.


- من ناحية المجتمع الدولي، في اعتقادك كم كان التقرير مهماً في نظر المجتمع الدولي؟ هل كنتم تشعرون أن المجتمع الدولي كان يراقب ما تفعلونه؟

- أجل، كنا مدركين لذلك. شخصياً، كنت أعرف عدداً من الأصدقاء في البحرين، ولن أكون أكثر تحديداً في ذلك، كانوا حريصين على أننا يجب أن نقوم بعمل جيد ومسؤول والذي سوف يكون أساساً لتشجيع البحرين للمضى إلى الأمام عن طريق تنفيذ توصياتنا. ما قلته لي قبل أن نبدأ المقابلة، وهو ما حدث في مجلس حقوق الإنسان مع المراجعة الدورية الشاملة عن البحرين، وكيف أن تقريباً كل وفد تحدث، وحتى الجارة المهمة وهي السعودية، تحدثوا عن الحاجة لتنفيذ توصيات اللجنة. وهذا من ما يثلج الصدر للغاية، ومن الجيد معرفة أنه كان موثوقاً به بما فيه الكفاية من قبل المجتمع الدولي ليستخدمه كمعيار. بالفعل، أعرف أن المفوض السامي لحقوق الإنسان [السيدة نافي بيلاي] قد فعلت ذلك، ولكن ذلك لا يعني أن المجتمع الدولي كان مقصوداً بالتقرير. كانت البحرين هي الهدف الأساسي، كان يهدف إلى معالجة المشاكل الخطيرة التي حدثت، والتي دعينا أن نحقق فيها، وقد حققنا فيها، ورأينا حلولاً معينة لها. ليست حلولنا الارتجالية فحسب، بل الحلول التي تمليها قوانين حقوق الإنسان الدولية، وكان ذلك ما أنجزناه.

- هل شعرتم يوما ما أنكم كنتم تشكلون سياسات خارجية لعدة حكومات؟

- كلا، لا أعتقد أنني سوف أقول ذلك، أعتقد أن ما كنا نفعله، لو أتقنا عملنا، فسوف نكون قد ساعدنا حكومات تلك الدول في سياساتها الخارجية، أصدقاء البحرين، الذين يريدونها أن تمضي للأمام، ولكن مجدداً، لم يكن ذلك هدف عملنا، عملنا ما عملنا لأن ذلك ما تم تفويضنا للقيام به.




التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus