بيل لو: أزمة البحرين الاقتصادية علامة مُلِحة على ضرورة حصول التّغيير

ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة خلال مشاركته في قمة خليجية في ديسمبر 2016
ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة خلال مشاركته في قمة خليجية في ديسمبر 2016

بيل لو - موقع ميدل إيست مونيتور - 2018-09-17 - 4:43 ص

ترجمة مرآة البحرين

علامات التّحذير واضحة لا لبس فيها: تعاني مملكة البحرين من صعوبات مالية خطيرة، والاقتصاد يهوي في أزمة. تم تصنيف السندات في البلاد على أنّها في مرحلة خطرة. وإجمالي ديونها كنسبة من من النّاتج المحلي الإجمالي يبلغ 94.9 بالمائة، أي ما يقرب من أربعة أضعاف متوسط [الديون الإجمالية] لمجلس التّعاون الخليجي. وقد حذّر صندوق النّقد الدّولي من فوات الوقت بسبب خطة شاملة للتعامل مع العبء المتصاعد للديون. وتردد المحسنون الرّئيسيون للبحرين، أي السعودية العربية والإمارات العربية المتحدة والكويت، في تقديم حزمة إنقاذ شاملة ما لم تتمكن السّلطات في المنامة من صياغة مقاربة فاعلة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية.

ومما يضاعف التحديات في وجه المملكة، المأزق السياسي الذي استمر لأكثر من سبع سنوات. فعلى نحو فريد من نوعه في الخليج، تمتلك البحرين غالبية شيعية حُكِمَت لأكثر من قرنين من الزمن من قبل عائلة آل خليفة السّنية. وقد اشتكى البحرينيون الشّيعة من التّمييز من قبل النّظام الملكي.

في فبراير / شباط 2011، نزل أكثر من 100 ألف محتج مسالم -في بلد  يبلغ فيه عدد السكان الأصليين أكثر بقليل من 650 ألف نسمة- إلى الشوارع وطالبوا بإصلاح ديمقراطي. ورأى المشتددون داخل العائلة الحاكمة في هذا تهديدًا كبيرًا، فما زالوا يذكرون الدّور الذي لعبته الاحتجاجات الشعبية سابقًا في الإطاحة بالمستبدين في شمال أفريقيا. وقد سُحِقَت التّظاهرات في العاصمة بالقوة المميتة.

واحتجاجًا على ذلك، سحبت الوفاق، الكتلة السياسية الشيعية الأكبر في البرلمان، أعضاءها الثمانية عشر وفي يوليو / تموز 2011، انسحبت كليًا من محادثات المصالحة.

وعلى الرّغم من وعود الحكومة بالإصلاح، كان القمع هو السائد في النّظام. أُلقِي القبض على الآلاف، وقُتِل العشرات، وأصيب المئات [من المحتجين].

ومع استمرار حملة القمع الحكومية، ردّت الوفاق بمقاطعة الانتخابات البرلمانية في العام 2014. وانتقمت الحكومة بسجن زعيمها، الشيخ علي سلمان، في العام 2015. حُكِم عليه بأربع سنوات في السّجن بسبب "التّحريض على الكراهية، والتشجيع على العصيان وإهانة المؤسسات الحكومية". وفي العام 2016، تم حظر الوفاق، وجمعية سياسية أخرى، وعد، من قبل الحكومة.

لا يمكن أن يكون هناك شك بأن الجمود أضر بشدة باقتصاد البحرين. فقد أدّى إلى تآكل مزاياها المتعددة، كونها كانت تتتمتع بنظام مصرفي شفاف وجيد التّنظيم، ما كان يجذب المستثمرين الأجانب؛ وكذلك بسكان شباب مثقفين ملتزمين بروحية الكد في العمل، وقطاع خاص حيوي إلى حد معقول،؛ ومجتمع، على النقيض من جارتها الأشد قربًا، السعودية، مرتاح ومتسامح نسبيًا، بما في ذلك، كما فعلت الوسط، وهي موقع إخباري مستقل، وهو أمر فريد من نوعه في الخليج.

اليوم البلاد منقسمة بعمق على أسس طائفية. تجد الغالبية الشيعية نفسها تعيش في ما يصل إلى دولة بوليسية. العائلة الحاكمة منقسمة بين المتشددين الذين يريدون مواصلة سياسة القمع الشديد والمعتدلين الذين يرون الضّرر الذي أحدثه هذا المأزق. ونقص الثقة عميق.

إذا قبلنا بأن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار وغير مقبول -والغالبية العظمى من البحرينيين يفعلون ذلك- وهناك اعتراف بأنّه، من دون تغيير الاتجاه، سيواصل الاقتصاد مساره الانحداري، وعندها يمكن القول إنّ الوقت مناسب للتّحرك نحو أرضية مشتركة ستؤدي إلى المصالحة.

وتمثل الانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها في وقت لاحق من العام الحالي، فرصة لبدء تلك العملية، غير أنّه لا يزال هناك عقبات ضخمة قائمة. حرمت الحكومة، بناء على طلب من المتشددين، أعضاء من الجمعيات السّياسية المحظورة من فرصة خوض الانتخابات. وتبقى الوفاق منقسمة بشأنها، وحتى لو سُمِح بذلك لمرشحيها الميدانيين، ستفعل ذلك بالفعل.

يحتاج الطرفان إلى التنازل: الحكومة من خلال إسقاط الحظر الذي تحرم به الكثير من المعتقلين من فرصة خدمة بلادهم في وقت الأزمة، والمعارضة من خلال إزالة حظرها بهدف تأمين صفقة أفضل للمواطنين الذين تمثلهم.

وبالطّبع، فإنّ المجتمع الشيعي الذي عانى كثيرًا على أيدي النذظام، يحتاج لأن يتم إقناعه بأنّ أولئك الذين من بينهم يختارون للتّرشح للمناصب العامة، لا يخونون المجتمع لدى قيامهم بذلك.

قد يحتاج المجتمع إلى تحقيق ثقة عمياء لا يستطيع أحد خلاف قادته التشجيع عليها ودعمها. وستكون هذه المهمة أقل صعوبة في حال شرعت الحكومة في إطلاق سراح السّجناء السّياسيين من سجن جو، حيث يوجد حاليًا حوالي 3000 معتقل.

من المؤكد أنّ البرلمان البحريني يتمتع بسلطة محدودة، وكنتيجة لإعادة توزيع الدوائر الانتخابية، ليس هناك لدى المعارضة أي فرصة لتأمين مقاعد كافية لتشكيل غالبية. ومع ذلك، من الأفضل أن تكون داخل البرلمان بدلًا من أن تكون خارجه. منحت مقاطعة الانتخابات [من قبل المعارضة] المتشددين داخل العائلة الحاكمة أرضية واضحة للقول إنها [المعارضة] مسؤولة عن الطريق المسدود. وبتشجيع مما يُعتبر خطأ استراتيجيًا من قبل أولئك الذين يعتبرونه العدو، شرعوا بممارسة القمع على نحو أكثر تشددًا، من خلال سجن زعماء المعارضة، وحظر الجمعيات السّياسية، وإغلاق صحيفة الوسط، واستخدام المحاكم، وتشريعات وحشية لممارسة الإرهاب، وإسقاط الجنسية في محاولة لا هوادة فيها لسحق كل المعارضة المحلية.

على الرّغم من ذلك، فشل المتشددون، ولم يمر هذا الفشل من دون أن تتم ملاحظته من قبل العالم الخارجي. وقد حث عضو الكونجرس راندي هالتغرين، وهو أيضًا يرأس لجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان، الحكومة البحرينية على "السّماح لشعبها بتنظيم نفسه والتعبير عنها سلميًا ووفقًا لضميره". بالإضافة إلى ذلك، "لن يؤدي القمع السّياسي للطائفة الشيعية والمدونين والمدافعين عن حرية التعبير إلى الاستقرار، بل بدلًا من ذلك سيؤجج ذلك النوع من التّطرف الذي تزعم البحرين أنّها تحاربه".

وفوق كل شيء، النشاط التجاري بحاجة للاستقرار. يوضح عضو الكونجرس نقطة بسيطة ولكن صحيحة تمامًا. يغذي القمع في البحرين انعدام الاستقرار. لقد حان الوقت لكي يخرق الزعماء في مجتمع الأعمال البحريني ، وكذلك في الطائفتين الشيعية والسّنية، هذا الطريق المسدود، ويمضوا قُدُمًا. لقد حان الوقت لكي يخرج المعتدلون في العائلة الحاكمة من الظلال. الرّحلة باتجاه أرضية مشتركة للمصالحة يجب أن تبدأ الآن.

النص الأصلي