رسالة في الشجاعة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن علي
2018-09-11 - 2:27 م
مرآة البحرين (خاص): نشكرك من أعماقنا، لأنك وضعت البحرين ونشطائها ضمن خارطة قادة المجتمعات الشجعان والحركات الاجتماعية على مستوى العالم. لقد ذكرت اسم نبيل رجب وهو قابع اليوم في السجن، وبكلمتك جعلتنا نثق أن هناك من يسمع صوتنا ويتضامن معنا. ممتنون كثيرا لك، لأننا منسيون، يندر أن يذكرنا أحد بشجاعة، ضمن خارطة الحقوق أو الحركات الاجتماعية الباحثة عن فضاء الحرية والديمقراطية.
حضرة المفوض،
اسمح لنا أن نصارحك وأنت تغادر منصب دولي تشرّف بك، أكثر مما تشرفت به، لأننا نؤمن أن الإنسان هو من يعطي للمنصب مكانته، وإلا بقي مكاناً شاغراً لا مكانة فيه. كنا بصراحة، نحمل خشية أن يكون هذا المكان في زمانك بلا قيادة شجاعة تليق به، انتابنا شك أن يتمكن شخص، من العالم السياسي العربي وينتمي لعائلة ملكية، من إظهار الشجاعة التي تحدثت عنها في كلمتك الوداعية قبل أيام، وأبهرتنا بها وأنت تمارسها طوال السنوات الأربع من عملك الصعب.
حين أغفلت ذكر البحرين من خطابك الأول في افتتاح الدورة الـ 27 لمجلس حقوق الإنسان، كانت خوفنا قد فرض علينا أن نوجه لك لحظتها رسالة قاسية، كتبنا فيها "وسيظل خطابك في هذه الدورة في ذاكرة المجلس على النحو التالي: أول شخصية عربية، وأول شخصية مسلمة تولت منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان، افتتح أول خطاب له، بتجاهل متعمد لانتهاكات حقوق الإنسان في بلد عربي ومسلم اسمه البحرين".
ندين لك باعتذار، لأننا لم نثق بك في الطلة الأولى، وحكّمنا مسبّقاتنا الذهنية المملوءة بالخذلان العربي. نعتقد أن الوقت الآن يوجب علينا الاعتذار لك، يدفعنا إلى ذلك، الإعجاب بك والامتنان لمواقفك الشجاعة. كنت شجاعاً في قيادتك، وشجاعاً في كلمتك الوداعية، وملهماً في الحديث عنها، حين قلت "تتجسّد الشجاعة في التضحية بالذات، وفي اللاعنف والتواضع وهي مبنيّة على المبادئ العالميّة وتتمتّع بقوّة عظمى".
كم كنت قوياً وأنت تتحدى رأس القوة العظمى ومن هم في فلكها، فتسميهم "آل ترامب، وأوربنز، وسالفيني" وتصفهم: القادة المستبدّون، أو المنتخبون المتحوّلون إلى طغاة، إنّما ليسوا إلّا من المتنمّرين والمخادعين والجبناء الأنانيّين.
لقد كشفت عن شجاعتك وأنت في منصبك، وواجهت بقوة من هم في منصب القيادة، وهم دون المستوى -كما قلت- ممن وصفتهم بأنهم: يركّزون على صورتهم، والتفاهات المتعلّقة بالبروتوكول وإعادة الانتخاب، نرجسيّون أو خائفون.
لقد انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية تحت قيادة أحد هؤلاء النرجسيين الطغاة من مجلس حقوق الإنسان، وصف وزير خارجيتنا مواقفك بـ (الهدّامة)، وهاجمك الإعلام الحكومي في بلدنا، حين قلت في خطابك الأخير خلال الدورة 38 لحقوق الإنسان: إن البحرين رفضت "الوصول غير المشروط من قبل مكتبي والإجراءات الخاصة" إليها، وأضفت أنها مستمرة في قمع المجتمع المدني وسن المزيد من التشريعات التي تحد من ممارسة الشعب لحقوقه الأساسية.
لقد جسدت بموقفك الذي لا يحتمل أي لبس أو تأويل، شعارك الذي ودعتنا به: الشجاعة والتحدّي والتوق إلى قيادة عادلة.
أيها الأمير الشجاع، شكرا لك