#نلبي_الواجب: هذا ليس إعلاناً لحملةٍ للحج!

2018-09-13 - 5:29 م

مرآة البحرين (خاص): مؤخراً دشنت هيئة الاستفتاء والتشريع شعار #نلبي_الواجب وسماً للانتخابات المقبلة التي ستعقد في 24 نوفمبر 2018، ونشرت الهيئة تصريحاً عجيباً بمناسبة تدشين الشعار، قالت فيه عن المواطن البحريني، "لقد أثبتت كافة المحطات عبر تاريخنا الحديث والقديم أنه الصخرة المتوحدة التي تحطمت عليها كافة الشرور والدسائس، فهو الحاضر دومًا ليلبي نداء الواجب".

ما معنى شعار#نلبي_الواجب ؟ "هل هو شعار حملة حج مثلاً" يسخر أحد السياسيين. حسناً، إنّها طرفة فعلاً، لكن قائلها لا يخطيء، فالشعار بالفعل يحمل بعداً خفياً من هذا النوع، وهو أنه مشتق من مبدأ "طاعة الحاكم وولي الأمر" الذي يجهد الحكم في تثبيته دائماً وأبداً، لتتحول انتخابات البحرين المقبلة في جوهرها وعملية الذهاب للتصويت جزءا من الآداب السلطانية "سم طال عمرك" وهي جملة بالمناسبة اختارتها لولوة بودلامة عنواناً لكتاب يخص البروتوكول والإتيكيت وأهدته للملك شخصياً، وليصبح الذهاب للتصويت في الانتخابات المقبلة بمثابة تصويت للحاكم وطاعة، شعار ذو بُعد واحد واتجاه واحد، لا يحمل أبعد من فكرة طاعة الحاكم، وليس اختيار الأصلح ولا الأفضل، شعار يصبح معه "بصوتك تقدر" شعارا سياسياً محترماً تأسف عليه.

لكن يمكننا ببساطة أن ندرك القصة في ذهن صائغ هذا الشعار، فهي تلبية واجب الولاء للحاكم، تلك هي القصة باختصار، شعار يقول للمواطن: أنت تعرف أن اللعبة البرلمانية والتشريعية في يد السلطة لكن واجبك أن تصوّت، وأنت تعرف أن كل وعود المتشرعين فارغة وأكثرها كاذبة لكنك واجبك أن تصوّت، وأنت تعرف أنك ستعطينا بصوتك أربع سنوات جديدة لاتخاذ وتمرير قرارات سياسية واقتصادية لا توافق عليها لكن واجبك أن تصوّت، تعرف أن أموال التقاعد ستضيع لكن واجبك أن تصوت، تعرف أن سياسة البحريني ليس أولاً بل أخيراً سوف تستمر لكنك يجب أن تصوّت، تعرف أن أحدًا لا يمتلك أي تأثير في هذا المجلس لكنك سوف تصوّت.

وبدلاً من أن تكون الانتخابات (حق) للمواطن البحريني لما يمنحه (البرلمان) له من قوّة وصلاحيات واستحقاقات ومشاركة في الحكم وقدرة على التغيير ومواجهة الفساد ومساءلة المفسدين، تصير (واجباً) عليه لما يفرضه عليه من إتاوات وضرائب ومظالم وانتهاكات والمزيد من تفرّد السلطة واستبدادها. مطلوب من البحريني أن (يلبي) ما (توجبه) السلطة عليه، من الانصياع لدستور مطبوخ، وقوانين انتخابية مُخاطة بإبرة السلطة، ودوائر انتخابية قائمة على التمييز الفاضح وضمان أغلبية أبدية للسلطة، وصولاً لهيئة الاستفتاء والتشريع التي تدير الانتخابات، وهي هيئة زرع فيها وزير المتابعة في الديوان الملكي أحمد عطية الله جواسيسه، حتى صار صحافي فاشل مثل أحمد المدوب يعمل فيها برتبة مستشار مساعد.

لهذا يحمل هذا شعار #نلبي_الواجب تضميناً تهديدياً لا تحفيزياً. فأنت تحفّز الناس للذهاب لممارسة حقّهم في التصويت حين يكون البرلمان مرتبطاً بوجودهم الفعلي ومستقبل حياتهم، لكنّك تهددهم من مغبّة ترك الواجب، حين يرتبط هذا الجهاز بشكل وجودك أنت أمام العالم، لا وجودهم، وحين تتأكّد أن الناس قد ملّت المشاركة في لعبة صورية تافهة لم تجني منها سوى المزيد من الخسائر والمزيد من الخراب والتراجع والاستهبال.   

يبقى أن #نلبي_الواجب شعار بمثابة إعلان إفلاس رسميّ في الخيال والصوغ، مثلما يعاني البلد من إفلاس سياسي واقتصادي، فالأزمة توالدت وصارت لدينا أزمات حتى على مستوى الشعار!