فوز ناصر بن حمد ببطولة "الرجل الحديدي"... أكبر قصة "Fake News" في العام 2018
2018-10-15 - 9:55 م
مرآة البحرين (خاص): ربما بات على كليات الإعلام التي أدخلت مقرر الأخبار الزائفة أو الـ «Fake News» إلى مناهجها التعليمية، أن تعتمد كذبة فوز ناصر بن حمد نجل ملك البحرين ببطولة الرجل الحديدي العالمية، كأهم نماذج الـ «Fake News» في العصر الحديث.
فوز ناصر ببطولة الرجل الحديدي العالمية، هي الكذبة التي تراها في كل مكان في البحرين وترى الجميع يرددها لكنها تبقى كذبة. المضحك هي تلك الثقة التي تبديها وسائل الدعاية البحرينية الحكومية في وقت تأكدت فيه سطوة وسائل التحقّق والبحث حول العالم.
الحقيقية هي أن نجل الملك ناصر بن حمد آل خليفة لم يفز ببطولة الرجل الحديدي العالمية، وكل البرقيات التي تراها وتقرأها والتي تبادلها كبار القوم، بدءًا من برقية الملك لابنه ناصر وغيرها ليست سوى حفلة كبيرة من الكذب إرضاءً لنزوات ابن ملك يريد أن يدخل التاريخ بلا تاريخ.
وتبين أن مؤسسات ووزارات وشركات مملوكة للدولة التي تدّعي تنفيذ برنامج للتقشف وتقليل النفقات، قد ضخّت أموالاً هائلة في نشر إعلانات لزف التهاني والتبريكات بـ"كذبة" لا أساس لها. فقد امتلأت الصحف المحلية بإعلانات التهنئة التي نشرتها وزارات الدولة، وكان لافتاً أن شركة نفط البحرين "بابكو" التي يديرها نجل المشير القائد العام لقوة دفاع البحرين، حجزت الإعلانات في الصفحات الأولى في الصحف المحلية لتهنئة الملك ونجله.
لكن من الفائز حقاً ببطولة الرجل الحديدي العالمية؟ بحسب موقع البطولة الرسمي، فإن البطل هو الألماني "باتريك لانج" الذي فاز باللقب للمرة الثانية على التوالي محققاً رقماً قياسياً جديداً ليصبح أول رياضي ينجح في كسر حاجز الثمان ساعات. وبتتبع أسماء الفائزين فإن نجل الملك لم يكن حتى على قائمة الفائزين العشرة الأوائل. باختصار، لا يوجد اسمه كفائز في أي مكان ولا في أي حساب من الحسابات الرسمية للبطولة ما عدا الصحف البحرينية ومن لحق وراءها من الصحف الخليجية.
والحقيقة الصادمة أنه حلّ في المركز 251 على مستوى السباق (ذكوراً وإناثً)، وفي المركز 57 في فئته العمرية (من 30- 34 عامًا)، وفي المركز 229 في فئة (الذكور). هذه هي الحقيقة دون زيادة أو نقصان وبالدليل. أي ليس على قائمة أي من المراكز الفائزة؛ بل جاء في ترتيب متأخر جداً. وقطع الفائز بالمركز الأول، الألماني "باتريك لانج"، السباق في 7 ساعات و52 دقيقة و39 ثانية؛ أما ناصر بن حمد فقد قطعه في 9 ساعات و19 دقيقة و10 ثوان، أي بفارق ساعة ونصف تقريباً. وهو الأمر الذي دعا أحد المغردين لأن يسخر منه قائلاً "الحمد لله على سلامة الشيخ ناصر ترتيبه 250 الحمد لله مافطس".
اليوم بثّ ناصر بن حمد ومكتبه الإعلامي تصويراً مرئياً قال إنه لتتويجه كبطل للعالم في حفل تتويج خاص ببطولة العالم للرجل الحديدي. ويظهر من التصوير غير الرسمي والذي التقط من الكادر المرافق له، أنه حفل جانبي على هامش البطولة؛ حتى أن الفتاة التي سلّمت ناصر بن حمد جائزته التي كانت عبارة عن إناء خشبي، غلب عليها الأداء الضاحك غير الجاد، كما تكريم عدد كبير من الفائزين والمشاركين عبر تسليمهم إناء خشبي كالذي تم تسليمه لناصر بن حمد في هذا الحفل.
فناصر بن حمد بحسب مغرّد إماراتي مختص بسباقات الدراجات، فاز بتحدي يسمى"تحدّي التنفيذيين" وهو تحدّ ليس من يفوز به هو بطل العالم لبطولة الرجل الحديدي. وقد نوّه المغرد الإماراتي إلى الحقيقة الكاملة.
المضحك المبكي منذ يوم أمس هو البروباغندا المجنونة التي تابعها المواطنون، فقد أبرق الملك لابنه برقية خاص، وكذلك فعلت زوجة الملك الأولى سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، وقائد الجيش، وتسابق الوزراء والمسؤولون، والوزارات والهيئات الرسمية، ومجلسا الشورى والنواب، في تهنئة ملك البلاد بفوز نجله بهذه البطولة، وبثت وكالة الأنباء الرسمية للدولة "بنا" خبر الفوز، وأعلنت قناة البحرين الرياضية عن حلقة خاصة تناقش فوز نجل الملك بالبطولة العالمية، فيما أغرق الموالون للسلطة الفضاء العام بالمديح والتعظيم والتمجيد لناصر بن حمد.
في هذه اللحظات فقط، يمكن استعادة رواية (1984) التي كتبها جورج أورويل، وهي رواية من الخيال السياسي التي يصور فيها مدينة فاسدة تحكمها التكنولوجيا والسياسة الشمولية. في هذه المدينة التي يتخيلها أورويل أربع وزارات، الأولى منها هي وزارة الحقيقة تختص بشؤون الأخبار واللهو والتعليم والاحتفالات وهي وزارة لا تمت إلى الحقيقة بصلة. إنها مدينة الأخبار الزائفة، عالم مخيف لم يعد للحقيقة فيها معنى. ويبدو أنه أصبح لدينا واحدة من مدن جورج أورويل!
صورة تظهر الفائزين بالمراكز العشرة الأولى من الموقع الرسمي لمسابقة الرجل الحديدي
صورة تظهر ترتيب نجل الملك ناصر بن حمد في السباق في المركز 251